الحضور الثقافي في عُمان يشهد في الفترة الأخيرة تصاعدا عموديا، وبروز وجوه ثقافية شبابية جديدة، ولما تقوم به وزارة الثقافة والرياضة والشباب من دعم لهذه الوجوه الشبابية، وللمبادرات الثقافية المتنوعة، وتسهيل ذلك إلى الحد الأدنى؛ هذا بدوره يدفع من عجلة المشهد الثقافي في عمان، وهذا ما نرجوه لهذا البلد المعطاء والمتنوع والمهم خليجيا وعربيا، بل ودوليا، ولما يحتويه من تنوع ثقافي من السهل إلى الجبل، وفي الماضي والحاضر، وهذا مدرك بشكل واضح.
ونحن لما نتحدث عن الثقافة من حيث الابتداء لا نتحدث عن الجانب المتعلق بالجانب المعرفي البحت، المتمثل في المفردات الثقافية المتمثلة في المعارف النقدية والأدبية والفكرية والفلسفية والعلمية والفنية والاجتماعية والدينية والتأريخية والجغرافية والاقتصادية، سواء في الجوانب الإنسانية أو العلموية، وما يتعلق بهذا الجانب من محاضرات وندوات وإصدارات واختراعات وإبداعات؛ لأن مفهوم الثقافة مفهوم واسع ومعقد في الوقت ذاته، فالثقافة لها ارتباط بالبيئة والتأريخ والحاضر والإنسان، والبيئة ليست لونا واحدا، لهذا الثقافات على مستوى القطر الواحد متنوعة، حتى على مستوى اللغات واللهجات واللباس والأطعمة، وإسقاط ذلك على الفنون والعادات والتقاليد، وما يتقبله ذوق قوم، لا يتقبله آخرون، لكن لا يعني هذا أن يجعل ذوق ما حاكما على الأذواق الأخرى، فالثقافة بمفهومها الواسع تنفتح على جميع هذه الأنواع الثقافية وتحتضنها.
كذلك التأريخ والتعايش مع البيئة يفرزان ثقافات متنوعة، فللبحارة وهم يبحرون شرقا وغربا فنهم وثقافتهم، وللبدو وهم يقطعون الصحاري مع إبلهم وحيواناتهم لهم فنونهم وطبيعتهم الخاصة، وللمزارِع وهو يتعايش مع الماء والخضرة والحيوانات ثقافته وفنه أيضا، هذا التنوع أفاق بذاته على إفرازات ثقافية معاصرة، نتيجة السفر والإعلام والخلطة بسبب السياحة والقراءة ووسائل التواصل الاجتماعي، جعل العالم يعيش في قرية واحدة، تتداخل فيها ثقافات متعددة، وتتأثر بها ثقافات، وتنقرض أيضا ثقافات أخرى، لهذا الإنسان اليوم في المشهد الثقافي أكثر تعقيدا من إنسان الأمس، ولم يعد المشهد الثقافي تلك الصورة الواحدة، والمحددة في لون واحد منعزل عن الآخر، ولو أراد أي قطر أو ثقافة الجمود على ألوان ثقافية محددة، لكنه في الوقت ذاته يجد نفسه أمام عولمة ثقافية لا غنى من الاعتراف بها في الجملة، والذي تجده واقعا أمامك لا يمكن نكرانه بحال من الأحوال.
صحيح على المستوى القطري كما يجعل محمد فيضي من الثقافة «هي قوة وسلطة موجهة لسلوك المجتمع، تحدد لأفراده تصوراتهم عن أنفسهم والعالم من حولهم، وتحدد لهم ما يحبون ويكرهون ويرغبون فيه، ويرغبون عنه، كنوع الطعام الذي يأكلون، ونوع الملابس التي يرتدون، والطريقة التي يتكلمون بها، والألعاب الرياضية التي يمارسونها، والأبطال التاريخيين الذين خلدوا في ضمائرهم، والرموز التي يتخذونها للإفصاح عن مكنونات أنفسهم ونحو ذلك»، بيد أن هذا حرفيا ممكن أن يتناسق قبل عقود من الزمن، لكنه حرفيا لا يمكن أن يتناسق اليوم، إلا إذا عشنا في وهم صراع الأجيال، حيث الثقافة اليوم لم تعد تلك السلطة بالمعنى العلوي، بقدر ما هي متجاوزة لهذه السلطات بانفتاحها على الجميع.
