تتكئ سلطنة عمان على إرث سياسي ودبلوماسي عريق، نابع من القيم الإنسانية وثقافة التعايش والتسامح والوئام واحترام الثقافات والأديان ومعتقدات الشعوب، حيث بني هذا الإرث على امتداد عقود من التاريخ العماني، ليكون نهجا عمانيا راسخا يؤمن به المجتمع وترسخه مؤسسات الدولة وسياساتها على المستوى المحلي والخارجي.
وأسهم النهج العماني الداعي دائما إلى السلام والحوار، والابتعاد عن الصراعات والأزمات، واحترام دول الجوار والعالم، وعدم التدخل في شؤون الغير، وتبني حل الخلافات بالطرق الدبلوماسية، بأن تكون سلطنة عمان خالية من العنف والإرهاب، إذ لم تسجل في تاريخها أي حدث إرهابي.
وتعزز سلطنة عمان نهج التسامح والتآخي عبر كافة مؤسساتها، وتمضي نحو بناء مستقبل متمسك بالقيم الإنسانية والبعد عن التعصب والغلو، وتضمن محور الإنسان والمجتمع في رؤية عمان 2040 ضمن أولوياته المواطنة والهوية والتراث والثقافة ليكون من ضمن الأهداف أن يكون المجتمع مجتمعا رائدا عالميا في التفاهم والتعايش والسلام.
وتشارك سلطنة عُمان اليوم دول العالم الاحتفال باليوم الدولي لمنع التطرف العنيف المفضي إلى الإرهاب الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها (243/77) والذي يصادف (12 فبراير)، وبالتزامن مع هذه المناسبة أكد عدد من الدبلوماسيين و المحللين والكتاب والأكاديميين، ومقيمين في سلطنة عمان، على أن سلطنة عمان واحة للسلام و الوئام، وبعيدة عن التطرف والإرهاب والعنف، بحكم نهجها المتسامح و سياستها الداعية للسلام والحوار والنأي عن الصراعات.
نهج السلام
وأكد سعادة السفير الشيخ حميد بن علي بن سلطان المعني رئيس دائرة الشؤون العالمية بوزارة الخارجية على أن ما حققته سلطنة عمان بمجال مكافحة الإرهاب والتصدي للعنف، واضح للعيان على المستويين المحلي والخارجي، من خلال مسيرة واضحة و توجيه سام من القيادة الحكيمة على أن يبقى هذا البلد متصالحا مع نفسه وجيرانه والعالم بأسره، ينشد السلام وخدمة الإنسان دون تمييز بين جنس أو لون أو دين.
و قال المعني: إن التاريخ العماني متناغم وفق ما يمليه التاريخ ووفق تطلعات للمستقبل تنظر إلى الإنسان على أنه محور للتنمية، لذلك فإن ما حققته سلطنة عمان بمجال مكافحة العنف و خلوها من الإرهاب هو ثمرة للسياسة الحكيمة والمتزنة.
وأشار سعادته إلى أن سياسة سلطنة عمان الخارجية أسهمت في تحقيق (صفر إرهاب)، وذلك من خلال ما تنشده من سلم وتعاون إيجابي، ودعوتها للابتعاد عن الحروب و الابتعاد عن الأزمات، مع تأكيدها الدائم على أن هناك أزمات يمكن حلها بالحوار والتفاهم دون حاجة لاستخدام قوة السلاح.
وأكد رئيس دائرة الشؤون العالمية بوزارة الخارجية على أن سلطنة عمان تحترم القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني و حقوق الإنسان، وذلك نابع من من تعاليم ديننا الحنيف و التاريخ العماني المتجذر الرامي إلى نهج السلام والعيش بوئام.
وأوضح سعادته أن الجهود العمانية متواصلة في مجال التصدي للعنف والإرهاب على المستوى الوطني، وذلك عبر عدة مسارات متمثلة في اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، وعلى المستوى العالمي هناك تنسيق مع الأمم المتحدة، كلها تصب في مسألة واحدة وهي تحقيق تطلعات الوطن بأن يبقى الإنسان هو محور التنمية وله حقوق مصونة.
و بيّن سعادة السفير أن القاموس الدبلوماسي العماني يركز دائما على تخطي الصعاب عبر الحوار، وإيجاد آلية لفض النزاعات بالطرق السلمية والإنسانية، لذلك فإن سياسة سلطنة عمان دائما ما تستخدم لغة الروح البناءة بعيدا عن العنف والتطرف والغلو.
إرساء العدالة
من جانبه قال المحامي الدكتور راشد بن سالم البادي: نهجت سلطنة عمان منذ عقود طويلة على اتباع مجموعة من المبادئ والأسس الثابتة التي من شأنها منع وجود مسببات للتطرف المفضي إلى الإرهاب، وقّد رسخ تلك المبادئ والأسس السلطان الراحل قابوس بن سعيد ـ طيّب الله ثراه ـ كتطبيق عملي ملموس على مدى خمسين عاما، وقد سار على نهجه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ.
