ينطبق على غزة في اليوم الرابع و الأربعون للحرب قول (أرنست همنغواي) "جاء كل حزن المدينة فجأة مع هطول الأمطار الباردة الأولى في الشتاء".
السيدة فاطمة وهى أم لأربعة أطفال تقول منذ خرجنا من بيتنا الذي هدمه الاحتلال الإسرائيلي فوق رؤوسنا في منطقة السلاطين بشمال غزة وانا أعاني مع اطفالي بسبب إصابتهم بالنزلات المعويه المتكررة في ظل انقطاع المياه الصالحة للشرب وعدم استقبالهم بالمستشفى بسبب تكدس الجرحي، وما صعب من الأمر هو اصابة الأطفال بأمراض جلدية بسبب انتشار الحشرات وحشرة البعوض داخل مركز الايواء بمدينة رفح، استطردت ذهبت مرارًا وتكرارًا للبحر القريب من مكان النزوح واستخدمت المياه المالحه للحد من المشاكل الجلديه وتحميم الأطفال لكننى لن أستطيع معاودة هذا الأمر بسبب دخول فصل الشتاء علينا، لم اجلب معي ملابس كافية بالمطلق، خرجنا من المنزل حفاة الاقدام في ظل استمرار القصف على منطقة بيت لاهيا، حتى هذه اللحظة لم استطع توفير احتياجات أسرتي من ملابس واغطيه، تُقدم لنا الأونروا بعض الطعام القليل الذي بالكاد يكفي الأطفال، من حقنا العيش بأمان وسلام اين المجتمع العربي والإسلامي والدولي مما يحدث لنا انهت حديتها ودموعها تتساقط على جسد طفلتها الصغيرة التى كانت تضمها بين يديها بينما ابناءها الثلاث يلعبون في بركة لمياة الأمطار تجمعت في ساحة مركز الإيواء.
الحاجه ام خالد ذات الثمانين عامًا من أصحاب الأمراض المزمنة تعانى من إرتفاع ضغط الدم ومرض السكري وضعف في عضلة القلب تدهورت حالتها الصحيه بسبب عدم توافر علاجها داخل الصيدليات بسبب إغلاق المعابر منذ اليوم الاول للحرب، نُقلت الى المستشفى اكثر من مره لكنها لم تحصل سوى على بعض المسكنات، تقول كنا نلجأ الى مركز الرعايه الصحيه في بيت لاهيا ونحصل على علاجنا مع بداية كل شهر بسهولة ويسر، لكننا اليوم نعانى بسبب إغلاق وتدمير الكثير من المستشفيات والمراكز والمؤسسات الطبية، لا اعلم ماذا سيحل بي مع استمرار الحرب دون وجود بصيص أمل لوقف اطلاق النار، يبدو أنني سأكون ضحيه من ضحايا الحرب نحن نعيش نكبة 1948 م بكافة تفاصيلها للمرة الثانية.
أما سلمى فتعاني طفلتها من سعال شديد جدًا يتزامن مع إرتفاع درجة الحرارة لم تُفلح الأدوية والمهدئات في تخفيف حدة الألم في ظل نقص حليب الأطفال الذي بات غير متواجدًا في الصيدليات او المحلات التجارية الكبيرة منذ اكثر من شهر بالإضافة لعدم وجود الأطعمة البديلة، هذه المعاناة أصبحت منتشرة بين صفوف السكان بسبب عدم توافر المستلزمات الغذائية والطبية نتيجة إغلاق المعابر من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
جاء المنخفض الجوي المحمل بالأمطار الشديدة ليزيد من معاناه النازحين من سكان شمال ومدينة غزة الى جنوب القطاع، فيما تواصل قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي حربها على قطاع غزة التي اسفر عنها حسب معلومات وزارة الصحة الى استشهاد أكثر من 12300 شهيداً وأكثر من 30 الف جريحاً 70% من الشهداء والجرحى هم اطفال ونساء، ووجود اكثر من 6000 شخص مفقودين تحت ركام منازلهم نصفهم من الأطفال، حيث قدر مكتب الإعلام الحكومي بغزة عدد النازحين قسرًا لقرابة مليون و700 الف فلسطيني، نصفهم يتواجد في مدراس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا والنصف الآخر يتواجد داخل مراكز الايواء في المستشفيات والمدراس الحكومية والكنائس والجامعات والكليات والتى تعتبر غير مجهزة لإستقبال هذا الكمّ الكبير للعائلات إضافة إلى عدم توفر المستلزمات الضروريه من أثاث واغطية وملابس وانعدام مقومات الحياه من كهرباء وماء نقي ووقود ووسائل تدفئه.
