عادت الحياة إلى طبيعتها في محافظة ظفار، بعد أيام من الاستنفار المؤسسي والمجتمعي؛ للتعامل مع تداعيات إعصار «تيج» الذي تأثرت به ولايات المحافظة، ومرّ بسلام. ومرة تلو أخرى تُثبت المنظومة الوطنية حجم إمكانياتها واستعدادها للتعامل مع مثل هذه الحالات والخروج منها بأقل الخسائر، عبر انسجام كافة القطاعات، والعمل تحت مظلة اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة، التي تراكمت خبراتها عبر تجارب سابقة؛ لتأخذ من كل تجربة ما يعزز عملها المستقبلي والحيلولة دون وقوع أية خسائر.

وفي حالة إعصار «تيج»، كان جليا استعداد كافة الجهات للتعامل مع الحالة، حيث كانت سرعة التحرك في الزمان والمكان المناسبين السمة الحاضرة في إجراءات التعامل مع الحالة، ففي الوقت الذي فعلت اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة غرفة العمليات التابعة لها، على ضوء ما يصدره المركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة، كانت اللجان الفرعية في محافظتي ظفار والوسطى وكافة الجهات حاضرة؛ لتفعيل خططها الاحترازية للتعامل مع الحالة وتداعيتها وتأثيراتها، وعقدت الجهات المعنية اجتماعات لمناقشة الجاهزية بالتنسيق والتكامل مع اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة، وعلى ضوء ذلك صدرت العديد من القرارات المتمثلة في تعليق الدراسة، وإعطاء إجازة للموظفين في محافظة ظفار، وفتح مراكز الإيواء ونشر فرق الإنقاذ والمساندة والفرق الإعلامية التي حضرت؛ لنقل الحدث من كل موقع. لقد أعطت التجارب السابقة للتعامل مع الأنواء المناخية، الخبرة للمختصين في كيفية إدارة الأوضاع ومعرفة الاحتياجات الضرورية الواجب توفيرها في مثل هذه الظروف، وهذا الأمر كان واضحا في الانتشار الشرطي في مواقع مختلفة، والوقوف على المواقع الخطرة والطرق الصعبة لمنع المرور أو الاقتراب منها عند الخطر حفاظا على أرواح الناس، إضافة إلى تسخير المعدات في مواقع مختلفة لتقوم بدورها في أسرع وقت ممكن خاصة فيما يتعلق بإصلاح الطرق أو التعامل مع المركبات العالقة.

إن العمل المؤسسي المتكامل، والروح الوطنية العالية أظهرا المعدن الأصيل لدى أبناء عمان، وكيف يسخّرون أرواحهم وجهدهم للعمل من أجل الوطن والتضحية لأجله والحفاظ على أرواح الناس والممتلكات والمنجزات الوطنية.

وبما أن المجتمع هو جزء لا يتجزأ من منظومة العمل المتكامل، أظهر أبناء محافظة ظفار التزاما مثاليا، في تطبيق ما توصي به الجهات المعنية من إجراءات لضمان سلامة أفراد المجتمع، ومن الأحد إلى يوم الثلاثاء الماضي كانت طرقات ولاية صلالة رغم كثافتها السكانية العالية شبه فارغة إلا ما ندر من بعض المركبات التي لم تخرج إلا للضرورة، كما حافظ الأهالي على البقاء في منازلهم أثناء فترة تأثيرات الإعصار التزاما منهم بما يصدر من اللجنة الوطنية. كما لم تشهد الأسواق تهافتا على شراء المواد الغذائية، حيث حافظ ذلك على توفر المواد الغذائية بالأسواق طوال أيام التأثيرات، وعند زيارة الأسواق كان الناس يتسوقون بهدوء، ويركزون على شراء المستلزمات الضرورية. إن هذا الجانب أسهم بشكل كبير في مرور تأثيرات الإعصار بسلام، ولم يتسبب في انشغال الجهات المعنية في عمليات الإنقاذ أو الحاجة لضخ مزيد من السلع في الأسواق، وعندما يكون المجتمع بهذا المستوى من التعاون والاستجابة فإن ذلك يعزز نجاح التعامل المؤسسي المتكامل في الخروج بأقل الخسائر من هذه الظروف المناخية. وبلطف الله، عادت الحياة إلى طبيعتها في محافظة ظفار، فالتحية لكل الجهود الوطنية التي بذلت من الجميع وفي كل موقع لخدمة عُمان.