(1)

يستدعي الموت طاقة غامضة، وفاعليَّة ملتبسة، وحيويَّة أكبر بكثير من تلك المقادير التي تتطلبها الحياة (لا تقارِن بين السُّهول والجواد، بين الأم والهدف، بين البحر والجراد).

(2)

أنتابُ الخريف. وكم هي ضيِّقة الأشكال فـي بقيِّة الفصول، والوداعات، والخسارات، والوطن.

(3)

وا أسفاه يا أيها التاريخ: لم تزل الثَّورة غًدا.

(4)

يتنزَّه كالمُسَرنَم فـي اكتئابٍ لا حفـيف لأغصانه (ولا يتنزَّه عن ذلك).

(5)

لا أحد يريد العذاب، وأنا فـي الوَجْد من قبل ومن بعد.

(6)

يهلك أولئك الذين ماتت أمهاتهم (وأخصُّ بالذِّكر من لم يعودوا يعيشون فـي اليتم).

(7)

لا يذهب كلُّ جسد إلى الماء (بالضَّرورة)، ولا يذهب كل ماء إلى الغفران (بالضَّرورة).

(8)

هذه النَّافذة قاب قوسين أو أدنى.

(9)

لغاية الآن، لا تزال مشكلة الحب قائمة: لا كلمات مناسبة فـي أثناء المضاجعة، ولا الصَّمت أصم.

(10)

الأمواتُ إخفاقٌ آخر (للأحياء وللأموات وللذين يعيشون ما بينَ بينَ جميعهم).

(11)

بين كل فخذين قرى صامتة ومعجِزات.

(12)

أرسلتُ إلى هنا، وُجِدتُ هنا، أحببتُ هنا، بَغضتُ هنا، كي لا أنام.

(13)

كأنك القوس أيها الطَّريد، وقد تعلَّمتُ ألا أبالي.

(14)

الموت دومًا شيءٌ آخر (لكن، ليس دومًا، ليس فـي اللحظة الأخرى).

(15)

العبوديَّة (أحيانًا) شهوة.

(16)

صار النُّضج مقيتًا أكثر مما ينبغي (ولستُ فـي وارد دعوتكِ إلى المسرح، أو الأوبرا، أو قهوة، أو قوس قُزَح، أو الموت).(17)

قضيتُ، لكن الذين أحبُّهم لم يرحلوا.

(18)

لا أريد من الأصدقاء والرفاق إلا خمرًا وسُمَّا (من ثريد الأيام الخوالي).

(19)

من سيأخذ المقبرة إلى صلاة الغائب؟

(20)

لا تكمن الحقيقة خلف كل نداء (والعكس صحيح أيضًا).

(21)

انظري كم هو كبيرٌ السَّفر بيننا: الدَّفتر الحَرِج الذي أهديتني إيَّاه فـي ليلة سفرك.

(22)

أتبتَّلُ فـي الحشرجة.

(23)

مُشَرَّبًا بالرَّمل، مشرئبَّا بالأصداف، هالكًا فـي الماء.

(24)

يتأفَّف الطَّريق.

(25)

الآخرون دُرُوسهم.

(26)

يا أيها الذي ستموت: ثِقْ تمامًا أن الأمر لن يعني أي أحد بعد تمرة أو بضع تمرات، وفنجان قهوة وَرَقي فـي الرَّشوة.

(27)

فـي حادثة تاريخيَّة فريدة، حَسَمَ السُّكارى أمر الذين لا يستيقظون ولا ينامون.

(28)

الكتابة «تعبير»، «مشاركة»، «بوح»، إلخ. لكن الكتابة، فـي الحقيقة، هي أقصى وأسوأ تعبير عن خجلٍ ما، والرَّغبة العارمة فـي أقصى اندثار ممكن.

(29)

الشُّعراء يكتبون الشِّعر، الناَّثرون يكتبون النَّثر، النُّقاد يكتبون النَّقد.

حسنٌ جدًا، من قال إن هذا يرضيني؟

(30)

اختراع القفل والمفتاح كان أول فشل للرأسماليَّة (أما القتل الصَّريح فقد أتى بعد ذلك، تأكيدًا وتجذيرًا للإخفاق الأول).

(31)

هذه الجُثَّة تنتظر بدء الحرب القادمة.

