تبدو مآلات الحرب السودانية اليوم أكثر خطورةً من أي وقت مضى، في ضوء المعطيات المخيفة التي كشفت عنها تلك المآلات؛ من شبح للمجاعات وانهيار الدولة المركزية وما يترتب عن ذلك الانهيار في منطقة جيوسياسية يجاور فيها السودان خمس دول شهدت حروبًا أهليةً طاحنة، إلى جانب المخاطر الأخرى التي يمكن أن تترتب عن انهيار الدولة في السودان، من مظاهر الجريمة المنظمة، والهجرة السرية، والإرهاب، فضلًا عن وصول أوضاع الاقتتال الجارية الآن إلى الحرب الأهلية الشاملة.
تلك المآلات ستعني بالضرورة أن مصالح كبرى لدول عالمية وإقليمية ستتضرر وهي مصالح لا يمكن غض الطرف عنها في ظل التشابك الحيوي الذي كشفت عنه طبيعة التجارة الدولية اليوم، إلى جانب التوازنات الجيوسياسية التي ستضطر تلك الدول إلى البحث عن حل للأزمة السودانية، بالرغم من انشغال العالم اليوم بحربين؛ الحرب الروسية-الأوكرانية، وحرب إسرائيل في غزة.
وتبدو كل من مصر والولايات المتحدة الأمريكية هما الدولتان المعنيتان أكثر بخطورة مآلات الحرب السودانية على مصالحهما الأمنية والجيوستراتيجية.
فمن ناحية تدرك الولايات المتحدة، أن هناك أكثر من سبب يدفعها إلى البحث عن حلول للأزمة السودانية، فالحرب في السودان اليوم لا تشبه أي حرب أهلية في إفريقيا. فالصومال الذي انهارت فيه الدولة منذ عام 1990 لم يكن سوى طرف على هامش القرن الإفريقي، وليس لموقعه الجيوستراتيجي تلك الخطورة التي يمثلها الموقع الجيوسياسي للسودان، فضلًا عن أن هناك دواعيَ أخرى تجعل من الولايات المتحدة معنيةً بوقف الحرب في السودان على نحو خاص، ذلك أن الولايات المتحدة قد أدركت تمامًا أن رغبة الشعب السوداني في الديمقراطية والدولة المدنية رغبة صادقة، ولاحظت أمريكا تلك الرغبة عبر وفرة من المعطيات التي عكسها المشهد السياسي في السودان منذ عام 2019 سواءً عبر إسقاط الجنرال عمر البشير في أبريل عام 2019 أو في مقاومة عملية فض اعتصام القيادة العامة في يونيو من العام ذاته، أو في رفض انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي واجهه الشعب السوداني بمظاهرات انطلقت منذ اليوم الأول للانقلاب وظلت مستمرةً لأكثر من عام لم يستطع فيه الانقلابيون تكوين حكومة، ولا تسيير دولاب العمل العام بسبب تلك المظاهرات التي دفع الشعب السوداني فيها أكثر من 120 شهيدًا وشهيدة من خيرة أبناء الشعب السوداني، حتى اضطر الانقلابيون للتوقيع على الاتفاق الإطاري في 5 ديسمبر 2022 مع القوى السياسية، لكن سرعان ما انكشفت رغبة الجيش وحلفائه من عناصر النظام القديم في تفجير الوضع السياسي باندلاع حرب 15 أبريل 2023 التي لا تزال مجرياتها راهنة.
ومن جهة أخرى، تدرك مصر مآلات خطر الحرب في السودان على مصالحها القومية وعلى رأسها الأمن المائي الذي يعني أن وضعًا آمنًا في السودان هو ضرورة استراتيجية لأمن مصر القومي، ولقد ظهرت هذه الحاجة على نحوٍ ملحٍ مع بروز تلك المخاطر المذكورة لمفاعيل الحرب في السودان، لذلك تبدو مصر اليوم أكثر من أي وقت مضى استعدادًا للبحث عن سلام في السودان والبحث جديًا عما يضمن حماية مصالحها الأمنية الجيوستراتيجية هناك.
ولعل الدعوة إلى مؤتمر لحوار سوداني-سوداني في القاهرة يوم 30 يونيو تعتبر أبرز العلامات التي تعكس حرص مصر في ضوء معلومات سربتها الولايات المتحدة للأولى محذرةً لها من أن وضع الحرب في السودان بحلول شهر يوليو قد يصل إلى نقطة اللاعودة وعلى نحو يعكس خطورةً شديدةً على أمن مصر ودول المنطقة.
ولقد ترافق مع تلك الجهود من أجل البحث عن السلام في السودان حدث كبير هو قيام المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) بقيادة الدكتور عبدالله حمدوك، في أديس ابابا بين يومي 27 و30 مايو الماضي وهو مؤتمر حشد كثيرًا من القوى الحزبية والنقابية ولجان المقاومة والإدارة الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، وعكس التمثيل فيه طيفًا واسعًا للمجتمع السياسي السوداني، ونرجو أن يكون لنجاحه اللافت دور كبير في تعزيز الحل السياسي بالوصول إلى اتفاق ينهي الحرب في السودان ويعزز قيام حكومة مدنية، لا سيما وأن تنسيقية (تقدم) قد أعلنت موافقتها المبدئية على المشاركة في مؤتمر الحوار السوداني-السوداني بالقاهرة في 30 يونيو الجاري.
