tahiraallawati@gmail.com

تقيم مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية ندوة «الأسرة.. القيم وتحديات العصر» بمسقط من 4 إلى ٦ فبراير ٢٠٢٤، إذ يتبيَّن من محاور الندوة وعناوين الأوراق البحثية الجهد الكبير الذي بذلته وتبذله المؤسسة لإنجاح فعاليات الندوة، وقد قدّم أوراق العمل والمحاضرات عدد من الشخصيات العمانية والعربية المعروفة في المجال النفسي والتربوي، وتعد أعلاما بارزة في مجالها.

إننا بحق بحاجة إلى هذا النوع من الجهد المقنن في مجال توعية الأسرة بين فترة وأخرى؛ فقد كثُرت التحديات التي تواجهها الأسرة في قيامها بدورها التربوي للتنشئة الوالدية.

لقد أصبحت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وآلاف الألعاب الإلكترونية، وملايين الساعات من الأفلام والكرتون، والذكاء الاصطناعي، تنازع الوالدين على دورهما في التربية. ووسط كل الإغراءات لهذه الوسائل لتتفرّد بتربية أبنائنا؛ يجد الوالدان والأسرة أنفسهما في حالة من الضعف العلمي والنفسي وعدم الثقة بالنفس تجاه هذه الهجمة الشرسة التي ترتدي قفازا ناعما ظاهرا، لكنه القفاز الذي يقتل البراءة والفطرة والنورانية في أطفالنا، كي ينشأوا وفقا لأجندات خطرة جدا لم تعد خافية على أحد.

إنما يهاجم الذئب الغنم القاصية، لقد أصبح أغلب الأبناء كالغنم القاصية بسبب شعور الوالدين بالعجز عما يواجهون من رياح عاتية تهدد أدوارهم المهمة.

إننا بحاجة إلى أن يتدرّب الآباء والأمهات على طرق التنشئة العلمية الصحيحة للأبناء، فلم تعد التربية التقليدية وحدها قادرة على مواجهة الرياح العاتية المنظمة والشرسة والأجندات المدروسة بعناية في مختبرات السلوك البشري كي تنتزع من الأسر والأوطان ثروتها الأهم؛ وهي الأبناء.

إننا بحاجة إلى قناة تلفزيونية عمانية للأطفال، فما زال التلفاز جاذبا للأطفال، وذلك كي نقلل من سطوة الجوالات ووسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة سطوة اليوتيوب واليوتيوبرية.

إننا بحاجة إلى تعاضد المدرسة مع البيت عبر إعادة مادة المهارات الحياتية في المدارس؛ كي تعضد الوالدين في التنشئة الإجرائية والفعلية للأبناء.

إننا بحاجة إلى إنشاء مراكز تنمية الطفولة في الحارات والأحياء، كي نعيد الاعتبار لثقافتنا وقيمنا لدى أبنائنا.

إننا بحاجة إلى دور أكثر قوة للمسجد في حياة المجتمع؛ فالعلاقة السليمة مع الله تعالى تعين الوالدين على بذل المزيد من الجهد في تربية وتنشئة الأبناء، وتعين الطفل عبر إعادة التوازن إليه بالصلاة والعبادات والقيم التي تتسق مع فطرته التي فطر الله الناس عليها.

لا يحمي الإنسان كما القيم المنبثقة من الدين الحنيف؛ فهي الأكثر قدرة على بناء سياج الحماية داخل نفوس أبنائنا ضد كل ما هو غث وخطير ومريض.

كل الشكر والتقدير لمؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية على هذه الخطوة الجميلة والمهمة، وفي ميزان حسناتهم، فقد أتت في وقتها المناسب، وترجمت التوجيهات السامية لجلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله ورعاه - في المجال. وأتمنى أن تستمر المؤسسة في جهودها في هذا المجال، فمن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا.