يعيش العالم بأسره أوضاعا صعبة ومتغيرات جيوسياسية يصعب معها التنبؤ بالمستقبل في ظل ما يشهده العالم من إعادة تموضع للقوى الكبرى. وفي ظل هذا العالم المتغير والغارق في الاضطرابات والعنف والدمار، ننظر إلى الواقع المحزن الذي تعيشه الكثير من دول العالم، لا سيما الدول العربية، وما ترزح فيه من وطأة الدمار والقتل والتناحر بين أبناء البلد الواحد. كل تلك المآسي التي تقع في دول عدة أسبابها كثيرة، ولكن نتائجها كارثية والخاسر فيها الجميع. ومع الكوارث التي حلت بتلك الدول، تقف الشعوب بمرارة تستذكر الأيام التي كانت تعيش فيها آمنة مطمئنة.

إن هذه الأحداث شواهد تاريخية ودروس نستخلص منها العبر، إذ نستشعر في سلطنة عُمان نعمة الأمن والأمان التي أنعم الله بها على بلادنا، ولا نبالغ إن أعدنا وكررنا وأثنينا على هذه النعمة -ولله الحمد- لأن نعمة (الأمن والأمان) هي أساس كل النعم، من صحة وتعليم واقتصاد وازدهار واستقرار وتقدم، وعندما لا تتوافر تسقط كل المعاني والصور الجميلة للأوطان؛ لذلك فإن ما يحصل في دول مختلفة من تشرد وقتل وفقر ومآسٍ يندى لها الجبين وتعتصر منها القلوب، هو مدعاة لأن نكون دائمًا على يقظة وصف واحد كمجتمع، تجمعنا عُمان وقائدها المفدى، فنقف دائمًا أبناء عُمان الماجدة مخلصين أوفياء.

في قواميس الوطنية والانتماء ليست ثمة عروة أوثق من المصلحة الوطنية العليا، والمضي قدمًا بثقة وثبات خلف راية الوطن والقيادة، ومصلحة عُمان العليا التي نعيش على ترابها الطاهر، ونذود عنها ونتعاضد مجتمعيًا من أجل سلامتها ووحدتها، لنكون السد المنيع والحصن المتين، ضد أي محاولات لاختراق الصفوف وإثارة النعرات بين أبناء الوطن الواحد، الذي ينعم بالعيش الكريم والأمن والاستقرار الذي أصبح نادرًا في الكثير من دول العالم.

إن المجتمع العُماني على مر التاريخ سجل ملاحم تاريخية في إخلاصه لوطنه والولاء لقيادته، والحفاظ على مكتسباته، ومسيرة الخير التي تواصلت على مدى أكثر من 54 عامًا، وعم فيها الأمن والأمان والاستقرار والازدهار والتقدم والنمو، هي الشاهد على تمسك هذا الوطن وترابط مجتمعه واعتزازهم بهويتهم، وتلاحمهم الوطني.

ومع ما تحقق على مدى أكثر من نصف قرن، في هذا الوطن العزيز، فإن المرحلة الحالية والمستقبلية جديرة أن نعزز فيها الانتباه تجاه بعض الجوانب، خاصة فيما يحصل بمواقع التواصل الاجتماعي، وهي البيئة التي دائما ما توصف بـ(الخصبة)، للاختلاف والضغينة والسباب، والتشكيك وغيرها من أوجه الظلمة المتسترة خلف أسماء ومعرفات مستعارة، قد تحاول النيل من تماسك المجتمع، لذلك فإن واقع هذه الوسائل يتطلب منها معرفة ما نناقشه فيها وما نتجنب النقاش فيه، لأنها ساحة مفتوحة يغلب عليها الغث، لذلك لا ندع هذه الوسائل تجد ثغرة في وحدة صفنا الثابت المتين.

لقد تحقق في سلطنة عُمان من المنجزات ما يشهد عليه العالم اليوم؛ لذلك فإن الأمانة الوطنية تحتم علينا جميعا، أن نكون العون لبعضنا البعض من أجل وطننا وعزته ورفعته، وأن نكون صفا وقلبا واحدا، ننعم بعيش كريم في ظل وطن السلام، وسلطان الحكمة والوفاء.