في الدراسات النقدية والإدارة والرواية -
صدر حديثا عن مؤسسة بيت الغشام للصحافة والنشر والترجمة والإعلان ثلاثة إصدارات جديدة في الدراسات النقدية والتحفيز الإداري والرواية، وهي كتاب (في السّرد الرّوائيّ العُمانيّ الحديث: دراسات نقدية) للدكتور يوسف حطّيني، ويصدر بالتعاون مع الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، وكتاب (حبات من التمر: من القيادة بالسلطة إلى القيادة بالتأثير) للخبير محمد صدام، ورواية (المؤامرة والسيف) للروائية فاطمة محمد بوشجر.
في السّرد الرّوائيّ العُمانيّ الحديث
من جديدة إصدارات بيت الغشام كتاب (في السّرد الرّوائيّ العُمانيّ الحديث: دراسات نقدية) للدكتور يوسف حطّيني، الذي يقول في مفتتحه للكتاب: «إذا كانت بداية الرواية العمانية قد تأخرت عن أخواتها العربيات في بلاد الشام وشمال إفريقيا، فقد جاءت بدايتها شبيهة لها في اتخاذها التاريخ والواقع أساساً لموضوعاتها، وفق نظرة بسيطة لا تعطي أهمية للبعد الفلسفي والوجودي لقضاياها المطروحة، وقد كان على الكاتب العماني أن يبدع روايته الخاصة، دون الاستناد إلى نصوص سردية محلية تمكّنه من الاطمئنان إلى الاكتمال الفني للتجربة».
ويضيف المؤلف: «ونحاول في هذا الكتاب أن نقفز عن جيل الرواد والمؤسسين، وأن نتعامل مع النصوص التي تمثّل حداثة الرواية العمانية، ويفيد أصحابها من إنجازات الرواية الفنية التي يؤرخ بعض النقاد بدايتها بصدور رواية بدرية الشحي (الطواف حيث الجمر) عام 1999، لنقدّم دراسات نقدية لاثنتي عشرة رواية صدرت جميعها في السنوات الخمس الأخيرة، وشكّل بعضها إضافة نوعية، لا إلى الأدب العماني فقط، بل إلى الرواية العربية، وهذا يدلّ دلالة ناصعة، على أن الرواية في عمان حرقت كثيراً من المراحل، ووصلت إلى شكل مقبول، وقابل للتطوّر في ظلّ تراكم فني مأمول.
ويوضح يوسف حطيني أن القارئ سيلاحظ أنّ بعض مبدعي الروايات المدروسة استطاع الخروج من سيطرة تعاقبية الحكاية في السرد، وتلاعَبَ ما شاءت له موهبته، بالنظام التتابعي للزمن الفيزيائي، لصالح استذكارات تكسر حدّة الشكل التقليدي. بينما نجح آخرون في تأثيث المكان بالصورة البصرية والصوت والرائحة، ولم يكتفوا من اللغة بوظيفتها الإبلاغية، وساروا بها نحو الواحات الظليلة للشعرية السردية. وإذا كان ثمّة ملاحظات سلبية تلقى، حول هذا العمل أو ذاك، فإن تلك الروايات في مجموعها تشكّل معراجاً سردياً صالحاً للارتقاء بالرواية نحو مزيد من التطور».
حبات من التمر
كما صدر عن بيت الغشام كتاب (حبات من التمر: من القيادة بالسلطة إلى القيادة بالتأثير) للخبير محمد صدام، الذي يرى أنك لا تحتاج منصباً لتصبح قائداً، إذ إن جوهر القيادة في الحياة والعمل يبدأ بالقيادة الذاتية، أي قيادة النفس قبل قيادة الآخرين، فإن لم تكن لديك القدرة على قيادة وإدارة نفسك، لن تكون قادراً على قيادة غيرك. والقيادة الذاتية تبنى على شخصية الفرد وقيمه ومبادئه ومدى استعداده لتحمل المسؤولية. وعليه يمكن القول أن عظمة الشخصية تسبق عظمة القيادة، وهذا يعني إنك إن لم تكن شخصاً عظيماً لم تكن قائداً عظيماً.
ويوضح المؤلف أن للتأثير صداً فردياً وجماعياً يثير إحساسا بالمسؤولية والالتزام معا، فيكون كل واحد بمثابة القائد لإحداث التغيير كما يكون التابع الذي يكمل عمل الآخرين من التابعين، مشيرا إلى أنه عندما تجعل كل علاقة وكل موقف فرصة لإظهار موهبة القيادة لديك وممارستها في عملك اليومي، ستصبح القيادة بالنسبة لك أسلوب تفكير وسلوكا قبل ان تكون منصباً. إنك بهذا تمارس القيادة من دون منصب.