وأكد البادي على أن قرار الأمم المتحدة رقم 243/77 جاء ليؤكد على تلك المبادئ والأسس التي انتهجتها سلطنة عمان منذ القدم، ومن بينها إرساء وتطبيق العدالة في مواضعها بين كافة أفزاد المجتمع وإرساء وتطبيق مبدأ المساواة عندما تكون المساواة مهمة في تحقيق العدالة، وكفالة الحرية الشخصية للجميع، فكل شخص حر في اختياره العقائدي والديني والمذهبي، و نبذ التفرقة على أسس مذهبية أو دينية أو عقائدية، فالكل متساوون في الحقوق والواجبات، وغيرها من المبادئ، لذلك فإن كل تلك المبادئ والأسس أوجدت بيئة مثالية وجاذبة للعيش بسلام في سلطنة عمان، بعيدا من كافة المنغصات من خوف وقلق ورعب.
إرث مجتمعي أصيل
وقال الدكتور علي بن سعيد الريامي رئيس قسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس: إن حصول سلطنة عمان على المركز الأول على مستوى العالم في مؤشر "الخلو من الوقوع في الإرهاب" -وهو من مؤشرات التنافسية المهمة- لم يأت من فراغ، وإنما هو حصيلة إرث مجتمعي أصيل، إذ لطالما كانت السمات الشخصية للإنسان العماني تميل إلى التعايش السلمي، واحترام التعددية الثقافية، والتفاهم والتسامح، وتاريخيا كان نبذ كل أشكال التمييز والتعصب والتطرف سمتا عمانيا عرفوا به، والسلطان الراحل في خطاب بليغ له في العام 1994م، كان قد وصف هذا التوجه بالقول: "إن التطرف مهما كانت مسمياته والتعصب مهما كانت أشكاله والتحزب مهما كانت دوافعه ومنطلقاته نباتات كريهة سامة ترفضها التربة العمانية الطيبة التي لا تنبت إلا طيبًا". وبذلك يمكنني القول إننا أمام رصيد مجتمعي له امتداد تاريخي، وسياسة متجذرة رسمت معالمها القيادة السياسية العمانية على مر التاريخ، وهو ما عبّر عنه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- في أحد خطاباته المهمة حين قال: "لقد عرف العالم عُمان عبر تاريخها العريق والمشّرف كيانا حضاريا فاعلا ومؤثرا في نماء المنطقة وازدهارها، واستتباب الأمن والسلام فيها، تتناوب الأجيال على إعلاء رايتها، وتحرص على أن تظل رسالة عمان للسلام تجوب العالم حاملة إرثا عظيما وغايات سامية تبني ولا تهدم، تقرّب ولا تباعد...".
وأكد الريامي على أن السياسة الداخلية العمانية حريصة كل الحرص على بناء مجتمع متماسك، متعاون، متآخٍ ومتكافل، وأساس العلاقة بين الشعب مبنية على المواطنة الصالحة، والهوية الجامعة، والعدالة الناجزة، والمساواة المتحققة في مجتمع متعدد الأعراق، ومتعدد الثقافات، قادر على التعايش من خلال قطع دابر كل ما يؤجج الخلافات، ويثير الفتن، وما قد يدفع باتجاه التطرف والتعصب المفضي إلى الإرهاب.
وحول السياسة الخارجية قال الريامي: إن السياسة الخارجية، لسلطنة عمان هي سياسة دائما ما كانت منحازة لقيم السلام ومبادئ الحق والعدالة، وحق العيش الكريم لجميع الشعوب، وحريتها في تقرير المصير دون التدخّل في شؤونها الداخلية واحترام حسن الجوار، وقد عرفت عمان بمواقفها المستقلة تجاه القضايا العادلة، وعدم الدخول في أحلاف وتكتلات تضر بمصالح الغير، وهي بذلك تنأى بنفسها عن الدخول في النزاعات والصراعات والخلافات الإقليمية والدولية التي تفضي إلى تأجيج مشاعر الكراهية، وتوفر تربة خصبة للإرهاب الذي يزعزع أمن واستقرار المجتمعات.
وأوضح الريامي أن العالم اليوم يشهد متغيرات كثيرة سياسة واقتصادية وطفرة تكنولوجية، وتنافسا محموما بين القوى الكبرى، تحتم اتباع سياسة حكيمة متوازنة، كما أن المنطقة العربية على وجه الخصوص تموج على صفيح ساخن قابل للانفجار في أي وقت خاصة مع دخول الحرب على غزة في شهرها الرابع، وهو ما قد ينذر بتوسيع دائرة الصراع، وقد كان موقف سلطنة عمان منذ بداية هذه الحرب الغاشمة واضحا في دعوة الكيان الصهيوني لوقف فوري لإطلاق النار، ووقف الإبادة الجماعية وكل أشكال التطهير العرقي والفصل العنصري الذي تمارسه إسرائيل على الأراضي المحتلة، حتى لا تنزلق المنطقة إلى حرب شاملة تقوض السلم الدولي.
