الخليل- «العمانية»: تعد مدينة الخليل الواقعة جنوب القدس من أقدم مدن العالم التي بناها الكنعانيون قبل 5500 عام وأسموها قرية «أربع» نسبة إلى أربع زعيم السكان الكنعانيين العمالقة الذين سكنوها أولا وبعد ذلك أطلق عليها اسم (حبرون) وتعني الصديق ومن ثم سميت بخليل الرحمن نسبة إلى خليل الله إبراهيم عليه السلام الذي سكن المنطقة في مكان الحرم الإبراهيمي الشريف.
وما يميز مدينة الخليل سياحيا أنها من أقدم مدن العالم التي ما زالت مأهولة وظلت مأهولة منذ قرابة الـ5000 سنة حيث كانت الخليل من أهم الممالك الكنعانية وخاصة في العصر البرونزي الوسيط أي قبل 1700 سنة قبل الميلاد، ومدينة الخليل أحيطت بجدار ضخم وكانت مركز الجنوب وهذا الجدار ما زالت آثاره ماثلة حتى يومنا هذا، وقد خدم هذا السور مدينة الخليل كثيرا.
وصول أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام وإقامته في المنطقة أعطى الخليل أهمية ثقافية وحضارية ما زالت آثارها تتمتع بها مدينة الخليل حتى يومنا هذا، حيث اشترى سيدنا إبراهيم من الكنعانيين مغارة «المكفيله» وفيها دفن زوجته سارة وأصبحت فيما بعد مدفن الأنبياء وهي المغارة الواقعة تحت الحرم الإبراهيمي الشريف وأصبح اليوم من أهم المعالم الأثرية في مدينة الخليل ومزارا لأصحاب الديانات السماوية الثلاث مما جعلها واحدة من أهم المدن التاريخية في العالم.
وبعد الفترة الرومانية أقيم السور الهيرودي حول الحرم الإبراهيمي ومغارة المكفيله وفي الفترة البيزنطية تم فتح أول باب في السور وتم بناء أول مكان للعبادة فوق مغارة المكفيله داخل السور، وأهم ما يحتويه الحرم الإبراهيمي الشريف هو منبر صلاح الدين الأيوبي الذي أدرك أهمية مدينة الخليل فأمر بنقل المنبر من عسقلان إلى الخليل وأمر ببنائه فكان تحفة فنية غاية في الروعة والجمال وظل معلما أثريا يأتيه السياح للتمتع بجمال صنعته.
وقال الدكتور أحمد الرجوب مدير عام وزارة السياحة والآثار في الضفة الغربية في حديث لوكالة الأنباء العمانية: إن مدينة الخليل استفادت أثناء تشكلها كمدينة من عناصر ثلاثة أولها: موقعها إلى جانب قبر إبراهيم عليه السلام ثانيها وقوعها ضمن وادي الخليل الذي كان يضم أنواعاً مختلفة من أشجار الفواكه والعنب والزيتون، حيث يخترق الوادي المدينة من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي مما جعلها مقسومة إلى قسمين، حيث امتدت المباني حول الوادي وبجانب الحرم الإبراهيمي الشريف وفي وقت من الأوقات شكل وادي الخليل طريقا تجاريا ربط بين الخليل ومصر.وأشار الرجوب إلى أنه وبحسب المصادر التاريخية فان الجبل في الخليل المسمى بتل «الرميدة» الذي كان الموقع الكنعاني الأول ظل رافدا مهما للمدينة وعامرا ومأهولا بالسكان عبر العصور، حيث إن الامتداد العمراني انتقل إلى المكان الحالي من تل «الرميدة». وقال الرجوب: إن وزارة السياحة والآثار تعمل منذ خمس سنوات لتنشيط السياحة في مدينة الخليل واليوم يأتيها آلاف السياح من مختلف أنحاء العالم لزيارتها، أما الطابع العمراني للمدينة فيصح القول: إن الخليل مدينة إسلامية العمارة بامتياز إذ يعود شكل البناء فيها إلى الفترة المملوكية ومن ثم الفترة العثمانية، وقد تعرضت حارات وأحياء البلدة القديمة من الخليل إلى العديد من الأحداث التي أثرت سلبا على العمران فيها مما أدى إلى تدمير المباني والحارات وتصدع الكثير منها.
وقد تعرضت مدينة الخليل إلى العديد من الزلازل وكان أخطرها في العصر الحديث الذي ضربها عام 1837م والعام 1927م وترك العديد من الدمار والآثار التي ظلت باقية حتى اليوم، بالإضافة إلى عوامل الطبيعة المختلفة مثل الطقس والثلوج مما ألحق بأحياء المدينة دمارا كبيرا.
وتقسم مدينة الخليل اليوم إلى قديمة وحديثة، حيث إن المدينة الحديثة هي تلك المناطق السكنية التي نشأت خارج النسيج العمراني التقليدي، والبلدة القديمة عبارة عن مجموعة من الأزقة والحارات والدكاكين وعدد من الأسواق القديمة وأهم حاراتها حارة القزازين وحارة السواكنة وحارة بني دار وحارة العقابة وحارة القلعة وحارة الحوشية والمحتسبية وحارة المشارق.