لا يمكن أن ينسينا الاهتمام بالشأن الاقتصادي والمالي الداخل في دائرة الأحداث اليومية خلال السنوات الأربع الماضية أن المشروع «النهضوية» لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مشروع دولة متكامل الأركان، تسير فيه كل قطاعات بناء الدولة إلى جوار بعضها البعض، ولا يبرز قطاع على آخر إلا بمقدار حاجة ذلك القطاع إلى مزيد من الجهد والعمل، الأمر الذي يجعله، أحيانا، في واجهة الأخبار أكثر من غيره.
ولذلك فإن مشاريع حفظ التاريخ وتوثيقه والمشاريع الثقافية والاهتمام المتواصل بوسائل الإعلام وما ينشر فيها، على سبيل المثال، تسير جنبا إلى جنب مع المشاريع الاقتصادية ومع المشاريع الاجتماعية ـ التي تهتم بأدق تفاصيل حياة الإنسان اليومية ـ في فكر البناء لدى عاهل البلاد المفدى.. بل إن فكر جلالته يذهب إلى أبعد من ذلك عندما يناقش المواطنين في لقاءات مفتوحة حول خطر وسائل التواصل الاجتماعي على تربية الأبناء، وتأكيده المستمر على أهمية الحفاظ على «السمت» العماني.. وهذا النوع من فكر القيادة أكبر بكثير من القيادة السياسية، إنها قيادة حضارية تسمو فوق السياسي/ اليومي إلى البناء الحضاري المستدام الذي يحافظ على عظمة تاريخ الدولة والتأسيس لمسارات مستقبلها.
وتأكيدا لهذا البعد الحضاري في بناء الدولة العمانية يتفضل اليوم حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم- أعزه الله- ويضع حجر الأساس لمشروع بناء مجمع عُمان الثقافي.. وهو معلم ثقافي بارز من معالم عُمان سيساهم في تعظيم تاريخها ومكانتها الثقافية والحضارية ويكون أحد أهم معالم محافظة مسقط.
وإذا كانت مسقط مليئة بالمعالم التاريخية والثقافية التي تشكل مجتمعة جانبا مهما من الحضارة العمانية مثل القلاع والحصون والمتاحف ودار الأوبرا السلطانية ودار الفنون.. إلخ فإن مجمع عمان الثقافي سيكون مركز إشعاع حضاري استثنائي في عُمان حيث سيضم المكتبة الوطنية التي طال انتظارها، وكذلك المسرح الوطني، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية التي تملك كنوزا ضخمة لا تقدر بثمن والتي تتمثل في الوثائق والمخطوطات التي تكشف عن بعض تفاصيل التاريخ العماني الضارب في القدم، ودور العمانيين في المساهمة في الحضارة الإنسانية.
وقد تشرفت بمتابعة هذا المشروع، صحفيا، منذ توقيع اتفاقية الخدمات الاستشارية لتصميم المشروع في عام 2009 بمكتب جلالته في وزارة «التراث والثقافة» في ذلك الوقت. وأنقل هنا تصريح جلالته بعد تفضله بالتوقيع على الخرائط حينما تكرم ورد على أسئلتي وزملائي الصحفيين: «يعد المشروع الثقافي الأول المتكامل في السلطنة، وسيكون فريدا من نوعه وفي طابعه وسيضم بين جنباته المسرح الوطني والمكتبة الوطنية ومبنى دار الوثائق والمخطوطات». وكان جلالته فخورا بالمشروع وهو يتحدث عنه لما سيضيفه للمشهد الثقافي في سلطنة عُمان من دور في حفظ جوانب مشرقة من تاريخها العريق. لكن الأزمة المالية التي أثرت على العالم أجمع أثرت على المشروع وساهمت في تأجيله كما أجلت الكثير من المشاريع الأخرى. وفي عام 2015 حينما كان جلالة السلطان المعظم يحضر حفل افتتاح المتحف الوطني سألتُ وزميلي الصحفي فيصل العلوي جلالة السلطان عن المشروع، فرد- أعزه الله- بكثير من التأثر أن المشروع تأجل بسبب الظروف المالية الحالية «في ذلك الوقت» التي تمر بها سلطنة عمان ودول العالم بسبب انهيار أسعار النفط إلا أنه أكد أن المشروع سيبقى قائما وضمن أولويات الدولة نظرا لأهميته بالنسبة لسلطنة عمان ولتاريخها ومكانتها الحضارية.
ورغم أن مياها كثيرة جرت تحت الجسر منذ ذلك التاريخ وجلبت معها جوائح صحية وأزمات مالية وتحولات بنيوية في العالم على كل المستويات أكبر بكثير من الأزمة التي كانت قائمة في عام 2015 إلا أن فكر جلالة السلطان الذي يُعلي من مكانة الثقافة في بناء الدولة تمسك بالمشروع ورأى فيه عُمان بكل تاريخها وحضارتها وعراقتها وعظمة إنسانها.. ولذلك فإن جلالته يضع بنفسه حجر أساس المشروع وفي هذا تأكيد لا يخفى عن أحد على أهمية المشروع، ورعايته الكاملة من لدن عاهل البلاد المفدى.
