كانت الأجواء مشحونة بالحماس في مهرجان صناعة الغاز الذي انعقد مؤخرًا في مدينة هيوستن الأمريكية، لقد احتفل الموفدون إلى «مؤتمر ومعرض غازتك» بزخمٍ من الصفقات التي أبرمها وزراء الطاقة وشركات الوقود الأحفوري العملاقة، فمنتجهم (الغاز) مُهَيَّأ لدور مرموق في الانتقال إلى الطاقة الخضراء.
مع ذلك ثمة حالة من عدم اليقين أيضا، لقد تم توجيه نقد قاسٍ للرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أوقف تراخيص المنصات الأمريكية لتصدير الغاز الطبيعي المسال، ويشعر الخبراء ببواطن الأمور بالقلق كذلك من أن السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال التي أصبحت بالغة الأهمية لأوروبا وآسيا بعد بداية حرب أوكرانيا قد تواجه عما قريب أول اختبار حقيقي لها، ومع تزايد الطلب وإخفاق الإمدادات في مقابلة احتياجات السوق يمكن أن نشهد قريبا تدافعا جديدا لشراء الغاز.
في أثناء أسوأ أزمات الطاقة بدا كأن عام 2025 سيكون عام الخلاص، لقد سبق أن أغلقت روسيا خطوط الأنابيب التي تمد أوروبا بأكثر من 40% من احتياجاتها من الغاز، وكما كان يقال، إذا نجحت أوروبا في تخطي شتاءين ستكون قد تخلصت من المتاعب مع تدفق سيل الإمدادات إلى السوق من مشروعات الغاز الطبيعي المسال الكبيرة في أمريكا وقطر. في الحقيقة لم يقتصر نجاح أوروبا على الصمود، فهي تقترب من شتائها الثالث منذ بداية الحرب ومنشآتُها الخاصة بتخزين الغاز مملوءة بنسبة 94%، وهو ما يتجاوز هدفها المتمثل في ملئها بنسبة 90% بحلول شهر نوفمبر المقبل، أعانتها على تحقيق ذلك مشتريات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال شكلت في العام الماضي نسبة 60% من وارداتها من الغاز.
لكن على الرغم من ذلك انتاب السوق القلق؛ فأسعار الغاز الطبيعي المسال في آسيا، وهي المعيار العالمي، فوق 13 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية أو أعلى من أي وقت آخر تقريبا باستثناء الفترة التي اجتاح فيها الذعرُ السوقَ عام 2022. أحد المخاوف تتمثل في الهبوط الوشيك في درجات الحرارة، كان الشتاء معتدلا في السنتين الماضيتين في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية، لكن من المستبعد أن يكون الشتاء القادم لطيفا، يقول أحد المتداولين في سوق الغاز: «الشتاء العادي سيبدو باردا جدا بالقياس مع أوقات ليست بعيدة» وسيكون الموسم البارد سيئا لأوروبا من ناحيتين، فهو سيتطلب الحصول على المزيد من الغاز ليس فقط للتدفئة ولكن أيضا لتوليد الكهرباء، فالطقس البارد يقترن في الغالب بهواء راكد تقريبا يعطل مزارع الرياح، كما يلزم أن يكون شمال شرق آسيا أكثر برودة في شتاء هذا العام مقارنة بالسنوات الأخيرة، ومن الممكن دائما أن نشهد موسما باردا جدا مثل شتاء عام 2021 عندما هبطت درجة الحرارة في بكين إلى 20 درجة مئوية تحت الصفر في شهر يناير، وهي الأكثر برودة خلال 50 عاما. يقدِّر سيندره كنوتسون من شركة ريستاد انيرجي الاستشارية أن موجة برد شديدة في أوروبا وآسيا من شأنها إيجاد طلب على الغاز بحجم 21 بليون متر مكعب و15 بليون متر مكعب على التوالي أو 4% إلى 8% من واردات القارتين في العام الماضي، وبما أن أوروبا تبلغ الحد الأقصى من وارداتها عبر أنابيب الغاز (وآسيا بخلاف الصين لا تكاد تستورد غازا عبر الأنابيب) يجب أن تحصل على الكمية المتبقية من احتياجاتها من الغاز المنقول بحرا. وهذا سيوجد طلبا إضافيا بحوالي 26 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال أو ما يساوي 7% من الكميات التي تم تداولها عالميا في العام الماضي.