سقطت الأمطار ليلًا بشكل مباشر على رؤوس النائمين داخل الخيام المنتشرة في ساحات المدارس والتجمعات الأخري التى تضم النازحين وقد تجمعت مياه الامطار بشكل كبير في ساحات مراكز الإيواء والشوارع، بسبب عدم تشغيل المضخات التى تقوم بتصريف هذه المياه الى الآبار الجوفية نتيجه اغلاق الشوارع وتدمير البنية التحيه وتزداد المأساة مع ازدياد النفايات المنزليه ومياة الصرف الصحي امام مراكز الايواء منذ الأيام الاولى للنزوح.
هذه الكارثه البيئية تسببت في إصابة العديد من الأطفال بمشكلات صحيه متعددة ومتزايدة بالتزامن مع التحذير المتكرر الصادر عن منظمة الصحة العالمية التي حذرت من ارتفاع مخاطر انتشار الأمراض في غزة بسبب تعطل المرافق الصحية وأنظمة المياه والصرف الصحي، وقد اشارت البيانات الواردة أن هناك اكثر من 54866 حالة إصابة بالتهابات الجهاز التنفسي العلوي في القطاع.
كما اوضحت ذات المنظمه عن تسجيل مايزيد عن 137 الف حالة إصابات بالاسهال والسحايا والأمراض التنفسية والأمراض المعويه كما هناك تزايد في انتشار الأمراض في غزة بسبب سوء جودة المياه وتدني الرعاية الصحية
منذ بداية الحرب حتى هذه اللحظة فإن معظم شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات والصرف الصحي معطله،الامر الذي أدى إلى فقدان ادنى مقومات الحياة ومن ضمنها المياه التي يعجز سكان القطاع عن الحصول علي مياه نظيفة صالحة للشرب، أو مياة النظافة ما ادى الى انتشار الأمراض والأوبئة بين السكان لاسيما في المدارس التي تأوي النازحين.
لغاية الآن هناك صعوبة في توفير الاحتياجات الإنسانية الأساسية، بما فيها المياه، الأغذية، الأدوية، الأغطية والفراش، الكهرباء والوقود. وأصبحت المهمة صعبة وشاقة، واعترضها الكثير من المخاطر الحقيقية، بسبب الترويع المستمر للسكان والاستهداف للمخابز وآبار المياة وحتي ألواح الطاقة الشمسية التي تعتمد عليها بعض المرافق الخدمية تعميقا لسياسة العقوبات الجماعية الانتقامية والخنق الاقتصادي والاجتماعي للسكان، الذي أضيف إلى جرائم القتل والإبادة وحرب التجويع والتعطيش، والتدمير الشامل، الناجم عن الغارات الجوية المكثفة.
كل ما يحدث في قطاع غزة ينذر بكارثة بيئية وصحية و إنسانية يجب على منظمه الصحة العالمية وجميع المؤسسات والمنظمات والهيئات الامميه التى تُعنى بالبئيه والطفولة والمرأة ان تقف من اجل وضع حد للإحتلال الإسرائيلي من أجل حماية المدنيين الفلسطينيين ونحن على أعتاب شهر ديسمبر وهو الشهر الأكثر برودة مع دخول فصل الشتاء.
