بيروت "وكالات": رحّبت سلطنة عُمان بإعلان وقف إطلاق النار في الجمهورية اللبنانية الشقيقة، معربةً عن تقديرها للجهود الدولية المبذولة للتوصل إلى هذا الاتفاق، وضرورة وقف الحرب الغاشمة التي تشنُّها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزّة، واعتداءاتها المستمرة على الضفة الغربية.

وشددت سلطنة عُمان في بيان صادر عن وزارة الخارجية اليوم على موقفها الثابت الداعي إلى خفض التصعيد، وإنهاء الحرب بشكل فوري، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

وصمد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية اليوم بعد أن وافق الجانبان على اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا، في انتصار نادر للمساعي الدبلوماسية في منطقة الشرق الأوسط التي تعصف بها الحرب منذ أكثر من عام.

وقال الجيش اللبناني، وهو مكلف بالمساعدة في ضمان صمود وقف إطلاق النار، اليوم إنه يستعد للانتشار في جنوب لبنان. وقصفت إسرائيل جنوب لبنان بشكل مكثف في هجومها على حزب الله، إلى جانب مدن وبلدات في الشرق ومعقل الجماعة المسلحة في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وتدفقت سيارات وشاحنات محملة بالمفروشات والحقائب وحتى الأثاث باتجاه الجنوب عبر مدينة صور الساحلية بجنوب لبنان، والتي تعرضت لقصف عنيف في الأيام الأخيرة قبل وقف إطلاق النار.

وتصاعدت حدة القتال منذ شهرين، مما أجبر مئات الآلاف من اللبنانيين على النزوح من ديارهم.

وقال الجيش الإسرائيلي اليوم إن قواته لا تزال على الأراضي اللبنانية وحث سكان القرى الواقعة في جنوب لبنان الذين صدرت لهم أوامر بالإخلاء في الأشهر القليلة الماضية على تأجيل العودة إلى ديارهم حتى إشعار آخر من الجيش الإسرائيلي. ونفذت القوات الإسرائيلية اجتياحا بريا لمسافة ستة كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية في سلسلة عمليات بدأت في سبتمبر.

وقالت إسرائيل إنها حددت هوية عناصر من حزب الله كانوا عائدين إلى مناطق قريبة من الحدود وفتحت النار لمنعهم من الاقتراب. ولم تظهر مؤشرات على أن تلك الواقعة تهدد بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار.

ويمهد الاتفاق الطريق لإنهاء قتال عبر الحدود بين لبنان وإسرائيل أودى بحياة الآلاف منذ اندلعت شرارته بسبب الحرب في قطاع غزة العام الماضي. ويمثل الاتفاق إنجازا كبيرا للجهود الدبلوماسية بقيادة الولايات المتحدة في أواخر أيام إدارة الرئيس جو بايدن.

"وقف دائم"

وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أمس من البيت الأبيض عن وقف إطلاق النار بعد وقت قصير من موافقة مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي على الاتفاق بأغلبية 10 أصوات مقابل صوت واحد.

وأضاف بايدن "هذا الاتفاق تمت صياغته ليكون وقفا دائما للأعمال القتالية... لن يُسمح لما تبقى من حزب الله والمنظمات الأخرى بتهديد أمن إسرائيل مجددا".

وأردف بايدن أن إسرائيل ستسحب قواتها تدريجيا على مدى 60 يوما مع سيطرة الجيش اللبناني على الأراضي القريبة من الحدود مع إسرائيل لضمان عدم بناء حزب الله بنيته التحتية هناك مجددا.

وأشار بايدن إلى أن إدارته تدفع أيضا في سبيل التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقال سامي أبو زهري القيادي في حماس لرويترز اليوم إن الحركة "تقدر" حق لبنان في التوصل إلى اتفاق يحمي شعبه وتأمل في التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب في قطاع غزة.

وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان اليوم إن الولايات المتحدة ستبدأ مسعاها الجديد للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقال سوليفان في مقابلة مع قناة إم.إس.إن.بي.سي "الرئيس بايدن يعتزم بدء هذا العمل اليوم من خلال تواصل مبعوثين مع تركيا وقطر ومصر وفاعلين آخرين في المنطقة".

وقال بايدن إن بلاده مع دول أخرى ستسعى أيضا للتوصل لوقف إطلاق نار في قطاع غزة.

ورحبت مصر وقطر بالإعلان عن دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان. وأكدت مصر أن الخطوة من شأنها أن تسهم في بدء مرحلة خفض التصعيد بالمنطقة. وكانت مصر قد حاولت إلى جانب قطر والولايات المتحدة التوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة لكن الجهود لم تنجح.

وقالت وزارة الخارجية القطرية اليوم إنها تأمل في أن يفضي ذلك إلى اتفاق مماثل لإنهاء الحرب في قطاع غزة. وقالت إيران، التي تدعم حزب الله وحماس، إنها ترحب بوقف إطلاق النار.

وقال فضل الله، وهو نائب عن حزب الله في مجلس النواب اللبناني، إن الجماعة تحتفظ بحق الدفاع عن نفسها إذا هاجمتها إسرائيل.

وقال لقناة الجديد التلفزيونية اللبنانية "نحن لنا حق الدفاع عن النفس إذا اعتدى علينا الإسرائيلي. نحن بدنا نتحمل مسؤولياتنا تجاه شعبنا. عندما يُعتدى على لبنان من حقنا أن ندافع عن النفس وعن شعبنا".

وقال فضل الله ردّا على سؤال لوكالة فرانس برس، عن انسحاب مقاتلي حزب الله إلى شمال الليطاني الذي ينصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، إن الأمر "مرتبط بإجراءات الدولة اللبنانية وتعزيز انتشار الجيش".

وأضاف فضل الله "هناك تعاون كامل في هذا المجال ولن تكون هناك أي مشكلة"، وتابع "نحن ليس لدينا لا سلاح ظاهر ولا قواعد عسكرية" في جنوب لبنان.

وأوضح أن "المقاومة في عملها هي مقاومة سرية وليست مقاومة لها مظاهر عسكرية أو قواعد منتشرة"، مشيرا إلى أنه "لا توجد أي قواعد للمقاومة أو أي سلاح ظاهر، لأن طبيعة المقاومة أنها ليست جيشا نظاميا".

وقال فضل الله "أبناء حزب الله هم أبناء هذه القرى والبلدات وأغلب الشهداء الذين قضوا هم من أبناء هذه القرى. لا أحد يستطيع أن يخرج ابن القرية من قريته".

وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي اليوم أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله واسرائيل، مطالبا في الوقت عينه إسرائيل بالالتزام بالهدنة وسحب قواتها.