وفي ختام حديثه أكد رئيس قسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس على أن سياسات سلطنة عمان على الصعيد الداخلي والخارجي على مدار العقود الماضية، وكل تلك المواقف والسياسات التي انتهجتها أسهمت دون شك في تجفيف منابع الإرهاب، فهي لم تخلق لنفسها أعداء لا في الداخل ولا في الخارج، وهو ما جعلها تحظى بتقدير المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية لمنحها مؤشرا متميزا (صفر إرهاب) لسنوات متتالية، فضلا عن الاستعانة بخبراتها السياسية كوسيط نزيه في العديد من الملفات الشائكة والمعقدة، وهو ما نجحت فيه باقتدار.
أسباب وتداعيات
وقال الكاتب والباحث بدر العبري: إن العالم يعاني اليوم من حالات العنف المفضي إلى الإرهاب، وقد يكون العنف سببه فكريّ داخليّ، وقد يكون سببه عوامل خارجيّة وعلى رأسها الاستبداد، أمّا السّبب الفكريّ فهي نتيجة قراءات وإسقاطات خاطئة للنّصوص الدّينيّة، أو تحويل المصاديق الظّرفيّة المتعلقة بوقائع لها ظرفيّتها إلى مصاديق مطلقة.
وقال العبري: إن سلطنة عمان تنبهت إلى خطر العنف والإرهاب منذ فترة مبكرة مع بداية نهضة 1970م، وبقدر حربها للعنف والتّطرّف فكريّا ومدرسيّا وخطابيّا؛ هي في الوقت نفسه أقرت مبدأ المواطنة على أساس العدل والمساواة، وحاولت احتواء الاتّجاهات اليساريّة واليمينيّة الّتي تكوّنت لظرفيّة كانت لها أجواؤها الخاصّة، وقد حاولت الدّولة الحديثة تجاوزها.
وأكد العبري على أن الرّؤية في عهد النّهضة المتجدّدة، عهد جلالة السّلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ كرست الاستقرار، وأسهم في ذلك موقع عمان من الدّول الأخرى في موقع الحياد والإحياء، فلم تكن شريكا في دمار أمم أخرى لأجل مصلحتها ونفعيّتها، ولم تسمح في الوقت ذاته في التّدخل في شؤونها الدّاخليّة، هذا أعطى مرونة ليس على المستوى السّياسي فحسب؛ بل حتّى على المستوى المدنيّ والعلاقات الاجتماعيّة، كذلك حافظت على التّسامح والتّعايش الدّاخليّ، الّذي ورثته جيلا عن جيل كما يقول المستشرق جون أوفنجتن الّذي زار عمان عام 1693م: "إنّ هؤلاء العرب على قدر كبير من دماثة الخلق، يظهرون لطفا وكرما كبيرين للغرباء، فلا يحتقرونهم، ولا يلحقون بهم أذى جسديّا".
حكمة وتوازن
من جانبها قالت الدكتورة مياء بنت هديب الحبسية إعلامية وكاتبة عمانية: إن سلطنة عمان عرفت دائما بالحكمة والتوازن والسعي لحل القضايا والاختلافات بالطرق السلمية تفاديا للصدام الذي يجلب العنف والتطرف.
وأكدت على أن سلطنة عمان تستند في حس التسامح والتعايش، الذي يعتبر إرثا تاريخيا ومبدأ فكريا متوارثا وأصيلا في تكوينها العقدي، إضافة إلى التجربة الطويلة التي تشكلت من خلال تفاعل وتجاور مجموعات قبلية وعرقية وثقافات مختلفة في هذا البلد الغني بالتنوع والتحولات الحضارية المختلفة، موضحة أن الحراك الحضاري دائما يختبر تفاعل هذه القوى، وعلى مدى التاريخ كان هناك الكثير من تجارب الخلاف والصدام ونجاحات الوحدة والتفاهم التي أوجدت بالمحصلة فهما ووعيا وحكمة في التعامل مع الاختلافات.
وأشارت إلى أن سلطنة عمان تؤكد دائما التزاماتها في المواثيق الدولية ودورها المثمر دوليا في تعقب ومنع ما يمكن أن يجعل منها طرفا أو هدفا محتملا سياسيا، اقتصاديا وحتى ثقافيا ودينيا.
و قالت الإعلامية مياء الحبسية: إنه لا يمكن التغافل أن تعريف الإرهاب، وكيفية التعامل معه دوليا محكوم بمصالح وتوجهات سياسية تسيرها القوى الأكثر تنفذًا مما يجعل بالتأكيد التعامل مع هذا المفهوم بحد ذاته أمرا خلافيا. إضافة إلى أن الإرهاب في كثير من الأوقات هو صنيعة الرغبات السياسية الطامعة لمزيد من التنفذ فتجعل منه ومن الدعوة للتعامل معه وسيلة لتحقيق أهداف السيطرة السياسية والثقافية والاقتصادية لذا تجد ازدواجية المعايير وربط تهمة الإرهاب دائما بالجهات التي هي في خلاف أو صراع مع قوى بعينها هذا الأمر من الممكن أن يوجد مناخا من تجاذب الآراء حول هذه المسائل وضرورة التفاوض حتى لا يتحول التعامل مع خطر مزعج كالإرهاب إلى أداة سياسية تفرض أشكالا من السيطرة والتبعية.
