موسكو تعلن قمة ثلاثية مارس المقبل وتركيا تعمل على تحديد موعد «رباعية» أخرى - دمشق - عمان - بسام جميدة - وكالات:- يعيش 170 ألف شخص في العراء من أصل 900 ألف نازح دفعهم الهجوم الذي تشنّه قوات النظام السوري بدعم روسي في شمال غرب سوريا إلى ترك منازلهم، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة أمس. ومنذ ديسمبر الماضي تتعرض مناطق في إدلب ومحيطها، تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) وفصائل أخرى معارضة، لهجوم واسع من دمشق، مكّن قواتها من التقدم في مناطق واسعة. وأورد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أمس أن «ظروف الشتاء القاسية تفاقم معاناة هؤلاء الناس الذين تركوا منازلهم للفرار من العنف، وغالبيتهم نزحوا مرات عدة خلال سنوات النزاع التسع». وأفاد عن تقديرات بأن «نحو 170 ألفًا من النازحين الجدد يعيشون في العراء أو في مبان قيد الإنشاء». ويلجأ الجزء الأكبر من النازحين إلى مناطق مكتظة أساسًا بالمخيمات قرب الحدود التركية في شمال إدلب. ولم يجد كثيرون منهم خيمًا يؤويهم أو منازل للإيجار، فاضطروا إلى البقاء في العراء أو في سياراتهم أو في أبنية مهجورة قيد الإنشاء وفي المدارس والجوامع. وباتت المخيمات مكتظة إلى حد كبير. ولجأ البعض إلى مخيمات عشوائية حيث ينصبون خيامهم من دون توفّر الخدمات الأساسية كالمراحيض، بحسب الأمم المتحدة، التي أشارت إلى أن كثيرين يحرقون ما أمكنهم من ثيابهم أو حتى مفروشاتهم بهدف التدفئة. وناشدت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أمس تركيا- التي تستضيف 3,6 مليون لاجئ سوري وتغلق حدودها- استقبال المزيد من اللاجئين. من جهة أخرى، يعتزم نائب أمين عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، تقديم خطة منقحة لمجلس الأمن الدولي بقيمة 500 مليون دولار لتمويل تقديم مساعدات إنسانية لسكان مناطق شمال غربي سوريا. وقال المسؤول الأممي في اجتماع لمجلس الأمن الدولي: «تتواصل العمليات الإنسانية، لكن حجم المساعدات الحالي لا يكفي. لقد أبلغت مجلس الأمن الدولي بضرورة توفير 36 مليون دولار لمساعدة النازحين للأشهر الستة المقبلة، لكن من الواضح الآن أن هذا المبلغ ليس كافيا. في الأيام القليلة المقبلة، سنقدم خطة منقحة بمبلغ 500 مليون دولار لتمويل المساعدات لـ1.1 مليون نسمة». وذكر لوكوك، أنه تجرى «دراسة جميع إمكانيات توسيع المساعدات الإنسانية في شمال غرب سوريا».وأضاف: «نناقش مع تركيا إمكانية فتح المعابر الحدودية على الحدود خلال سبعة أيام في الأسبوع». وأشار إلى أنه تم «التوجه إلى الحكومة السورية للحصول على إذن لتقييم الوضع في المناطق الخاضعة للجيش السوري». يذكر أن مجلس الأمن فشل في اتخاذ قرار لوقف إطلاق النار في ادلب، فيما حذر موفد الأمم المتحدة إلى سوريا «غير بيدرسون» خلال الجلسة من «خطر تصعيد وشيك» في شمال غرب سوريا، يشمل دولًا خارجية بينها روسيا وتركيا. من جانبه أفاد مصدر ميداني لعُمان أن تبادلا لإطلاق النار جرى بين وحدات من الجيش السوري من جهة، والفصائل المسلحة وقوات الاحتلال التركي المتمركزة في أرياف حلب وإدلب من جهة أخرى، حيث عمد الجيش السوري للرد على استفزازات القوات التركية الموجودة هناك، وطالت الاعتداءات مواقع الجيش في النيرب وسراقب وبلدة سلمى بريف اللاذقية الشمالي، فيما استهدفت الفصائل المسلحة بهجمات صاروخية مواقع الجيش في ريف اللاذقية، مما حدا بالرد على مصادر النيران بقوة عبر القصف الجوي والمدفعي على مواقع الفصائل المسلحة وقوات الاحتلال التركي في أكثر من مكان، موقعة بهم خسائر كثيرة في بلدة محمبل وقميناس وغيرها من المناطق على طريق أم 4 بريف إدلب، كما استهدفت كل من محيط النقطة التركية في اشتبرق ومدينة جسر الشغور ومرعند والناجية وبداما والبرناص وسلة الزهور بريف إدلب، ومناطق المسلحين في سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي. وأضاف المصدر أن وحدات الجيش وجهت ضربات مركزة على مقرات المجموعات الإرهابية في محيط الأتارب وكفر نوران وأطراف دارة عزة ومحيط بالة وأطراف السحارة وتقاد بريف حلب الغربي حيث أسفرت ضربات الجيش عن تكبيد الإرهابيين خسائر بالأفراد والعتاد. وفي