ناقش مؤتمر "الاستدامة والعمل الحكومي وجاهزية الحكومات لتحقيق التنمية المستدامة"، اليوم أفضـل السياسـات والممارسـات التـي تســهم فــي تحقيــق أهــداف التنميــة المســتدامة.

ويركز المؤتمر على مدى يومين على تعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات المناخية والاقتصادية، ودراسة قدرة الحكومات على تنفيذ السياسات والإجراءات اللازمة لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام وحماية البيئة، كما يتناول تقييم استعداد الحكومات للتعامل مع الأزمات البيئية والكوارث الطبيعية، وتحليل السياسات المستخدمة لمواجهة التحديات البيئية وتحسين إدارة الطوارئ. ويبحث سبل تعزيز التعاون بين الحكومات والمنظمات الدولية والقطاع الخاص لتحفيز التنمية المستدامة ومواجهة تغير المناخ بفعالية.

رعى افتتاح أعمال المؤتمر معالي الدكتور محاد بن سعيد باعوين وزير العمل الموقر، ويأتــي إقامة هذا المؤتمر لتعزيـز الاسـتدامة فـي مختلـف المجـالات، ويتطرق إلى بحث الحلول لمواجهة التحديــات الراهنــة من أجل الأخذ بالتفكيـر الاسـتباقي واتخـاذ الإجـراءات اللازمـة لضمـان اسـتدامة المـوارد وحماية البيئة وتعزيز المجتمعات المستدامة، كما يسعى المؤتمـر إلى تعزيـز التعـاون وتبـادل الخبـرات وتعميـق الفهم المشــترك للتحديــات والفــرص التــي يمكــن توظيفهــا فــي بنــاء مســتقبل أكثــر اســتدامة وازدهــار، وتحســين جاهزيــة الحكومــات لتحقيــق التنميــة المستدامة وتعزيز الاستدامة في البلدان العربية.

تعزيز الاستثمارات

وقال سعادة السيد سالم بن مسلم البوسعيدي، وكيل وزارة العمل لتنمية الموارد البشرية خلال كلمته إن الاستدامة تشكل في العمل الحكومي أحد أهم التحديات التي تواجه مختلف دول العالم في ظل التغييرات الحالية منها تنامي التعداد السكاني والتغيرات المتسارعة في النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى زيادة نسبة الباحثين عن فرص عمل مع ظهور أنماط حديثة للعمل، ودعا إلى تعزيز الاستثمارات وتنمية الكفاءات والمهارات لدعم الاقتصاد وتوفير فرص عمل لائقة ومستدامة، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان الوصول إلى الموارد الاقتصادية وتحسين إدارتها. وأكد على أهمية تطوير أطر وطنية للابتكار وتبني قوانين استثمار مرنة تستجيب للتغيرات وتحد من تأثيراتها على المواطن.

لافتا أن "رؤية عُمان 2040" جاءت بأهداف واضحة لتحقيق التنمية المستدامة من خلال استراتيجيات تعليمية واقتصادية تواكب سوق العمل، مع التركيز على الإنسان كمحور أساسي للتنمية، كما تضمنت الرؤية قوانين وإجراءات لدعم المساواة وتمكين المرأة وذوي الإعاقة، وتنظيم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير نظم الحماية الاجتماعية، إلى جانب تعزيز الاقتصاد الأخضر كمصدر لفرص عمل مستدامة وصديقة للبيئة. وأكد سعادته أن وزارة العمل تسعى لتحقيق أهدافها الطموحة من خلال تحديث منظومة العمل، وتطوير السياسات، وتنفيذ برامج تأهيل وتدريب لتعزيز جاهزية القوى العاملة العمانية. كما تعمل الوزارة على شراكات مع القطاع الخاص ومؤسسات التعليم لتوفير تدريب عملي يلبي احتياجات السوق المستقبلية مع التركيز على ريادة الأعمال وتشجيع الشباب على استكشاف قطاعات ذات قيمة مضافة مثل التقنيات الحديثة، الطاقة المتجددة، والاقتصاد الأخضر، لدعم فرص العمل وتحقيق الاستدامة.

