ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن تقارير حديثة أظهرت تباينًا في تداعيات فيروس كورونا على وضع الاقتصاد الأمريكي، وأنه رغم المخاطر المحتملة بقوة على حجم النمو، لكن هناك فرصًا للعودة لاستقرار الأداء بعد الربع الأول من العام الجاري.
وتوقع الخبراء حدوث اضطراب مؤقت، لكنه واسع النطاق، في حياة المواطنين الأمريكيين وأنشطة الأعمال جراء انتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدة بما يشكل خطورة جديدة على أطول مدة قياسية للنمو الاقتصادي للولايات المتحدة.
ووفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن وزارة التجارة الأمريكية، فقد ارتفع في شهر يناير الماضي مؤشر رئيسي لاستثمار الأعمال في الولايات المتحدة، بما يعد علامة على رغبة الأعمال في زيادة حجم الإنفاق في أوائل 2020، رغم مخاطر فيروس الكورونا التي اندلعت وبائيا أواخر الشهر الماضي.
ووفقًا لبيانات الوزارة، فإن حجم أوامر الشراء للبضائع الأمريكية غير الدفاعية، باستثناء الطائرات، أو ما تسمى بـ«طلبات السلع الاستثمارية الرئيسية»، زاد بنسبة 1.1% في يناير عن مستواه في الشهر السابق.
وجاءت هذه الزيادة خلال شهر وقعت فيه الولايات المتحدة والصين اتفاقًا تجاريًا مبدئيًا، بما عد هدنة في الخلاف التجاري طويل الأمد بين الدولتين. وظهر الفيروس بصورة وبائية كذلك في الشهر الماضي في الصين وانتشر إلى مناطق أخرى من العالم، بما شكل خطرًا على الاقتصاد الأمريكي.
وتركت الخلافات التجارية أثرها على مستوى ثقة الأعمال والاستثمار بالولايات المتحدة على مدار معظم عام 2019، ودفع حجم التصنيع العالمي إلى التباطؤ، لتسجل «طلبات السلع الاستثمارية الرئيسية» تراجعات خلال أربعة أشهر في العام الماضي مقارنة بمستواها في العام السابق.
وأظهر تقرير منفصل لوزارة التجارة نشر الخميس أيضًا اتجاهًا متباطئًا في حجم إنفاق الأعمال خلال عام 2019، حيث جاءت البيانات المحدثة للناتج المحلي الإجمالي عن الربع الرابع من العام فيما يخص الاستثمار غير السكني، والذي يتضمن إنفاق الأعمال في مجالات كالمعدات والبرمجيات، متراجعة بنسبة 2.3% خلال فترة «أكتوبر ـ ديسمبر» الماضية، وهو تراجع كبير عن تقديرات سابقة بنحو 1.5%.
وجاء ارتفاع طلبات السلع الاستثمارية الرئيسية ليكون الأكبر في مستواه الشهري منذ يناير 2019، وكانت بيانات أخرى تغطي فترات قبل انتشار فيروس كورونا هذا الشهر أظهرت أن الاقتصاد الأمريكي ما زال على وتيرة مستقرة.
فقد كانت معدلات البطالة في يناير مستقرة عند 3.6%، وهو أقل مستوى لها على مدى 50 عامًا، في ظل تزايد انضمام الأمريكيين إلى سوق العمل، كما كانت استطلاعات ميدانية عن مستوى ثقة المستهلكين كشفت أوئل فبراير الجاري كشفت عن أن المواطنين الأمريكيين ما زالوا متفائلين بشأن مستقبل الوضع الاقتصادي.
ويتزامن هذا مع توقعات المراقبين بحدوث زيادة في حجم الإنفاق الاستثماري خلال هذا العام نظرًا لتهدئة النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين.
وكان مسؤولو الصحة العامة بالولايات المتحدة قد أعلنوا توقعاتهم بأن انتشار الفيروس محليًا قد يؤدي إلى إغلاقات للمدارس وإلغاءات في الفعاليات العامة واضطرابات في قطاعات مختلفة من الاقتصاد كالمطاعم والسياحة والتصنيع.
وبدأ الاقتصاد الأمريكي يشعر بالفعل بحجم تأثير الفيروس، رغم كونه لم ينتشر بصورة كبيرة بعد، ويجد المصنعون صعوبة في الحصول على مكونات الإنتاج، كما لمست الفنادق والمنتجعات تراجعًا في معدلات السياحة العالمية ويشعر تجار التجزئة بالقلق جراء حصولهم على السلع لتلبية الطلب في السوق الأمريكي.
ويقل كثيرا معدل عدوى فيروس كورونا عن مستوى وباء الإنفلونزا الإسبانية في عام 1918، وهو أكثر تراجعًا من وباء إيبولا، نظرًا لتفوق مستوى النظام الصحي الأمريكي عن الصين، الذي تمركز فيها الوباء.
وتراوحت توقعات الخبراء حول تباطؤ النمو في الربع الأول من العام الجاري، لكن إذا أدى الفيروس إلى إصابة عشرات الآلاف من الأشخاص وقتل المئات في المدن الأمريكية الرئيسية، كما حدث في الصين، فإن التأثير الاقتصادي قد يكون أكبر بكثير.