أشار جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- خلال لقائه مؤخرا برجال ورواد الأعمال إلى أن اعتماد السياسة الوطنية للمحتوى المحلي يهدف إلى رفع تنافسية الاقتصاد الوطني وتعزيز نموّه، فقد اعتمد مجلس الوزراء السياسة الوطنية للمحتوى المحلي للأعوام (2024-2030) كخريطة طريق، ثم صدرت لائحة تنظيم المحتوى المحلي.

إن المحتوى المحلي هو القيمة المضافة للاقتصاد الوطني الناتجة عن استخدام عناصر المحتوى المحلي، فهي عناصر الإنتاج المكونة من القوى العاملة، والمنتجات الوطنية والمحلية، والأصول الثابتة، وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وغيرها، أما المنتج المحلي فهو السلعة أو الخدمة المصنعة داخل سلطنة عُمان.

إن السياسة الوطنية للمحتوى المحلي ستكون لها آثار اقتصادية كبيرة وعظيمة على البلاد، لاسيما الصناعات الغذائية والاستهلاكية وغيرها، والاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية التي تتمتع بها بلادنا، والتي ستعمل على تعزيز التنافسية الاقتصادية، وتحفيز النمو والثقة في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وستقلل من استنزاف المواد الخام وبيعها بأسعار رخيصة، فهي ثروة البلاد.

يواجه المنتج المحلي بعض التحديات الخطيرة؛ فالمصانع المحلية تشكو منذ فترة طويلة بأن بعض «الهايبرات» تشترط شروطًا عديدة لعرض منتجاتها، شروطًا مالية تكاد تغطي على هامش الربح الذي يتسنى لهم بيع منتجهم، لذا فالعديد من المنتجات المحلية لا نراها معروضة في هذه الهايبرات، وإذا عرضت فإن المصنع يضطر أن يزيد السعر كي يغطي تكاليف العرض، فنرى العديد من المنتجات الخارجية المنافسة بأسعار أرخص.

وما زاد الأمر تعقيدًا، أن هذه الهايبرات أصبحت تعبئ في الخارج العديد والكثير من المنتجات الغذائية والاستهلاكية، وأحيانا لا نرى المعلومات الأساسية موضوعة على المنتج المعبَّأ، ونراها تعرض بأسعار أقل من المنتج المحلي أوالمنتج الذي يأتي تحت «براند» معروف وموثوق، ومن النادر أن نرى تعبئة تمت في مصانعنا المحلية.

ومنذ عام ومع حملة المقاطعة، نلاحظ زيادة وامتداد نشاط التعبئة إلى منتجات لم يكن الهايبر يعبئها سابقا، لدرجة أننا نشعر بأن الهايبر أصبح مصنعًا قبل أن يكون منفذ بيع. وأثناء وجودنا في الهايبر نسمع التوجيهات من العاملين إلى منتجاته المعبأة، ونلاحظ الإقبال الشديد من الجنسيات الآسيوية المقيمة على المنتجات المعبأة، وتكاد تخلو عرباتهم من أي منتج محلي، وهي جاليات كبيرة يزيد تعداد كل واحد منها عن الـ600 ألف نسمة، فقوتها الشرائية كبيرة.

إنه تحدٍ كبير، فهل الضوابط تسمح للهايبر بأن يتحول إلى مصنع تعبئة ؟ وإلى أي حد مسموح هذا النشاط ؟ ولمَ؟ ولأي نسبة؟ وهل تلزم الضوابط أن يعبئ الهايبر من المصانع المحلية، بحيث ينشط المنتج المحلي بما ينشط تباعًا له المحتوى المحلي بعناصره المختلفة.