يواصل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- توطيد العلاقات بين سلطنة عُمان ومختلف دول العالم في سياق اهتمام جلالته بتعزيز «القوة الناعمة» التي تمتلك عُمان الكثير من خيوطها القوية سواء في سياقها التاريخي أو السياق الدبلوماسي. وفي زيارة جلالته التي تبدأ غدًا لتركيا تحضر الكثير من خيوط «القوة الناعمة» العمانية، فعلى الصعيد التاريخي والثقافي هناك إرث كبير جدا من الحضور التاريخي في علاقات الجانبين لعلّ أقدمه يعود إلى منتصف القرن السادس عشر. أما في الجانب الدبلوماسي فإن عاهل البلاد المفدى يقف على إرث دبلوماسي عماني صار معروفا في كل بقاع العالم ويعطي عُمان قوة. لكن قوة عُمان لا تبقى على الدوام في خطابها الثقافي والتاريخي وفي دبلوماسيتها المتزنة في منطقة شديدة الاضطراب ولكنها قوتها، تكمن أيضا، في مواقفها الصلبة تجاه القضايا العربية والإنسانية.

تحضر هذه المسارات في سياقها التاريخي والآني في القمة التي من المنتظر أن يعقدها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم غدًا في العاصمة التركية أنقرة من أخيه فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان سواء في المباحثات حول القضايا السياسية والأمنية في المنطقة أو في مباحثات تعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية بين عُمان وتركيا في مرحلة يذهب العالم فيها إلى إقامة علاقات وروابط استراتيجية تقوم على الاستثمارات التجارية وبشكل خاص الطاقة النظيفة.

وتعتبر تركيا دولة محورية في علاقاتها مع العالم العربي وتبقى لاعبا مهما في مختلف القضايا القائمة في منطقة الشرق الأوسط ويتطلع البلدان إلى إقامة علاقات وثيقة في مختلف الجوانب بما في ذلك قضايا التصنيع العسكري والتعليم والابتكار والتكنولوجيا.

وإذا كانت المصالح الاقتصادية والاستثمارية متقاربة بين سلطنة عمان وبين تركيا الأمر الذي من المنتظر أن يتم تعزيزه عبر توقيع مذكرات تفاهم في مختلف المجالات إلا أن ثمة نقاطا أخرى يمكن أن تلتقي عندها السياسة العمانية والسياسة التركية وهي الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين خاصة وأن العالم أجمع يشهد مرحلة تحولات كبرى يمكن أن تفرز تحالفات جديدة لم تكن مطروحة أو مفعلة من قبل.

فإذا كانت معطيات التاريخ والدبلوماسية وكل مفردات قوة عمان الناعمة ستكون حاضرة خلال زيارة عاهل البلاد إلى أنقرة فإن أسئلة المستقبل ستكون على طاولة المباحثات السياسية وستنعكس في توقيع مذكرات التفاهم بين البلدين.

وستبقى رؤية حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم لمستقبل عُمان هي الحكم وهي المحدد والمحفز لتعزيز علاقات دبلوماسية واقتصادية مع مختلف دول العالم.. وفتح آفاق عمل مختلفة تقوم على فلسفة المصالح المشتركة ولكن أيضا استشراف المستقبل الذي يبحث الجميع عن حلول لأسئلته المعقدة.