هناك قضية مهمة لابد من مناقشتها على نطاق واسع لتأكيد أهمية بورصة مسقط في تعزيز المدخرات المحلية وتمكين شركات المساهمة العامة المدرجة في البورصة من توسعة أعمالها وزيادة نشاطها وهي تسويق بورصة مسقط والاكتتابات الكبرى ليس داخل البلاد فقط وإنما أيضا في الخارج؛ لأن التركيز على السوق المحلية وحدها لن يُسهم في توفير السيولة التي تدعم استقرار البورصة ونموها.

ولعل الأسابيع الأخيرة كشفت عن حجم الضغط على السيولة، مما أدى إلى تراجع واضح في أسعار الأسهم المتداولة في بورصة مسقط، نظرا لتركيز الصناديق الاستثمارية والشركات الكبرى على الاكتتابات الجديدة التي طرحتها مجموعة أوكيو ابتداء من أبراج لخدمات الطاقة ثم أوكيو لشبكات الغاز وأوكيو للاستكشاف والإنتاج وأخيرا أوكيو للصناعات الأساسية، وتشير التداولات اليومية إلى أن ضغوطات البيع دفعت العديد من الأسهم للتراجع دون الأسعار العادلة ودون التقييمات الصادرة عن الشركات المتخصصة، وهذا ناتج عن عدم وجود لاعبين «كبار» بالشكل الذي يرفع من مستوى البورصة وإمكانياتها ويحقق المكاسب المتوقعة منها باعتبارها مصدرا للتمويل وإحدى أدوات التنويع الاقتصادي ومسهما رئيسيا في امتصاص فائض السيولة لدى الأفراد والمؤسسات لتحقيق عوائد مناسبة لهم، كما أنه من الواضح أن «اللاعبين» الحاليين لا يهتمون كثيرا باستقرار البورصة بقدر اهتمامهم بالحصول على مكاسب من الاكتتابات عبر تقليص السيولة الموجهة للتداولات اليومية والاكتفاء بالتركيز على الاكتتابات.

ومع استمرار الضغوطات التي تواجهها بورصة مسقط من جهة ووجود العديد من الخيارات الاستثمارية من جهة أخرى في الأسواق المالية العالمية والخليجية وأسواق العملات وإمكانيات أن يتجه إليها المستثمرون الحاليون في البورصة، فإنه من المهم أن تركز بورصة مسقط على تسويق نفسها وإمكانياتها خارجيا بمشاركة الصناديق الاستثمارية وشركات المساهمة العامة، بحيث يؤدي تسويق البورصة إلى زيادة عدد المستثمرين بالشكل الذي يحقق التوازن بين العرض والطلب، خاصة مع وجود شركات رائدة مدرجة في البورصة كالبنوك وشركات الاتصالات والشركات الصناعية وشركات مجموعة أوكيو التي تم إدراجها في البورصة مؤخرا.

إن ثقة الصناديق والمؤسسات الاستثمارية المحلية وزيادة مشتريات المستثمرين الخليجيين والأجانب في بورصة مسقط أصبح أمرا مهما لاستقرار البورصة ونموها، ومن وجهة نظري فإن التراجعات التي تشهدها بورصة مسقط منذ عدة أسابيع غير مسوغة لا من ناحية نتائج الشركات ولا من حيث العوائد التي تقدمها الشركات للمستثمرين فيها ولا من حيث مكانة الاقتصاد العماني وإمكانيات الشركات وإنما المشكلة الأساسية هي عدم تدفق السيولة على بورصة مسقط بالشكل الذي يحقق التوازن بين العرض والطلب، وهذه المشكلة لا يمكن حلها إلا من خلال تسويق البورصة «بصوتٍ عالٍ» من قبل بورصة مسقط والشركات المدرجة فيها وشركات الوساطة والصناديق والشركات الاستثمارية؛ لأن مكاسب تسويق البورصة سوف يستفيد منها الجميع وسوف تنعكس إيجابا على بورصة مسقط والشركات المدرجة فيها والمستثمرين والاقتصاد العُماني بشكل عام.