1 أغسطس 2024م.. مرت 300 يوم على انطلاق طوفان الأقصى، حصلت خلالها أحداث جسام. المقال.. يقدم رؤية بانورامية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني في سياقه الدولي، ويقسّمه أربع مراحل:
أ. الحروب العربية الإسرائيلية:
- حرب 1948م «النكبة».. أول حرب قامت بين العرب وإسرائيل بعد قيامها عام 1947م، ضمت قوات من مصر والأردن والعراق وسوريا والسعودية ولبنان وفلسطين. وأما القوات الإسرائيلية فهي عصابات كانت تمارس الإرهاب ضد الفلسطينيين بذريعة حماية اليهود؛ وهي: الهاجاناه والأرغون والشتيرن والبلماخ.
بالنسبة لليهود المدعومين من بريطانيا، فقد كانوا يمتلكون أسلحة متطورة، ويخوضون حربا عقدية مصيرية، وتدريبا تعبويا لتكوين الجيش الإسرائيلي، وكانت بريطانيا تعمل على زرع إسرائيل لتكون قاعدة متقدمة لها بالمنطقة. أما العرب الذين تكبدوا خسائر فادحة في النفوس والأراضي الفلسطينية؛ فكانوا تحت الاستعمار الغربي، وجيوشهم عديمة الخبرة وأسلحتهم منتهية الصلاحية. وقد أعقب «النكبة» انقلابات العسكر سخطا على حكام بلدانهم؛ وفي مقدمتهم مصر، وهذا مما يتغيّاه الغرب لتغيير الخارطة الجيوسياسية بالمنطقة حينذاك.
- حرب 1956م.. «العدوان الثلاثي»؛ بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر، هدفها القريب حماية إسرائيل من مصر، وهدفها البعيد ردع مصر بعد ثورة 23 يوليو 1952م وتأميم قناة السويس، وإرهاب أنظمة القومية العربية التي كانت تتشكل حينها. تكبد المصريون خسائر بشرية، ولكن انحسر دور بريطانيا وفرنسا من المنطقة، وحلت محلهما أمريكا.
- حرب 1967م «النكسة».. جاءت لانتقام العرب من إسرائيل في خسارتهم حرب 1956م، وخاضتها مصر وسوريا والأردن والعراق ضد إسرائيل مدعومة من الغرب، وكانت النتيجة كارثية للعرب. وقّعت على موت المشروع القومي العربي، وهو ما كان الغرب يخطط له.
- حرب 1973م.. وقعت بعد «النكسة»، فقد كان الرئيس جمال عبدالناصر يخطط للانتقام من إسرائيل، لكنه توفي فجأة عام 1970م، فجاء موته لصالح الغرب، حيث خلفه الرئيس محمد أنور السادات (ت:1981م) الذي لم يعد يؤمن بالخط القومي، وتبنّى النظام الغربي؛ سياسية واقتصادا، بهذا التحول استغفل الإسرائيليين عمّا كان يصنع لنفسه من مجد داخلي بمصر، فتفاجأوا بخوضه حرب 1973م، والتي نجح فيها باسترداد سيناء، ثم توقفت فجأة دون أن يتحقق أي إنجاز للفلسطينيين، أو يسترد السوريون الجولان.
ب. السلام مع إسرائيل:
بعد ذلك.. ابتدأ السادات مع إسرائيل مرحلة جديدة يطمح إليها، وهي عقد اتفاقية سلام، وتم له ذلك عام 1979م بـ«اتفاقية كامب ديفيد». عارض معظم العرب الاتفاقية، لكن أمريكا بعد سقوط المنظومة الشيوعية وفرضها «النظام العالمي الجديد» وتفردها بإدارة العالم؛ سعت لعقد اتفاقية سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فنجحت بعقد «اتفاقية أوسلو» عام 1993م، التي كان من نتائجها اعتراف الفلسطينيين بدولة إسرائيل، دون أن تعترف هي بدولتهم. ثم تعاقبت ست دول عربية حتى طوفان الأقصى بإقامة اتفاقيات سلام مع إسرائيل؛ بالإضافة لمصر.
