الشباب صناع المستقبل فـي كل الحضارات التي قامت على وجه الأرض، وهم عماد الأمم والدول القادرون على صناعة الفارق فـي نهضاتها، وهم القادرون على تحقيق أعلى معدلات النجاح فـي جميع مسارات الحياة. وبدونهم، فإن المجتمعات تكون شائخة غير قادرة على أداء دورها، وتهرم تلك المجتمعات وتتراجع وتفقد بريقها وقدرتها على مواصلة التطور والإبداع.

لذلك، كان هذا الحرص السامي على أن يكون 26 من أكتوبر من كل عام يومًا للشباب، إيمانًا بدورهم وقدراتهم على مواصلة التقدم والتطوير، وتأكيدًا على أهمية هذه الفئة من المجتمع التي تعد المحرك الأساسي لمسيرة التنمية ووقودها ووهجها. وحدد هذا الاهتمام أيضًا أن يكون الشباب حاضرين فـي كل توجهات الدولة، وإشراكهم فـي تطلعات المستقبل، والاستماع إلى أفكارهم وآرائهم ومقترحاتهم حول ما يهمهم والصعاب التي تواجههم.

فعُمان بُنيت ماضيًا وحاضرًا بسواعد الشباب، انطلاقًا من الحاضر منذ عام 1970م، وحتى اليوم، فقد كانوا محور التنمية وبوصلتها نحو النجاحات التي تحققت والإنجازات التي أسهمت فـي تقدم عُمان فـي عديد من المسارات، وها هم اليوم يجنون ثمار الجهود التي بذلوها طيلة نصف القرن الماضي. وفـي الماضي، كانوا هم من قادوا التنوير فـي قارات العالم بأساطيلهم البحرية وتواصلهم مع الحضارات الأخرى التي تركت أثرًا تاريخيًا من الصين شرقًا إلى أمريكا غربًا.

الدور الأكبر على هذه الفئة هو التغلب على التحديات فـي المرحلة المقبلة، فهم الذين يستطيعون إنجاز حلم رؤية «عُمان 2040»، وهم القادرون على صناعة التغيير والمعرفة العلمية وتطوير الأفكار وجعلها واقعًا ملموسًا، وترسيخ مفهوم المواطنة لديهم من خلال استثمار الإمكانيات المتاحة من الموارد فـي التعليم والمهارات، وتعظيم القيم وتقوية روابط التماسك الاجتماعي وتطوير البرامج المهارية والعلمية والتعليمية لرفع مستوى القيمة العلمية والمعرفـية لكل شاب، وهذا ما يجعل الوطن يزخر بالكوادر المتنوعة والغنية بالإمكانيات.

إن إيجاد بيئة تنافسية بين هذه الفئة من الشباب يسهم فـي تطوير قدراتهم وصقل إمكانياتهم داخليًا وخارجيًا، وإن تمكينهم من تطوير مهاراتهم وإتاحة الفرص القيادية لهم سوف يغير المشهد إلى الأفضل، فشباب سلطنة عُمان لديهم من القدرات ما يمكن أن يجعلهم نموذجًا عربيًا وعالميًا فـي عديد من المجالات، كونهم يمتلكون رغبة كبيرة فـي التعلم والتقدم والتطوير.

الشباب يحتاجون إلى المزيد من الإمكانيات التي تدفعهم إلى الإبداع والتطوير، ومساندتهم فـي مشروعاتهم الخاصة عبر حزم من التسهيلات والتفضيل، ويحتاجون إلى المزيد من التوجيه والمشورة والمساعدة والبحث والفرص العالية التي تجعلهم حاضرين فـي مشهد التغيير.

كما أن الشباب يحتاجون إلى مواصلة خطوات تمكينهم فـي تحديد المواقع على مستوى القطاعين العام والخاص. ففـي إحصائية المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، فإن الشباب الذين يمثلون الفئة بين 18 و29 سنة يبلغ عددهم 534.550 شابًا وشابة، منهم 263.138 من الإناث و271.412 ذكورا. وبلغ عدد الشباب المشتغلين حتى نهاية سبتمبر الماضي 171.369، منهم 44.602 من الإناث و126,767 من الذكور. هذه الشريحة هي جزء من شرائح الشباب التي تحتاج إلى دعمها باستمرار.