لا تزال كثير من الآثار الشعرية لأعلام القرن الرابع عشر الهجري حبيسة المخطوطات، ومن بين أولئك شعراء مجيدون وأدباء مبرِّزون ترجم لهم الأديب الفقيه محمد بن راشد الخصيبي في كتابه (شقائق النعمان على سموط الجمان في أسماء شعراء عمان) منهم على سبيل المثال: أبو وسيم خميس بن سليم الإزكوي، وجمعة بن سليم بن هاشل الخنجري (ت:1368هـ)، وعبدالرحمن بن ناصر بن عامر الريامي (ت:1374هـ)، وهذا الأخير هو الذي نسلط الضوء على ديوانه الشعري الذي لا يزال مخطوطًا. وُلد الشاعر الريامي بإزكي سنة 1301هـ ورحل لتلقي العلم بنزوى ولازم فيها الإمام محمد بن عبدالله الخليلي، وسافر إلى زنجبار مرتين وربطته علاقات حميمة مع جملة من الوجهاء والأدباء هنالك، ثم رجع إلى عمان حتى آخر عمره.
ولعل الشاعر عبدالرحمن الريامي من قلائل الشعراء الذين جمعوا آثارهم الشعرية في ديوان مع ترتيبٍ وتقديمٍ بمناسبة كل قصيدة أو مقطوعة شعرية. وقد قسم الشاعر ديوانه إلى جزأين، جعل الجزء الأول للأذكار، وذكر في أول الجزء الثاني أنه جعله «للتاريخ والمديح والمباسطات والرثاء والأجوبة لرسائل الأصحاب»، لكنه ضمَّن الجزء الأول شيئًا من ذلك أيضًا إلى جانب الإلهيات والأذكار والأغراض الأخرى.
على خطى أبي مسلم البهلاني استفتح الريامي ديوانه بالإلهيات، ابتدأها بذكر سمّاه «الدعوة الكبرى باسم الله الذي ترجع إليه أسماء الله سبحانه وصفاته»، ثم أذكار أخرى سماها، منها «نيل المنى وكنز الغنى في التوسل بأسماء الله الحسنى» نظمه سنة 1355هـ وقسمها في مقطوعات إلى مقدمة في شروط الذكر ثم مقاصد وخاتمة. ومنها دعوة «انتعاش الروح بناموس الفتوح» وضع لها مقدمة في شروط الذكر وكيفية الإتيان به، وقد نقل عن أبي مسلم البهلاني من ذكره الذي سماه «الوادي المقدس» ما نصه: «من قدر أن يجمع في نَفَس واحد الجلالة هو الله أو يا الله أو الله إحدى عشرة مرة فإنه أجمع للسر ولحرق العوارض النفسانية من المجربات»، ودعوة «الغوث القريب من السميع المجيب». وفي قسم الإلهيات أيضًا تخميس قصيدة بائية لشاعر التصوف عبدالرحيم بن أحمد البرعي (ت:803هـ)، وتخميس فيه استغاثة كريمة ودعوة عظيمة بالأسماء الحسنى، وتوبة في أبيات مخمسة ينتهي كل مقطع منها بالاستغفار، وقصيدة في رياضة النفس وعدم الرضا عنها والتبكيت لها، وفي القسم الأول أيضًا أشعار في الحكمة وفي النصيحة وفي التوبة وفي السلوك.
وتتجلى في شعر الريامي العلاقة الوطيدة بينه وبين الإمام محمد بن عبدالله الخليلي (ت:1373هـ)، إذ يحكي عن نفسه في مقدمة إحدى القصائد أنه رأى رؤيا وهو في حصن نزوى ببرزة الغرفة الداخلية للإمام سنة 1347هـ رأى البيت الأول من قصيدة فانتبه وقت السحر وأتم باقي القصيدة، ومطلعها:
يا عبيدالله دع عنك الرقاد ** قم بذكر الله في هذا السواد
كم به من وجه بدرٍ مشرقٍ ** يستمد النور من شمس الفؤاد
وله قصيدة قالها منبهًا الإمام على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتحريض لنشر العدل، وقصيدة قالها في الاعتصام بالله، منوهًا بذكر الإمام. وقد صحب الإمام في بعض أسفاره ونظم في مقامه شعرًا في مناسبات عديدة.
