في محاضرة للكاتب العماني سماء عيسى في صالون «مجاز» بمدينة السلطان قابوس أثار شيئا من الالتفاتة لقضية قل التطرق إليها، مما أثارت المحاضرة جدلا واسعا ظهر من خلال أسئلة الحضور وتفاعلهم، حيث عادة درج الناس في التفاعل بين الحضارات والثقافات القديمة أن يتحدثوا عن التأريخ المشترك، وما يرتبط بينهما من هجرة القبائل والمفردات والثقافات المادية خصوصا، لكن التطرق إلى الأساطير المهاجرة والمتبادلة، والتي ينسج حولها أيضا خيالات وحكايا حسب الثقافة المهاجرة إليها؛ فهذا قل ما يلتفت إليه، مع أنه ما زال حاضرا في الأدبيات والحكايا الشعبية، وفي الفنون والشعر الشعبي خصوصا، وهناك من الآثار المادية أيضا التي تحمل في طياتها العديد من الحكايا والتأويلات والأساطير.
وعُمان قد تكون من الحالات الفريدة في العالم، ممن جمعت بين العمق التأريخي في الماضي، والانفتاح على حضارات وثقافات موغلة في القدم في الوقت ذاته، «وكان العمانيون قبل أربعة آلاف سنة يسكنون المنطقة التي يسميها السومريون مجان، وكان لهم دور شاسع في تشكيل الذاكرة البشرية آنذاك ... مستفيدين من الموقع الجغرافي المهم الذي تحتله بلادهم، إذ تقع على ملتقى الطرق البحرية العالمية، رابطة بذلك خطوط الوصل الأسيوية والأفريقية في آن»، وقد «استقروا بأرض فارس ... واستوطنت جماعات منهم البصرة، وهاجر الكثير منهم أيضا إلى السواحل الأفريقية»، كما «أبحر العمانيون إلى جزر آسيا الجنوبية، بروناي وأندونيسيا وماليزيا والفلبين وصولا إلى الصين»، وغيرها من أجزاء العالم القديم.
هذه الهجرة والخلطة لم تقتصر عند المواد التجارية المتبادلة، بل صحبها خلطة دينية واجتماعية وثقافية، وصلت في بعضها إلى حد التمازج والاستقرار، فهناك الهجرة القبلية التي امتدت إلى الهند وشرق آسيا والسواحل الأفريقية، بل ومصر وشمال أفريقيا، ومع مرور الزمن انصهرت في تلك المجتمعات، ولعل قسوة الطبيعة العمانية من جهة، والانفتاح البحري من جهة ثانية ساعدهم في ذلك، ولولا هذه الهجرات لكان سكان عمان أكثر بكثير مما هو عليه اليوم في هذا الجزء القطري من العالم.
الهجرات العمانية لم تكن هجرات شكلت مدنا منعزلة لهم، بل تزاوجوا مع تلك الأقطار، وانصهروا فيها، وأثروا وتأثروا بها معا، فقد «اختلطوا بالصين وتزوجوا من الصينيات»، كما تزوجوا من الهنديات والأفريقيات والفارسيات وغيرها، وكانت لهم مدن استوطنوا فيها، فقد «استوطنوا عددا من المدن الصينية خاصة مدينة كانتون الصينية» ولهم ممالك أصبحت لهم الشهرة بها كما في شرق أفريقيا.
وأصبحت لهم رموزهم في الخارج منذ مئات السنين، مثلا «تبوأ من العمانيين التاجر العماني سعيد أبو علي درجة وزير حتى وفاته، وقبره في مدينة تشوان تشو»، ولهم رموزهم في الهند وفارس والبصرة ومصر وخراسان وغيرها، وأما السواحل الأفريقية الشرقية فلا يمكن حصر رموزهم بها، من حيث الملك والعلم والتجارة والثقافة.
سماء عيسى يحاول لفت الأنظار إلى قضية جوهرية متعلقة بكينونة الإنسان ذاته، فالبحر يحكي قصة الموت، كما أن السفر يحكي قصة الفقد والغربة، فنجد أناشيد البحر وقد ملئت بالحزن والحنين وحب الوطن والأهل، فمن إيقاعات الوداع الحزينة، إلى تغاريد الاستقبال المبهجة، وبينهما تهاجر المعتقدات لتختلط بغيرها، كما تهاجر الأساطير لينسج حولها العديد من القصص والخرافات، ويتغنى بها في الشعر وسائر الفنون.
وكما يرى أنه «مثلما يتبادل البشر البضائع بمختلف أنواعها؛ يتبادلون أيضا الأفكار والمعتقدات بين العمانيين وشعوب ما خلف المحيط الهندي الأسيوية والأفريقية، هذا التبادل الروحي العميق نسجه الترحال البحري الذي أفضى في غياب الإنسان عن ذويه، كما أفضى أيضا إلى حضور الإنسان في معتقدات الآخر، وتلاحم الحكايا والرؤى والأفكار»، فمن هذه مثلا وجود آثار في بعض مناطق الساحل العماني في دفن الموتى بشكل بيضاوي على هيئة سلاحف هي انتقال لأسطورة بعث الإنسان على هيئة سلحفاة بعد موته، هذه الأسطورة لها علاقة بالسواحل الهندية المطلة على المحيط الهادي، إذ يعتقدون أن السلحفاة أسلافا للبحارة، أو بحارة قدماء.
هذه الأساطير والحكايا لم تتوقف باعتناق العمانيين للإسلام، وقد مرت على العمانيين العديد من المعتقدات الوثنية والزرادشتية والهندوسية واليهودية والنساطرة وغيرها، لهذا لاحقا نجد «العمانيين الذين انتشروا عبر هجرتهم إلى الهند والصين وأفريقيا حملوا أيضا معهم معتقداتهم الدينية الإسلامية، هذه المعتقدات اختلطت بالمعتقدات الدينية البسيطة التي آمن بها الأفارقة، ومحل الهندوسية لدى قطاع واسع من شبه الجزيرة الهندية»، فتهاجر قداسة القبور والموتى إلى أجزاء من عُمان منذ فترة مبكرة، كما ستهاجر أيضا أماكن الخلوات والجلوات، فمن الأديرة إلى مساجد العباد، ومن التأمل الغنوصي الهندوسي إلى التأملات العرفانية والصوفية في المسيحية والإسلام، «فقبر المتصوف الزاهد الشيخ مسعود الواقع بين بخا وخصب، والذي يسمى الرأس الجبلي باسمه، رأس الشيخ مسعود، يرجح أنه هندي العرق، بدلالة أنه حتى اليوم ما زال مزارا يأتي إليه الهنود»، وقد يكون هندوسيا اعتنق الإسلام، فكانت له رمزيته، لتحكى حوله الكرامات، ويدفع بالتوسل ببركة صلاحه المصائب والشدائد، كما أن «ضريح عبد الله السامري في ظفار كان راجا أو ملك كرانغاور في مالابار بالهند، وتحول إلى الإسلام في 210هـ».
هذه الأساطير لم تقترن فقط بالشخوص، ومعتقدات الأديان، ومنغصات الحياة كالموت والفقد، بل ارتبطت بالمواد المتاجر بها أيضا، ويرى سماء عيسى من أبرز هذه المواد العمانية، والتي ارتبطت بالأساطير؛ شجرة اللبان، وقد نسجت حول اللبان أسطورة الفتاة الجنية الباكية العاشقة لفتى من الإنس، فعوقبت من قبل الجان، فكان شجرة اللبان، وصمغ اللبان دمعها.
وقد أصبح اللبان «همزة وصل عبر المحيط الهندي بين حضارات آسيا وأفريقيا»، فاللبان كان له حضوره في المعابد الهندوسية والبوذية والأديان الأفريقية، حيث «اعتقد قدماء المصريين أرض ظفار هي الآلهة، ولبانها هو دمع الآلهة المتساقط من السماء»، وقد كان اللبان حاضرا في المعابد المصرية القديمة، كما قدمت ملكة سبأ اللبان هدية للنبي سليمان - عليه السلام -، وقدم الحكماء الثلاثة القادمين من الشرق يتبعون ظهور النجم الذي قادهم إلى بيت لحم، حيث ولد المسيح - عليه السلام -، حيث قدموا له اللبان من ضمن الهدايا كما جاء في الإصحاح الثاني من إنجيل متى.