منظومة متكاملة
وأكد الدكتور سعود الفارسي خبير مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب أن سلطنة عمان تعمل وفق منظومة متكاملة لمكافحة الإرهاب وتمويله، حيث تفعّل هذه المنظومة من نواحٍ تشريعية و يضمن حفاظها على مؤشرات إيجابية في مكافحة الإرهاب والتصدي للعنف.
و قال: إن سلطنة عمان رسول سلام لكافة أنحاء العالم، وقد تبنت مواقف مشرفة للإنسانية تجاه العديد من القضايا، مما أكسبها سمعة طيبة لدى شعوب العالم والمنظمات الدولية.
مشيرا إلى ما تقوم به سلطنة عمان من خلال (رسالة التسامح) التي جابت دول العالم من أجل نشر السلام والتسامح، إضافة إلى حرص وزارة الخارجية على تعميق رسالة السلام للعالم، وأكد على أن تعزيز مبدأ السلام والتسامح الذي انتهجته سلطنة عمان على الدوام أسهم في حفظها على مؤشرات جيدة بمكافحة الإرهاب، موضحا أن العنف هو ما يفضي دائما إلى الإرهاب.
مكتسبات وطنية
من جانبه أكد الكاتب محمد الشحري على أن الإرهاب ليس جرما سماويا يسقط من السماء وإنما آفة تنمو وتتطور وتؤتي أكلها لاحقا، وللأسف الشديد فإن نتائج الإرهاب كارثية في كافة الأصعدة، وفي هذا الإطار فإن الإرهاب لا يكون موجودا إلا ببيئات حاضنة تبدأ من الفرد وتنتهي بالمؤسسة بمعنى أن هناك عدة عوامل تسهم في عشعشة العنف في أذهان وعقول المتأثرين بالفكر الإرهابي الذي يلغي الآخر أيا كانت جنسيته، لذلك نقول: إن الإرهاب هو محصلة كل أيديولوجيا متطرفة بصرف النظر عن المرجعية الفكرية المغذية له.
وأشار الشحري إلى أن السلم الاجتماعي المتحقق في سلطنة عمان يعتبر مكسبا وطنيا ولذلك يتوجب الحفاظ عليه والعمل على ترسيخه وتطويره وفق المستجدات على الساحة الإقليمية والدولية، وكذلك منع أصحاب الخطابات المتطرفة من التأثير على عقول الشباب ودفعهم نحو التشدد والتطرف. صحيح أن الرؤية قد اتضحت بأن الخطاب المتطرف لا يُولّد إلا العنف والعنف المضاد والأذى، وأن التشدد وإلغاء الآخر لا ينتج إلا المزيد من التشنج وإضعاف الوعي وخلخلة المجتمعات وإذكاء الفرقة والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد. ولأجل الحفاظ على السلم الاجتماعي وخلق مصدات فكرية ضد الأيديولوجيات القاتلة لابد من تمكين الأجيال من أدوات النقد الفكرية وإمعان العقل والتفكير والتدبر، ورعاية المنصات الحوارية وخلق مناخات للنقاش وتبادل الآراء.
بلد التعايش
عدد من المقيمين في سلطنة عمان، عبروا عن حجم حبهم للمجتمع المحلي وتعايشهم معه بود و احترام، وقالت تيتيانا سوكوليوك أوكرانية مقيمة في سلطنة عمان منذ 11 عامًا: تزوجت هنا، ووجدت أن عمان واحدة من أكثر الدول ترحيبًا في العالم وأصبحت حرفيًا بلدي الثاني.
وأعربت سوكوليوك عن سعادتها بالعيش في عمان وقالت: أنا سعيدة جدًا بذلك وسأكون دائمًا ممتنة للشعب العماني الذي أصبح عائلتي أيضًا. وفي الواقع، من المستحيل ألا نحب هذه البلاد. إنها جميلة جدًا وهادئة وآمنة. الشعب العماني مضياف جدًا، ومتعاون، ولطيف، وحنون. هنا في عمان يتم الترحيب بجميع الأمم والأديان وقبولها مما يجعل الناس يعيشون مع بعضهم البعض في سلام ووئام. أنا محظوظة لأنني أعيش هنا وأن أكون جزءًا من هذا المجتمع الرائع.