المصدر الثاني للقلق هو احتمال أن يكون هنالك المزيد من التراجع في واردات أوروبا من الغاز عبر الأنابيب؛ فبموجب اتفاق لمدة 5 سنوات سينتهي سريانه في ديسمبر المقبل، لا زالت روسيا ترسل الغاز عبر أوكرانيا إلى بلدان أوروبا الوسطى. لقد تراجعت هذه التدفقات بأكثر من النصف منذ عام 2021، لكنها بلغت حوالي 15 بليون متر مكعب في العام الماضي، وذكرت أوكرانيا أنها لن تتفاوض حول صفقة جديدة؛ لذلك تتباحث أوروبا وأوكرانيا حول سبل الالتفاف حول هذه المشكلة، والحل الأكثر واقعية هو «المبادلة» مع أذربيجان، بموجب هذا الحل تُعاد تسمية الغاز الروسي الذي يأتي عبر أوكرانيا غازا أذريّا، وبالمقابل يصبح جزء من غاز أوكرانيا الذي تُصدِّره إلى أوروبا غازا روسيَّا، وسيكون لأذربيجان الخيار إما لشراء هذا الجزء من الغاز لنفسها أو ضخّه عبر الأنابيب إلى تركيا، لكن في هذا السيناريو ستظل أوروبا بحاجة إلى المزيد من الغاز. نعم ستحصل على الكمية نفسها التي كانت تصلها عبر أوكرانيا كما في السابق لكنها ستستورد كمية أقل من أذربيجان، بالإضافة إلى ذلك لأن الطاقة رخيصة في أذربيجان سيلزم روسيا الموافقة على بيعه بسعر أقل أو أن أذربيجان ستدفع أكثر من قيمته، كما من الممكن أيضا أن تقرر روسيا وقف ضخ الغاز (الأذري) إلى أوروبا في أي يوم، ولم تُظهر المحادثات أي دليل على إحراز تقدم في هذا الجانب، لذلك يمكن أن يوجد عاملا الطقس والجغرافيا السياسية طلبا على الكثير من شحنات الغاز الإضافي وذلك في وقت لن توجد فيه بالسوق كمية الإمدادات التي سبق توقعها. إلى ذلك منصة روسيا الرئيسية لتصدير الغاز المسال في القطب الشمالي (آركتك 2) والتي كان من المقرر مبدئيا أن تصدر ما يصل إلى 13 مليون طن سنويا بحلول العام القادم أو ما يكافئ 18 بليون متر مكعب من الغاز فائق التبريد تأجل العمل بها وابتعد عنها الزبائن بعد فرض أمريكا عقوبات عليها وعلى أية سفينة ترسو هناك. وتداعت خطة لتحويل مصر إلى مورِّد موثوق للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، فإنتاجها من الغاز ينحسر بوتيرة أسرع كثيرا مما كان متوقعا.
مع ذلك أمريكا هي المصدر الأكبر للخيبة. فقرار بايدن بوقف تصدير الغاز الطبيعي المسال مؤقتًا سيشكل ضربة للإمدادات ولكن لسنوات قليلة فقط؛ لأن تطبيقه يقتصر على المشروعات الجديدة وحدها، مما يشكل صداعا للولايات المتحدة في الوقت الراهن إفلاسُ المقاول الرئيسي لتنفيذ مشروع «جولدن باس» بولاية تكساس، إنه إحدى منصّتين لتصدير الغاز الطبيعي المسال كان يفترض أن يبدأ تشغيله في العام القادم، وقد يؤخره ذلك لمدة 6 أشهر أو أكثر، إلى جانب العثرات في المشروعات الصغيرة يعني ذلك أن من جملة 25 مليون طن إلى 30 مليون طن في العام من الطاقة الإنتاجية الجديدة المتوقعة بحلول عام 2025 قد يتحقق فقط 15 مليون طن في العام.
السؤال: ما هو السيناريو الأسوأ؟ إنه السيناريو الذي يشمل تدني درجة الحرارة إلى ما دون الصفر في أوروبا في وقت قريب لا يتعدى أوائل ديسمبر واختفاء الغاز الروسي في الأول من يناير: (هذا يعني زيادة في الطلب على الغاز للتدفئة وتوليد الكهرباء كما يعني أيضا البحث عن مصادر بديلة لغاز روسيا - المترجم).
في هذا السيناريو لن تعدم القارة الوقود في الأجل القصير، فبالإضافة إلى مخزوناتها القياسية من الغاز لديها وفرة من الطاقة النووية (العديد من المفاعلات الفرنسية التي أغلقت في عام 2022 عادت إلى العمل) والطاقة الكهرومائية بعد أمطار غير عادية في غزارتها.