وظلت الأساطير والحكايا تحكى وتنسج إلى اليوم، ومنها من تهاجر بشخوصها، أو تهاجر الأسطورة وتنسب إلى شخوص آخرين، كما تنسب إلى أمكنة مختلفة، فهي تهاجر من مكان لآخر، ويتغنى بها أمم وشعوب متباينة، فالذي كان يأخذ من كل سفينة غصبا في عهد موسى - عليه السلام - رآه بعضهم هو مالك بن فهم العماني، وربط بعضهم الحادثة بقلهات من أرض عمان، في حين يرى كمال الصليبي أن النبي يونس - عليه السلام - كان من عُمان، وكان «يقول يونان في صلاته: إن يهوه طرحه في قلب البحار من صولة، وصولة هي زولة، وزولة بجوار منطقة النخل ووادي المعاول»، «ويونان وجد سفينة إلى ترشيش، وترشيش من البحار التي يعيش فيها الحوت، وهي المحيط الهندي ومنها بحر العرب وخليج عمان، ووجد في غرب صلالة كهوف شرشيتي (شرشيت بالاستبدال) وهي قاعد ظفار في القديم، ولعل بهذا ترشيش يطلق قديما على بلاد ظفار، ومنها ميناء صلالة»، كما أن «يونان بدأ دعاءه من صورة، وصورة هي ميناء صور بشرقية عمان».
ومن الرموز اللاحقة التي نسجت حولها أساطير وحكايا، سليمة بن مالك بن فهم وقد ارتبط ببلاد فارس، وإسحاق بن يهوذا اليهودي الصحاري العماني وحضوره في الصين، والصبي الأمريكي جوهانس هيرمان بول الذي أصبح شيخ قبيلة، والتاجر الهندي ناريتم وتعاونه مع العمانيين في طرد البرتغاليين، ليبعد القائد البرتغالي باريرا عن الزواج بابنته.
كما يلفت سماء عيسى إلى جزء مهم في الأساطير والحكايا، وهو تأثير التراث الهندي على علم الأجرام السماوية في عمان، حيث «ارتبطت الهند منذ القدم مع الشرق بالحكمة والسحر»، ويظهر التأثير الهندي في كتاب «كشف الأسرار المخفية في علم الأجرام السماوية والرسوم الحرفية»، للشيخ عمر بن مسعود المنذري، ومن ذلك مثلا ما أورده المنذري في كتابه من فصل في رسالة أمير الهند، يشرح فيها أسرار السعادة والنحس، وأسرار الحروف وعلاقتها بحركة الأفلاك.
ما قدمه سماء عيسى التفاتة مهمة، لتوثيق جزء من التاريخ والذاكرة العمانية، خصوصا المهاجرة منها، والتي هي بحاجة إلى شيء من الجهد والبحث والتقصي في شموليتها من جهة، وفي الحكايا والأساطير من جهة أخرى.
وعُمان قد تكون من الحالات الفريدة في العالم، ممن جمعت بين العمق التأريخي في الماضي، والانفتاح على حضارات وثقافات موغلة في القدم في الوقت ذاته، «وكان العمانيون قبل أربعة آلاف سنة يسكنون المنطقة التي يسميها السومريون مجان، وكان لهم دور شاسع في تشكيل الذاكرة البشرية آنذاك ... مستفيدين من الموقع الجغرافي المهم الذي تحتله بلادهم، إذ تقع على ملتقى الطرق البحرية العالمية، رابطة بذلك خطوط الوصل الأسيوية والأفريقية في آن»، وقد «استقروا بأرض فارس ... واستوطنت جماعات منهم البصرة، وهاجر الكثير منهم أيضا إلى السواحل الأفريقية»، كما «أبحر العمانيون إلى جزر آسيا الجنوبية، بروناي وأندونيسيا وماليزيا والفلبين وصولا إلى الصين»، وغيرها من أجزاء العالم القديم.
هذه الهجرة والخلطة لم تقتصر عند المواد التجارية المتبادلة، بل صحبها خلطة دينية واجتماعية وثقافية، وصلت في بعضها إلى حد التمازج والاستقرار، فهناك الهجرة القبلية التي امتدت إلى الهند وشرق آسيا والسواحل الأفريقية، بل ومصر وشمال أفريقيا، ومع مرور الزمن انصهرت في تلك المجتمعات، ولعل قسوة الطبيعة العمانية من جهة، والانفتاح البحري من جهة ثانية ساعدهم في ذلك، ولولا هذه الهجرات لكان سكان عمان أكثر بكثير مما هو عليه اليوم في هذا الجزء القطري من العالم.
