الجزائر ـ "العُمانية": أمضى الكاتب الجزائريّ سلامنية بن داود سنوات طويلة قبل أن يُبلور رؤيته الروائيّة؛ إذ يحاول بعد تقاعده من عمله كخبير في الفلاحة أن يستفيد من هذا المجال الذي عمل به سنوات طويلة، إضافة إلى استغلال نشأته في بيئة ريفيّة بولاية عين الدفلى (غرب الجزائر)، ليرسم المعالم الكبرى لبنائه الروائي.

وبما أنّ موهبة الكتابة لدى سلامنية بن داود كانت فطرية، لم يتخلّف هذا الروائيّ عمّا قام به الكتّاب الكبار، إذ راح يخطُّ في كتابه "الفلاح الصغير"، الصادر باللُّغة الفرنسيّة، فصولَ سيرته الذاتية، مقتفيًا في ذلك آثار الروائي الجزائري مولود فرعون (1913/1962)، الذي سجّل سيرته في "ابن الفقير"، أو حتى بعض الكتّاب العالميّين، أمثال الأمريكي مارك توين (1835/1910)، في سيرته "توم سوير"، أو السنغالي كامارا لاي (1928/1980)، في سيرته "الطفل الأسود".

ويروي سلامنية بن داود في سيرته "الفلاح الصغير" سنوات طفولته التي عاشها يرعى أغنام العائلة، إذ يقول في مقطع من الكتاب: "لقد كان حذائي الأحمر بمثابة بداية حياتي، أعطي لي في سن 3 سنوات، لقد جاء كمكافأة على مسؤوليتي كراعي العائلة الصغير"، قبل أن يواصل سرد فصول من حياته التي التحق فيها بمدرسة المدينة تاركا الريف خلفه.

ومن الخصائص المثيرة في طريقة الكتابة لدى هذا الروائي الجزائري وقوفه عند الكثير من التفاصيل التي أبان فيها عن قدرة رهيبة على عرضها بإسهاب، ولكن من دون أن يخل بما تفرضُه العملية السرديّة في مثل هذه القصص التي تتناول جوانب من حياة الكاتب.

وقد ارتأى ابن داود أن يُقسّم سيرته الذاتية إلى خمسة فصول، هي "صحوة مبكرة"، و"وعي منذ الطفولة المبكرة"، و"صخب البلوغ"، و"كيفية تحويل الهزيمة الساحقة إلى نجاح ساحق"، و"الكاتب". وقد تخلّل هذه المحاور الكثير من المعلومات التي سجّلها المؤلّف عن أساتذته ومعلّميه، وواقع التعليم في خمسينات وستينات القرن الماضي في الجزائر التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار، وهي معلوماتٌ تصلح للتأريخ لتلك المرحلة من تاريخ الجزائر.

يشار إلى أنّ سلامنية بن داود، وُلد عام 1954 ببوراش بولاية عين الدفلى (غرب الجزائر)، وهو روائي يعود اهتمامه بالكتابة إلى سنة 2008، إذ توجه إلى التأليف بعد أن أكمل دراساته العليا في علم الاجتماع والتجارة.

وقضى ابن داود حياته المهنية مديرًا لعدد من الشركات، قبل أن ينتقل إلى القطاع الزراعي، وقد ألف وترجم العديد من الكتب، أهمها "مراسلة الدايات"، و"الجزائر في القرن 18"، و"الوحوش" وهي رواية على ألسنة الحيوانات، كما قام بترجمة رواية "المتسوّلة" للروائي د. علي لحرش.