محافظة مسندم اسم أطلق على هذه المنطقة نسبة إلى رأس مسندم وهو اسم لجزيرة تقع بالقرب من قرية كمزار البحرية وكانت قبل ذلك معروفة بمنطقة رؤوس الجبال، أما تسميتها بمنطقة رؤوس الجبال فذلك لاحتضانها سلسلة جبال شاهقة ممتدة بشكل رأسي وملتوية شديدة الانحدار والوعورة وجزيرة مسندم التي نسبت إليها التسمية هي عبارة عن رأس جبل وسط بحر الخليج كان يعتمد عليه كعلامة مميزة للسفن للدخول والخروج من الخليج وإليه، وتحيط به عدد من الجزر الصخرية ويشابه هذا الرأس في هذا التسمية رأس الشيخ مسعود وقد عرفها آخرون بأنها سميت بمسندم من طرق أمواج البحر لجبالها حيث شبه ذلك بالمطرقة والسندان اشتهرت منذ القدم بمضيق هرمز الذي يعتبر واحدا من أهم الممرات المائية في العالم حيث تمر من خلاله السفن والناقلات التي تحمل البضائع التجارية بين حضارات ودول شبه الجزيرة العربية وحضارات ودول العالم الخارجي.

التراث المنسي

ولتسليط الضوء على هذا الموضوع التقت "عمان" بالباحث عمر بن علي الشحي باحث تاريخي من المهتمين في مجال التاريخ والموروث العماني من محافظة مسندم، حيث أشار في بداية حديثه إلى أن التراث الثقافي المغمور بالمياه يتضمن كلّ آثار الوجود الإنساني التي تحمل طابعا ثقافيا أو تاريخيا وتوجد تحت المسطحات المائية ويُقدّم هذا التراث شهادة عن فترات وجوانب مختلفة من تاريخ البشرية المشترك، موضحا أن حماية التراث الغارق يعد أمرا مهما لما يقدمه من شواهد مادية عن تطور الحضارات الإنسانية التي تعاقبت في بحر عمان والخليج العربي منذ عصورها المبكرة قبل آلاف السنين وإن الكشف عن هذا التراث يعزز من فهم المسار الحضاري للثقافات التي قامت على ساحل بحر عمان والخليج العربي لاحتواء المنطقتين على أهم المعابر المائية الدولية التي كانت تسلكها السفن التجارية قديما.

مقبرة السفن الخشبية

وأضاف عمر الشحي أن محافظة مسندم تزخر بتراث ثقافي مغمور تحت المياه وقد تمكنا من خلال بحثنا عن هذا التراث بجمع أدلة عن أحد الباحثين في هذا المجال في المناطق البحرية إلى معرفة بعض المعلومات التي أفادتنا أن المنطقة تحتوي على تراث لا يزال قابعا في أعماق البحر يستوجب منا حمايته والكشف عنه ومن أهم المناطق التي كشفت لنا موقع"غزرساويك" الذي يعتبر مقبرة للسفن الخشبية القديمة ويقع "غزرساويك" بالقرب من جزيرة مسندم في بحر عمان ووفق المعلومات التي تمكنا من معرفتها أن سواحل محافظة مسندم توجد بها عدة سفن أثرية غارقة بين نيابة ليما، منها على سبيل المثال السفينة الصينية "زينج -هي" التي غرقت في القرن الرابع عشر ميلاديا وكان اسم قائد السفينة "حاجي محمود شمس" – وأشار الباحث عمر إلى أنه توجد سفينة غارقة بالقرب من جزيرة ليما وحسب المعلومات المتوفرة لدينا أنها غرقت في أواخر السبعينيات من القرن الماضي وكذلك يوجد أيضا، موقع آخر في ولاية دبا بمنطقة حفة البحرية به مرساة لسفينة خشبية قديمة وهذا المرساة من حجر أملس ضخم به حفرة دائرية الشكل وكانت تسمى عند أهل المنطقة بقفل حفة، لكن حسب الوصف الذي وصِف لنا تبين أنها مرساة لسفينة ولكن للأسف جاء أشخاص مجهولون وأخذوا هذا المرساة في سنة 1998م وإلى الآن ليس لنا علم بالتحديد من أخذها - كذلك وفق المعلومات التي جمعناها يوجد كذلك مدفع برونزي لربما كان لسفينة قديمة غارقة، وموقعه في ساحل دبا بمحاذاة رأس اليصة الجبلي.

تهديدات التراث المغمور

وأكد عمر الشحي في نهاية حديثه أن سواحل محافظة مسندم هي واحدة من أجمل وأندر السواحل في العالم وذلك لما تتميز بها من مناظر خلابة وأحياء بحرية متنوعة وتعتبر كذلك من أغنى البيئات التي تزخر بالعديد من أنواع الأسماك والكائنات البحرية المختلفة، بالإضافة إلى أندر وأروع الشعاب المرجانية وبفضل هذا التميز أصبحت مسندم قبلة السياح الذين يتوافدون عليها بالآلاف سنويا لكي يمارسوا رحلات الغوص ومن هنا يستوجب من وزارة التراث والسياحة تكثيف الرقابة وحماية التراث من تهديدات لصوص الكنوز الأثرية وتوعية المجتمع بأهمية المحافظة على هذا التراث في ظل تطور التقنيات الحديثة وإمكانية وصولهم إليها ويجب الحفاظ عليه في موقعه الأصلي بتوفير المشروعات المتخصصة التي تسهم في حمايته.