جنيف"رويترز": تؤكد السلطات الصحية الفلسطينية إن العدوان الاسرائيلي الجوي والبري على غزة أدى إلى استشهاد أكثر من 38 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، مع نزوح معظم سكان القطاع وعددهم 2.3 مليون نسمة.

واندلعت الحرب في السابع من أكتوبرحين اجتاح مسلحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) جنوب إسرائيل في هجوم طوفان الأقصى التاريخي. وتزعم إسرائيل إن المقاومة قتلوا أكثر من 1200 اسرائيلي، معظمهم من المدنيين، واقتادوا 253 آخرين أسرى إلى غزة.

وتتناول هذه النظرة الفاحصة كيفية حساب عدد القتلى الفلسطينيين ومدى موثوقيته وتوزيع القتلى بين المدنيين والمسلحين وما يقوله كل جانب.فكيف تحصي السلطات الصحية في غزة عدد الشهداء؟

في أشهرالحرب الأولى كان يتم حساب عدد الشهداء بالكامل من خلال عدد الجثث التي تصل إلى المستشفيات، وتضمنت البيانات أسماء وأرقام هويات معظم الشهداء.

ومع استمرار الصراع وخروج مزيد من المستشفيات والمشارح من الخدمة اعتمدت السلطات إلى جانب ذلك على أساليب أخرى.ومنذ أوائل مايو، حدثت وزارة الصحة أسلوب تفصيل إجمالي الوفيات ليشمل الجثث مجهولة الهوية التي تمثل نحو ثلث إجمالي عدد القتلى.

وقال عمر حسين علي، رئيس مركز عمليات الطوارئ التابع للوزارة في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، إن هذه الجثث وصلت إلى المستشفيات أو المراكز الطبية دون بيانات شخصية مثل أرقام الهوية أو الأسماء الكاملة.

وبدأت أيضا في تضمين الوفيات التي تم الإبلاغ عنها عبر الإنترنت من أفراد الأسرة الذين اضطروا إلى إدخال المعلومات بما في ذلك أرقام الهوية.

* هل عدد القتلى في غزة شامل؟ تقول وزارة الصحة الفلسطينية إن الأرقام لا تعكس بالضرورة جميع الشهداء لأن كثيرين ما زالوا في عداد المفقودين تحت الأنقاض. وأشارت الوزارة في تقديرات مايو إلى وجود نحو 10 آلاف مفقود تحت الركام.

ونشرت مجلة لانسيت الطبية رسالة من ثلاثة أكاديميين في الخامس من يوليو تشير إلى أن الوفيات غير المباشرة، الناجمة عن عوامل مثل المرض، قد تعني أن عدد الشهداء أعلى بعدة مرات من التقديرات الفلسطينية الرسمية.وقالت الرسالة إنه "ليس مستغربا تقدير مقتل ما يصل إلى 186 ألفا أو أكثر جراء الصراع الحالي في غزة".

وقال الأكاديميون إن هذا الرقم الذي تصدرعناوين الأخبار العالمية، يستند إلى ما وصفوه بأنه تقدير متحفظ يبلغ أربع وفيات غير مباشرة مقابل كل وفاة مباشرة واحدة بناء على عدد القتلى في الصراعات السابقة.

كما قال مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان ومختبر البحوث الإنسانية في كلية الصحة العامة بجامعة ييل الأمريكية إن من المرجح أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى من تلك المنشورة دون تقديم المزيد من التفاصيل.

* ما مدى مصداقية حصيلة القتلى في غزة؟

قال خبراء في الصحة العامة لرويترز إن غزة قبل الحرب كان لديها إحصاءات سكانية قوية وأنظمة معلومات صحية أفضل من معظم دول الشرق الأوسط.وذكر متحدث باسم منظمة الصحة العالمية أن وزارة الصحة في غزة لديها "قدرة جيدة على جمع البيانات وتحليلها، كما أن تقاريرها السابقة تعتبر ذات مصداقية".وتنشر الأمم المتحدة بانتظام عدد القتلى نقلا عن وزارة الصحة في غزة.

