مقتل برايان طومسون الرئيس التنفيذي لشركة التأمين الصحي «يونايتد هيلْث كَير» في نيويورك هذا الشهر والذي يبدو أن دافعه «مشاعر عدائية تجاه الشركات الأمريكية الكبرى» أحدثُ مؤشر على أن حقبة جديدة للعنف للسياسي الحاد ترسَخ في أمريكا.
ما له دلالة في العنف السياسي بالولايات المتحدة اليوم مدى التأييد الشعبي الكبير الذي يحظى به. لقد صار لويجي مانجيوني الشاب الذي اتهم بقتل طومسون بطلا للبعض في وسائل التواصل الاجتماعي. والمسوحات الوطنية التي أجريناها في جامعة شيكاجو وجدت أن 10% إلى 15% من الأمريكيين في الفترة من 2021 إلى 2024 يؤيدون في كل الأحوال العنفَ لأهداف سياسية يباركونها.
تراوح العنف السياسي في الولايات المتحدة بين مدٍّ وجزر على مدى عقود. لكن أحداث العنف الماضية التي يمكن أن تُسمّى «الشعبوية العنيفة» كانت نادرة. في أوائل عشرينيات القرن الماضي على سبيل المثال شهدت أمريكا ارتفاعا مثيرا في عدد الأعضاء الملتزمين بسداد الاشتراكات لجماعة كو كلوكس كلان. كانت تلك فترة عنف واسع النطاق ضد السود واليهود والكاثوليك اجتاح الولايات من إنديانا إلى جورجيا وما ورائها تأييدا للهدف السياسي للجماعة والمتمثل في ضمان أن تكون الولايات المتحدة «أمريكية مائة في المائة».
وفي سنوات الستينيات تصاعد العنف السياسي في شكل اغتيالات وأعمال شغب في أكبر مدن أمريكا وظهرت الجماعات الإرهابية في أمريكا كجماعة «ويذر اندرجراوند.» وكان حجم التأييد الشعبي للعنف السياسي وقبوله خلال هذه الفترة المضطربة مذهلا.
نحن اليوم نعيش في حقبة جديدة للشعبوية العنيفة في أمريكا. ومؤخرا استهدف عدد لافت من أعمال العنف التي وراؤها دافع سياسي «النخبة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية». تتراوح هذه الأهداف من مبان فيدرالية إلى زعماء سياسيين وطلبة جامعيين وقادة جامعيين والآن رؤساء تنفيذيين لشركات كما يبدو.
وخلال السنوات الست الماضية شهدت الولايات المتحدة حوادث إطلاق نار جماعية كان دافعها نظرية المؤامرة اليمينية «الإحلال العظيم». وهي الفكرة التي يرى أصحابها أن الحكومة تستبدل عن عمد السكان البيض للولايات المتحدة بأعداد متزايدة من الأقليات.
كما كانت هنالك محاولات اغتيال عديدة ضد قادة من اليمين واليسار. ففي أكتوبر 2022 سعى أحدهم إلى إيذاء -إن لم يكن قتلا- رئيسة مجلس النواب وقتها نانسي بيلوسي. وفي يونيو في العام التالي اعتُقل رجل أثناء مراقبته منزل الرئيس الأسبق باراك أوباما في واشنطن وبحوزته أسلحة ومتفجرات في شاحنة صغيرة مغلقة. وفي عام 2022 اتهم رجل بمحاولة قتل قاضي المحكمة العليا بريت كافانو الذي عينه دونالد ترامب. وفي يوليو هذا العام نجا ترامب نفسه من محاولة قتله. وبعد شهرين لاحقا اعتقل رجل مسلح آخر لمحاولته اغتيال ترامب.
كان هنالك أيضا عدد كبير من الاحتجاجات العنيفة التي يسعى منظموها وراء سلسلة من الأهداف السياسية خلال الفترة نفسها. في صيف عام 2020 طغت السلمية على الاحتجاجات التي أعقبت مقتل جورج فلويد بواسطة الشرطة في مينابوليس. لكن أكثر من 500 مظاهرة من جملة 10 آلاف مظاهرة كانت عنيفة. فقد هوجمت مراكز وسيارات الشرطة وأفرادها وسط دعوات بوقف تمويل الشرطة. وذلك هدف يرتبط باليسار. في الأثناء، الاحتجاجات العنيفة من اليمين بلغت ذروتها في 6 يناير2021 عندما اقتحم آلاف من أنصار ترامب مبنى الكونجرس (الكابيتول) لمنع الانتقال السلمي للسلطة إلى الرئيس المنتخب وقتها جو بايدن.