وقال إيفون آسلند مقيم من النرويج: سبب قدومي إلى سلطنة عمان هو أنني أردت تعلم اللغة العربية. ووجدت أن سلطنة عمان مسالمة وودودة للغاية. يعيش الناس معًا بسلام ويتقبلون الجنسيات والأديان المختلفة. أشعر بالحرية في ممارسة العبادة، وبأمان شديد في عُمان.
وأسهم النهج العماني الداعي دائما إلى السلام والحوار، والابتعاد عن الصراعات والأزمات، واحترام دول الجوار والعالم، وعدم التدخل في شؤون الغير، وتبني حل الخلافات بالطرق الدبلوماسية، بأن تكون سلطنة عمان خالية من العنف والإرهاب، إذ لم تسجل في تاريخها أي حدث إرهابي.
وتعزز سلطنة عمان نهج التسامح والتآخي عبر كافة مؤسساتها، وتمضي نحو بناء مستقبل متمسك بالقيم الإنسانية والبعد عن التعصب والغلو، وتضمن محور الإنسان والمجتمع في رؤية عمان 2040 ضمن أولوياته المواطنة والهوية والتراث والثقافة ليكون من ضمن الأهداف أن يكون المجتمع مجتمعا رائدا عالميا في التفاهم والتعايش والسلام.
وتشارك سلطنة عُمان اليوم دول العالم الاحتفال باليوم الدولي لمنع التطرف العنيف المفضي إلى الإرهاب الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها (243/77) والذي يصادف (12 فبراير)، وبالتزامن مع هذه المناسبة أكد عدد من الدبلوماسيين و المحللين والكتاب والأكاديميين، ومقيمين في سلطنة عمان، على أن سلطنة عمان واحة للسلام و الوئام، وبعيدة عن التطرف والإرهاب والعنف، بحكم نهجها المتسامح و سياستها الداعية للسلام والحوار والنأي عن الصراعات.
نهج السلام
وأكد سعادة السفير الشيخ حميد بن علي بن سلطان المعني رئيس دائرة الشؤون العالمية بوزارة الخارجية على أن ما حققته سلطنة عمان بمجال مكافحة الإرهاب والتصدي للعنف، واضح للعيان على المستويين المحلي والخارجي، من خلال مسيرة واضحة و توجيه سام من القيادة الحكيمة على أن يبقى هذا البلد متصالحا مع نفسه وجيرانه والعالم بأسره، ينشد السلام وخدمة الإنسان دون تمييز بين جنس أو لون أو دين.
و قال المعني: إن التاريخ العماني متناغم وفق ما يمليه التاريخ ووفق تطلعات للمستقبل تنظر إلى الإنسان على أنه محور للتنمية، لذلك فإن ما حققته سلطنة عمان بمجال مكافحة العنف و خلوها من الإرهاب هو ثمرة للسياسة الحكيمة والمتزنة.
وأشار سعادته إلى أن سياسة سلطنة عمان الخارجية أسهمت في تحقيق (صفر إرهاب)، وذلك من خلال ما تنشده من سلم وتعاون إيجابي، ودعوتها للابتعاد عن الحروب و الابتعاد عن الأزمات، مع تأكيدها الدائم على أن هناك أزمات يمكن حلها بالحوار والتفاهم دون حاجة لاستخدام قوة السلاح.
وأكد رئيس دائرة الشؤون العالمية بوزارة الخارجية على أن سلطنة عمان تحترم القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني و حقوق الإنسان، وذلك نابع من من تعاليم ديننا الحنيف و التاريخ العماني المتجذر الرامي إلى نهج السلام والعيش بوئام.
وأوضح سعادته أن الجهود العمانية متواصلة في مجال التصدي للعنف والإرهاب على المستوى الوطني، وذلك عبر عدة مسارات متمثلة في اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، وعلى المستوى العالمي هناك تنسيق مع الأمم المتحدة، كلها تصب في مسألة واحدة وهي تحقيق تطلعات الوطن بأن يبقى الإنسان هو محور التنمية وله حقوق مصونة.
و بيّن سعادة السفير أن القاموس الدبلوماسي العماني يركز دائما على تخطي الصعاب عبر الحوار، وإيجاد آلية لفض النزاعات بالطرق السلمية والإنسانية، لذلك فإن سياسة سلطنة عمان دائما ما تستخدم لغة الروح البناءة بعيدا عن العنف والتطرف والغلو.
إرساء العدالة
من جانبه قال المحامي الدكتور راشد بن سالم البادي: نهجت سلطنة عمان منذ عقود طويلة على اتباع مجموعة من المبادئ والأسس الثابتة التي من شأنها منع وجود مسببات للتطرف المفضي إلى الإرهاب، وقّد رسخ تلك المبادئ والأسس السلطان الراحل قابوس بن سعيد ـ طيّب الله ثراه ـ كتطبيق عملي ملموس على مدى خمسين عاما، وقد سار على نهجه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ.