تلك المآلات ستعني بالضرورة أن مصالح كبرى لدول عالمية وإقليمية ستتضرر وهي مصالح لا يمكن غض الطرف عنها في ظل التشابك الحيوي الذي كشفت عنه طبيعة التجارة الدولية اليوم، إلى جانب التوازنات الجيوسياسية التي ستضطر تلك الدول إلى البحث عن حل للأزمة السودانية، بالرغم من انشغال العالم اليوم بحربين؛ الحرب الروسية-الأوكرانية، وحرب إسرائيل في غزة.
وتبدو كل من مصر والولايات المتحدة الأمريكية هما الدولتان المعنيتان أكثر بخطورة مآلات الحرب السودانية على مصالحهما الأمنية والجيوستراتيجية.
فمن ناحية تدرك الولايات المتحدة، أن هناك أكثر من سبب يدفعها إلى البحث عن حلول للأزمة السودانية، فالحرب في السودان اليوم لا تشبه أي حرب أهلية في إفريقيا. فالصومال الذي انهارت فيه الدولة منذ عام 1990 لم يكن سوى طرف على هامش القرن الإفريقي، وليس لموقعه الجيوستراتيجي تلك الخطورة التي يمثلها الموقع الجيوسياسي للسودان، فضلًا عن أن هناك دواعيَ أخرى تجعل من الولايات المتحدة معنيةً بوقف الحرب في السودان على نحو خاص، ذلك أن الولايات المتحدة قد أدركت تمامًا أن رغبة الشعب السوداني في الديمقراطية والدولة المدنية رغبة صادقة، ولاحظت أمريكا تلك الرغبة عبر وفرة من المعطيات التي عكسها المشهد السياسي في السودان منذ عام 2019 سواءً عبر إسقاط الجنرال عمر البشير في أبريل عام 2019 أو في مقاومة عملية فض اعتصام القيادة العامة في يونيو من العام ذاته، أو في رفض انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي واجهه الشعب السوداني بمظاهرات انطلقت منذ اليوم الأول للانقلاب وظلت مستمرةً لأكثر من عام لم يستطع فيه الانقلابيون تكوين حكومة، ولا تسيير دولاب العمل العام بسبب تلك المظاهرات التي دفع الشعب السوداني فيها أكثر من 120 شهيدًا وشهيدة من خيرة أبناء الشعب السوداني، حتى اضطر الانقلابيون للتوقيع على الاتفاق الإطاري في 5 ديسمبر 2022 مع القوى السياسية، لكن سرعان ما انكشفت رغبة الجيش وحلفائه من عناصر النظام القديم في تفجير الوضع السياسي باندلاع حرب 15 أبريل 2023 التي لا تزال مجرياتها راهنة.
ومن جهة أخرى، تدرك مصر مآلات خطر الحرب في السودان على مصالحها القومية وعلى رأسها الأمن المائي الذي يعني أن وضعًا آمنًا في السودان هو ضرورة استراتيجية لأمن مصر القومي، ولقد ظهرت هذه الحاجة على نحوٍ ملحٍ مع بروز تلك المخاطر المذكورة لمفاعيل الحرب في السودان، لذلك تبدو مصر اليوم أكثر من أي وقت مضى استعدادًا للبحث عن سلام في السودان والبحث جديًا عما يضمن حماية مصالحها الأمنية الجيوستراتيجية هناك.
ولعل الدعوة إلى مؤتمر لحوار سوداني-سوداني في القاهرة يوم 30 يونيو تعتبر أبرز العلامات التي تعكس حرص مصر في ضوء معلومات سربتها الولايات المتحدة للأولى محذرةً لها من أن وضع الحرب في السودان بحلول شهر يوليو قد يصل إلى نقطة اللاعودة وعلى نحو يعكس خطورةً شديدةً على أمن مصر ودول المنطقة.
ولقد ترافق مع تلك الجهود من أجل البحث عن السلام في السودان حدث كبير هو قيام المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) بقيادة الدكتور عبدالله حمدوك، في أديس ابابا بين يومي 27 و30 مايو الماضي وهو مؤتمر حشد كثيرًا من القوى الحزبية والنقابية ولجان المقاومة والإدارة الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، وعكس التمثيل فيه طيفًا واسعًا للمجتمع السياسي السوداني، ونرجو أن يكون لنجاحه اللافت دور كبير في تعزيز الحل السياسي بالوصول إلى اتفاق ينهي الحرب في السودان ويعزز قيام حكومة مدنية، لا سيما وأن تنسيقية (تقدم) قد أعلنت موافقتها المبدئية على المشاركة في مؤتمر الحوار السوداني-السوداني بالقاهرة في 30 يونيو الجاري.