لكن أوروبا ستشهد تراجعا متسارعا جدا لاحتياطاتها من الغاز، وهو ما سيقود إلى أول عملية إعادة تخزين كبيرة منذ عام 2022. وهذه المرة ستكون شهية أوروبا للغاز أقوى؛ فتوسعها في سعة تحويل الغاز السائل إلى حالته الطبيعية بنسبة 20% قلل من القيود على رغبتها في شراء الغاز المُسال، أوروبا ستلزمها منافسة آسيا في الحصول على شحنات الغاز الطبيعي المسال وهذا ما سيرفع أسعاره الفورية، فحسب تقديرات آن صوفي كوربو الباحثة ومحللة الغاز بجامعة كولومبيا يمكن أن يصل سعر الغاز بسهولة إلى 16 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في هذا العام، لن تتضرر كثيرًا البلدان الآسيوية الغنية والصين من ذلك؛ لأنها تشتري جزءا كبيرا من وارداتها من الغاز الطبيعي المسال بموجب عقود طويلة الأجل يتم تسعيرها وفقا لسعر النفط، لكن أوروبا تشتري كل احتياجاتها تقريبا إما من السوق الفورية أو بالتسعير وفقا للأسعار السائدة: (بموجب تعاقد طويل الأجل بناء على السعر السائد في السوق وقت الشراء - المترجم.)، وأوروبا لا يمكنها الاستغناء عن الغاز بعد إغلاقها كل محطات توليد الكهرباء بواسطة الفحم الحجري، ولن يكون لدى الحكومة وشركات الكهرباء والمستهلكين خيار آخر سوى تحمل ارتفاع التكلفة.
ربما لا تستطيع البلدان الصاعدة كثيفة السكان والفقيرة تحمُّل ارتفاع الأسعار، هنالك بلدان قليلة منها عادت مؤخرا إلى شراء الغاز أو حتى استوردت الغاز الطبيعي المسال لأول مرة بعد انخفاض أسعاره منذ العام الماضي، ومن المؤكد أن ارتفاع سعر الغاز سيضع نهاية فجائية لهذا التطور؛ ستُجبر بلدان عديدة منها على العودة إلى استخدام الفحم الحجري، وربما يضطرّ بعضها إلى القطع المبرمج للتيار الكهربائي، وقد يطول انتظار الإمدادات الجديدة.
مع ذلك ثمة حالة من عدم اليقين أيضا، لقد تم توجيه نقد قاسٍ للرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أوقف تراخيص المنصات الأمريكية لتصدير الغاز الطبيعي المسال، ويشعر الخبراء ببواطن الأمور بالقلق كذلك من أن السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال التي أصبحت بالغة الأهمية لأوروبا وآسيا بعد بداية حرب أوكرانيا قد تواجه عما قريب أول اختبار حقيقي لها، ومع تزايد الطلب وإخفاق الإمدادات في مقابلة احتياجات السوق يمكن أن نشهد قريبا تدافعا جديدا لشراء الغاز.
في أثناء أسوأ أزمات الطاقة بدا كأن عام 2025 سيكون عام الخلاص، لقد سبق أن أغلقت روسيا خطوط الأنابيب التي تمد أوروبا بأكثر من 40% من احتياجاتها من الغاز، وكما كان يقال، إذا نجحت أوروبا في تخطي شتاءين ستكون قد تخلصت من المتاعب مع تدفق سيل الإمدادات إلى السوق من مشروعات الغاز الطبيعي المسال الكبيرة في أمريكا وقطر. في الحقيقة لم يقتصر نجاح أوروبا على الصمود، فهي تقترب من شتائها الثالث منذ بداية الحرب ومنشآتُها الخاصة بتخزين الغاز مملوءة بنسبة 94%، وهو ما يتجاوز هدفها المتمثل في ملئها بنسبة 90% بحلول شهر نوفمبر المقبل، أعانتها على تحقيق ذلك مشتريات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال شكلت في العام الماضي نسبة 60% من وارداتها من الغاز.
