يأتي التوجيه الكريم من جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- أثناء لقائه يوم الاثنين الماضي بأصحاب وصاحبات الأعمال وعدد من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة بضرورة قيام القطاع الخاص بدوره فـي «التشغيل وأن يتحمل المسؤولية جنبًا إلى جنب مع الحكومة لتوفـير فرص عمل للمواطنين وتدريبهم وتأهيلهم»؛ ضمن الحرص السامي من جلالته على حلحلة ملف الباحثين عن عمل خاصة مع الجهود الحكومية المبذولة لتقديم الحوافز المشجعة للقطاع الخاص على الاستثمار وتخفـيض رسوم العديد من الخدمات الحكومية وتسهيل الإجراءات وتقديم العديد من الخدمات الحكومية إلكترونيًا فضلًا عن البرامج والمبادرات التي أطلقتها الحكومة لدعم القطاع الخاص التي تستهدف تفعيل دوره فـي التشغيل والتنمية والجوانب الاقتصادية والاجتماعية.

ويعد ملف الباحثين عن عمل واحدًا من الملفات التي لا يمكن تجاوزها فـي أي مرحلة من مراحل النمو الاقتصادي والزيادة السكانية والعمرانية، وتزداد أهمية هذا الملف عند مواجهة الأزمات المالية أو الاقتصادية أو الجائحات العالمية، كما حدث مع جائحة كوفـيد، ومن هنا تبرز أهمية دور القطاع الخاص فـي التشغيل خاصة مع التسهيلات الحكومية التي تسعى إلى التخفـيف من حجم التحديات التي تواجه القطاع الخاص ومساندته ليس فقط من خلال الإجراءات الحكومية ولكن أيضًا من خلال توفـير مجالات رحبة لنمو استثماراته وتعزيز المنظومة التشريعية لتكون ذات مرونة أكبر فـي تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار.

إن التسهيلات الحكومية وتقديم الحوافز المشجعة للقطاع الخاص للاستثمار وتوطين المشروعات هي جزء من الدعم الحكومي للقطاع الخاص للنمو وتوسعة أعماله، كما أن هذا الدعم يعبر عن تطلع الحكومة لبناء قطاع خاص قوي وقادر على المساهمة الإيجابية فـي التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وكم نشعر بالفرح والسرور ونحن نرى هذه الشركة أو تلك تصل بمنتجاتها إلى خارج سلطنة عمان وترفع من قدراتها الإنتاجية مع افتتاح فروع جديدة فـي سلطنة عمان أو الخارج، وكم يسرنا أن نجد مستثمرًا عمانيًا يضخ أمواله فـي البلاد سواء فـي مشروع صناعي أو تجاري أو فـي قطاع التطوير العقاري؛ فكل هذه المشروعات تُسهم فـي نمو القطاع الخاص، كما تُسهم أيضًا فـي تشغيل الشباب العماني والاستفادة من إمكانياتهم وقدراتهم فـي تعزيز الشركات وقيادتها للنمو والنجاح.

ومع تأكيد جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- أن «ملف تشغيل الباحثين عن عمل يحتل المرتبة الأولى ضمن سُلَّم الأولويات لدى الحكومة» فإن دور القطاع الخاص ينبغي أن يكون منسجمًا مع التوجهات الحكومية وداعمًا لها، وعلى الرغم من ارتفاع عدد العاملين العمانيين فـي القطاع الخاص بـ16 ألف عامل فـي الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري بحسب الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلا أنه فـي الوقت نفسه فإن النشرة الشهرية الأخيرة للمركز تشير إلى أن معدل الباحثين عن عمل ارتفع بنهاية سبتمبر الماضي إلى 4.7% مقابل 3.2% فـي ديسمبر الماضي مع الإشارة إلى أن معدل الباحثين عن عمل فـي الفئة العمرية بين 15 و24 سنة يبلغ 18.2% وفـي الفئة العمرية بين 25 و29 سنة يبلغ 8.3%، وهو ما يتطلب التزامًا أكبر من القطاع الخاص نحو تشغيل الشباب العماني ومساندة التوجهات الحكومية لا أن يكتفـي فقط بالاستفادة من التسهيلات والمناقصات الحكومية والمبادرات الأخرى؛ وهو التزام أخلاقي، واقتصادي، وتنموي.