كل مشروع يُفتتح في سلطنة عمان هو إضافة مهمة على رصيد المنجزات الكبيرة التي يحققها هذا البلد العريق.. وتراكم طبيعي عبر مسيرة مستمرة لا تتوقف في فعل حضاري يتصف بالاستمرار والديمومة، ويرفد الفكر الإنساني بما أنتجه العمانيون من معرفة تضاف إلى الرصيد الإنساني الأكبر. وحسنا فعل المنظمون لحفل افتتاح المدينة الطبية للأجهزة العسكرية والأمنية عندما عرضوا خلال حفل الافتتاح أمس وأمام مقام حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، مسيرة تطور القطاع الطبي وإسهامات الأطباء العُمانيين عبر العصور المختلفة، ومراحل تطور الطب في عُمان وصولًا إلى هذا الصرح الطبي الكبير.. كان الأمر أشبه بخط زمني متتابع. ومن يعود إلى المخطوطات العمانية يجد تراكما معرفيا أنتجه العمانيون في مختلف مجالات الطب، بل إن كتبهم الطبية هي مراجع لا يمكن الاستغناء عنها في فهم مسيرة تطور الطب نفسه. كان جلالة السلطان المعظم، إذن- لا يفتتح مشروعا- رغم ضخامته واستثنائيته، خارجا عن السياق العماني، أو محدثا في سياقه، لكنه لبنة جديدة يضيفها سلطان عمان على خط الزمن العماني المتخم بالإنجازات التي لا تنتهي ما دام الإنسان قادرا على الفعل والحركة نحو المستقبل. والمستشفى الذي افتتحه عاهل البلاد المفدى أمس سواء في سياقه الطبي الصرف أو في سياق الخط الزمني للمنجزات العمانية هو إضافة نوعية تضاف إلى منظومة الخدمات الصحية في سلطنة عُمان حيث يقدم مجموعة متكاملة من الخدمات الطبية المتخصصة التي تلبي احتياجات منتسبي الأجهزة العسكرية والأمنية ما يعزز جاهزية القطاع الصحي العسكري وتضمن توفير الرعاية الصحية عالية الجودة للعاملين في هذه القطاعات الحيوية. ولا شك أن تطوير الخدمات الصحية في سلطنة عمان بشكل عام في غاية الأهمية لأنها تسعى في سبيل تحسين جودة الحياة للمواطنين وتعزز من القدرات الوطنية في مواجهة التحديات الصحية المختلفة. وإذا كان هذا المشروع يعد إضافة كبرى في مسيرة الخدمات الصحية إلا أن هناك عدة مشاريع طبية تم إسنادها للتنفيذ بعضها يجري العمل فيه وبعضها الآخر في طريقه للبدء إضافة إلى مشاريع متعلقة بالمختبرات الطبية التي توجها لها العالم بشكل كبير في أعقاب جائحة فيروس كورونا قبل عامين تقريبا. وواضح من خلال مجمل المشاريع الصحية في سلطنة عمان توجه الحكومة نحو التركيز على هذا القطاع باعتباره أصبح ضمن الأمن الوطني خاصة في ظل الجوائح والكوارث التي يشهدها العالم. ويضاف إلى ذلك تركيز سلطنة عمان على البحوث الصحية والصناعات الدوائية باعتبارها فرصة استراتيجية لتعزيز الابتكار وجذب الاستثمارات الأجنبية. وتسهم هذه المجالات في تطوير حلول طبية مبتكرة تعزز من قدرات سلطنة عمان في مواجهة التحديات الصحية المستقبلية. والاستثمار في البحوث الصحية يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الأكاديمي والصناعي، مما يعزز من مكانة عمان كمركز طبي إقليمي. ويعتبر دعم الاستثمار في الصناعات الدوائية المحلية تعزيزا للأمن الصحي الوطني ونظرة اقتصادية تقلل الاعتماد على الواردات، ما يساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين. ويبقى الخط الزمني العماني مستمرا نحو المستقبل لكنه في كل مراحله يوثق المنجزات العمانية ويعكس رؤيتها الطموحة التي لا حدود لها. |