وفي أعقاب هجوم حماس على إسرائيل يوم 7 أكتوبر 2023 نُظِّمت مئات المظاهرات بواسطة أنصار الفلسطينيين والإسرائيليين في المدن ومقار الجامعات في أرجاء أمريكا. وارتفع عدد أحداث العنف والترويع المعادية لليهود والمسلمين.
صعود العنف الشعبوي في الولايات المتحدة اليوم مدعاة للقلق العميق. فنحن نشهد ليس فقط تطبيع العنف السياسي ولكن أيضا تناميا كبيرا في التأييد الشعبي لمثل هذه الأعمال وسط الأمريكيين العاديين. وكلما تآكلت الأعراف المناهضة للعنف السياسي حول قضية ما كان من اليسير لهذه الأعراف والقيم أن تنهار أو تتفكك حول قضايا أخرى. وبمقتل رئيس تنفيذي لإحدى الشركات في شوارع مانهاتن يتم تخطي عتبة أخرى.
لماذا هذا التصاعد في أحداث العنف الآن؟ تأييد العنف السياسي لا يرتبط ببساطة بنظريات المؤامرة السياسية وتدهور الثقة في المؤسسات الديمقراطية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. فهو يبدو أيضا شديد الارتباط بالتحول الجاري لأمريكا من ديمقراطية أغلبيةٍ بيضاء إلى ديمقراطية أقلية بيضاء ومتعددة الأعراق حقا.
حسب استطلاعاتنا عندما يعتقد الأمريكيون أن «أمريكا بلد يتبع نهجا عرقيا ضد غير البيض وأنها ظلت كذلك دائما» يتضاعف احتمالُ تأييدِهم للعنف انطلاقا من مظالم مرتبطة بأفكار اليسار. وعندما يعتقدون أن «الحزب الديمقراطي يحاول إحلال الناخبين الحاليين بأناس جدد وناخبين أكثر خنوعا من العالم الثالث» يرتفع إلى خمسة أضعاف احتمال تأييدهم للعنف لمظالم ترتبط بأفكار اليمين.
بالنظر إلى الاستقطاب الذي يشهده وقتنا الحالي من المستبعد أن تنتهي الشعبوية العنيفة والمعركة الهائجة من أجل الهوية الأمريكية في أي وقت قريب.
ما له دلالة في العنف السياسي بالولايات المتحدة اليوم مدى التأييد الشعبي الكبير الذي يحظى به. لقد صار لويجي مانجيوني الشاب الذي اتهم بقتل طومسون بطلا للبعض في وسائل التواصل الاجتماعي. والمسوحات الوطنية التي أجريناها في جامعة شيكاجو وجدت أن 10% إلى 15% من الأمريكيين في الفترة من 2021 إلى 2024 يؤيدون في كل الأحوال العنفَ لأهداف سياسية يباركونها.
تراوح العنف السياسي في الولايات المتحدة بين مدٍّ وجزر على مدى عقود. لكن أحداث العنف الماضية التي يمكن أن تُسمّى «الشعبوية العنيفة» كانت نادرة. في أوائل عشرينيات القرن الماضي على سبيل المثال شهدت أمريكا ارتفاعا مثيرا في عدد الأعضاء الملتزمين بسداد الاشتراكات لجماعة كو كلوكس كلان. كانت تلك فترة عنف واسع النطاق ضد السود واليهود والكاثوليك اجتاح الولايات من إنديانا إلى جورجيا وما ورائها تأييدا للهدف السياسي للجماعة والمتمثل في ضمان أن تكون الولايات المتحدة «أمريكية مائة في المائة».
وفي سنوات الستينيات تصاعد العنف السياسي في شكل اغتيالات وأعمال شغب في أكبر مدن أمريكا وظهرت الجماعات الإرهابية في أمريكا كجماعة «ويذر اندرجراوند.» وكان حجم التأييد الشعبي للعنف السياسي وقبوله خلال هذه الفترة المضطربة مذهلا.
نحن اليوم نعيش في حقبة جديدة للشعبوية العنيفة في أمريكا. ومؤخرا استهدف عدد لافت من أعمال العنف التي وراؤها دافع سياسي «النخبة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية». تتراوح هذه الأهداف من مبان فيدرالية إلى زعماء سياسيين وطلبة جامعيين وقادة جامعيين والآن رؤساء تنفيذيين لشركات كما يبدو.