وفي سياق شعر المناسبات نجد قصائد عديدة في أحداث عهد الإمام سالم بن راشد الخروصي (ت:1338هـ)، وقصيدة في الطاعون الذي وقع بعمان سنة 1336هـ، ومات بسببه خلق كثير منهم السيد سعود بن حمد بن هلال البوسعيدي، والفقيه سليمان بن محمد بن أحمد الكندي، وقصائد كثيرة في مناسبات أخرى.
وفي الديوان أغراض شعرية عديدة وموضوعات شتى منها الجوابات فقهية، إذ له جواب نظمي لسؤال محمد بن شيخان الناعبي ساكن سدِّي من إزكي، وجواب آخر على سؤال وجهه إليه عبدالله بن عمر البهلاني. ولما سافر إلى زنجبار ومكث بالجزيرة الخضراء كانت له محاورات شعرية ومباسطات مع سعيد بن عبدالله بن عامر العزري، وسليمان بن علي بن قاسم الريامي، ووصف في بعض أبياته المجلس الذي جمعه بهم بمنزل قاضي زنجبار علي بن محمد بن علي المنذري، كما نقل في الديوان مباسطة أشياخ الأدب حين طلب منه ذلك سلطان بن محمد الإسماعيلي الساكن الطائف من أعمال ويته، وهي مطارحة شعرية مع أبي الحارث محمد بن علي بن خميس البرواني وغيره من الشعراء. وله قصيدة متذكرًا إخوانه سعيد بن علي بن جمعة المغيري وآل إسماعيل بالطائف من بندر ويته من الجزيرة الخضراء، ولعلها كانت بعد رجوعه إلى وطنه، وكذلك أبيات في التفاؤل إثر رجوعه إلى وطنه. وللشاعر قصيدة قالها جوابًا للأديب عبدالسلام بن يونس العمري الذي بعث له رسائل من زنجبار، وينبئ ذلك عن بقائه موصولا بزنجبار التي حنَّ إليها ونظم قصيدة تذكارًا لها ولإخوان الصفاء فيها، وأولها:
إلى زنجبار حرك الشجو تذكار ** وماليَ والذكرى وقد شطت الدار
تُذكِّرني الآداب منها وكم لنا ** مباسطة فيها وأُنسٌ وأشعارُ
ولشعر الرثاء حضور في ديوانه، فممن رثاهم والده القاضي ناصر بن عامر بن سليمان الريامي، ومعلمه القرآن سعيد بن عبدالله بن ناصر الريامي، والعالم أبو زيد عبدالله بن محمد بن رزيق الريامي المتوفى سنة 1364هـ، ومطلع مرثيته:
الله أكبر عم خطب الداهية ** بمصيبة تركت قوانا واهية
رزءٌ تقسَّم في البسيطة وقعه ** فلكل قلب منه عين باكية
أواه من خطبٍ جسيم مفظعٍ ** في ليلة ظلماتها متناهية
كما رثى ولده محمد بن أبي زيد الريامي، وله مرثية في غيث بن محمد بن غيث الدرمكي المتوفى سنة 1368هـ.