(32)

كائنٌ واحد فقط يتعذَّب أكثر من الشَّاعر: الهيولى التي جاءت منها الصُّوَر.

(33)

نجمة كبيرة سقطت من سمائكِ فـي كوب الحليب، ولم أعد أستطيع أن أراها فـي كل هذا البياض وقد اندلق على خاصرة القرية.

(34)

قلبٌ متشقِّق، مثل قميص الفَزَّاعة، قبل موسم الحصاد والأذى.

(35)

لا تستودع الليل فـي الليل (خاصرتك مُتْرَعَة).

(36)

إذا نام عاشقان عند الفجر فإن الشمس ستضيء مخدع حبيبين آخرين، ليس فـي نفس الوقت بالضرورة، بل فـي مكان آخر، وزمن آخر، من الوجود (بالضَّرورة، أيضًا).

(37)

أيها السِّر الذي عذَّبني كثيرًا: لم أعرفك، ولم أبح بك، ولم أعد بحاجة إليك.

(38)

يستغيثون بالصَّدى (أصواتهم رهينة).

(39)

كأنَّ أنتِ وأنا سَرَابُ الكتاب.

(40)

لم تعد الكتابة احتياطا.

(41)

انتبه من الصَّديق الجديد: هذا شخص لا يعاني من أيَّة أوجاع.

(42)

يهلك الجنود فـي ساعة معصم القائد (ولا يقدرون على العودة إلى المعركة من الموت).

(43)

حياته مبالغة كبيرة لتلك الجريمة (بعضها ارتُكب، ويأبى أن يكون بعضها الآخر فـي المفاوضات).

(44)

غريب جدًا، ومثير للانتباه حقَّا، أليس كذلك؟: يصيرون فجأة «وطنيين» بل و«معارضين راديكاليين» لدرجة أن المرء يشعر أنه قد أصبح محافظًا أكثر مما ينبغي، وذلك بعد أسبوع واحد (كحدٍّ أقصى) من إحالتهم إلى التقاعد.

(45)

تعالي، تعالي، بقيت خطوة واحدة فقط لن تموتي بعدها، ولن أهذي.

(46)

فـي المقبرة، فكَّرت وقد تطاير عليَّ غبار الدفن فـي ذلك المساء الكئيب: من يستحق كل هذا الغبار؟

(47)

تقع بلاده فـي مكان صار موجودًا فـي الأطالس ونشرات الأخبار (وهذه هي الكارثة بالضَّبط).

(48)

لا يدري الُّلعاب شيئا عن طُرقات الليل الحزينة.

(49)

التَّعذيب بالماء، والتَّعذيب بجدران البيت، والتَّعذيب بالقبر الذي فـي القمر.

(50)

مأزق التَّاريخ: لا حدود للبطش، ولا نهاية للحُرِّية.

(51)

لا أضمن لكِ أي شيء بعد الكَفِّ عن هذا (وهل ضمنت لك شيئاً قبل ذلك)؟

السُّحُب حُبلى بالدُّخان، والأمطار، وسكَّة حديد قطار عتيق فـي الضَّباب.

بالله عليك، أحقَّا لا ترين ما سيحدث لنا بعد قليل؟

(52)

لا تتقشَّري، يا قُبْلَتنا الأخيرة (والقميص مُمَزَّق).

(53)

فـي الكتابة عنكِ، عليكَ الصُّدور من نقطة الضَّعف.

(54)

الجهل رسالة أيضًا (تمامًا كما حكمة الغار).

(55)

يا أبانا الذي فـي السماوات: هل نموت أم نراك؟

(56)

يستشيرون الببَّغاء وما تبقى من قميص الأم.

(57)

أقاضي أنفاسي بعدد الكلمات التي تخرج من أنفاسي.

(58)

تستنسخين الحنان اليوم (الرَّعشة لا تُسْتَمْطَر فـي أول خلجة للنَّهد).

(59)

يا كافكا (ويا ماكس برود، بالمعيَّة): صارت كتابات فهد العسكر وأحمد راشد ثاني المحروقة عمدًا، والضائعة جريمةً، والمفقودة سهوًا بين الورثة اتفاقًا، تهمُّني وتعنيني فـي بلادي أكثر.