كما أكد أن تحقيق مستقبل مستدام يتطلب تضافر جهود الجميع، من حكومات وقطاع خاص ومجتمع مدني ومؤسسات تعليمية، مشيرًا إلى أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات، ودعا المنظمة العربية للتنمية الإدارية إلى الاستفادة من التجارب الدولية وتكييفها لتناسب الدول العربية بهدف تحقيق التنمية المستدامة، وشدد على ضرورة دعم مسيرة المنظمة واستثمار مكتسباتها في تطوير الموارد البشرية وتوفير الكفاءات والمهارات التي تلبي احتياجات المستقبل.

أهمية الاستدامة

من جهته أشار الدكتور ناصر الهتلان القحطاني، المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الإدارية، في كلمته خلال المؤتمر إلى أهمية الاستدامة في العمل الحكومي واستعداد الحكومات لمستقبل مستدام، مؤكدا أن هذا الموضوع يعد حجر الزاوية لتحقيق التنمية الشاملة والازدهار المجتمعي.

وأضاف إن التحديات العالمية مثل تغير المناخ والأزمات الاقتصادية تتطلب سياسات مبتكرة واستباقية لمواجهتها. وشدد على دور التقنيات الحديثة، مثل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، في تعزيز كفاءة العمل الحكومي وضمان تقديم خدمات شفافة وعالية الجودة. كما أشار إلى أن الاقتصاد الأخضر يمثل نموذجا اقتصاديا ملائما لتحقيق التنمية المستدامة، من خلال توفير حلول متكاملة تدعم النمو الاقتصادي، وتخلق فرص عمل، وتعزز رفاهية المجتمعات.

كما أكد أن دور الحكومات يكمن في تبني سياسات تدعم الاقتصاد الأخضر عبر الاستثمار في قطاعات مستدامة كالتقنيات النظيفة والطاقة المتجددة والزراعة الذكية، مشيرا إلى أن هذا المؤتمر ليس مجرد منصة لاستعراض تجارب الحكومات، بل يهدف إلى تبادل الأفكار المبتكرة وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتحقيق الاستدامة.

وأوضح القحطاني أن مواجهة التحديات العالمية، مثل تغير المناخ وشح الموارد، تتطلب حلولا جماعية من خلال التعاون بين الحكومات والمنظمات الدولية والقطاع الخاص، وشدد على أهمية تبادل المعرفة والتكنولوجيا وبناء أنظمة إدارية مرنة تلبي احتياجات المجتمعات، بالإضافة إلى تعزيز التربية على الاستدامة كعنصر أساسي لتحقيق تغيير مجتمعي حقيقي.

لافتا أن المؤتمر يمثل فرصة استراتيجية لتطوير حلول عملية تضمن مستقبلًا مستدامًا للأجيال القادمة، داعيا إلى التحلي بالشجاعة والإبداع لتبني سياسات جديدة ومبتكرة تخدم أهداف التنمية المستدامة.

ويناقش المؤتمر ثلاثة محاور رئيسية، حيث يستعرض المحور الأول تقييم جاهزية الحكومات لتحقيق الأمن الغذائي وتقليل الفقر، وتعزيز التعليم الجيد والمساواة بين الجنسين، إلى جانب تحليل فعالية الآليات الحكومية في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، كما يشمل تقييم استعداد الحكومات لمواجهة الأزمات البيئية، مثل التلوث والكوارث الطبيعية، وتحليل التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال البرامج والمشروعات الحكومية.

فيما يستعرض المحور الثاني تطوير السياسات الحكومية لدعم الزراعة المستدامة واستخدام الطاقة المتجددة، ووضع برامج تعليمية تعكس القيم المستدامة وتعزز المساواة، ويركز أيضا على استعداد الحكومات لمواجهة تحديات تغير المناخ، وتقييم السياسات المتعلقة بالتكيف مع تأثيراته، إضافة إلى تعزيز النموذج الاقتصادي المستدام وتشجيع الاستثمار في القطاعات الخضراء والابتكار التكنولوجي.

أما المحور الثالث فيتناول تعزيز التعاون الدولي والإقليمي لتحقيق أهداف مثل ضمان المياه النظيفة والطاقة المستدامة، ومواجهة تحديات تغير المناخ وحماية البيئة، كما يناقش الفرص والتحديات أمام برامج التعاون الدولي ودور المنظمات الدولية في دعم هذه الجهود.