لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع النتيجة التي آلت إليها مباراة منتخبنا الوطني مع الأردن في الجولة الرابعة من التصفيات المؤهّلة لنهائيات كأس العالم ٢٠٢٦ عطفا على المستوى الذي كان عليه المنتخب الوطني أمام الكويت في الجولة الثالثة والتي جرت في مسقط وانتهت برباعية لصالح منتخبنا.

الخسارة واردة في كرة القدم، لكن أن تخسر النتيجة والأداء فهذا أمر غير منطقي وغير طبيعي. ومهما كانت المبررات والأعذار فإن علينا أن نعترف بأن منتخبنا لم يقدم شيئا يشفع له حتى نبرر له هذا الأداء، فقد تركنا الأردن يفعل ما يشاء دون أن نحرّك ساكنا لا على صعيد الأسلوب أو الأداء.

في مباراة الكويت كان اللاعبون متحررين ولعبوا دون قيود وبأسلوبهم واستمتعوا وأمتعوا، لكن ما حدث في مباراة الأردن لم يكن متوقعا بعد أن أعطينا الخصم أكبر من حجمه، ولعبنا بخوف زائد طوال الدقائق التسعين.

لعبنا بلا أفكار ولا روح، ولا بصمة تُذكر، ولم يتحمّل اللاعبون الضغط العالي الذي مارسه الفريق الأردني ومع ذلك أصررنا على أن نبني هجماتنا تحت الضغط، ولهذا كانت التمريرات مقطوعة.. والخطوط متباعدة.. ووسط ميدان تائهًا.. وخط دفاع كارثيًّا بأخطائه.

في علم التدريب كل أسلوب لعب تقابله أساليب لعب مضادة، ولكن يبدو أن منتخبنا ومدربنا لم يقرأ المباراة بشكل جيد ولم يحاول ترميم ما ظهر من ثغرات تكتيكية ساهمت بتواضع الأداء.

وفي ظل المساحات التي كانت متوفرة في وسط الميدان وخاصة للاعبي الارتكاز التي كانت أدوارهم غائبة، ركز الأردنيون على الاستلام في العمق خلف خط الوسط وخسرنا كرات كثيرة في البناء بنصف ملعبنا، وكل فرص الأردن كانت عبارة عن أخطاء تمرير من لاعبي منتخبنا.

ما حدث في المباراة لا يمكن أن نقول عنه سوى فوضى تكتيكية، وتواضع مستوى اللاعبين، وغياب الروح القتالية، وهي أسباب أدت إلى هذه الهزيمة الثقيلة.

كنا نمني النفس بعودة الروح للمنتخب من خلال تبديل ثوبه التدريبي وقد تفاءلنا كثيرا عندما استعاد اللاعبون الثقة بأنفسهم أمام الكويت وفازوا بالأربعة -كما أسلفنا- ضمن الجولة الثالثة، ولكن يبدو أن تلك المباراة لم تكن سوى هبة عابرة جاء بها تواضع المنتخب الكويتي والمساندة الجماهيرية وحماسة المدرب الذي بث الروح في اللاعبين.

بعد هذه الخسارة الثقيلة جدا، من الواجب ترتيب البيت من جديد وإعادة الحسابات بدقة متناهية ودراسة حالة الفريق وأسباب هذا التغير المفاجئ في اللعب والنتيجة بشكل مرعب والذي لا يدعو للاطمئنان مطلقا إذا كنا نريد أن نصل للمونديال واستثمار هذه الفرصة المواتية.

لو أننا لعبنا وخسرنا لما زعلنا، ولكن لم تترافق الخسارة مع أي جودة في اللعب، علما أن منتخب الأردن يفتقد الكثير من أعمدته الفنية وغيابات كثيرة، ويواجه نقمة جماهيرية بسبب خسارته السابقة. لدينا متسع من الوقت لمراجعة ما حدث في مباراة الأردن وإذا أردنا تصحيح المسار وعودة الثقة من جديد يجب العمل من اليوم لمباراتي فلسطين والعراق اللتين يستضيفهما مجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر في نوفمبر المقبل، وإذا تركنا الأمور تسير حسب الظروف فإن الوضع غير مطمئن بكل تأكيد. لجنة المنتخبات الوطنية عليها أن تناقش بكل شفافية ما حدث في مباراة الأردن وأن تكون لها وقفة جادة في إعادة الأمور إلى نصابها، والفرصة ما زالت مواتية في تحقيق المركزين الثالث والرابع على أقل تقدير واللعب في المرحلة الرابعة من التصفيات طالما أن التأهل المباشر للمونديال أصبح صعبا إلا إذا خدمنا أنفسنا أولا بعدم الخسارة في مباراة من المباريات الست المتبقية وأن تكون باقي النتائج لصالحنا.