وأكد البادي على أن قرار الأمم المتحدة رقم 243/77 جاء ليؤكد على تلك المبادئ والأسس التي انتهجتها سلطنة عمان منذ القدم، ومن بينها إرساء وتطبيق العدالة في مواضعها بين كافة أفزاد المجتمع وإرساء وتطبيق مبدأ المساواة عندما تكون المساواة مهمة في تحقيق العدالة، وكفالة الحرية الشخصية للجميع، فكل شخص حر في اختياره العقائدي والديني والمذهبي، و نبذ التفرقة على أسس مذهبية أو دينية أو عقائدية، فالكل متساوون في الحقوق والواجبات، وغيرها من المبادئ، لذلك فإن كل تلك المبادئ والأسس أوجدت بيئة مثالية وجاذبة للعيش بسلام في سلطنة عمان، بعيدا من كافة المنغصات من خوف وقلق ورعب.
إرث مجتمعي أصيل
وقال الدكتور علي بن سعيد الريامي رئيس قسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس: إن حصول سلطنة عمان على المركز الأول على مستوى العالم في مؤشر "الخلو من الوقوع في الإرهاب" -وهو من مؤشرات التنافسية المهمة- لم يأت من فراغ، وإنما هو حصيلة إرث مجتمعي أصيل، إذ لطالما كانت السمات الشخصية للإنسان العماني تميل إلى التعايش السلمي، واحترام التعددية الثقافية، والتفاهم والتسامح، وتاريخيا كان نبذ كل أشكال التمييز والتعصب والتطرف سمتا عمانيا عرفوا به، والسلطان الراحل في خطاب بليغ له في العام 1994م، كان قد وصف هذا التوجه بالقول: "إن التطرف مهما كانت مسمياته والتعصب مهما كانت أشكاله والتحزب مهما كانت دوافعه ومنطلقاته نباتات كريهة سامة ترفضها التربة العمانية الطيبة التي لا تنبت إلا طيبًا". وبذلك يمكنني القول إننا أمام رصيد مجتمعي له امتداد تاريخي، وسياسة متجذرة رسمت معالمها القيادة السياسية العمانية على مر التاريخ، وهو ما عبّر عنه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- في أحد خطاباته المهمة حين قال: "لقد عرف العالم عُمان عبر تاريخها العريق والمشّرف كيانا حضاريا فاعلا ومؤثرا في نماء المنطقة وازدهارها، واستتباب الأمن والسلام فيها، تتناوب الأجيال على إعلاء رايتها، وتحرص على أن تظل رسالة عمان للسلام تجوب العالم حاملة إرثا عظيما وغايات سامية تبني ولا تهدم، تقرّب ولا تباعد...".
وأكد الريامي على أن السياسة الداخلية العمانية حريصة كل الحرص على بناء مجتمع متماسك، متعاون، متآخٍ ومتكافل، وأساس العلاقة بين الشعب مبنية على المواطنة الصالحة، والهوية الجامعة، والعدالة الناجزة، والمساواة المتحققة في مجتمع متعدد الأعراق، ومتعدد الثقافات، قادر على التعايش من خلال قطع دابر كل ما يؤجج الخلافات، ويثير الفتن، وما قد يدفع باتجاه التطرف والتعصب المفضي إلى الإرهاب.
وحول السياسة الخارجية قال الريامي: إن السياسة الخارجية، لسلطنة عمان هي سياسة دائما ما كانت منحازة لقيم السلام ومبادئ الحق والعدالة، وحق العيش الكريم لجميع الشعوب، وحريتها في تقرير المصير دون التدخّل في شؤونها الداخلية واحترام حسن الجوار، وقد عرفت عمان بمواقفها المستقلة تجاه القضايا العادلة، وعدم الدخول في أحلاف وتكتلات تضر بمصالح الغير، وهي بذلك تنأى بنفسها عن الدخول في النزاعات والصراعات والخلافات الإقليمية والدولية التي تفضي إلى تأجيج مشاعر الكراهية، وتوفر تربة خصبة للإرهاب الذي يزعزع أمن واستقرار المجتمعات.
وأوضح الريامي أن العالم اليوم يشهد متغيرات كثيرة سياسة واقتصادية وطفرة تكنولوجية، وتنافسا محموما بين القوى الكبرى، تحتم اتباع سياسة حكيمة متوازنة، كما أن المنطقة العربية على وجه الخصوص تموج على صفيح ساخن قابل للانفجار في أي وقت خاصة مع دخول الحرب على غزة في شهرها الرابع، وهو ما قد ينذر بتوسيع دائرة الصراع، وقد كان موقف سلطنة عمان منذ بداية هذه الحرب الغاشمة واضحا في دعوة الكيان الصهيوني لوقف فوري لإطلاق النار، ووقف الإبادة الجماعية وكل أشكال التطهير العرقي والفصل العنصري الذي تمارسه إسرائيل على الأراضي المحتلة، حتى لا تنزلق المنطقة إلى حرب شاملة تقوض السلم الدولي.