ج. المقاومة الإسلامية:
لم يكد ينحسر المناضلون اليساريون والقوميون من ساحة المقاومة؛ بسبب أفول النظام الدولي القديم، حتى بزغ نجم المقاومة الإسلامية؛ «حماس» والجهاد الإسلامي، وقد جاءت متزامنة مع مرحلة السلام. وبما أنه لا يمكن أن تستمر المقاومة إلا بدعم دولي؛ فإن قادتها توجهوا إلى العرب، فلم يجدوا منهم التجاوب إلا في ظل السلطة الفلسطينية، والتي بالأساس قامت المقاومة لسد الخلل الذي أوجدته باتفاقيات السلام مع إسرائيل. لقد حسمت الدول العربية أمرها بأنها مع «حل الدولتين»، ولم تشأ أن تغيّر سياساتها، فعملت على دعمه عبر الأمم المتحدة، وتجنبت الصراع مع إسرائيل، وهذا ما تريده السياسة الأمريكية.
يممت المقاومة وجهها شطر إيران، فالتقت الرغبتان؛ رغبة المقاومة بإيجاد داعم، ورغبة إيران بمواجهة خصمها أمريكا وتقوية وجودها في العالم الإسلامي عبر دعمها المقاومة الفلسطينية. ومن تحولات هذه المرحلة أنه في عام 1979م الذي غيّر العرب توجههم من الحرب إلى السلام؛ تحولت إيران من حليف لإسرائيل زمن الشاه إلى عدوتها بعده. رغم المنعطفات السياسية الحادة التي ضربت المنطقة إلا أن علاقة إيران والمقاومة استمرت للحاجة المتبادلة بينهما. لقد خاضت المقاومة جولات عدة من الحرب مع إسرائيل، ارتقت فيها بالدعم الإيراني من سلاح المقلاع والحجارة إلى صواريخ الياسين ومسيرات الزواري.
د. طوفان الأقصى:
بطوفان الأقصى تصدّرت القضية الفلسطينية المشهد عالميا، وأصبحت غزة أحد موجهات السياسة الدولية؛ بما فيها الانتخابات الغربية. وفاحت الجرائم الإسرائيلية حتى خرجت الشعوب للتنديد بها والدعوة لإيقافها، ورُفعت شكاوى ضدها على ارتكابها المجازر الجماعية بمجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية. لقد أصبح مسار القضية الفلسطينية في هذه المرحلة مختلفا؛ فقد ولّى زمن التعامل مع القضية الفلسطينية بخط الصراع العربي الخاسر، أو اتفاقيات السلام المجحفة، أو الحروب الخاطفة. الصراع الآن.. وجودي بالنسبة لإسرائيل والفلسطينيين، لكن هذه المرة انقلب الوضع عمّا كان عليه بداية الصراع عند نشأة إسرائيل، فهي اليوم.. دولة قلقة على وجودها، تقاتل جماعات عقدية مسلحة بأحدث التقنيات والخطط العسكرية.
في هذه المرحلة دخلت الحرب منعطفا لا رجعة فيه، وارتبطت استراتيجيا بإيران، خاصة؛ بعد اغتيال إسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» في طهران، الذي اعتبرت اغتياله انتهاكا لسيادتها وطعنا في هيبتها. الملف الآن.. بيد إيران والغرب، وليس في صفحاته إلا الحرب، أو الوصول إلى اتفاق؛ وهذا أصبح صعبا. إن سبب الصراع بين الغرب وإيران لا يرجع إلى دعمها للقضية الفلسطينية فحسب، وإنما إلى العداوة المستحكمة بينهما، وهذا يفسر جانبا من فشل المفاوضات بين إسرائيل و«حماس». فإسرائيل.. كما أثبتت الحرب ليس هدفها تحرير الرهائن.. بل هي تراهم ورقة لتحطيم المقاومة الفلسطينية، وبالتالي؛ بتر لوجود إيران من المنطقة.
رغبة إيران وإسرائيل.. عدم تورطهما بحرب شاملة، فإسرائيل.. بدخولها الحرب قد تلحق دمارا بالغا بإيران، لكن لن تزيلها من الوجود، في حين.. أنها هي مهددة بالزوال، ولن يبقى المستوطنون الغربيون «الإسرائيليون» في فلسطين؛ تعصف بهم الصواريخ وتفترسهم المسيّرات ويصخّ آذانهم دويّ صفارات الإنذار لأجل عيون قادة إسرائيل. وأما إيران التي لديها سياستها المعادية للسياسة الغربية، والتي تدرك أبعاد المخطط الأمريكي بتدميرها لتغيير الخارطة السياسية بالمنطقة، فتحاذر كذلك أن تدخل حربا شاملة مع إسرائيل، ولو دخلتها فستقع في حبائل هذا المخطط، وهو ما تعمل على تجنبه، مكتفية بدعم جبهات المقاومة، والرد بشن هجمات على الاعتداءات الإسرائيلية المباشرة.
