باكرًا عبر «الكول سنتر» انطلقتُ في رحلة البحث عن شخص أستطيع التحدث إليه مباشرة والاستفسار عن سر المبلغ المضّعف الذي وثقته

شركة الاتصالات في فاتورة شهر أكتوبر الماضي لكن المهمة كانت مستحيلة فجميع موظفي الشركة «مشغولون حاليًا» وأنا رقم «28» في قائمة الانتظار الطويلة كما يرد النظام الإلكتروني.

بعد محاولات يائسة تم إحالتي إلى خدمة رسائل الـ«واتس أب» وكان الموظف الجديد الذي أظنه «الذكاء الاصطناعي» هو من تولى مهمة الرد على استفساراتي .. كان يرد عليّ بجملة جاهزة «أعتذر لم أتمكن من فهمك» مما اضطرني للتوجه إلى أقرب صالة للشركة.

ولأن قصة الفواتير المرتفعة تتكرر منذ سنوات توجهت وأنا مصمم على إنهاء اشتراكي مع المشغل والدخول في تجربة جديدة مع مشغل جديد لكن بعد معرفة السر الذي يقف وراء ارتفاع قيمة الفاتورة «آجلة الدفع» فليس بإمكان رجل متقاعد المضي أكثر من ذلك في لعبة دفع الفواتير مجهولة السبب ألا تكفيه معاناة دفع قيمة الفواتير المعتادة والإنترنت الباهظة أصلًا؟

هناك في الصالة وبضغطة زر واحدة توصل الموظف إلى السر الذي أعيا من قبله والسبب الذي يقف وراء تضخم الفواتير الذي يغزو فاتورتي أنا بالذات كل 3 أشهر .. أخيرًا توصلوا إلى معرفة لماذا أنا الذي لا يفقه في تقنية الهواتف المحمولة إلا النزر اليسر أقع صيدًا سهلًا في قبضة الروابط الغامضة.

قال الموظف بكل ثقة: «لديك أربعة» «روابط» قمت من خلالها بتنزيل مجموعة من الألعاب الرياضية وبرامج اللياقة البدنية والتسلية .. كما أنك وكما يبدو لي «مسعور بالشراء من المتجر» ولأنني لا أعرف فعلا المتجر الذي يقصد قلت له: أنا أدفع كل مشترياتي ببطاقة البنك في أي مجمع تجاري أو محل للخضار أو السمك وأنا بالـ «الكاش» في سوق السيب التقليدي والآن تطورت قليلًا صرت أدفع عبر تمرير الهاتف الجوال ولا علم لي بأي متجر يبيع إلكترونيًا .

ضحك الشاب وأكد براءتي من تهمة فتح الروابط الغريبة التي تسقط على هاتفي النقال من السماء رغم حذري الشديد بعدم فتح أي منها .. تأكد بما لا يدع مجالا للشك أنه ليس لديّ أدنى اهتمام بالتسوق من المتاجر الإلكترونية ولا بالروابط التي تُرسل لتخترق الهواتف فترتفع قيمة فواتير العملاء .. كما تأكد كذلك من أنني قمت فعليًا بقفل خاصية «الرمز التلقائي» في هاتفي .. دمّر هو من جانبه كل الروابط المسمومة مجهولة المصدر التي وُثقت على صفحتي عبر حاسبه الآلي.

قال الشاب الأنيق بنبرة الموظف الذي تهمه مصداقية الشركة التي يمثلها وينتمي إليها: «عمي صبر شويه لا تنتقل من شركتنا .. انته عميل قديم .. راح يتصلوا فيك ويحلوا لك المشكلة بس ما تزعل» .. خرجت من الصالة وأنا أردد «صابرين كما صابرة .... تحت الشمس».

النقطة الأخيرة ..

عندما يصبح المستفيد من الخدمة آخر اهتمامات أي مؤسسة ربحية يجب أن يدرك العاملون بها أن هناك خطأً فادحًا يجب تداركه .. أنّ مصداقية المؤسسة على المحك.

عُمر العبري كاتب عُماني