استمرار الإنفاق على مشاريع التنمية والالتزام بالمدفوعات في الوقت المناسب -
إشارات مشجعة ومطمئنة للمستثمرين -
عمان: يكشف تحليل الموازنة العامة للسلطنة للعام الجاري عن أن الحكومة من خلال هذه الموازنة قد حددت أهدافها بشكل واضح لعام 2020 والمتمثلة بالشمولية والتوسعية واللجوء لكافة الوسائل بهدف دعم الثقة بالاقتصاد، وأشار تحليل «اوبار كابيتال» للموازنة العامة إلى أنه لم يتم فقط زيادة الإنفاق المقدر بل تم تخصيص إنفاق إضافي من خارج الموازنة في مختلف القطاعات معتبرا هذه الأهداف والإعلانات هي إشارات مشجعة للغاية ومطمئنة للمستثمرين، وقد خصصت الحكومة إنفاقا أعلى في الموازنة على الخدمات الأساسية وزيادة الدعم واستمرار الإنفاق على مشاريع التنمية وأعلنت كذلك الالتزام بالمدفوعات في الوقت المناسب على المشاريع التنموية وهي بعض من الإفصاحات الداعمة التي سيتم النظر لها بشكل إيجابي من قبل المستثمرين المحليين والدوليين. ولم تتطرق الحكومة في بيانها إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة أو أي ضريبة أخرى في عام 2020، مما يعني انخفاض العبء وثبات تكلفة هيكلية التمويل للعديد من الشركات التي تعاني أصلا من التكاليف المنخفضة للمنتجات المستوردة من الدول المجاورة.
وتتوقع حكومة السلطنة أن تبلغ إيرادات عام 2020 طبقا للموازنة 10.7 مليار ريال، أي أعلى بنسبة 6 بالمائة مقارنة مع الإيرادات المقدرة للعام السابق بسبب ارتفاع الإيرادات غير النفط والغاز بنسبة 13 بالمائة. وتوقعت الحكومة زيادة بنسبة 3.4 بالمائة في إيرادات النفط والغاز وتم افتراض سعر برميل النفط عند 58 دولارًا للبرميل، وهو الافتراض ذاته لعام 2019. ومن المتوقع أن تصل إيرادات النفط والغاز إلى 7.7 مليار ريال في عام 2020 مقارنة بـ 7.44 مليار ريال في عام 2019. وفيما يتعلق بنسب المساهمة، شكلت إيرادات النفط والغاز نسبة 72.0 بالمائة من إجمالي الإيرادات المقدرة في حين أن النسبة المتبقية جاءت من مصادر غير نفطية. وتعتمد الإيرادات على زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وارتفاع إيرادات الغاز من حقل خزان مكارم، وتحقيق إيرادات ضريبية أعلى، وخصخصة بعض الكيانات المملوكة للدولة.
وأوضح التحليل أنه من شأن المنظومة التشريعية المتطورة ولا سيما قانون استثمار رأس المال الأجنبي وقانون الإفلاس وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، أن توفر آفاقاً جديدة وفرصاً أفضل للاستثمار. وقد صدرت هذه القوانين بهدف تعزيز الاستثمارات بين القطاعين العام والخاص وتحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار. هذا من شأنه أن يؤدي إلى جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر ودعم استقراره.
زيادة طفيفة لإيرادات النفط
قدرت موازنة عام 2020 مبلغ إيرادات النفط عند 5.50 مليار ريال بارتفاع نسبته 0.6 بالمائة مقارنة مع الأرقام المقدرة في موازنة عام 2019 التي بلغت 5.46 مليار ريال جاء هذا الارتفاع على الرغم من أن السعر المفترض لبرميل النفط في الموازنة هو ذاته للعام الماضي عند 58 دولارًا للبرميل لعام 2020. ونعتقد أن النمو الطفيف في عائدات النفط جاء بسبب الإنتاج الأعلى. كذلك نعتقد أن الحكومة كانت حكيمة وواقعية بافتراضها سعر نفط تحفظي مقارنة بما هو متوقع من قبل الخبراء الاقتصاديين والهيئات الاقتصادية المختلفة في المنطقة، ووفقًا لمعظم المؤسسات والمنظمات الدولية، من المتوقع أن يتراوح سعر النفط بين 60 إلى 65 دولارًا للبرميل في عام 2020.