إن التطورات الأخيرة جعلت المنطقة على فوهة بركان، والعالم.. يترقب هجمات طهران وجبهات المقاومة. ومن المتوقع.. أن تكون أشد من الهجمات التي أعقبت ضرب إسرائيل السفارة الإيرانية بسوريا، وقد بدأت أمريكا تحشد قواتها للذود عن (الكيان الصهيوني المجرم والإرهابي) بحسب عبارة المرشد الأعلى علي خامنئي، متوعدا الكيان أنه (باغتياله إسماعيل هنيّة مهّد الأرضية لمعاقبته بقسوة). لقد دشن طوفان الأقصى مرحلة غيّرت قواعد اللعبة السياسية منذ يومه الأول، التي زجّت بكل الأطراف باتجاه الحسم العسكري، فمسار الأمور في الثلاثمائة يوم الماضية يتصاعد بهذا الاتجاه، فخلال مباحثات التفاوض مع بدء الحرب عُقِدت هدنة مؤقتة لتبادل الأسرى، ثم استمرت المفاوضات مع تعثرها. أما باغتيال إسماعيل هنيّة في إيران وإصرارها على الرد بقسوة، ومع انتخاب يحيى السنوار مهندس الطوفان خلفا له، فقد شارف الوضع على حرب شاملة.
الآن؛ هناك مساعٍ لتخفيف الضربة الإيرانية، والتي علّقتها إيران بألا تضر غزة، ولكنها تستعد لأي تطور للحرب، مستندة إلى دعم روسي، وقد تدخل معها باكستان لتربصها بإسرائيل لوقوفها ضد المشروع النووي الباكستاني، وأما إسرائيل فمعها حتى الآن أمريكا وبريطانيا وألمانيا. وإن نشبت حرب شاملة؛ فقد دخل الصراع مرحلة ما بعد طوفان الأقصى.
أ. الحروب العربية الإسرائيلية:
- حرب 1948م «النكبة».. أول حرب قامت بين العرب وإسرائيل بعد قيامها عام 1947م، ضمت قوات من مصر والأردن والعراق وسوريا والسعودية ولبنان وفلسطين. وأما القوات الإسرائيلية فهي عصابات كانت تمارس الإرهاب ضد الفلسطينيين بذريعة حماية اليهود؛ وهي: الهاجاناه والأرغون والشتيرن والبلماخ.
بالنسبة لليهود المدعومين من بريطانيا، فقد كانوا يمتلكون أسلحة متطورة، ويخوضون حربا عقدية مصيرية، وتدريبا تعبويا لتكوين الجيش الإسرائيلي، وكانت بريطانيا تعمل على زرع إسرائيل لتكون قاعدة متقدمة لها بالمنطقة. أما العرب الذين تكبدوا خسائر فادحة في النفوس والأراضي الفلسطينية؛ فكانوا تحت الاستعمار الغربي، وجيوشهم عديمة الخبرة وأسلحتهم منتهية الصلاحية. وقد أعقب «النكبة» انقلابات العسكر سخطا على حكام بلدانهم؛ وفي مقدمتهم مصر، وهذا مما يتغيّاه الغرب لتغيير الخارطة الجيوسياسية بالمنطقة حينذاك.
- حرب 1956م.. «العدوان الثلاثي»؛ بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر، هدفها القريب حماية إسرائيل من مصر، وهدفها البعيد ردع مصر بعد ثورة 23 يوليو 1952م وتأميم قناة السويس، وإرهاب أنظمة القومية العربية التي كانت تتشكل حينها. تكبد المصريون خسائر بشرية، ولكن انحسر دور بريطانيا وفرنسا من المنطقة، وحلت محلهما أمريكا.
- حرب 1967م «النكسة».. جاءت لانتقام العرب من إسرائيل في خسارتهم حرب 1956م، وخاضتها مصر وسوريا والأردن والعراق ضد إسرائيل مدعومة من الغرب، وكانت النتيجة كارثية للعرب. وقّعت على موت المشروع القومي العربي، وهو ما كان الغرب يخطط له.
