مسعود الحمداني -
Samawat2004@live.com -
مسكين هذا (الرأس) الذي يتحمل كل هذه الأمنيات، وتحط عليه كل حمامات العالم، مدعية رغبتها في السلام، حاملة غصن الزيتون الذي جف حتى كاد أن يسقط، وكلما أطل هو الآخر برأسه، قُرعت في الجانب طبول الحرب، ودقت عظام الأطفال.
مسكين هذا (الرأس) الذي يحمل هموم الكون، ويبعثر روزنامته في مهب الريح، تتطاير خلفه أمنيات الصغار، ومدافع الكبار، يحاولون أن يحتفلوا بعام جديد بقطع (رأس) عام سبق، فأي فرق تصنعه الأيام، وأي رأس يقف على عاتق الرأس الذي قبله؟
مسكين (رأس) السنة الذي سيخضع رغم أنفه لحلاق لا يفقه القص، وبشر لا ترتفع رؤوسهم إلا لتسقط من جديد، كأوراق الخريف الهرمة، تشتعل بأول عود ثقاب، لتحرق خلفها أكواما من الجريد المتساقط من نخيل الأيام، ولتغرق خلفها بحارا من الأمنيات التي لا تتحقق.
مسكين هذا (الرأس) الخالي من الشـَعر، والخالي من الشجر، والفارغ من قطرات الندى، ومساحات الاخضرار، وكأنه رأس (الربع الخالي) القاحل، والخالي من الحياة، والماء، والأحلام، فأي رأس متروك في الهواء تحركه الريح كيف تشاء.
رأس تلو رأس، وأمنيات تلو أمنيات، وأحلام معلقة على مقصلة الأيام، تقطعها خناجر الساعات، وتلدغها عقارب الوقت، وتدفعها إلى الأمام لتقع في أقرب حفرة، تدفعها في 365 يوما، تتحرك ببطء، إلى أن تسقط في فخ النسيان، أو تبقى في جيوب الذكريات نفتش عنها حين نحتاجها، فلا نجد إلا الانكسارات، والألم المعبأ في أكياس غير قابلة للتلف، نحاول أن نجعل منها سلالم للصعود إلى أعلى أو الهبوط إلى أسفل، أو السقوط أحيانا، وفي كل تلك الحالات ينتهي كل شيء بسقوط الورقة الأخيرة من حياتنا.
اليوم نفتح أعيننا على مولود جديد، وسنغلقها على رقم لن يعود إلا في كتب التاريخ، سيبدأ عام 2014 بالحبو رويدا رويدا، سيكبر بسرعة، وسيشيخ بسرعة، ثم سيموت بسرعة في دورة حياته التي لن تتجاوز الاثني عشر شهرا لا تزيد ولا تنقص، هكذا هي الحياة بكامل تفاصيلها، غمضة عين لا يمكن أن تكتمل مشاهدها، إلا في يومها الأخير، ولكن لسوء الحظ لن نشاهد ـ نحن صانعي المشهد الأخير ـ هذه التفاصيل، بل سيشاهدها غيرنا!!.
هكذا نحتفل بولادة سنوات، وموت سنوات..نحتفل باقترابنا من موتنا، ببلاهة شديدة، كلما قطعنا (رأس) سنة مضت من أعمارنا.