وللإخوانيات حضور واسع في شعره، منها مثلا أبيات نظمها عندما زاره بإزكي ناصر بن سليمان الإسماعيلي في الترحيب به، كما نظم قصيدة مستدعيًا صديقه الشاعر سالم بن سيلمان بن سالم البهلاني للزيارة، ومطلعها:
رَبَّ القريض اللائق الرائقِ ** يا ذا الإخاء الخالص الصادقِ
يا حلية العصر ويا زينة ** المصر رفيع القدر الشاهق
يا سلام نجل سليمان من ** جَدَّدَ عهد الأنس فيما بقي
وفي آخر الديوان قصائد في مناسبات شتى، منها قصائد ومقطوعات قالها بصحبة الإمام محمد بن عبدالله الخليلي في رحلته إلى الشرقية سنة 1363هـ، ومنها مطارحات مع عدد من الشعراء وتخميسات ومباسطات أدبية في عمان وزنجبار.
ولعل الشاعر عبدالرحمن الريامي من قلائل الشعراء الذين جمعوا آثارهم الشعرية في ديوان مع ترتيبٍ وتقديمٍ بمناسبة كل قصيدة أو مقطوعة شعرية. وقد قسم الشاعر ديوانه إلى جزأين، جعل الجزء الأول للأذكار، وذكر في أول الجزء الثاني أنه جعله «للتاريخ والمديح والمباسطات والرثاء والأجوبة لرسائل الأصحاب»، لكنه ضمَّن الجزء الأول شيئًا من ذلك أيضًا إلى جانب الإلهيات والأذكار والأغراض الأخرى.
على خطى أبي مسلم البهلاني استفتح الريامي ديوانه بالإلهيات، ابتدأها بذكر سمّاه «الدعوة الكبرى باسم الله الذي ترجع إليه أسماء الله سبحانه وصفاته»، ثم أذكار أخرى سماها، منها «نيل المنى وكنز الغنى في التوسل بأسماء الله الحسنى» نظمه سنة 1355هـ وقسمها في مقطوعات إلى مقدمة في شروط الذكر ثم مقاصد وخاتمة. ومنها دعوة «انتعاش الروح بناموس الفتوح» وضع لها مقدمة في شروط الذكر وكيفية الإتيان به، وقد نقل عن أبي مسلم البهلاني من ذكره الذي سماه «الوادي المقدس» ما نصه: «من قدر أن يجمع في نَفَس واحد الجلالة هو الله أو يا الله أو الله إحدى عشرة مرة فإنه أجمع للسر ولحرق العوارض النفسانية من المجربات»، ودعوة «الغوث القريب من السميع المجيب». وفي قسم الإلهيات أيضًا تخميس قصيدة بائية لشاعر التصوف عبدالرحيم بن أحمد البرعي (ت:803هـ)، وتخميس فيه استغاثة كريمة ودعوة عظيمة بالأسماء الحسنى، وتوبة في أبيات مخمسة ينتهي كل مقطع منها بالاستغفار، وقصيدة في رياضة النفس وعدم الرضا عنها والتبكيت لها، وفي القسم الأول أيضًا أشعار في الحكمة وفي النصيحة وفي التوبة وفي السلوك.
وتتجلى في شعر الريامي العلاقة الوطيدة بينه وبين الإمام محمد بن عبدالله الخليلي (ت:1373هـ)، إذ يحكي عن نفسه في مقدمة إحدى القصائد أنه رأى رؤيا وهو في حصن نزوى ببرزة الغرفة الداخلية للإمام سنة 1347هـ رأى البيت الأول من قصيدة فانتبه وقت السحر وأتم باقي القصيدة، ومطلعها:
يا عبيدالله دع عنك الرقاد ** قم بذكر الله في هذا السواد
كم به من وجه بدرٍ مشرقٍ ** يستمد النور من شمس الفؤاد
وله قصيدة قالها منبهًا الإمام على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتحريض لنشر العدل، وقصيدة قالها في الاعتصام بالله، منوهًا بذكر الإمام. وقد صحب الإمام في بعض أسفاره ونظم في مقامه شعرًا في مناسبات عديدة.