ويستطرد المؤلف موضحا أن القيادة من دون منصب لا تعني الفوضى أو إلغاء التسلسل الهرمي في المؤسسة أو إلغاء القائد الرسمي لها، بل ما أعنيه هو أن يفكر ويؤمن ويشعر كل موظف، ابتداء من موظف الاستعلامات وانتهاء بمن في قمة الهرم الإداري، وكأنه هو مالك المؤسسة وهو قائدها وأن نجاحها وتميّزها يعني بالدرجة الأولى نجاحه وتميزه المهني والشخصي، وعليه عندما يكون هذا الإيمان والإحساس متجذرا في عقول وسلوك جميع موظفي المؤسسة، فإن القيادة تصبح ملكاً للجميع، أي أنها تصبح ثقافة سائدة فيها. ولتأسيس هذا النوع من الثقافة، لابد أن يقوم القائد الرسمي للمؤسسة بتوفير المكان الآمن والبيئة المناسبة لموظفيه لممارسة دورهم القيادي ومدهم بالجرأة والصلابة ليكوّن منهم قادة لامعين وهم يؤدون أعمالهم. فالقادة يصبحون قادة بالتعلم والتدريب والممارسة والمجازفة للقيام بالأعمال التي يعجز الآخرون عن القيام بها.
المؤامرة والسيف
وفي مجال الرواية صدرت عن بيت الغشام رواية (المؤامرة والسيف) للكاتبة فاطمة محمد بو شجر. وهي رواية تاريخي تدور أحداثها في فترة دولة اليعاربة وما تخللها من أحداث وبطولات وما مرت به من صراعات داخلية على السلطة. تقول الكاتبة في تمهيدها للرواية: «بـرزت عُــمان كـدولة قوية في الـقرن السابع عشـر، وأصبحت في عهـد اليعاربة كيانا سياسيا قـويا ليس في الـمشرق العربي، فحسب بل في المحيط الهندي أيضا، وأقوى وأكـبر دولة بحـرية حربية عرفت في تاريخ العرب الحديث، إلا ان هــذا النجاح وقف عاجزا أمام الصراعات الداخلية وخاصة الأسـرية والقبلية وهــو ما أضـعف كـيانها».
وبعد أن تسوق الكاتبة جملة من الأحداث التاريخية تقول: «واستولى يعرب بن ناصر على الإمامة واعـتبر نفسه وصـيا علـى ابن أخته!، فلما جاءت وفـود القبائل تهنئ الإمام الصغير بالملك، كان من بينهم محمد بن ناصر الغافري- زعيـم الغافرية- فلما جلس إلى جـواره سرعان ما تسارعت حدة الكلام بينهما فـخرج ونار الغضب والانتقـام تتأجج في صدره، فكاتب يعرب بن بلعرب اليعربي الذي تحالف بدوره مع قـبيلة الـقواسم، ثم قصد الـقبائل الـبدوية في شمال عــمان فتـحالف مـعه ودخــل نـزوى في حملة عسكـرية فانتصـر واستسلم يعــرب بن ناصر وسـقطت وصايته مما أتـح للغافري استلام الـزعامة في عُمان، فهب خصمه الـعنيـد خلف بن مبارك الهنائي في وجهه بـعدما وجـد بأن نفوذه قـد جـاوز الـمدى، ولم يتراجع كـلا منهما عن حـشد الـرجال والـعتاد، ودارت بينهما رحـى أشـد المعارك شـراسة وضراوة، واحـتل الـغافـري صحار فسار خـلف بقواتـه لنجدة رجاله الـمحاصرين فيها، واشتبكت الجيوش تحـت أسـوار القلعة وانتهت بمصـرعها، وظهـر سيف الصغيـر، وكان قد كبـر وقـوي زنده وخــط شاربه واخشوشن صوته، فخاطب الجميع بصوت غليظ شديد (أنتـم تعلمـون أن خلف ومحمد ليس لهما حـصـن ولا سـور ولا رعية) فاستبشــر رجــاله وأتباعــه ورفعـوا أسلحتهم وهتفـوا باسمه، وكانت عـودته التي طـال مـداها أمـلا مرتقبا في نفوسهم، وساروا معه على السمـع والطاعة إلى نزوى... ومن هنا تبدأ أحداث الرواية».