إيرادات أعلى للغاز
تم تقدير إيرادات الغاز في موازنة 2020 عند 2.2 مليار ريال بارتفاع سنوي نسبته 11.1 بالمائة مقارنة مع 1.98 مليار ريال لعام 2019. ويعزى ذلك إلى زيادة حجم إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 5 بالمائة وارتفاع مبيعات الغاز المحلية بنسبة 3 بالمائة. واستمر ارتفاع الإيرادات المتوقعة من الغاز على مدار العام بسبب ارتفاع الإنتاج من حقول الغاز الجديدة. بدأ إنتاج الغاز المضغوط (الضيق) في السلطنة في عام 2014، ومن المتوقع أن يسهم في نهاية المطاف بنسبة 33 بالمائة من إمدادات الغاز في السلطنة. كما أعلنت السلطنة في السنوات السابقة أن حجم الغاز الموجود في حقل مبروك العماني للغاز يمكن أن ينافس حقل خزان الكبير في البلاد، وفقا لشركة تنمية نفط عمان. تعتبر الزيادة في إنتاج الغاز تطوراً جيداً حيث ستؤدي أيضًا إلى تقليص نفقات مشتريات الغاز في البلاد.
الإيرادات غير النفطية
تم تقدير الإيرادات غير النفطية المدرجة في موازنة عام 2020 بمبلغ 3 مليار ريال مقارنة بالإيراد المقدر في موازنة عام 2019 البالغ 2.65 مليار ريال بزيادة قدرها 13 بالمائة. ترجع هذه الزيادة إلى ارتفاع الإيرادات الضريبية بنسبة 9 بالمائة والإيرادات غير الضريبية بنسبة 18 بالمائة مقارنة بما تم تحقيقه في عام 2019. هذه الأرقام تنسجم مع جهود الحكومة لتنويع مصادر الدخل وتعزيز الإيرادات غير الهيدروكربونية. وسيساعد إنشاء جهاز الضرائب مؤخرًا في تحسين كفاءة تحصيل الضرائب. كذلك نتوقع أن نشهد خصخصة بعض الكيانات المملوكة للدولة والتي ستعطي إيرادات إضافية للحكومة كما رأينا العام الماضي عندما باعت السلطنة نسبة 49 بالمائة من حصة نماء القابضة في الشركة العمانية لنقل الكهرباء للشبكة الوطنية للكهرباء الصينية.
مصروفات إضافية
بلغ الإنفاق العام المقدر في الموازنة 13.2 مليار ريال بارتفاع نسبته 2.3 بالمائة مقارنة مع المقدر لعام 2019، وشكل بند المصروفات الجارية النسبة الأكبر عند (74.5 بالمائة) تلاه المصروفات الاستثمارية بنسبة (19.7 بالمائة) ثم المساهمات ونفقات أخرى بنسبة 5.8 بالمائة. وتعتبر الأرقام المقدرة للمصروفات الجارية قريبة من الإيرادات المقدرة حيث بلغت النسبة من الإيرادات 92 بالمائة مقارنة مع نسبة 94 بالمائة في موازنة عام 2019. تم تقدير المصروفات الجارية عند 9.83 مليار ريال مقارنة مع 9.5 مليار ريال في موازنة عام 2019، بارتفاع نسبته 3.5 بالمائة. ضمن المصروفات الجارية، استقر الإنفاق على الدفاع والأمن القومي عند 3,450 مليون ريال ونظرًا لتزايد الدين العام للبلاد في العامين الأخيرين، خصصت الحكومة في عام 2020 مصروفات إضافية بمبلغ 230 مليون ريال، مما رفع إجمالي الفوائد على القروض إلى 860 مليون ريال يتم سدادها في عام 2020 مقارنة بمبلغ 630 مليون ريال مقدرة لعام 2019.
كذلك خصصت الحكومة - من إجمالي الإنفاق الجاري، نسبة 40 بالمائة للصحة والتعليم والإسكان والضمان الاجتماعي. حيث ارتفعت المساهمة في هذه القطاعات من 32 بالمائة في عام 2016 و39 بالمائة في عام 2019. وقد أعلنت الحكومة عن العديد من المشاريع التنموية في مجال الصحة والتعليم كذلك. ففي مجال الصحة، أعلنت الحكومة عن بناء مستشفيات في صلالة وخصب والسويق إضافة إلى إنهاء إنشاء عدد من المراكز الصحية في بعض الولايات. بينما في مجال التعليم، أعلنت الحكومة عن بناء عدد من المدارس وتنفيذ مرافق إضافية لبعض المدارس القائمة.
وقد خططت الحكومة أيضا لتنفيذ مشاريع متعددة في قطاع النقل بعضا من أهم هذه المشاريع نذكر الانتهاء من تنفيذ محطات الشحن الجوي ومباني صيانة الطائرات في مطار مسقط الدولي ومطار صلالة والانتهاء من مشروع طريق الشرقية السريع والانتهاء من مختلف مشاريع (ازدواجية) الطرق والانتهاء من تنفيذ الأرصفة في ميناء صلالة والدقم وتطوير ميناء شناص.