الذي أريد الحديث عنه في هذه المقالة ليس الثقافة بمفهومها الواسع المعقد، وإنما حديثي عن المؤسسات الثقافية بمعناها التقليدي، سواء كانت رسمية أم أهلية، والمعنية بالجوانب الإنسانية الأفقية، أي ذات البعد المعرفي العميق، والذي يبحر في المعرفة رأسا، والتي لها تأثيرها في الوعي الجمعي، وفي الجوانب الاجتماعية والمعيشية، وفي حياة الإنسان وسياساته وتنظيم قوانينه، وفي معرفة ماضيه، وآلية التعامل مع حاضره، وفي نقد واقعه، وإقرار إنسانيه، والتي تنفتح بعمق على الثقافة بمفهومها الواسع السالف ذكره، لتنقلها من الحالة العمودية الطبيعية، إلى الحالة النقدية والاجتماعية التفكيكية، فبقدر انفتاحها الأفقي على جميع الأنواع الثقافية، إلا أنها تغور بعمق في التعامل معها، ليس بمفهوم السلطة العلوية الأحادية، كالرؤية الدينية أو الاجتماعية -بمفهوم العادات والتقاليد- أو السياسية المنغلقة على صورة واحدة أو صور محددة، ولكن لمعاني أبعد، منها معاني استثمارية وسياحية وتعددية إنسانية طبيعية تؤثر في وعي المجتمع ورقيه وتنوعه، وتأثير ذلك على الاجتماع البشري وتطوره ونموه وحرياته.
ولهذا تربط الثقافة اليوم بالحراك الاجتماعي، والحراك الاجتماعي كما يعرفه كاوجة محمد الصغير بأنه «الوضع الذي يشير إلى إمكانية تحرك الأفراد أو الجماعات إلى أسفل أو إلى أعلى الطبقة أو المكانة الاجتماعية في هرم التدرج الاجتماعي أو في إطار النسق الاجتماعي»، فالثقافة بمفهومها الرأسي لها تأثير في هذا الحراك الاجتماعي، حتى على مستوى التنمية والاقتصاد والاستثمار، فالدول المتقدمة تعنى بشكل كبير بالمؤسسات الثقافية وتنوعها ودعمها، كما تعنى بالثقافة -وفق مفهومها الواسع- واستثمارها أيضا، والانفتاح لها.
وإذا جئنا إلى عُمان اليوم، وهي حاضنة لتعددية ثقافية متنوعة لطبيعة تنوع تضاريسها، كما أن لها تأريخها الذي أفرز تنوعا ثقافيا واضحا، بجانب انفتاحها على حضارات قريبة منها كفارس والهند وشرق أفريقيا؛ هذا أثر في التنوع الثقافي في عمان، فضلا عن الجيل الحالي، ونسبته الأكبر من جيل الفتوة والشباب، وانفتاحهم على عوالم معاصرة، مع الهجرات العمالية والسياحية إليها؛ أفرز جوانب ثقافية معاصرة، منها ما تلاقح مع ثقافات البلد، ومنها ما تمايز عنها، كما أن انتقال عمان اليوم وفق رؤية عمان 2040 من قِطْر يعتمد على النفط بشكل كبير، إلى قِطْر مستثمر ومنتج ومساهم في الإبداع والإنتاج والاختراع الذاتي؛ هذا لا يمكن بحال تحققه إلا في مناخ يحتوي هذا التنوع الثقافي من جهة، ومن جهة أخرى يستثمره إيجابا في تحقيق رؤية عمان 2040.
لهذا الاهتمام بالمؤسسات الثقافية اليوم ضرورة ملحة؛ لأنها هي الحلقة المهمة في التعامل مع هذا التنوع الثقافي، لهذا نحن بحاجة اليوم إلى مؤسسات ثقافية بصورة أكبر، وتكون حاضرة -على الأقل- على مستوى المحافظات، وتحتضن المبادرات الشبابية، والاتجاهات المعرفية، ولا تقتصر عند المراكز الثقافية التي تعنى عادة بجوانب تأريخية وفنية معينة، وينتج عنه تنافس واضح، واستيعاب لهذه التعددية الثقافية، ونقلها إلى الحالة الرأسية والإنتاجية بشكل واسع.