وفي سياق شعر المناسبات نجد قصائد عديدة في أحداث عهد الإمام سالم بن راشد الخروصي (ت:1338هـ)، وقصيدة في الطاعون الذي وقع بعمان سنة 1336هـ، ومات بسببه خلق كثير منهم السيد سعود بن حمد بن هلال البوسعيدي، والفقيه سليمان بن محمد بن أحمد الكندي، وقصائد كثيرة في مناسبات أخرى.
وفي الديوان أغراض شعرية عديدة وموضوعات شتى منها الجوابات فقهية، إذ له جواب نظمي لسؤال محمد بن شيخان الناعبي ساكن سدِّي من إزكي، وجواب آخر على سؤال وجهه إليه عبدالله بن عمر البهلاني. ولما سافر إلى زنجبار ومكث بالجزيرة الخضراء كانت له محاورات شعرية ومباسطات مع سعيد بن عبدالله بن عامر العزري، وسليمان بن علي بن قاسم الريامي، ووصف في بعض أبياته المجلس الذي جمعه بهم بمنزل قاضي زنجبار علي بن محمد بن علي المنذري، كما نقل في الديوان مباسطة أشياخ الأدب حين طلب منه ذلك سلطان بن محمد الإسماعيلي الساكن الطائف من أعمال ويته، وهي مطارحة شعرية مع أبي الحارث محمد بن علي بن خميس البرواني وغيره من الشعراء. وله قصيدة متذكرًا إخوانه سعيد بن علي بن جمعة المغيري وآل إسماعيل بالطائف من بندر ويته من الجزيرة الخضراء، ولعلها كانت بعد رجوعه إلى وطنه، وكذلك أبيات في التفاؤل إثر رجوعه إلى وطنه. وللشاعر قصيدة قالها جوابًا للأديب عبدالسلام بن يونس العمري الذي بعث له رسائل من زنجبار، وينبئ ذلك عن بقائه موصولا بزنجبار التي حنَّ إليها ونظم قصيدة تذكارًا لها ولإخوان الصفاء فيها، وأولها:
إلى زنجبار حرك الشجو تذكار ** وماليَ والذكرى وقد شطت الدار
تُذكِّرني الآداب منها وكم لنا ** مباسطة فيها وأُنسٌ وأشعارُ
ولشعر الرثاء حضور في ديوانه، فممن رثاهم والده القاضي ناصر بن عامر بن سليمان الريامي، ومعلمه القرآن سعيد بن عبدالله بن ناصر الريامي، والعالم أبو زيد عبدالله بن محمد بن رزيق الريامي المتوفى سنة 1364هـ، ومطلع مرثيته:
الله أكبر عم خطب الداهية ** بمصيبة تركت قوانا واهية
رزءٌ تقسَّم في البسيطة وقعه ** فلكل قلب منه عين باكية
أواه من خطبٍ جسيم مفظعٍ ** في ليلة ظلماتها متناهية
كما رثى ولده محمد بن أبي زيد الريامي، وله مرثية في غيث بن محمد بن غيث الدرمكي المتوفى سنة 1368هـ.
وللإخوانيات حضور واسع في شعره، منها مثلا أبيات نظمها عندما زاره بإزكي ناصر بن سليمان الإسماعيلي في الترحيب به، كما نظم قصيدة مستدعيًا صديقه الشاعر سالم بن سيلمان بن سالم البهلاني للزيارة، ومطلعها:
رَبَّ القريض اللائق الرائقِ ** يا ذا الإخاء الخالص الصادقِ
يا حلية العصر ويا زينة ** المصر رفيع القدر الشاهق
يا سلام نجل سليمان من ** جَدَّدَ عهد الأنس فيما بقي
وفي آخر الديوان قصائد في مناسبات شتى، منها قصائد ومقطوعات قالها بصحبة الإمام محمد بن عبدالله الخليلي في رحلته إلى الشرقية سنة 1363هـ، ومنها مطارحات مع عدد من الشعراء وتخميسات ومباسطات أدبية في عمان وزنجبار.