الهجرات العمانية لم تكن هجرات شكلت مدنا منعزلة لهم، بل تزاوجوا مع تلك الأقطار، وانصهروا فيها، وأثروا وتأثروا بها معا، فقد «اختلطوا بالصين وتزوجوا من الصينيات»، كما تزوجوا من الهنديات والأفريقيات والفارسيات وغيرها، وكانت لهم مدن استوطنوا فيها، فقد «استوطنوا عددا من المدن الصينية خاصة مدينة كانتون الصينية» ولهم ممالك أصبحت لهم الشهرة بها كما في شرق أفريقيا.
وأصبحت لهم رموزهم في الخارج منذ مئات السنين، مثلا «تبوأ من العمانيين التاجر العماني سعيد أبو علي درجة وزير حتى وفاته، وقبره في مدينة تشوان تشو»، ولهم رموزهم في الهند وفارس والبصرة ومصر وخراسان وغيرها، وأما السواحل الأفريقية الشرقية فلا يمكن حصر رموزهم بها، من حيث الملك والعلم والتجارة والثقافة.
سماء عيسى يحاول لفت الأنظار إلى قضية جوهرية متعلقة بكينونة الإنسان ذاته، فالبحر يحكي قصة الموت، كما أن السفر يحكي قصة الفقد والغربة، فنجد أناشيد البحر وقد ملئت بالحزن والحنين وحب الوطن والأهل، فمن إيقاعات الوداع الحزينة، إلى تغاريد الاستقبال المبهجة، وبينهما تهاجر المعتقدات لتختلط بغيرها، كما تهاجر الأساطير لينسج حولها العديد من القصص والخرافات، ويتغنى بها في الشعر وسائر الفنون.
وكما يرى أنه «مثلما يتبادل البشر البضائع بمختلف أنواعها؛ يتبادلون أيضا الأفكار والمعتقدات بين العمانيين وشعوب ما خلف المحيط الهندي الأسيوية والأفريقية، هذا التبادل الروحي العميق نسجه الترحال البحري الذي أفضى في غياب الإنسان عن ذويه، كما أفضى أيضا إلى حضور الإنسان في معتقدات الآخر، وتلاحم الحكايا والرؤى والأفكار»، فمن هذه مثلا وجود آثار في بعض مناطق الساحل العماني في دفن الموتى بشكل بيضاوي على هيئة سلاحف هي انتقال لأسطورة بعث الإنسان على هيئة سلحفاة بعد موته، هذه الأسطورة لها علاقة بالسواحل الهندية المطلة على المحيط الهادي، إذ يعتقدون أن السلحفاة أسلافا للبحارة، أو بحارة قدماء.
هذه الأساطير والحكايا لم تتوقف باعتناق العمانيين للإسلام، وقد مرت على العمانيين العديد من المعتقدات الوثنية والزرادشتية والهندوسية واليهودية والنساطرة وغيرها، لهذا لاحقا نجد «العمانيين الذين انتشروا عبر هجرتهم إلى الهند والصين وأفريقيا حملوا أيضا معهم معتقداتهم الدينية الإسلامية، هذه المعتقدات اختلطت بالمعتقدات الدينية البسيطة التي آمن بها الأفارقة، ومحل الهندوسية لدى قطاع واسع من شبه الجزيرة الهندية»، فتهاجر قداسة القبور والموتى إلى أجزاء من عُمان منذ فترة مبكرة، كما ستهاجر أيضا أماكن الخلوات والجلوات، فمن الأديرة إلى مساجد العباد، ومن التأمل الغنوصي الهندوسي إلى التأملات العرفانية والصوفية في المسيحية والإسلام، «فقبر المتصوف الزاهد الشيخ مسعود الواقع بين بخا وخصب، والذي يسمى الرأس الجبلي باسمه، رأس الشيخ مسعود، يرجح أنه هندي العرق، بدلالة أنه حتى اليوم ما زال مزارا يأتي إليه الهنود»، وقد يكون هندوسيا اعتنق الإسلام، فكانت له رمزيته، لتحكى حوله الكرامات، ويدفع بالتوسل ببركة صلاحه المصائب والشدائد، كما أن «ضريح عبد الله السامري في ظفار كان راجا أو ملك كرانغاور في مالابار بالهند، وتحول إلى الإسلام في 210هـ».