د. حكمت المصري، كاتبة فلسطينية من غزة
السيدة فاطمة وهى أم لأربعة أطفال تقول منذ خرجنا من بيتنا الذي هدمه الاحتلال الإسرائيلي فوق رؤوسنا في منطقة السلاطين بشمال غزة وانا أعاني مع اطفالي بسبب إصابتهم بالنزلات المعويه المتكررة في ظل انقطاع المياه الصالحة للشرب وعدم استقبالهم بالمستشفى بسبب تكدس الجرحي، وما صعب من الأمر هو اصابة الأطفال بأمراض جلدية بسبب انتشار الحشرات وحشرة البعوض داخل مركز الايواء بمدينة رفح، استطردت ذهبت مرارًا وتكرارًا للبحر القريب من مكان النزوح واستخدمت المياه المالحه للحد من المشاكل الجلديه وتحميم الأطفال لكننى لن أستطيع معاودة هذا الأمر بسبب دخول فصل الشتاء علينا، لم اجلب معي ملابس كافية بالمطلق، خرجنا من المنزل حفاة الاقدام في ظل استمرار القصف على منطقة بيت لاهيا، حتى هذه اللحظة لم استطع توفير احتياجات أسرتي من ملابس واغطيه، تُقدم لنا الأونروا بعض الطعام القليل الذي بالكاد يكفي الأطفال، من حقنا العيش بأمان وسلام اين المجتمع العربي والإسلامي والدولي مما يحدث لنا انهت حديتها ودموعها تتساقط على جسد طفلتها الصغيرة التى كانت تضمها بين يديها بينما ابناءها الثلاث يلعبون في بركة لمياة الأمطار تجمعت في ساحة مركز الإيواء.
الحاجه ام خالد ذات الثمانين عامًا من أصحاب الأمراض المزمنة تعانى من إرتفاع ضغط الدم ومرض السكري وضعف في عضلة القلب تدهورت حالتها الصحيه بسبب عدم توافر علاجها داخل الصيدليات بسبب إغلاق المعابر منذ اليوم الاول للحرب، نُقلت الى المستشفى اكثر من مره لكنها لم تحصل سوى على بعض المسكنات، تقول كنا نلجأ الى مركز الرعايه الصحيه في بيت لاهيا ونحصل على علاجنا مع بداية كل شهر بسهولة ويسر، لكننا اليوم نعانى بسبب إغلاق وتدمير الكثير من المستشفيات والمراكز والمؤسسات الطبية، لا اعلم ماذا سيحل بي مع استمرار الحرب دون وجود بصيص أمل لوقف اطلاق النار، يبدو أنني سأكون ضحيه من ضحايا الحرب نحن نعيش نكبة 1948 م بكافة تفاصيلها للمرة الثانية.
أما سلمى فتعاني طفلتها من سعال شديد جدًا يتزامن مع إرتفاع درجة الحرارة لم تُفلح الأدوية والمهدئات في تخفيف حدة الألم في ظل نقص حليب الأطفال الذي بات غير متواجدًا في الصيدليات او المحلات التجارية الكبيرة منذ اكثر من شهر بالإضافة لعدم وجود الأطعمة البديلة، هذه المعاناة أصبحت منتشرة بين صفوف السكان بسبب عدم توافر المستلزمات الغذائية والطبية نتيجة إغلاق المعابر من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
جاء المنخفض الجوي المحمل بالأمطار الشديدة ليزيد من معاناه النازحين من سكان شمال ومدينة غزة الى جنوب القطاع، فيما تواصل قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي حربها على قطاع غزة التي اسفر عنها حسب معلومات وزارة الصحة الى استشهاد أكثر من 12300 شهيداً وأكثر من 30 الف جريحاً 70% من الشهداء والجرحى هم اطفال ونساء، ووجود اكثر من 6000 شخص مفقودين تحت ركام منازلهم نصفهم من الأطفال، حيث قدر مكتب الإعلام الحكومي بغزة عدد النازحين قسرًا لقرابة مليون و700 الف فلسطيني، نصفهم يتواجد في مدراس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا والنصف الآخر يتواجد داخل مراكز الايواء في المستشفيات والمدراس الحكومية والكنائس والجامعات والكليات والتى تعتبر غير مجهزة لإستقبال هذا الكمّ الكبير للعائلات إضافة إلى عدم توفر المستلزمات الضروريه من أثاث واغطية وملابس وانعدام مقومات الحياه من كهرباء وماء نقي ووقود ووسائل تدفئه.