وفي ختام حديثه أكد رئيس قسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس على أن سياسات سلطنة عمان على الصعيد الداخلي والخارجي على مدار العقود الماضية، وكل تلك المواقف والسياسات التي انتهجتها أسهمت دون شك في تجفيف منابع الإرهاب، فهي لم تخلق لنفسها أعداء لا في الداخل ولا في الخارج، وهو ما جعلها تحظى بتقدير المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية لمنحها مؤشرا متميزا (صفر إرهاب) لسنوات متتالية، فضلا عن الاستعانة بخبراتها السياسية كوسيط نزيه في العديد من الملفات الشائكة والمعقدة، وهو ما نجحت فيه باقتدار.
أسباب وتداعيات
وقال الكاتب والباحث بدر العبري: إن العالم يعاني اليوم من حالات العنف المفضي إلى الإرهاب، وقد يكون العنف سببه فكريّ داخليّ، وقد يكون سببه عوامل خارجيّة وعلى رأسها الاستبداد، أمّا السّبب الفكريّ فهي نتيجة قراءات وإسقاطات خاطئة للنّصوص الدّينيّة، أو تحويل المصاديق الظّرفيّة المتعلقة بوقائع لها ظرفيّتها إلى مصاديق مطلقة.
وقال العبري: إن سلطنة عمان تنبهت إلى خطر العنف والإرهاب منذ فترة مبكرة مع بداية نهضة 1970م، وبقدر حربها للعنف والتّطرّف فكريّا ومدرسيّا وخطابيّا؛ هي في الوقت نفسه أقرت مبدأ المواطنة على أساس العدل والمساواة، وحاولت احتواء الاتّجاهات اليساريّة واليمينيّة الّتي تكوّنت لظرفيّة كانت لها أجواؤها الخاصّة، وقد حاولت الدّولة الحديثة تجاوزها.
وأكد العبري على أن الرّؤية في عهد النّهضة المتجدّدة، عهد جلالة السّلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ كرست الاستقرار، وأسهم في ذلك موقع عمان من الدّول الأخرى في موقع الحياد والإحياء، فلم تكن شريكا في دمار أمم أخرى لأجل مصلحتها ونفعيّتها، ولم تسمح في الوقت ذاته في التّدخل في شؤونها الدّاخليّة، هذا أعطى مرونة ليس على المستوى السّياسي فحسب؛ بل حتّى على المستوى المدنيّ والعلاقات الاجتماعيّة، كذلك حافظت على التّسامح والتّعايش الدّاخليّ، الّذي ورثته جيلا عن جيل كما يقول المستشرق جون أوفنجتن الّذي زار عمان عام 1693م: "إنّ هؤلاء العرب على قدر كبير من دماثة الخلق، يظهرون لطفا وكرما كبيرين للغرباء، فلا يحتقرونهم، ولا يلحقون بهم أذى جسديّا".
حكمة وتوازن
من جانبها قالت الدكتورة مياء بنت هديب الحبسية إعلامية وكاتبة عمانية: إن سلطنة عمان عرفت دائما بالحكمة والتوازن والسعي لحل القضايا والاختلافات بالطرق السلمية تفاديا للصدام الذي يجلب العنف والتطرف.
وأكدت على أن سلطنة عمان تستند في حس التسامح والتعايش، الذي يعتبر إرثا تاريخيا ومبدأ فكريا متوارثا وأصيلا في تكوينها العقدي، إضافة إلى التجربة الطويلة التي تشكلت من خلال تفاعل وتجاور مجموعات قبلية وعرقية وثقافات مختلفة في هذا البلد الغني بالتنوع والتحولات الحضارية المختلفة، موضحة أن الحراك الحضاري دائما يختبر تفاعل هذه القوى، وعلى مدى التاريخ كان هناك الكثير من تجارب الخلاف والصدام ونجاحات الوحدة والتفاهم التي أوجدت بالمحصلة فهما ووعيا وحكمة في التعامل مع الاختلافات.
وأشارت إلى أن سلطنة عمان تؤكد دائما التزاماتها في المواثيق الدولية ودورها المثمر دوليا في تعقب ومنع ما يمكن أن يجعل منها طرفا أو هدفا محتملا سياسيا، اقتصاديا وحتى ثقافيا ودينيا.
و قالت الإعلامية مياء الحبسية: إنه لا يمكن التغافل أن تعريف الإرهاب، وكيفية التعامل معه دوليا محكوم بمصالح وتوجهات سياسية تسيرها القوى الأكثر تنفذًا مما يجعل بالتأكيد التعامل مع هذا المفهوم بحد ذاته أمرا خلافيا. إضافة إلى أن الإرهاب في كثير من الأوقات هو صنيعة الرغبات السياسية الطامعة لمزيد من التنفذ فتجعل منه ومن الدعوة للتعامل معه وسيلة لتحقيق أهداف السيطرة السياسية والثقافية والاقتصادية لذا تجد ازدواجية المعايير وربط تهمة الإرهاب دائما بالجهات التي هي في خلاف أو صراع مع قوى بعينها هذا الأمر من الممكن أن يوجد مناخا من تجاذب الآراء حول هذه المسائل وضرورة التفاوض حتى لا يتحول التعامل مع خطر مزعج كالإرهاب إلى أداة سياسية تفرض أشكالا من السيطرة والتبعية.