ولا شك في أن مشروع مجمع عُمان الثقافي أكبر بكثير من مبنى يضم مجرد مرافق ثقافية، إنه مشروع ستستقر فيه الكثير من كنوز تاريخ عُمان وحضارتها وهي كنوز لا تقدر بثمن، أو أن ثمنها يعادل أكثر من عشرة آلاف سنة من مساهمة العمانيين في الحضارة الإنسانية: فكرا وإبداعا. وهذه الكنوز هي التي تشكل اليوم الجانب المهم في ثراء الثقافة العمانية وفي بناء وعيهم وفكرهم وتمسكهم بقيمهم ومبادئهم العريقة. والمشروع بهذا المعنى هو أحد معالم القوة الناعمة التي تتمتع بها سلطنة عمان اليوم والتي نحتاج إلى تفعيلها في بناء الصورة الذهنية الحديثة عن بلادنا ومنجزها عبر التاريخ.
لكن هذا المشروع لن يكون الأخير في سلسلة بناء المعالم الثقافية والحضارية العمانية فهناك مشاريع كثيرة قادمة في الطريق مثل متحف عُمان البحري الذي سيخرج من العاصمة مسقط إلى مدينة صور كما خرج متحف عمان عبر الزمان، ومتاحف أخرى ستعلن عنها الجهات المعنية في حينها.
وفي أحلامنا التي تجد طريقا لها في هذا النور الذي يضيء عُمان هناك الكثير من المشاريع التي ننتظرها وفي مقدمتها المراكز البحثية التي تُعنى بالدراسات العمانية والتاريخية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية. ومركز عُمان للترجمة الذي يمكن أن يقوم بدور تنويري ليس في عُمان وحدها ولكن في العالم العربي سواء عبر نقل المعارف والعلوم من لغات العالم إلى اللغة العربية أو عبر ترجمة المنجز الثقافي العماني والعربي إلى مختلف اللغات العالمية عبر بناء شراكات مع دور نشر في مختلف دول العالم.
وفي طابور الأحلام الكثير من المشاريع الكفيلة بجعل عُمان في صدارة المشهد الحضاري العالمي، وفي تاريخ هذا البلد العظيم ما يساهم في تذليل كل العقبات التي يمكن أن تظهر في مسيرته نحو المستقبل. كما أن في حاضر هذا البلد ما يجعلنا أكثر تفاؤلا أن هذه الأحلام سترى النور قريبا، أعني بذلك فكر جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- الذي يُعنى بالثقافة وبالتاريخ وبالعلم عناية كبيرة وفائقة تجعلنا نُعوّل كثيرا على مشاريع السنوات القادمة في بناء مشهد مختلف تماما لعُمان المستقبل.
عاصم الشيدي رئيس تحرير جريدة «عمان»
ولذلك فإن مشاريع حفظ التاريخ وتوثيقه والمشاريع الثقافية والاهتمام المتواصل بوسائل الإعلام وما ينشر فيها، على سبيل المثال، تسير جنبا إلى جنب مع المشاريع الاقتصادية ومع المشاريع الاجتماعية ـ التي تهتم بأدق تفاصيل حياة الإنسان اليومية ـ في فكر البناء لدى عاهل البلاد المفدى.. بل إن فكر جلالته يذهب إلى أبعد من ذلك عندما يناقش المواطنين في لقاءات مفتوحة حول خطر وسائل التواصل الاجتماعي على تربية الأبناء، وتأكيده المستمر على أهمية الحفاظ على «السمت» العماني.. وهذا النوع من فكر القيادة أكبر بكثير من القيادة السياسية، إنها قيادة حضارية تسمو فوق السياسي/ اليومي إلى البناء الحضاري المستدام الذي يحافظ على عظمة تاريخ الدولة والتأسيس لمسارات مستقبلها.
وتأكيدا لهذا البعد الحضاري في بناء الدولة العمانية يتفضل اليوم حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم- أعزه الله- ويضع حجر الأساس لمشروع بناء مجمع عُمان الثقافي.. وهو معلم ثقافي بارز من معالم عُمان سيساهم في تعظيم تاريخها ومكانتها الثقافية والحضارية ويكون أحد أهم معالم محافظة مسقط.
وإذا كانت مسقط مليئة بالمعالم التاريخية والثقافية التي تشكل مجتمعة جانبا مهما من الحضارة العمانية مثل القلاع والحصون والمتاحف ودار الأوبرا السلطانية ودار الفنون.. إلخ فإن مجمع عمان الثقافي سيكون مركز إشعاع حضاري استثنائي في عُمان حيث سيضم المكتبة الوطنية التي طال انتظارها، وكذلك المسرح الوطني، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية التي تملك كنوزا ضخمة لا تقدر بثمن والتي تتمثل في الوثائق والمخطوطات التي تكشف عن بعض تفاصيل التاريخ العماني الضارب في القدم، ودور العمانيين في المساهمة في الحضارة الإنسانية.
