اختار النادي الثقافي أن يكون تأبينه للشاعر الراحل "بدر بن عبدالمحسن" بأٍسلوب مغاير، في أمسية ثقافية امتلأت كراسي الحضور فيها بعشاق الشاعر الراحل، وطغى صوت الشعر على أي صوت سواه، وصدح الشعراء بأعذب ما سيبقى في التاريخ معنونا بخلود لغة البدر.

الأمسية التي بدأتها الدكتورة منى بن حبراس السليمية –عضو مجلس إدارة النادي- بكلمة ذكرت فيها دور الشاعر الراحل في اكتشاف مناطق الحداثة في النص الشعري الخليجي، والحديث عن كونه أحد مؤسسي اللغةِ النبطيةِ الأرستقراطية، وهي اللغة بين منزلتين: الجزالةِ في المفردةِ اللهجيةِ الدارجة، والحداثةِ المغلقة.

وحول ماقدمه بدر عبدالمحسن للنص الغنائي قالت الدكتورة منى: "ما قام به بدر بن عبدالمحسن كان إنجازا مهمّا في هذا الإطار، وذلك عندما قلّصَ المسافةَ وألغى التباعدَ المتخيلَ بين النصِّ الغنائي (بثالوثه: الكلمة واللحن والأداء)، وبين النصِّ الشعري؛ فنجدُنا عندما نستمعُ إلى "المزهرية" بصوتِ البدر أو نقرأُها مكتوبةً، فكأننا نستمعُ إلى غناءِ عبادي الجوهر، أو إلى راشدِ الماجد بينما نقرأ "لا تلوّح للمسافر"، أو لعبدالكريم عبدالقادر إذ نقرأ "يطري عليه الوله"، و"يا ظماي"، أو لعبدالمجيد عبدالله عندما نقرأ "تخيّل"، أو لمحمد عبده".

وتحدثت السيلمية عن اللغة العابرة للحدود التي يمتلكها البدر قالت: "من ميزاتِ الشفرةِ الجماليةِ التي اعتمدَها أنَّها عابرةٌ للأمزجةِ ومتجاوزةٌ لجغرافيةِ التلقي، فالشاعرُ والمتلقي في عُمان يستمتعُ بنصوصِه كما يستمتعُ بها الشاعرُ والمتلقي في السعودية، وفي باقي أقطار الخليج، وخارجَ حدود الخليج، لذا فإن خارطةَ تلقيه كانت شاسعة، وكان بدرا يضيءُ في الأقاصي العليا، بينما كفوفُ شعرِه تصافحُ قلوبَ الأجيالِ برقتِها العذبة".

وقدم الشاعر طاهر العميري كلمته في الأمسية التي تحدث فيها عن أثر الشاعر بدر عبدالمحسن في مسيرة الشعر في الخليج، وبدأها بالتلامس الأولي بين طاهر وعوالم البدر حيث قال: " من أكثر من عشرين عام كنت أحاول اكتشاف مجرات عالم البدرالغريبة، ارتطامي الأول به من خلال قصيدتيه "كفاك غرور" و" كلهم راحوا"، والتي كان يشرق بأحزانهما يومها عبادي الجوهر، أغنيات ممتلئة بالجراح والأحلام، في ثنائية القرب والبعد وارتجاف العاشق أمام مفردات الحب التي تكتنز بها أيامه".

واستعرض طاهر العميري مواضع الجمال في مجموعة من قصائد البدر، وقال العميري واصفا لغة الشاعر الراحل: " في لغة بدر بن عبدالمحسن تلك الطاقة الخلاقة، والقدرة على إنتاج الصور المبتكرة التي تعكس حداثة الروح والتي تؤسس لتجربة شعرية مفارقة بما تنتجه من معان ودلالات جديدة تعكس حجم الاحتراق الداخلي من خلال لغة حلمية تخيلية".

وازدانت أجواء الأمسية بمجموعة من القصائد الشعرية للبدر التي ألقاها الشاعر حمود بن وهقة، والشاعر أصيلة السهيلية، والشاعر حمود الحجري، والشاعر عبدالعزيز العميري".