منظومة متكاملة
وأكد الدكتور سعود الفارسي خبير مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب أن سلطنة عمان تعمل وفق منظومة متكاملة لمكافحة الإرهاب وتمويله، حيث تفعّل هذه المنظومة من نواحٍ تشريعية و يضمن حفاظها على مؤشرات إيجابية في مكافحة الإرهاب والتصدي للعنف.
و قال: إن سلطنة عمان رسول سلام لكافة أنحاء العالم، وقد تبنت مواقف مشرفة للإنسانية تجاه العديد من القضايا، مما أكسبها سمعة طيبة لدى شعوب العالم والمنظمات الدولية.
مشيرا إلى ما تقوم به سلطنة عمان من خلال (رسالة التسامح) التي جابت دول العالم من أجل نشر السلام والتسامح، إضافة إلى حرص وزارة الخارجية على تعميق رسالة السلام للعالم، وأكد على أن تعزيز مبدأ السلام والتسامح الذي انتهجته سلطنة عمان على الدوام أسهم في حفظها على مؤشرات جيدة بمكافحة الإرهاب، موضحا أن العنف هو ما يفضي دائما إلى الإرهاب.
مكتسبات وطنية
من جانبه أكد الكاتب محمد الشحري على أن الإرهاب ليس جرما سماويا يسقط من السماء وإنما آفة تنمو وتتطور وتؤتي أكلها لاحقا، وللأسف الشديد فإن نتائج الإرهاب كارثية في كافة الأصعدة، وفي هذا الإطار فإن الإرهاب لا يكون موجودا إلا ببيئات حاضنة تبدأ من الفرد وتنتهي بالمؤسسة بمعنى أن هناك عدة عوامل تسهم في عشعشة العنف في أذهان وعقول المتأثرين بالفكر الإرهابي الذي يلغي الآخر أيا كانت جنسيته، لذلك نقول: إن الإرهاب هو محصلة كل أيديولوجيا متطرفة بصرف النظر عن المرجعية الفكرية المغذية له.
وأشار الشحري إلى أن السلم الاجتماعي المتحقق في سلطنة عمان يعتبر مكسبا وطنيا ولذلك يتوجب الحفاظ عليه والعمل على ترسيخه وتطويره وفق المستجدات على الساحة الإقليمية والدولية، وكذلك منع أصحاب الخطابات المتطرفة من التأثير على عقول الشباب ودفعهم نحو التشدد والتطرف. صحيح أن الرؤية قد اتضحت بأن الخطاب المتطرف لا يُولّد إلا العنف والعنف المضاد والأذى، وأن التشدد وإلغاء الآخر لا ينتج إلا المزيد من التشنج وإضعاف الوعي وخلخلة المجتمعات وإذكاء الفرقة والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد. ولأجل الحفاظ على السلم الاجتماعي وخلق مصدات فكرية ضد الأيديولوجيات القاتلة لابد من تمكين الأجيال من أدوات النقد الفكرية وإمعان العقل والتفكير والتدبر، ورعاية المنصات الحوارية وخلق مناخات للنقاش وتبادل الآراء.
بلد التعايش
عدد من المقيمين في سلطنة عمان، عبروا عن حجم حبهم للمجتمع المحلي وتعايشهم معه بود و احترام، وقالت تيتيانا سوكوليوك أوكرانية مقيمة في سلطنة عمان منذ 11 عامًا: تزوجت هنا، ووجدت أن عمان واحدة من أكثر الدول ترحيبًا في العالم وأصبحت حرفيًا بلدي الثاني.
وأعربت سوكوليوك عن سعادتها بالعيش في عمان وقالت: أنا سعيدة جدًا بذلك وسأكون دائمًا ممتنة للشعب العماني الذي أصبح عائلتي أيضًا. وفي الواقع، من المستحيل ألا نحب هذه البلاد. إنها جميلة جدًا وهادئة وآمنة. الشعب العماني مضياف جدًا، ومتعاون، ولطيف، وحنون. هنا في عمان يتم الترحيب بجميع الأمم والأديان وقبولها مما يجعل الناس يعيشون مع بعضهم البعض في سلام ووئام. أنا محظوظة لأنني أعيش هنا وأن أكون جزءًا من هذا المجتمع الرائع.
وقال إيفون آسلند مقيم من النرويج: سبب قدومي إلى سلطنة عمان هو أنني أردت تعلم اللغة العربية. ووجدت أن سلطنة عمان مسالمة وودودة للغاية. يعيش الناس معًا بسلام ويتقبلون الجنسيات والأديان المختلفة. أشعر بالحرية في ممارسة العبادة، وبأمان شديد في عُمان.