وعليه ربما تصطدم مبدئيا هذه المؤسسات الثقافية بالتحديات المادية، وهذا عائد إلى الوعي الجمعي؛ فلا زال ضعيفا في هذا، لهذا هذه المؤسسات الثقافية اليوم على قلتها -رسمية أم أهلية- تعاني بشكل كبير من تحدي الوضع المادي، والذي ينبغي أن لا يكون عقبة يحول دون نتاجها، ولهذا أسبابه الذي بحاجة إلى دراسات جادة في سبب تدنيه اليوم، وإلى عزوف الشركات الكبرى ورجال الأعمال والمجتمع المدني في دعم ذلك بالشكل العام، مع دعم هذه الشركات ورجال الأعمال لجوانب ثقافية معينة وأعمال تطوعية مهمة أيضا، إلا أن النظرة شبه السلبية أو غير الحاضرة على الأقل في دعم المؤسسات الثقافية واضح بشكل كبير، قد يكون الخلل عائدا إلى الوعي الجمعي، أو إلى المردود المباشر ماديا أو اجتماعيا، أو إلى النظرة الاجتماعية السلبية، أو عدم وجود استراتيجيات واضحة من المؤسسات الثقافية ذاتها، كل ذلك محتمل، ويحتاج بذاته إلى دراسة علاجية، لكن أن يهمل هذا الجانب مع دعمه رسميا في بعض الحالات، إلا أن الدعم الرسمي دون وعي جمعي لأهمية ذلك؛ يجعل الصورة غير مكتملة، خصوصا أن هذه المؤسسات في الأصالة مرتبطة بالمجتمع بالشكل الأكبر.
ما أسلفت ذكره لا يعني عدم وجود حالات داعمة في المجتمع، وخلقت مؤسسات ثقافية بذاتها، لكن الحالة الأفقية في هذا تفضي إلى أننا بحاجة إلى اهتمام أكبر، ينتج من وعي مجتمعي بأهمية هذا، خصوصا وأن عمان اليوم لها حضورها العالمي، وهي معنية اليوم في الانفتاح الاستثماري والاقتصادي، وقوة أي بلد بمدى انتشار الوعي الجمعي الإيجابي فيه، خصوصا على المستوى المؤسسي وليس الجمعي فقط، فإذا ما وجد وعي في أهمية هذه المؤسسات الثقافية؛ بلا شك سيكون لها تأثيرها الإيجابي في الرقي بعمان والإنسان ثقافة وتنمية وإبداعا.
ونحن لما نتحدث عن الثقافة من حيث الابتداء لا نتحدث عن الجانب المتعلق بالجانب المعرفي البحت، المتمثل في المفردات الثقافية المتمثلة في المعارف النقدية والأدبية والفكرية والفلسفية والعلمية والفنية والاجتماعية والدينية والتأريخية والجغرافية والاقتصادية، سواء في الجوانب الإنسانية أو العلموية، وما يتعلق بهذا الجانب من محاضرات وندوات وإصدارات واختراعات وإبداعات؛ لأن مفهوم الثقافة مفهوم واسع ومعقد في الوقت ذاته، فالثقافة لها ارتباط بالبيئة والتأريخ والحاضر والإنسان، والبيئة ليست لونا واحدا، لهذا الثقافات على مستوى القطر الواحد متنوعة، حتى على مستوى اللغات واللهجات واللباس والأطعمة، وإسقاط ذلك على الفنون والعادات والتقاليد، وما يتقبله ذوق قوم، لا يتقبله آخرون، لكن لا يعني هذا أن يجعل ذوق ما حاكما على الأذواق الأخرى، فالثقافة بمفهومها الواسع تنفتح على جميع هذه الأنواع الثقافية وتحتضنها.
