رغم التعقيدات الكبيرة التي قادت إسرائيلُ المنطقةَ لها إلا أن هناك من يبقى على إيمان كبير أن الحلول الدبلوماسية ما زالت ممكنة ولا يمكن الاستهانة بها، أو أنها هي الخيار الأهم لحل القضية الفلسطينية.

سلطنة عُمان من بين الدول التي تؤمن أن الحوار وتفعيل الدبلوماسية والاحتكام إلى القوانين الدولية قادرة على الوصول، دائما، إلى حل منطقي يرضي جميع الأطراف.

ورغم أن سلطنة عمان تحترم وتقدر مقاومة الشعوب في سبيل الحصول على استقلالها واستعادة أراضيها المحتلة إلا أنها في الوقت نفسه تبذل جهودا كبيرة في مسار السلام والحوار عبر تفعيل الدبلوماسية وقوة سلطنة عمان الناعمة. وليس صعبا رصد هذا المسار الذي تتبناه سلطنة عمان وتؤمن به سواء في القضية الفلسطينية أو قضايا إقليمية أخرى.

ولا شك أن هذه الاستراتيجية تكون على طاولة المباحثات التي سيعقدها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مع فخامة الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يوم الثلاثاء.. وستناقش سلطنة عُمان -كما تفعل في جميع الحوارات السياسية- مكاسب المنطقة والعالم في إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط والوصول إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وتدرك ألمانيا هذه الأهمية سواء عبر تحقيق المكاسب السياسية أو المكاسب الاقتصادية خاصة في ظل بدء توسع الحرب لتشمل مناطق أخرى خارج محيط قطاع غزة.

وتعول المنطقة كثيرا على الدبلوماسية العمانية التي تتبنى الحوار والتفاهم بين الفرقاء الأمر الذي يمكن أن يسهم في تغيير وجهات النظر وتقريبها عند حدود المنطق والقوانين الدولية.

إن أكثر ما يميز السياسية العمانية واستراتيجية الحوار الذي تتبناه الفهم العميق للسياقات التاريخية والثقافية القائمة في منطقة الشرق الأوسط وهذا الفهم راكمته عُمان عبر تاريخها العريق وتجاربها الطويلة في المنطقة باعتبار النظام السياسي في سلطنة عمان واحدا من أقدم الأنظمة السياسية في العالم، وهذه الميزة كانت تدفع بالحوارات العمانية إلى النجاح.

ورغم أن الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة منذ حوالي ٥٠ يوما قد تجاوزت كل الحدود المادية والأخلاقية وتحولت إلى حرب إبادة بغيضة جدا إلا أن فكرة السلام تبقى تحوم فوق ساحات المعارك وتبحث عمن يستطيع أن يمسك بها ويحولها إلى خيار مناهض لخيار الحرب والدمار.. وتؤمن سلطنة عمان التي تبذل كل ما في وسعها من أجل وقف الحرب أن السلام ليس مجرد انتهاء الحرب ووقف صوت المدافع والقنابل، بل السلام هو وجود العدالة والتفاهم والاحترام المتبادل والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعودة المهجرين إلى أراضيهم التاريخية.

بالقدر الذي كان فيه موقف سلطنة عُمان، وما زال، صلبا ورافضا للعنجهية الإسرائيلية فإنه لم يتخلَ عن خيار السلام ولم تتوقف الدبلوماسية العمانية عن الدعوة له وعن فتح حوارات مع قادة العالم من أجل تحقيقه على أرض فلسطين.