- حرب 1973م.. وقعت بعد «النكسة»، فقد كان الرئيس جمال عبدالناصر يخطط للانتقام من إسرائيل، لكنه توفي فجأة عام 1970م، فجاء موته لصالح الغرب، حيث خلفه الرئيس محمد أنور السادات (ت:1981م) الذي لم يعد يؤمن بالخط القومي، وتبنّى النظام الغربي؛ سياسية واقتصادا، بهذا التحول استغفل الإسرائيليين عمّا كان يصنع لنفسه من مجد داخلي بمصر، فتفاجأوا بخوضه حرب 1973م، والتي نجح فيها باسترداد سيناء، ثم توقفت فجأة دون أن يتحقق أي إنجاز للفلسطينيين، أو يسترد السوريون الجولان.
ب. السلام مع إسرائيل:
بعد ذلك.. ابتدأ السادات مع إسرائيل مرحلة جديدة يطمح إليها، وهي عقد اتفاقية سلام، وتم له ذلك عام 1979م بـ«اتفاقية كامب ديفيد». عارض معظم العرب الاتفاقية، لكن أمريكا بعد سقوط المنظومة الشيوعية وفرضها «النظام العالمي الجديد» وتفردها بإدارة العالم؛ سعت لعقد اتفاقية سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فنجحت بعقد «اتفاقية أوسلو» عام 1993م، التي كان من نتائجها اعتراف الفلسطينيين بدولة إسرائيل، دون أن تعترف هي بدولتهم. ثم تعاقبت ست دول عربية حتى طوفان الأقصى بإقامة اتفاقيات سلام مع إسرائيل؛ بالإضافة لمصر.
ج. المقاومة الإسلامية:
لم يكد ينحسر المناضلون اليساريون والقوميون من ساحة المقاومة؛ بسبب أفول النظام الدولي القديم، حتى بزغ نجم المقاومة الإسلامية؛ «حماس» والجهاد الإسلامي، وقد جاءت متزامنة مع مرحلة السلام. وبما أنه لا يمكن أن تستمر المقاومة إلا بدعم دولي؛ فإن قادتها توجهوا إلى العرب، فلم يجدوا منهم التجاوب إلا في ظل السلطة الفلسطينية، والتي بالأساس قامت المقاومة لسد الخلل الذي أوجدته باتفاقيات السلام مع إسرائيل. لقد حسمت الدول العربية أمرها بأنها مع «حل الدولتين»، ولم تشأ أن تغيّر سياساتها، فعملت على دعمه عبر الأمم المتحدة، وتجنبت الصراع مع إسرائيل، وهذا ما تريده السياسة الأمريكية.
يممت المقاومة وجهها شطر إيران، فالتقت الرغبتان؛ رغبة المقاومة بإيجاد داعم، ورغبة إيران بمواجهة خصمها أمريكا وتقوية وجودها في العالم الإسلامي عبر دعمها المقاومة الفلسطينية. ومن تحولات هذه المرحلة أنه في عام 1979م الذي غيّر العرب توجههم من الحرب إلى السلام؛ تحولت إيران من حليف لإسرائيل زمن الشاه إلى عدوتها بعده. رغم المنعطفات السياسية الحادة التي ضربت المنطقة إلا أن علاقة إيران والمقاومة استمرت للحاجة المتبادلة بينهما. لقد خاضت المقاومة جولات عدة من الحرب مع إسرائيل، ارتقت فيها بالدعم الإيراني من سلاح المقلاع والحجارة إلى صواريخ الياسين ومسيرات الزواري.
د. طوفان الأقصى:
بطوفان الأقصى تصدّرت القضية الفلسطينية المشهد عالميا، وأصبحت غزة أحد موجهات السياسة الدولية؛ بما فيها الانتخابات الغربية. وفاحت الجرائم الإسرائيلية حتى خرجت الشعوب للتنديد بها والدعوة لإيقافها، ورُفعت شكاوى ضدها على ارتكابها المجازر الجماعية بمجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية. لقد أصبح مسار القضية الفلسطينية في هذه المرحلة مختلفا؛ فقد ولّى زمن التعامل مع القضية الفلسطينية بخط الصراع العربي الخاسر، أو اتفاقيات السلام المجحفة، أو الحروب الخاطفة. الصراع الآن.. وجودي بالنسبة لإسرائيل والفلسطينيين، لكن هذه المرة انقلب الوضع عمّا كان عليه بداية الصراع عند نشأة إسرائيل، فهي اليوم.. دولة قلقة على وجودها، تقاتل جماعات عقدية مسلحة بأحدث التقنيات والخطط العسكرية.