كذلك التأريخ والتعايش مع البيئة يفرزان ثقافات متنوعة، فللبحارة وهم يبحرون شرقا وغربا فنهم وثقافتهم، وللبدو وهم يقطعون الصحاري مع إبلهم وحيواناتهم لهم فنونهم وطبيعتهم الخاصة، وللمزارِع وهو يتعايش مع الماء والخضرة والحيوانات ثقافته وفنه أيضا، هذا التنوع أفاق بذاته على إفرازات ثقافية معاصرة، نتيجة السفر والإعلام والخلطة بسبب السياحة والقراءة ووسائل التواصل الاجتماعي، جعل العالم يعيش في قرية واحدة، تتداخل فيها ثقافات متعددة، وتتأثر بها ثقافات، وتنقرض أيضا ثقافات أخرى، لهذا الإنسان اليوم في المشهد الثقافي أكثر تعقيدا من إنسان الأمس، ولم يعد المشهد الثقافي تلك الصورة الواحدة، والمحددة في لون واحد منعزل عن الآخر، ولو أراد أي قطر أو ثقافة الجمود على ألوان ثقافية محددة، لكنه في الوقت ذاته يجد نفسه أمام عولمة ثقافية لا غنى من الاعتراف بها في الجملة، والذي تجده واقعا أمامك لا يمكن نكرانه بحال من الأحوال.
صحيح على المستوى القطري كما يجعل محمد فيضي من الثقافة «هي قوة وسلطة موجهة لسلوك المجتمع، تحدد لأفراده تصوراتهم عن أنفسهم والعالم من حولهم، وتحدد لهم ما يحبون ويكرهون ويرغبون فيه، ويرغبون عنه، كنوع الطعام الذي يأكلون، ونوع الملابس التي يرتدون، والطريقة التي يتكلمون بها، والألعاب الرياضية التي يمارسونها، والأبطال التاريخيين الذين خلدوا في ضمائرهم، والرموز التي يتخذونها للإفصاح عن مكنونات أنفسهم ونحو ذلك»، بيد أن هذا حرفيا ممكن أن يتناسق قبل عقود من الزمن، لكنه حرفيا لا يمكن أن يتناسق اليوم، إلا إذا عشنا في وهم صراع الأجيال، حيث الثقافة اليوم لم تعد تلك السلطة بالمعنى العلوي، بقدر ما هي متجاوزة لهذه السلطات بانفتاحها على الجميع.
الذي أريد الحديث عنه في هذه المقالة ليس الثقافة بمفهومها الواسع المعقد، وإنما حديثي عن المؤسسات الثقافية بمعناها التقليدي، سواء كانت رسمية أم أهلية، والمعنية بالجوانب الإنسانية الأفقية، أي ذات البعد المعرفي العميق، والذي يبحر في المعرفة رأسا، والتي لها تأثيرها في الوعي الجمعي، وفي الجوانب الاجتماعية والمعيشية، وفي حياة الإنسان وسياساته وتنظيم قوانينه، وفي معرفة ماضيه، وآلية التعامل مع حاضره، وفي نقد واقعه، وإقرار إنسانيه، والتي تنفتح بعمق على الثقافة بمفهومها الواسع السالف ذكره، لتنقلها من الحالة العمودية الطبيعية، إلى الحالة النقدية والاجتماعية التفكيكية، فبقدر انفتاحها الأفقي على جميع الأنواع الثقافية، إلا أنها تغور بعمق في التعامل معها، ليس بمفهوم السلطة العلوية الأحادية، كالرؤية الدينية أو الاجتماعية -بمفهوم العادات والتقاليد- أو السياسية المنغلقة على صورة واحدة أو صور محددة، ولكن لمعاني أبعد، منها معاني استثمارية وسياحية وتعددية إنسانية طبيعية تؤثر في وعي المجتمع ورقيه وتنوعه، وتأثير ذلك على الاجتماع البشري وتطوره ونموه وحرياته.
ولهذا تربط الثقافة اليوم بالحراك الاجتماعي، والحراك الاجتماعي كما يعرفه كاوجة محمد الصغير بأنه «الوضع الذي يشير إلى إمكانية تحرك الأفراد أو الجماعات إلى أسفل أو إلى أعلى الطبقة أو المكانة الاجتماعية في هرم التدرج الاجتماعي أو في إطار النسق الاجتماعي»، فالثقافة بمفهومها الرأسي لها تأثير في هذا الحراك الاجتماعي، حتى على مستوى التنمية والاقتصاد والاستثمار، فالدول المتقدمة تعنى بشكل كبير بالمؤسسات الثقافية وتنوعها ودعمها، كما تعنى بالثقافة -وفق مفهومها الواسع- واستثمارها أيضا، والانفتاح لها.