سقطت الأمطار ليلًا بشكل مباشر على رؤوس النائمين داخل الخيام المنتشرة في ساحات المدارس والتجمعات الأخري التى تضم النازحين وقد تجمعت مياه الامطار بشكل كبير في ساحات مراكز الإيواء والشوارع، بسبب عدم تشغيل المضخات التى تقوم بتصريف هذه المياه الى الآبار الجوفية نتيجه اغلاق الشوارع وتدمير البنية التحيه وتزداد المأساة مع ازدياد النفايات المنزليه ومياة الصرف الصحي امام مراكز الايواء منذ الأيام الاولى للنزوح.
هذه الكارثه البيئية تسببت في إصابة العديد من الأطفال بمشكلات صحيه متعددة ومتزايدة بالتزامن مع التحذير المتكرر الصادر عن منظمة الصحة العالمية التي حذرت من ارتفاع مخاطر انتشار الأمراض في غزة بسبب تعطل المرافق الصحية وأنظمة المياه والصرف الصحي، وقد اشارت البيانات الواردة أن هناك اكثر من 54866 حالة إصابة بالتهابات الجهاز التنفسي العلوي في القطاع.
كما اوضحت ذات المنظمه عن تسجيل مايزيد عن 137 الف حالة إصابات بالاسهال والسحايا والأمراض التنفسية والأمراض المعويه كما هناك تزايد في انتشار الأمراض في غزة بسبب سوء جودة المياه وتدني الرعاية الصحية
منذ بداية الحرب حتى هذه اللحظة فإن معظم شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات والصرف الصحي معطله،الامر الذي أدى إلى فقدان ادنى مقومات الحياة ومن ضمنها المياه التي يعجز سكان القطاع عن الحصول علي مياه نظيفة صالحة للشرب، أو مياة النظافة ما ادى الى انتشار الأمراض والأوبئة بين السكان لاسيما في المدارس التي تأوي النازحين.
لغاية الآن هناك صعوبة في توفير الاحتياجات الإنسانية الأساسية، بما فيها المياه، الأغذية، الأدوية، الأغطية والفراش، الكهرباء والوقود. وأصبحت المهمة صعبة وشاقة، واعترضها الكثير من المخاطر الحقيقية، بسبب الترويع المستمر للسكان والاستهداف للمخابز وآبار المياة وحتي ألواح الطاقة الشمسية التي تعتمد عليها بعض المرافق الخدمية تعميقا لسياسة العقوبات الجماعية الانتقامية والخنق الاقتصادي والاجتماعي للسكان، الذي أضيف إلى جرائم القتل والإبادة وحرب التجويع والتعطيش، والتدمير الشامل، الناجم عن الغارات الجوية المكثفة.
كل ما يحدث في قطاع غزة ينذر بكارثة بيئية وصحية و إنسانية يجب على منظمه الصحة العالمية وجميع المؤسسات والمنظمات والهيئات الامميه التى تُعنى بالبئيه والطفولة والمرأة ان تقف من اجل وضع حد للإحتلال الإسرائيلي من أجل حماية المدنيين الفلسطينيين ونحن على أعتاب شهر ديسمبر وهو الشهر الأكثر برودة مع دخول فصل الشتاء.
د. حكمت المصري، كاتبة فلسطينية من غزة