لعبت العولمة على الدوام دورا خطيرا في ترسيخ الثقافة الغربية، وتآكل الثقافات الوطنية والقومية، ونشر قيم وثقافات "المهيمن" عبر وسائل الإعلام، والتكنولوجيا، والتجارة، والتعليم وفي الخطابات السياسية الموجهة بعناية فائقة ما أدى في الكثير من الأماكن في العالم إلى تقويض الهويات الثقافية المحلية. ومنذ تسعينيات القرن الماضي حينما ساد العالم مصطلح "نهاية التاريخ"، حذر المفكر صمويل هنتنغتون في كتابه "صراع الحضارات" أن الانقسامات الكبرى بين البشر والصراعات القادمة ستقوم على أساس ثقافي.
أدركت سلطنة عُمان منذ فترة مبكرة هذا الخطر وعملت بكل الوسائل والسبل الممكنة على تكريس ثقافتها وهُويتها الوطنية وحماية إرثها التاريخي ونقائه ليبقى المصدر الذي يستمد منه العمانيون أصول ثقافتهم ومبادئهم وهويتهم الوطنية.
وتثبت التحولات الكبرى التي تحصل اليوم في العالم في السياق الثقافي بمعناه الواسع بعد النظر العماني في الحفاظ على الثقافة العمانية وعلى الإرث الحضاري الذي أنتجه العمانيون عبر آلاف السنين والذي حاجج البعض في مرحلة من المراحل أنه تمسك غير مفهوم بالتاريخ وبالماضي دون وعي أنه الجذر الذي بدونه لا يمكن المرور الآمن والراسخ نحو المستقبل.
لقد عملت العولمة خلال تعزيزها للنمو الاقتصادي والتقدم العلمي على تآكل الهويات الوطنية لصالح الهُوية الغربية التي جاءت إلى الشرق عبر كل الوسائل وعبر كل المنافذ التكنولوجية والاقتصادية والإعلامية.
وتنبه المفكر إدوارد سعيد خلال دراسته للاستشراق على الكيفية التي استطاعت بها السرديات الغربية أن تطغى على السرديات الشرقية وتشوهها ما أدى إلى انخفاض الشعور بالذات بين العرب بشكل خاص.
ورغم قوة الاستقطاب الغربية لهذا المشروع والذي انفق له مليارات طائلة إلا أن بعض الدول التي حافظت على تراثها وموروثها وقيمها لم يشعر فيها الفرد بانكفاء تقديره لذاته ولتاريخه ولحضارته وبالتالي لمستقبله. إن سلطنة عُمان نموذج في هذا النجاح حيث ما زال العمانيون يشعرون بفخر لا يعادله فخر عندما يتحدثون عن تاريخهم وعن إرثهم وبشكل عام عن ثقافتهم بكل تفاصيلها.. حدث ذلك في ظل توازن بين الأصالة والمعاصرة، بين الاستفادة من التقدم العلمي الذي يحققه العالم وتنجزه العولمة وبين الحفاظ على سلامة التقاليد والقيم وحفظ المجتمع وترسيخ دور الأسرة في عملية البناء التكاملي.
لم تنصهر الثقافة العمانية في الثقافة الغربية رغم أنها تأثرت بها وبمفاهيمها الإيجابية ومنجزاتها التي لا يمكن تجاوزها، وظلت الثقافة العمانية محتفظة بصلابتها دون التماهي في "الثقافة السائلة" وفق المفهوم الذي طرحه عالم الاجتماع زيجمونت باومان. وما زالت الثقافة العمانية قادرة على الصمود ولكن، أيضا، الاستفادة من ثقافة الآخر بما يسمح بالتحديث والتقدم دون التضحية بالجوهر الثابت والنبع الصافي.
لكن هذا لا يعني أننا في معزل تام عن التأثيرات السلبية، بل هي موجودة وتتسلل ولكن ما زالت الثقافة العمانية قادرة على الحفاظ على نفسها والحفاظ على إنسانها؛ وحتى تستطيع الصمود أمام كل هذا المد القوي فإننا في أمس الحاجة اليوم إلى إعطاء هذا الأمر أهمية كبيرة واعتباره تهديدا وطنيا لا يعفى أحد من العمل في سبيل التصدي له.
وإذا كانت الحاجة في تسعينيات القرن الماضي ماسة لحملة وطنية للحفاظ على الهوية الوطنية والإرث الثقافي فإن الحاجة اليوم لمثل تلك الحملة أكبر بكثير. والعمانيون في المجمل، رغم استفادتهم من تجارب الآخرين عبر التاريخ، إلا أنهم غير منبهرين كثيرا بالنموذج الغربي، في كل تفاصيله، وهذا ما يفترض أن تنشأ عليه كل أجيال عُمان ويتحقق ذلك عبر ترسيخ هُويتنا وثقافتنا في نفوس النشء منذ نعومة أفكارهم التي تتماس اليوم مع الآخر عبر كل وسائل التواصل الاجتماعي ومعطيات ثورة الاتصال التي تتدفق من كل الاتجاهات.