وإذا جئنا إلى عُمان اليوم، وهي حاضنة لتعددية ثقافية متنوعة لطبيعة تنوع تضاريسها، كما أن لها تأريخها الذي أفرز تنوعا ثقافيا واضحا، بجانب انفتاحها على حضارات قريبة منها كفارس والهند وشرق أفريقيا؛ هذا أثر في التنوع الثقافي في عمان، فضلا عن الجيل الحالي، ونسبته الأكبر من جيل الفتوة والشباب، وانفتاحهم على عوالم معاصرة، مع الهجرات العمالية والسياحية إليها؛ أفرز جوانب ثقافية معاصرة، منها ما تلاقح مع ثقافات البلد، ومنها ما تمايز عنها، كما أن انتقال عمان اليوم وفق رؤية عمان 2040 من قِطْر يعتمد على النفط بشكل كبير، إلى قِطْر مستثمر ومنتج ومساهم في الإبداع والإنتاج والاختراع الذاتي؛ هذا لا يمكن بحال تحققه إلا في مناخ يحتوي هذا التنوع الثقافي من جهة، ومن جهة أخرى يستثمره إيجابا في تحقيق رؤية عمان 2040.
لهذا الاهتمام بالمؤسسات الثقافية اليوم ضرورة ملحة؛ لأنها هي الحلقة المهمة في التعامل مع هذا التنوع الثقافي، لهذا نحن بحاجة اليوم إلى مؤسسات ثقافية بصورة أكبر، وتكون حاضرة -على الأقل- على مستوى المحافظات، وتحتضن المبادرات الشبابية، والاتجاهات المعرفية، ولا تقتصر عند المراكز الثقافية التي تعنى عادة بجوانب تأريخية وفنية معينة، وينتج عنه تنافس واضح، واستيعاب لهذه التعددية الثقافية، ونقلها إلى الحالة الرأسية والإنتاجية بشكل واسع.
وعليه ربما تصطدم مبدئيا هذه المؤسسات الثقافية بالتحديات المادية، وهذا عائد إلى الوعي الجمعي؛ فلا زال ضعيفا في هذا، لهذا هذه المؤسسات الثقافية اليوم على قلتها -رسمية أم أهلية- تعاني بشكل كبير من تحدي الوضع المادي، والذي ينبغي أن لا يكون عقبة يحول دون نتاجها، ولهذا أسبابه الذي بحاجة إلى دراسات جادة في سبب تدنيه اليوم، وإلى عزوف الشركات الكبرى ورجال الأعمال والمجتمع المدني في دعم ذلك بالشكل العام، مع دعم هذه الشركات ورجال الأعمال لجوانب ثقافية معينة وأعمال تطوعية مهمة أيضا، إلا أن النظرة شبه السلبية أو غير الحاضرة على الأقل في دعم المؤسسات الثقافية واضح بشكل كبير، قد يكون الخلل عائدا إلى الوعي الجمعي، أو إلى المردود المباشر ماديا أو اجتماعيا، أو إلى النظرة الاجتماعية السلبية، أو عدم وجود استراتيجيات واضحة من المؤسسات الثقافية ذاتها، كل ذلك محتمل، ويحتاج بذاته إلى دراسة علاجية، لكن أن يهمل هذا الجانب مع دعمه رسميا في بعض الحالات، إلا أن الدعم الرسمي دون وعي جمعي لأهمية ذلك؛ يجعل الصورة غير مكتملة، خصوصا أن هذه المؤسسات في الأصالة مرتبطة بالمجتمع بالشكل الأكبر.
ما أسلفت ذكره لا يعني عدم وجود حالات داعمة في المجتمع، وخلقت مؤسسات ثقافية بذاتها، لكن الحالة الأفقية في هذا تفضي إلى أننا بحاجة إلى اهتمام أكبر، ينتج من وعي مجتمعي بأهمية هذا، خصوصا وأن عمان اليوم لها حضورها العالمي، وهي معنية اليوم في الانفتاح الاستثماري والاقتصادي، وقوة أي بلد بمدى انتشار الوعي الجمعي الإيجابي فيه، خصوصا على المستوى المؤسسي وليس الجمعي فقط، فإذا ما وجد وعي في أهمية هذه المؤسسات الثقافية؛ بلا شك سيكون لها تأثيرها الإيجابي في الرقي بعمان والإنسان ثقافة وتنمية وإبداعا.