هذه الأساطير لم تقترن فقط بالشخوص، ومعتقدات الأديان، ومنغصات الحياة كالموت والفقد، بل ارتبطت بالمواد المتاجر بها أيضا، ويرى سماء عيسى من أبرز هذه المواد العمانية، والتي ارتبطت بالأساطير؛ شجرة اللبان، وقد نسجت حول اللبان أسطورة الفتاة الجنية الباكية العاشقة لفتى من الإنس، فعوقبت من قبل الجان، فكان شجرة اللبان، وصمغ اللبان دمعها.
وقد أصبح اللبان «همزة وصل عبر المحيط الهندي بين حضارات آسيا وأفريقيا»، فاللبان كان له حضوره في المعابد الهندوسية والبوذية والأديان الأفريقية، حيث «اعتقد قدماء المصريين أرض ظفار هي الآلهة، ولبانها هو دمع الآلهة المتساقط من السماء»، وقد كان اللبان حاضرا في المعابد المصرية القديمة، كما قدمت ملكة سبأ اللبان هدية للنبي سليمان - عليه السلام -، وقدم الحكماء الثلاثة القادمين من الشرق يتبعون ظهور النجم الذي قادهم إلى بيت لحم، حيث ولد المسيح - عليه السلام -، حيث قدموا له اللبان من ضمن الهدايا كما جاء في الإصحاح الثاني من إنجيل متى.
وظلت الأساطير والحكايا تحكى وتنسج إلى اليوم، ومنها من تهاجر بشخوصها، أو تهاجر الأسطورة وتنسب إلى شخوص آخرين، كما تنسب إلى أمكنة مختلفة، فهي تهاجر من مكان لآخر، ويتغنى بها أمم وشعوب متباينة، فالذي كان يأخذ من كل سفينة غصبا في عهد موسى - عليه السلام - رآه بعضهم هو مالك بن فهم العماني، وربط بعضهم الحادثة بقلهات من أرض عمان، في حين يرى كمال الصليبي أن النبي يونس - عليه السلام - كان من عُمان، وكان «يقول يونان في صلاته: إن يهوه طرحه في قلب البحار من صولة، وصولة هي زولة، وزولة بجوار منطقة النخل ووادي المعاول»، «ويونان وجد سفينة إلى ترشيش، وترشيش من البحار التي يعيش فيها الحوت، وهي المحيط الهندي ومنها بحر العرب وخليج عمان، ووجد في غرب صلالة كهوف شرشيتي (شرشيت بالاستبدال) وهي قاعد ظفار في القديم، ولعل بهذا ترشيش يطلق قديما على بلاد ظفار، ومنها ميناء صلالة»، كما أن «يونان بدأ دعاءه من صورة، وصورة هي ميناء صور بشرقية عمان».
ومن الرموز اللاحقة التي نسجت حولها أساطير وحكايا، سليمة بن مالك بن فهم وقد ارتبط ببلاد فارس، وإسحاق بن يهوذا اليهودي الصحاري العماني وحضوره في الصين، والصبي الأمريكي جوهانس هيرمان بول الذي أصبح شيخ قبيلة، والتاجر الهندي ناريتم وتعاونه مع العمانيين في طرد البرتغاليين، ليبعد القائد البرتغالي باريرا عن الزواج بابنته.
كما يلفت سماء عيسى إلى جزء مهم في الأساطير والحكايا، وهو تأثير التراث الهندي على علم الأجرام السماوية في عمان، حيث «ارتبطت الهند منذ القدم مع الشرق بالحكمة والسحر»، ويظهر التأثير الهندي في كتاب «كشف الأسرار المخفية في علم الأجرام السماوية والرسوم الحرفية»، للشيخ عمر بن مسعود المنذري، ومن ذلك مثلا ما أورده المنذري في كتابه من فصل في رسالة أمير الهند، يشرح فيها أسرار السعادة والنحس، وأسرار الحروف وعلاقتها بحركة الأفلاك.
ما قدمه سماء عيسى التفاتة مهمة، لتوثيق جزء من التاريخ والذاكرة العمانية، خصوصا المهاجرة منها، والتي هي بحاجة إلى شيء من الجهد والبحث والتقصي في شموليتها من جهة، وفي الحكايا والأساطير من جهة أخرى.