وقد تشرفت بمتابعة هذا المشروع، صحفيا، منذ توقيع اتفاقية الخدمات الاستشارية لتصميم المشروع في عام 2009 بمكتب جلالته في وزارة «التراث والثقافة» في ذلك الوقت. وأنقل هنا تصريح جلالته بعد تفضله بالتوقيع على الخرائط حينما تكرم ورد على أسئلتي وزملائي الصحفيين: «يعد المشروع الثقافي الأول المتكامل في السلطنة، وسيكون فريدا من نوعه وفي طابعه وسيضم بين جنباته المسرح الوطني والمكتبة الوطنية ومبنى دار الوثائق والمخطوطات». وكان جلالته فخورا بالمشروع وهو يتحدث عنه لما سيضيفه للمشهد الثقافي في سلطنة عُمان من دور في حفظ جوانب مشرقة من تاريخها العريق. لكن الأزمة المالية التي أثرت على العالم أجمع أثرت على المشروع وساهمت في تأجيله كما أجلت الكثير من المشاريع الأخرى. وفي عام 2015 حينما كان جلالة السلطان المعظم يحضر حفل افتتاح المتحف الوطني سألتُ وزميلي الصحفي فيصل العلوي جلالة السلطان عن المشروع، فرد- أعزه الله- بكثير من التأثر أن المشروع تأجل بسبب الظروف المالية الحالية «في ذلك الوقت» التي تمر بها سلطنة عمان ودول العالم بسبب انهيار أسعار النفط إلا أنه أكد أن المشروع سيبقى قائما وضمن أولويات الدولة نظرا لأهميته بالنسبة لسلطنة عمان ولتاريخها ومكانتها الحضارية.
ورغم أن مياها كثيرة جرت تحت الجسر منذ ذلك التاريخ وجلبت معها جوائح صحية وأزمات مالية وتحولات بنيوية في العالم على كل المستويات أكبر بكثير من الأزمة التي كانت قائمة في عام 2015 إلا أن فكر جلالة السلطان الذي يُعلي من مكانة الثقافة في بناء الدولة تمسك بالمشروع ورأى فيه عُمان بكل تاريخها وحضارتها وعراقتها وعظمة إنسانها.. ولذلك فإن جلالته يضع بنفسه حجر أساس المشروع وفي هذا تأكيد لا يخفى عن أحد على أهمية المشروع، ورعايته الكاملة من لدن عاهل البلاد المفدى.
ولا شك في أن مشروع مجمع عُمان الثقافي أكبر بكثير من مبنى يضم مجرد مرافق ثقافية، إنه مشروع ستستقر فيه الكثير من كنوز تاريخ عُمان وحضارتها وهي كنوز لا تقدر بثمن، أو أن ثمنها يعادل أكثر من عشرة آلاف سنة من مساهمة العمانيين في الحضارة الإنسانية: فكرا وإبداعا. وهذه الكنوز هي التي تشكل اليوم الجانب المهم في ثراء الثقافة العمانية وفي بناء وعيهم وفكرهم وتمسكهم بقيمهم ومبادئهم العريقة. والمشروع بهذا المعنى هو أحد معالم القوة الناعمة التي تتمتع بها سلطنة عمان اليوم والتي نحتاج إلى تفعيلها في بناء الصورة الذهنية الحديثة عن بلادنا ومنجزها عبر التاريخ.
لكن هذا المشروع لن يكون الأخير في سلسلة بناء المعالم الثقافية والحضارية العمانية فهناك مشاريع كثيرة قادمة في الطريق مثل متحف عُمان البحري الذي سيخرج من العاصمة مسقط إلى مدينة صور كما خرج متحف عمان عبر الزمان، ومتاحف أخرى ستعلن عنها الجهات المعنية في حينها.
وفي أحلامنا التي تجد طريقا لها في هذا النور الذي يضيء عُمان هناك الكثير من المشاريع التي ننتظرها وفي مقدمتها المراكز البحثية التي تُعنى بالدراسات العمانية والتاريخية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية. ومركز عُمان للترجمة الذي يمكن أن يقوم بدور تنويري ليس في عُمان وحدها ولكن في العالم العربي سواء عبر نقل المعارف والعلوم من لغات العالم إلى اللغة العربية أو عبر ترجمة المنجز الثقافي العماني والعربي إلى مختلف اللغات العالمية عبر بناء شراكات مع دور نشر في مختلف دول العالم.
وفي طابور الأحلام الكثير من المشاريع الكفيلة بجعل عُمان في صدارة المشهد الحضاري العالمي، وفي تاريخ هذا البلد العظيم ما يساهم في تذليل كل العقبات التي يمكن أن تظهر في مسيرته نحو المستقبل. كما أن في حاضر هذا البلد ما يجعلنا أكثر تفاؤلا أن هذه الأحلام سترى النور قريبا، أعني بذلك فكر جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- الذي يُعنى بالثقافة وبالتاريخ وبالعلم عناية كبيرة وفائقة تجعلنا نُعوّل كثيرا على مشاريع السنوات القادمة في بناء مشهد مختلف تماما لعُمان المستقبل.
عاصم الشيدي رئيس تحرير جريدة «عمان»