يمكن معالجته بالصبر وزيارة طبيب نفســاني -
كتبت - رحاب الهندي -
من منا لا يخاف؟ الخوف حالة إنسانية تحدث لكل منا في مواقف مختلفة تستدعي الخوف، لكن حين يتحول الخوف إلى حالة مستمرة من شيء ما يتحول إلى رهاب اجتماعي ( فوبيا) نضطر للبحث عن جلسات نفسية وعلاج، لكن ما الذي نعرفه عن هذا الرهاب وكيف ننظر إليه، وهل هو مرض يسكن جسد الإنسان أم مجرد حالة طارئة ؟
التقينا كثيرا من الناس لنتحدث إليهم عن الرهاب فكانت إجاباتهم كما يلي:
«أعتقد أنه حالة خاصة تصيب الإنسان وليس مرضا يحتاج لأدوية أو مستشفى» هذا ما بدأه محمد خميس البلوشي ( موظف شركة اتصالات ) وتابع قوله: كان لي صديق يخاف من البئر في المزرعة ويحاول أن يتجنب المكان الذي به البئر، وفي حالة كنا نلعب واقتربنا من البئر يقف ويتلعثم ويتعرق وتصيبه حالة من الوجوم، وحين حاصرناه في الأسئلة أجابنا أن والده كان يعاقب من يخطئ منهم بإنزاله في البئر لساعة ثم يخرجه، فطبعا سيتكون معه رهاب من هذه الأماكن، لكننا عالجناه بطريقتنا، كأن ينزل كل واحد منا البئر ويخرج ضاحكا، حتى انتزع الخوف من قلبه، معنى الكلام إنه ليس مرضا.
أنواع غريبة
سلوى المخينية مدرسة للغة الإنجليزية تقول: قرأت منذ فترة عن أنواع غريبة من الرهاب الاجتماعي لم أصدقها أنا شخصيا، إلا أنها بالتأكيد موجودة وإلا لما كتب عنها، أذكر لكم هنا ما أتذكره كرهاب الآلات الموسيقية أو التماثيل التي تشبه البشر أو انعكاسات المرآة لصورة الشخص و الضوء الأحمر، والغريب أيضا الخوف من القمر أو أن تفكر بأن الناس أو من حولك لم تعد يتذكرك.
وأعتقد أن الرهاب حالة نفسية معقدة أكثر منه مرض، ونحتاج الى التعامل بطريقة أكثر مرونة مع إنسان الرهاب، ومن الممكن لمن حوله أن يعالجه بطريقه ما. أذكر أن طالبة عندي كانت مصابة برهاب السخرية، خوفها الشديد أن تسخر منها زميلاتها كان يمنعها من الاستجابة في الصف، ولاحظت انها كانت ترتجف وتقف أمام مكتبها متعرقة متلعثمة حين أطلب منها الإجابة على سؤال ما، ولكنني كمعلمة لم أشعر باليأس فكنت أشجعها دوما وأطلب من زميلاتها مدحها والتصفيق لها عن كل إجابة، وأقدم لها جوائز تقدير، ورويدا وجدتها أكثر تفاعلا مع الجميع بالصف الدراسي.
أنواع الرهاب
الرهاب ( الفوبيا ) هو مرض نفسي يصاب به الانسان نتيجة حادث ما او خلل نفسي، وتسبب الفوبيا شعور غير عقلاني بالخوف المفرط من شيء أو موقف ما، هو خوف مرضي من مواقف، أنشطة، أو أشياء معينة مما يدفع الشخص إلى تجنب التعرض لهذه المواقف أو ممارسة هذه الأنشطة، لأنه حين يواجه هذه المواقف يتعرق بشدة ويشعر بصعوبة التنفس وقد تصل حالته للإغماء، وعلاج هذه الحالات من خلال علاج نفسي بسيط وعمل بعض الخدع الذهنية والعقلية للتغلب على مواقف الفوبيا والخوف غير المبرر خاصة مع الأطفال، هذا ما تحدث به صالح السيابي ( أخصائي اجتماعي في إحدى المدارس )
وأنواع الرهاب متعددة وكثيرة، لكن الأكثر انتشارا هي رهاب الأماكن المغلقة وخاصة الضيقة كالمصاعد والأنفاق والأماكن العالية أو السفر بالطائرة أو القطار أو من البحر خوفا من الغرق أو من الحيوانات الأليفة منها والمفترسة، إضافة إلى الحشرات بأنواعها وأنواع المرض باختلافاته ومنظر الدم أو وخز الحقن .
يتحدث عبدلله المشيخي ( موظف ) بقوله: قد لا نهتم كشعوب عربية بهذا المرض أو هكذا حالات، وللأسف البعض منا قد يضحك على من يعانون مثل هذه الحالات، أذكر أن صديقا لنا رفض رفضا قاطعا أن يصعد معنا أحد مصاعد البناية، وبدلا من أن نسأل عن السبب بدأ البعض يسخر منه، وحين رأيت أن الموقف غير طبيعي اتجهت معه للدرج متحدثا معه بهدوء، إلى أن قال لي أنه يخاف ركوب المصعد، فنصحته بالتوجه لطبيب نفساني، واكتشف الطبيب أن هذا الصديق تعرض لحادثة في صغره حين لم يفتح باب المصعد وهو بداخله لأكثر من ساعة، لكن تمت معالجته والحمد لله.
وأعتقد أن هذا المرض أو هذه الحالات ليست بالصعوبة التي نتخيلها، فمن الممكن علاجها بالروية والصبر وزيارة طبيب نفساني.
العلاج
اما عن كيفية علاج الفوبيا فيكون علاج نفسي في المقام الأول، بحيث يتفهم المعالج سبب و ما هي الحادثة التي حدثت للمصاب والتي بدأ بعدها الإصابة بالفوبيا والخوف المرضي، ثم يبدأ العلاج عن طريق تعويد المصاب بالفوبيا تدريجيا علي الموقف الذي يخاف منه، او مثلا اذا كان يخاف من الحيوانات نحاول ان نقدم له حيوانا صغير الحجم والسن لتربيته وملامسته تدريجيا.
خوف أم رهاب
تقول حميدة الغافرية ( ربة بيت ) إنها شخصيا كانت تخاف الظلام لأنها تعتقد أن الأشباح تكثر في الظلام منذ طفولتها، لكنها تحدت هذا الخوف أو الرهاب خاصة بعد أن تزوجت وانجبت ودربت نفسها على أن تحارب خوفها بقراءة القرآن حتى لا يصبح أحد أبنائها مثلها. وتضحك قائلة: كيف لي أن أبين لأولادي عدم الخوف وأنا التي أخاف، لكنني بحمد الله عالجت نفسي والآن لا أخاف إلا من الله.
أخيرا
الرهاب مسألة تخص كل شخص يعيش في دائرتها وبالطبع تخص المقربين منه، فلعله يجد إجابة علاجه من نفسه وممن حوله، وقانا الله وإياكم كل أنواع الرهاب.