وفي بداية الحرب، شكك الرئيس الأمريكي جو بايدن في أعداد الشهداء لكن وزارة الصحة نشرت في ذلك الحين قائمة مفصلة عن 7028 حالة وفاة تم تسجيلها حينها.

وقال أكاديميون درسوا تفاصيل الشهداء المدرجين، في مقال تمت مراجعته من نظراء لهم في دورية لانسيت الطبية في نوفمبر، إن من غير المعقول أن تكون النماذج الواردة في القائمة محض تلفيق.

غير أن أسئلة محددة أُثيرت حول إدراج 471 شخصا استشهدوا في انفجار وقع في 17 أكتوبربالمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) في مدينة غزة فيما قدر تقريرغير مؤكد للاستخبارات الأمريكية أن عدد القتلى يتراوح بين 100 و300".

* هل تتحكم حماس في إحصاءات القتلى؟

تدير حركة حماس قطاع غزة منذ عام 2007، لكن وزارة الصحة في القطاع تخضع أيضا لوزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية المحتلة.

وتصرف الحكومة التي تديرها حماس في غزة رواتب جميع الموظفين العاملين في المؤسسات الحكومية منذ عام 2007 ومن بينها وزارة الصحة. ومع ذلك، لا تزال السلطة الفلسطينية تدفع رواتب الموظفين الذين تم تعيينهم قبل ذلك.

ومن الصعب في الوقت الراهن تقدير مدى سيطرة حماس على قطاع غزة بسبب احتلال القوات الإسرائيلية لمعظم القطاع بما في ذلك المناطق المحيطة بالمستشفيات الكبرى التي تقدم إحصاءات الشهداء فضلا عن استمرار القتال.

ويحاول مسؤولون إسرائيليون التشكيك في صحة هذه الإحصاءات لكنهم فشلوا في تقديم أدلة تدحض الأرقام التي تعلنها حماس ورغم ذلك أقر الجيش الإسرائيلي أيضا في إحاطة صحفية بأن عدد الشهداء موثوق بشكل عام.وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مايو إن 14 ألفا من مسلحي حماس و16 ألف مدني فلسطيني استشهدوا في الحرب.

* كم عدد المدنيين الذين فقدوا أرواحهم؟

معظم القتلى وفق وزارة الصحة الفلسطينية هم من المدنيين فيما تبقى احصائيات العسكريين في اطر المناورة بين اسرائيل وحماس .فيما تحاول إسرائيل بشكل دوري تقديم تقديرات لعدد مقاتلي حماس الذين تزعم أنهم استشهدوا . وأحدث تقدير كان من نتنياهو أشار فيه إلى أن العدد 14 ألفا.

ويقول مسؤولون أمنيون إسرائيليون إنه يتم التوصل إلى مثل هذه التقديرات من خلال إحصاء الجثث في ساحة المعركة، واعتراض اتصالات حماس، وتقديرات المخابرات للأفراد الذين تم استهدافهم وتصفيتهم.

وخلال الحرب، قالت حماس إن إحصاءات إسرائيل بشأن قتلاها مُبالغ فيها لكنها لم تقدم معلومات حول عدد مقاتليها الذين لاقوا حتفهم.

وتقول وزارة الصحة الفلسطينية إن ما يربو على 70 بالمئة من الشهداء هم نساء وأطفال دون الثامنة عشرة. وخلال معظم فترة الصراع، أظهرت الإحصاءات أن الأطفال يمثلون قرابة 40 بالمئة من إجمالي القتلى.وأصبحت ظروف إحصاء عدد القتلى في المستشفيات أكثر صعوبة وسط القتال إذ يصعب التعرف على هوية العديد منهم بسبب إصاباتهم.