لكن على الرغم من ذلك انتاب السوق القلق؛ فأسعار الغاز الطبيعي المسال في آسيا، وهي المعيار العالمي، فوق 13 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية أو أعلى من أي وقت آخر تقريبا باستثناء الفترة التي اجتاح فيها الذعرُ السوقَ عام 2022. أحد المخاوف تتمثل في الهبوط الوشيك في درجات الحرارة، كان الشتاء معتدلا في السنتين الماضيتين في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية، لكن من المستبعد أن يكون الشتاء القادم لطيفا، يقول أحد المتداولين في سوق الغاز: «الشتاء العادي سيبدو باردا جدا بالقياس مع أوقات ليست بعيدة» وسيكون الموسم البارد سيئا لأوروبا من ناحيتين، فهو سيتطلب الحصول على المزيد من الغاز ليس فقط للتدفئة ولكن أيضا لتوليد الكهرباء، فالطقس البارد يقترن في الغالب بهواء راكد تقريبا يعطل مزارع الرياح، كما يلزم أن يكون شمال شرق آسيا أكثر برودة في شتاء هذا العام مقارنة بالسنوات الأخيرة، ومن الممكن دائما أن نشهد موسما باردا جدا مثل شتاء عام 2021 عندما هبطت درجة الحرارة في بكين إلى 20 درجة مئوية تحت الصفر في شهر يناير، وهي الأكثر برودة خلال 50 عاما. يقدِّر سيندره كنوتسون من شركة ريستاد انيرجي الاستشارية أن موجة برد شديدة في أوروبا وآسيا من شأنها إيجاد طلب على الغاز بحجم 21 بليون متر مكعب و15 بليون متر مكعب على التوالي أو 4% إلى 8% من واردات القارتين في العام الماضي، وبما أن أوروبا تبلغ الحد الأقصى من وارداتها عبر أنابيب الغاز (وآسيا بخلاف الصين لا تكاد تستورد غازا عبر الأنابيب) يجب أن تحصل على الكمية المتبقية من احتياجاتها من الغاز المنقول بحرا. وهذا سيوجد طلبا إضافيا بحوالي 26 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال أو ما يساوي 7% من الكميات التي تم تداولها عالميا في العام الماضي.
المصدر الثاني للقلق هو احتمال أن يكون هنالك المزيد من التراجع في واردات أوروبا من الغاز عبر الأنابيب؛ فبموجب اتفاق لمدة 5 سنوات سينتهي سريانه في ديسمبر المقبل، لا زالت روسيا ترسل الغاز عبر أوكرانيا إلى بلدان أوروبا الوسطى. لقد تراجعت هذه التدفقات بأكثر من النصف منذ عام 2021، لكنها بلغت حوالي 15 بليون متر مكعب في العام الماضي، وذكرت أوكرانيا أنها لن تتفاوض حول صفقة جديدة؛ لذلك تتباحث أوروبا وأوكرانيا حول سبل الالتفاف حول هذه المشكلة، والحل الأكثر واقعية هو «المبادلة» مع أذربيجان، بموجب هذا الحل تُعاد تسمية الغاز الروسي الذي يأتي عبر أوكرانيا غازا أذريّا، وبالمقابل يصبح جزء من غاز أوكرانيا الذي تُصدِّره إلى أوروبا غازا روسيَّا، وسيكون لأذربيجان الخيار إما لشراء هذا الجزء من الغاز لنفسها أو ضخّه عبر الأنابيب إلى تركيا، لكن في هذا السيناريو ستظل أوروبا بحاجة إلى المزيد من الغاز. نعم ستحصل على الكمية نفسها التي كانت تصلها عبر أوكرانيا كما في السابق لكنها ستستورد كمية أقل من أذربيجان، بالإضافة إلى ذلك لأن الطاقة رخيصة في أذربيجان سيلزم روسيا الموافقة على بيعه بسعر أقل أو أن أذربيجان ستدفع أكثر من قيمته، كما من الممكن أيضا أن تقرر روسيا وقف ضخ الغاز (الأذري) إلى أوروبا في أي يوم، ولم تُظهر المحادثات أي دليل على إحراز تقدم في هذا الجانب، لذلك يمكن أن يوجد عاملا الطقس والجغرافيا السياسية طلبا على الكثير من شحنات الغاز الإضافي وذلك في وقت لن توجد فيه بالسوق كمية الإمدادات التي سبق توقعها. إلى ذلك منصة روسيا الرئيسية لتصدير الغاز المسال في القطب الشمالي (آركتك 2) والتي كان من المقرر مبدئيا أن تصدر ما يصل إلى 13 مليون طن سنويا بحلول العام القادم أو ما يكافئ 18 بليون متر مكعب من الغاز فائق التبريد تأجل العمل بها وابتعد عنها الزبائن بعد فرض أمريكا عقوبات عليها وعلى أية سفينة ترسو هناك. وتداعت خطة لتحويل مصر إلى مورِّد موثوق للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، فإنتاجها من الغاز ينحسر بوتيرة أسرع كثيرا مما كان متوقعا.