في هذه المرحلة دخلت الحرب منعطفا لا رجعة فيه، وارتبطت استراتيجيا بإيران، خاصة؛ بعد اغتيال إسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» في طهران، الذي اعتبرت اغتياله انتهاكا لسيادتها وطعنا في هيبتها. الملف الآن.. بيد إيران والغرب، وليس في صفحاته إلا الحرب، أو الوصول إلى اتفاق؛ وهذا أصبح صعبا. إن سبب الصراع بين الغرب وإيران لا يرجع إلى دعمها للقضية الفلسطينية فحسب، وإنما إلى العداوة المستحكمة بينهما، وهذا يفسر جانبا من فشل المفاوضات بين إسرائيل و«حماس». فإسرائيل.. كما أثبتت الحرب ليس هدفها تحرير الرهائن.. بل هي تراهم ورقة لتحطيم المقاومة الفلسطينية، وبالتالي؛ بتر لوجود إيران من المنطقة.
رغبة إيران وإسرائيل.. عدم تورطهما بحرب شاملة، فإسرائيل.. بدخولها الحرب قد تلحق دمارا بالغا بإيران، لكن لن تزيلها من الوجود، في حين.. أنها هي مهددة بالزوال، ولن يبقى المستوطنون الغربيون «الإسرائيليون» في فلسطين؛ تعصف بهم الصواريخ وتفترسهم المسيّرات ويصخّ آذانهم دويّ صفارات الإنذار لأجل عيون قادة إسرائيل. وأما إيران التي لديها سياستها المعادية للسياسة الغربية، والتي تدرك أبعاد المخطط الأمريكي بتدميرها لتغيير الخارطة السياسية بالمنطقة، فتحاذر كذلك أن تدخل حربا شاملة مع إسرائيل، ولو دخلتها فستقع في حبائل هذا المخطط، وهو ما تعمل على تجنبه، مكتفية بدعم جبهات المقاومة، والرد بشن هجمات على الاعتداءات الإسرائيلية المباشرة.
إن التطورات الأخيرة جعلت المنطقة على فوهة بركان، والعالم.. يترقب هجمات طهران وجبهات المقاومة. ومن المتوقع.. أن تكون أشد من الهجمات التي أعقبت ضرب إسرائيل السفارة الإيرانية بسوريا، وقد بدأت أمريكا تحشد قواتها للذود عن (الكيان الصهيوني المجرم والإرهابي) بحسب عبارة المرشد الأعلى علي خامنئي، متوعدا الكيان أنه (باغتياله إسماعيل هنيّة مهّد الأرضية لمعاقبته بقسوة). لقد دشن طوفان الأقصى مرحلة غيّرت قواعد اللعبة السياسية منذ يومه الأول، التي زجّت بكل الأطراف باتجاه الحسم العسكري، فمسار الأمور في الثلاثمائة يوم الماضية يتصاعد بهذا الاتجاه، فخلال مباحثات التفاوض مع بدء الحرب عُقِدت هدنة مؤقتة لتبادل الأسرى، ثم استمرت المفاوضات مع تعثرها. أما باغتيال إسماعيل هنيّة في إيران وإصرارها على الرد بقسوة، ومع انتخاب يحيى السنوار مهندس الطوفان خلفا له، فقد شارف الوضع على حرب شاملة.
الآن؛ هناك مساعٍ لتخفيف الضربة الإيرانية، والتي علّقتها إيران بألا تضر غزة، ولكنها تستعد لأي تطور للحرب، مستندة إلى دعم روسي، وقد تدخل معها باكستان لتربصها بإسرائيل لوقوفها ضد المشروع النووي الباكستاني، وأما إسرائيل فمعها حتى الآن أمريكا وبريطانيا وألمانيا. وإن نشبت حرب شاملة؛ فقد دخل الصراع مرحلة ما بعد طوفان الأقصى.