وانخفضت المصروفات الاستثمارية بشكل هامشي عند 2.6 مليار ريال لعام 2020 مقارنة بـ 2.62 مليار ريال في عام 2019، أي أقل بكسر مئوي. ضمن الإنفاق الاستثماري، تم تخصيص المبلغ ذاته للعام الماضي لقطاع النفط والغاز عند 1.30 مليار ريال وكمثيله للعام الماضي، لم تقدم الحكومة تفصيلا لفئات الدعم. وبشكل عام، تم تحديد مبلغ الدعم عند 755 مليون ريال إلا أن دعم قطاع الكهرباء شكل الجزء الأكبر من هذا القطاع بنسبة 65 بالمائة يصل إلى 500 مليون ريال مقارنة بـ 485 مليون ريال في موازنة عام 2019.
شروط اقتراض أسهل
تتوقع الحكومة أن يسجل العجز المقدر لعام 2020 مبلغ 2.5 مليار ريال سيتم تمويل العجز بالطرق ذاتها المتبعة خلال الأعوام السابقة تماشياً مع المبادئ التوجيهية التي وضعتها الحكومة للحفاظ على احتياطات الصناديق السيادية عن طريق الاعتماد على الاقتراض، ولا سيما الاقتراض الخارجي، لتمويل العجز. وقد أوضحت أرقام موازنة عام 2020 بأن تمويل العجز سيتم من خلال الاقتراض الخارجي بمبلغ 2 مليار ريال والسحب من الاحتياطات بمبلغ 500 مليون ريال نعتقد بأن عملية الاقتراض هذا العام ستكون سهلة نسبيًا وأقل تكلفة نظرًا لتراجع معدلات الفائدة على مستوى العالم إضافة إلى وضع وكالة التصنيف الائتمانية (فيتش) النظرة المستقبلية للسلطنة مستقرة مقارنة مع سلبية سابقا. وبالنسبة لخدمة الدين، فقد خصصت الحكومة مبلغ 860 مليون ريال في عام 2020 مقارنة بـ 630 مليون ريال لعام 2019، أي بزيادة قدرها 230 مليون ريال وبارتفاع نسبته 37 بالمائة.
وتعد أهم الأهداف العامة على المدى الطويل التي أشار إليها بيان الموازنة هي السعي لتحقيق التوازن المالي على المدى المتوسط من خلال الحفاظ على الضبط المالي ومستويات العجز تحت السيطرة، وتعزيز مساهمة الإيرادات غير الهيدروكربونية في إجمالي الإيرادات الحكومية بطريقة تؤدي إلى تقليل الاعتماد على قطاع النفط، ومواصلة ترشيد الإنفاق العام مع تعزيز كفاءته. علاوة على ذلك، تم تحديد سقف الإنفاق للجهات الحكومية على المدى المتوسط، وتحديد وسائل تمويل مبتكرة لبعض المشاريع والخدمات الحكومية، وتحسين وتطوير نظام المشتريات الحكومية والآليات ذات الصلة، والانتهاء من مشاريع البنية التحتية التي سوف تساعد على تحفيز النمو الاقتصادي، وإعطاء الأولوية لتنفيذ المشاريع ذات الأهمية القصوى التي تخدم الأهداف الاقتصادية والاجتماعية وتأجيل تنفيذ المشاريع ذات الأولوية الأقل أهمية، وتوسيع مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ وإدارة بعض المشاريع والمرافق وتقديم الخدمات، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة عن طريق تخصيص بعض المشاريع الحكومية لهذه الشركات بالإضافة إلى الاستمرار في تقديم القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال صندوق الرفد وبنك التنمية العماني.
وحول تأثر القطاعات بموازنة عام 2020 واستفادة الشركات مما تم من إعلانات في الموازنة، اعتبر التحليل أن الموازنة التوسعية تعتبر إيجابية للقطاع المصرفي والتمويل، فهناك إنفاق نحو 2.7 مليار ريال – غير متضمن في الموازنة - يتم تمويله من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص والقروض وغيرها من الإجراءات الداخلية، كما أن زيادة الإنفاق في القطاع الصحي إلى جانب إدخال التأمين الصحي الإلزامي (المعلن سابقًا) سيكون مفيدًا للشركات التي لديها حصة سوقية هامة في القطاع الصحي. إيجابية قطاع التأمين، كما أنه من المتوقع زيادة قروض الإسكان والمنازل وهو ما يزيد الطلب على المنتجات الكهربائية وسيؤدي إرجاء تطبيق ضريبة القيمة المضافة إلى استقرار التكاليف مما سيدعم المنتجات المحلية مقارنة مع المنتجات الأقل ثمنا من الدول المجاورة، من جانب آخر، وفقا لخطة الصندوق الوطني للتدريب، لعامي 2020م و 2021م سوف يتم تدريب (10) آلاف متدرب بتكلفة مالية تقدر بـ (26.8) مليون ريال، وهو ما يعني نظرة مستقبلية حيادية إلى إيجابية قطاع التعليم.