مع ذلك أمريكا هي المصدر الأكبر للخيبة. فقرار بايدن بوقف تصدير الغاز الطبيعي المسال مؤقتًا سيشكل ضربة للإمدادات ولكن لسنوات قليلة فقط؛ لأن تطبيقه يقتصر على المشروعات الجديدة وحدها، مما يشكل صداعا للولايات المتحدة في الوقت الراهن إفلاسُ المقاول الرئيسي لتنفيذ مشروع «جولدن باس» بولاية تكساس، إنه إحدى منصّتين لتصدير الغاز الطبيعي المسال كان يفترض أن يبدأ تشغيله في العام القادم، وقد يؤخره ذلك لمدة 6 أشهر أو أكثر، إلى جانب العثرات في المشروعات الصغيرة يعني ذلك أن من جملة 25 مليون طن إلى 30 مليون طن في العام من الطاقة الإنتاجية الجديدة المتوقعة بحلول عام 2025 قد يتحقق فقط 15 مليون طن في العام.
السؤال: ما هو السيناريو الأسوأ؟ إنه السيناريو الذي يشمل تدني درجة الحرارة إلى ما دون الصفر في أوروبا في وقت قريب لا يتعدى أوائل ديسمبر واختفاء الغاز الروسي في الأول من يناير: (هذا يعني زيادة في الطلب على الغاز للتدفئة وتوليد الكهرباء كما يعني أيضا البحث عن مصادر بديلة لغاز روسيا - المترجم).
في هذا السيناريو لن تعدم القارة الوقود في الأجل القصير، فبالإضافة إلى مخزوناتها القياسية من الغاز لديها وفرة من الطاقة النووية (العديد من المفاعلات الفرنسية التي أغلقت في عام 2022 عادت إلى العمل) والطاقة الكهرومائية بعد أمطار غير عادية في غزارتها.
لكن أوروبا ستشهد تراجعا متسارعا جدا لاحتياطاتها من الغاز، وهو ما سيقود إلى أول عملية إعادة تخزين كبيرة منذ عام 2022. وهذه المرة ستكون شهية أوروبا للغاز أقوى؛ فتوسعها في سعة تحويل الغاز السائل إلى حالته الطبيعية بنسبة 20% قلل من القيود على رغبتها في شراء الغاز المُسال، أوروبا ستلزمها منافسة آسيا في الحصول على شحنات الغاز الطبيعي المسال وهذا ما سيرفع أسعاره الفورية، فحسب تقديرات آن صوفي كوربو الباحثة ومحللة الغاز بجامعة كولومبيا يمكن أن يصل سعر الغاز بسهولة إلى 16 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في هذا العام، لن تتضرر كثيرًا البلدان الآسيوية الغنية والصين من ذلك؛ لأنها تشتري جزءا كبيرا من وارداتها من الغاز الطبيعي المسال بموجب عقود طويلة الأجل يتم تسعيرها وفقا لسعر النفط، لكن أوروبا تشتري كل احتياجاتها تقريبا إما من السوق الفورية أو بالتسعير وفقا للأسعار السائدة: (بموجب تعاقد طويل الأجل بناء على السعر السائد في السوق وقت الشراء - المترجم.)، وأوروبا لا يمكنها الاستغناء عن الغاز بعد إغلاقها كل محطات توليد الكهرباء بواسطة الفحم الحجري، ولن يكون لدى الحكومة وشركات الكهرباء والمستهلكين خيار آخر سوى تحمل ارتفاع التكلفة.
ربما لا تستطيع البلدان الصاعدة كثيفة السكان والفقيرة تحمُّل ارتفاع الأسعار، هنالك بلدان قليلة منها عادت مؤخرا إلى شراء الغاز أو حتى استوردت الغاز الطبيعي المسال لأول مرة بعد انخفاض أسعاره منذ العام الماضي، ومن المؤكد أن ارتفاع سعر الغاز سيضع نهاية فجائية لهذا التطور؛ ستُجبر بلدان عديدة منها على العودة إلى استخدام الفحم الحجري، وربما يضطرّ بعضها إلى القطع المبرمج للتيار الكهربائي، وقد يطول انتظار الإمدادات الجديدة.