يتطلب تعزيز الهوية العُمانية في عصر العولمة استراتيجية مدروسة ومستنيرة تحتفي بالماضي وتكرمه وتتعاطى مع الحاضر وتسير نحو المستقبل. قد يبدو هذا الأمر كثير التعقيد في ظل إمكانيات العولمة ولكن لا بد أن نعي أن سامحنا بتفتت وتآكل ثقافتنا، لا قدر الله، يعني اندثارنا الثقافي تماما. ومنجز حضاري مثل المنجز العماني لا يمكن أن يندثر مهما كانت قوة الدفع القادمة من الآخر ولكن هذا لا يتم دون إرادة جماعية من العمانيين واحتفاءهم بثقافتهم وما حققته عبر التاريخ.
أدركت سلطنة عُمان منذ فترة مبكرة هذا الخطر وعملت بكل الوسائل والسبل الممكنة على تكريس ثقافتها وهُويتها الوطنية وحماية إرثها التاريخي ونقائه ليبقى المصدر الذي يستمد منه العمانيون أصول ثقافتهم ومبادئهم وهويتهم الوطنية.
وتثبت التحولات الكبرى التي تحصل اليوم في العالم في السياق الثقافي بمعناه الواسع بعد النظر العماني في الحفاظ على الثقافة العمانية وعلى الإرث الحضاري الذي أنتجه العمانيون عبر آلاف السنين والذي حاجج البعض في مرحلة من المراحل أنه تمسك غير مفهوم بالتاريخ وبالماضي دون وعي أنه الجذر الذي بدونه لا يمكن المرور الآمن والراسخ نحو المستقبل.
لقد عملت العولمة خلال تعزيزها للنمو الاقتصادي والتقدم العلمي على تآكل الهويات الوطنية لصالح الهُوية الغربية التي جاءت إلى الشرق عبر كل الوسائل وعبر كل المنافذ التكنولوجية والاقتصادية والإعلامية.
وتنبه المفكر إدوارد سعيد خلال دراسته للاستشراق على الكيفية التي استطاعت بها السرديات الغربية أن تطغى على السرديات الشرقية وتشوهها ما أدى إلى انخفاض الشعور بالذات بين العرب بشكل خاص.
ورغم قوة الاستقطاب الغربية لهذا المشروع والذي انفق له مليارات طائلة إلا أن بعض الدول التي حافظت على تراثها وموروثها وقيمها لم يشعر فيها الفرد بانكفاء تقديره لذاته ولتاريخه ولحضارته وبالتالي لمستقبله. إن سلطنة عُمان نموذج في هذا النجاح حيث ما زال العمانيون يشعرون بفخر لا يعادله فخر عندما يتحدثون عن تاريخهم وعن إرثهم وبشكل عام عن ثقافتهم بكل تفاصيلها.. حدث ذلك في ظل توازن بين الأصالة والمعاصرة، بين الاستفادة من التقدم العلمي الذي يحققه العالم وتنجزه العولمة وبين الحفاظ على سلامة التقاليد والقيم وحفظ المجتمع وترسيخ دور الأسرة في عملية البناء التكاملي.
لم تنصهر الثقافة العمانية في الثقافة الغربية رغم أنها تأثرت بها وبمفاهيمها الإيجابية ومنجزاتها التي لا يمكن تجاوزها، وظلت الثقافة العمانية محتفظة بصلابتها دون التماهي في "الثقافة السائلة" وفق المفهوم الذي طرحه عالم الاجتماع زيجمونت باومان. وما زالت الثقافة العمانية قادرة على الصمود ولكن، أيضا، الاستفادة من ثقافة الآخر بما يسمح بالتحديث والتقدم دون التضحية بالجوهر الثابت والنبع الصافي.
لكن هذا لا يعني أننا في معزل تام عن التأثيرات السلبية، بل هي موجودة وتتسلل ولكن ما زالت الثقافة العمانية قادرة على الحفاظ على نفسها والحفاظ على إنسانها؛ وحتى تستطيع الصمود أمام كل هذا المد القوي فإننا في أمس الحاجة اليوم إلى إعطاء هذا الأمر أهمية كبيرة واعتباره تهديدا وطنيا لا يعفى أحد من العمل في سبيل التصدي له.
وإذا كانت الحاجة في تسعينيات القرن الماضي ماسة لحملة وطنية للحفاظ على الهوية الوطنية والإرث الثقافي فإن الحاجة اليوم لمثل تلك الحملة أكبر بكثير. والعمانيون في المجمل، رغم استفادتهم من تجارب الآخرين عبر التاريخ، إلا أنهم غير منبهرين كثيرا بالنموذج الغربي، في كل تفاصيله، وهذا ما يفترض أن تنشأ عليه كل أجيال عُمان ويتحقق ذلك عبر ترسيخ هُويتنا وثقافتنا في نفوس النشء منذ نعومة أفكارهم التي تتماس اليوم مع الآخر عبر كل وسائل التواصل الاجتماعي ومعطيات ثورة الاتصال التي تتدفق من كل الاتجاهات.
يتطلب تعزيز الهوية العُمانية في عصر العولمة استراتيجية مدروسة ومستنيرة تحتفي بالماضي وتكرمه وتتعاطى مع الحاضر وتسير نحو المستقبل. قد يبدو هذا الأمر كثير التعقيد في ظل إمكانيات العولمة ولكن لا بد أن نعي أن سامحنا بتفتت وتآكل ثقافتنا، لا قدر الله، يعني اندثارنا الثقافي تماما. ومنجز حضاري مثل المنجز العماني لا يمكن أن يندثر مهما كانت قوة الدفع القادمة من الآخر ولكن هذا لا يتم دون إرادة جماعية من العمانيين واحتفاءهم بثقافتهم وما حققته عبر التاريخ.