ريف إدلب الجنوبي استهدفت وحدات من الجيش بضربات صاروخية مواقع المسلحين ودمرت لهم مدفعية آليات وعتادًا للمجموعات الإرهابية في دير سنبل وأطراف معرة النعسان والركايا. واستهدف الطيران الحربي مناطق في جبل الأربعين وأريحا جنوب مدينة إدلب ومناطق في ريف اللاذقية. وفي سياق ذلك، تصدت الدفاع الجوية المكلفة بحماية قاعدة «حميميم» الروسية في سوريا، لمجموعة من الأهداف المعادية التي حاولت الاقتراب من المنطقة. وأفاد مصدر ميداني، أن الدفاعات الجوية أسقطت مجموعة من الصواريخ التي تم إطلاقها من مناطق سيطرة المسلحين الصينيين بريف المحافظة الشمال الشرقي. وأشار المصدر إلى أن القذائف الصاروخية استهدفت القرى والبلدات القريبة من قاعدة «حميميم» العسكرية الروسية. وأكد المصدر أن الدفاعات الجوية المسؤولة عن حماية القاعدة تمكنت من إسقاط جميع الأهداف بشكل كامل، دون تسجيل أية أضرار تذكر. يذكر أن توترا كبيرا يحصل بين الجيش السوري والتركي، على وقع تقدم القوات السورية وتأمين كامل محيط مدينة حلب واستعادة أكثر من نصف مساحة مدينة إدلب مما حدا بالرئيس التركي لإطلاق تهديدات عديدة ضد الجيش السوري والقيام بعملية عسكرية من أجل الحفاظ على إدلب، وفي هذا الصدد، شهدت تلك المناطق وجود تعزيزيات تركية واسعة وآخرها يوم أمس حيث تحرك رتل آليات مؤلف من 40 مصفحة عسكرية وشاحنات محملة بالأسلحة الثقيلة وتمركز في أعلى قمة «النبي أيوب» الاستراتيجية التي تشرف على مناطق جبل الزاوية وسهل الغاب، إضافة إلى أجزاء من طريق حلب-اللاذقية الدولي. كما تم إنشاء نقطة عسكرية تركية بالقرب من بلدة بسنقول الواقعة على ذات الطريق المعروف بـ «M4». وبذلك، يرتفع عدد النقاط التركية في منطقة «خفض التصعيد» إلى 38، وهي: « صلوة وقلعة سمعان والشيخ عقيل وتلة العيس وتلة الطوقان والصرمان وجبل عندان والزيتونة ومورك والراشدين الجنوبية وشير مغار واشتبرق»، بالإضافة إلى نقاط مستحدثة وهي : عندان والراشدين ومعرحطاط ونقاط في سراقب والترنبة والنيرب والمغير وقميناس وسرمين ومطار تفتناز ومعارة النعسان ومعرة مصرين والجينة وكفركرمين والتوامة والفوج 111 ومعسكر المسطومة وترمانين والأتارب ودارة عزة والبردقلي ونحليا ومعترم وبسنقول والنبي أيوب. ومن اجل استيعاب الوضع الحاصل في إدلب، قال مسؤول تركي أمس إن بلاده تناقش مع الجانب الروسي تسيير دوريات مشتركة في إدلب شمال غرب سوريا كأحد الخيارات لضمان الأمن في المنطقة. وأضاف المسؤول، دون ذكر اسمه، لوكالة «رويترز»، أن إيران وتركيا وروسيا تخطط للاجتماع في طهران مطلع شهر مارس المقبل لمواصلة مناقشة الوضع المتأزم في إدلب، والأزمة السورية. ولفت المسؤول إلى أن وفدا روسيا قد يأتي إلى أنقرة قبل الاجتماع في طهران لإجراء مزيد من المحادثات حول إدلب. إلى ذلك قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في تصريحات صحفية لقناة تركية: «أبلغنا الجانب الروسي أفكارنا، والاتصالات ستستمر، لم نصل إلى النقطة التي نريدها بعد.. روسيا لم تفرض علينا خريطة الواقع الميداني في إدلب، بل تبادلنا الأوراق التي توضح مواقعنا، وهناك لقاء مرتقب بين الرئيسين التركي والروسي». وأكد وزير الخارجية التركي أن أنقرة تعمل على تحديد موعد القمة الرباعية بشأن سوريا، بين زعماء بريطانيا وتركيا وفرنسا وألمانيا، مضيفا أنه «من الصعب تطبيق اتفاق سوتشي في ظل استمرار هجمات النظام السوري بإدلب». وبشأن التهديد بعملية عسكرية في إدلب، أكد مولود جاويش أوغلو، أن «الرئيس رجب طيب أردوغان وقادة الجيش التركي هم من سيقررون توقيت العملية المرتقبة في إدلب حسب التطورات»، متابعا: «نتخذ التدابير في نقاط المراقبة التركية بإدلب». ونبه بيدرسون إلى تنامي خطر الإرهاب في شمال سوريا، ودعا إلى وقف النار في إدلب لوضع حد لمعاناة المدنيين، لكنّ مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، سخر من دموع الدول الغربية على المدنيين ومن محاولات استخدام المعاناة الإنسانية كذرائع لتطبيق أجندات سياسية، معتبرًا أن «حجم تدمير البنى المدنية كرد القوات السورية على النشاط الإرهابي في إدلب، لا يقارن بالدمار الذي لحق بالرقة نتيجة عمليات ما يسمى التحالف الدولي».