وخلال السنوات الست الماضية شهدت الولايات المتحدة حوادث إطلاق نار جماعية كان دافعها نظرية المؤامرة اليمينية «الإحلال العظيم». وهي الفكرة التي يرى أصحابها أن الحكومة تستبدل عن عمد السكان البيض للولايات المتحدة بأعداد متزايدة من الأقليات.
كما كانت هنالك محاولات اغتيال عديدة ضد قادة من اليمين واليسار. ففي أكتوبر 2022 سعى أحدهم إلى إيذاء -إن لم يكن قتلا- رئيسة مجلس النواب وقتها نانسي بيلوسي. وفي يونيو في العام التالي اعتُقل رجل أثناء مراقبته منزل الرئيس الأسبق باراك أوباما في واشنطن وبحوزته أسلحة ومتفجرات في شاحنة صغيرة مغلقة. وفي عام 2022 اتهم رجل بمحاولة قتل قاضي المحكمة العليا بريت كافانو الذي عينه دونالد ترامب. وفي يوليو هذا العام نجا ترامب نفسه من محاولة قتله. وبعد شهرين لاحقا اعتقل رجل مسلح آخر لمحاولته اغتيال ترامب.
كان هنالك أيضا عدد كبير من الاحتجاجات العنيفة التي يسعى منظموها وراء سلسلة من الأهداف السياسية خلال الفترة نفسها. في صيف عام 2020 طغت السلمية على الاحتجاجات التي أعقبت مقتل جورج فلويد بواسطة الشرطة في مينابوليس. لكن أكثر من 500 مظاهرة من جملة 10 آلاف مظاهرة كانت عنيفة. فقد هوجمت مراكز وسيارات الشرطة وأفرادها وسط دعوات بوقف تمويل الشرطة. وذلك هدف يرتبط باليسار. في الأثناء، الاحتجاجات العنيفة من اليمين بلغت ذروتها في 6 يناير2021 عندما اقتحم آلاف من أنصار ترامب مبنى الكونجرس (الكابيتول) لمنع الانتقال السلمي للسلطة إلى الرئيس المنتخب وقتها جو بايدن.
وفي أعقاب هجوم حماس على إسرائيل يوم 7 أكتوبر 2023 نُظِّمت مئات المظاهرات بواسطة أنصار الفلسطينيين والإسرائيليين في المدن ومقار الجامعات في أرجاء أمريكا. وارتفع عدد أحداث العنف والترويع المعادية لليهود والمسلمين.
صعود العنف الشعبوي في الولايات المتحدة اليوم مدعاة للقلق العميق. فنحن نشهد ليس فقط تطبيع العنف السياسي ولكن أيضا تناميا كبيرا في التأييد الشعبي لمثل هذه الأعمال وسط الأمريكيين العاديين. وكلما تآكلت الأعراف المناهضة للعنف السياسي حول قضية ما كان من اليسير لهذه الأعراف والقيم أن تنهار أو تتفكك حول قضايا أخرى. وبمقتل رئيس تنفيذي لإحدى الشركات في شوارع مانهاتن يتم تخطي عتبة أخرى.
لماذا هذا التصاعد في أحداث العنف الآن؟ تأييد العنف السياسي لا يرتبط ببساطة بنظريات المؤامرة السياسية وتدهور الثقة في المؤسسات الديمقراطية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. فهو يبدو أيضا شديد الارتباط بالتحول الجاري لأمريكا من ديمقراطية أغلبيةٍ بيضاء إلى ديمقراطية أقلية بيضاء ومتعددة الأعراق حقا.
حسب استطلاعاتنا عندما يعتقد الأمريكيون أن «أمريكا بلد يتبع نهجا عرقيا ضد غير البيض وأنها ظلت كذلك دائما» يتضاعف احتمالُ تأييدِهم للعنف انطلاقا من مظالم مرتبطة بأفكار اليسار. وعندما يعتقدون أن «الحزب الديمقراطي يحاول إحلال الناخبين الحاليين بأناس جدد وناخبين أكثر خنوعا من العالم الثالث» يرتفع إلى خمسة أضعاف احتمال تأييدهم للعنف لمظالم ترتبط بأفكار اليمين.
بالنظر إلى الاستقطاب الذي يشهده وقتنا الحالي من المستبعد أن تنتهي الشعبوية العنيفة والمعركة الهائجة من أجل الهوية الأمريكية في أي وقت قريب.