في كل مرة ينعقد فيها مجلس الوزراء برئاسة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- تكون عُمان كلها منتظرة للنتائج، نتائج مرحلة تم إنجازها في كل القطاعات، ومرحلة تكون مساراتها جاهزة لعبور العمانيين خطوات نحو المستقبل.. وبعد كل اجتماع لا يخيب الرجاء ولا يتوقف المسير الحثيث نحو المستقبل الذي تريده عُمان وتسعى إليه.

ومع بدء نشر نتائج اجتماع المجلس الموقر أمس كان الجميع مستبشرا بما حققته المرحلة الماضية وبما أعلن عنه من مسارات عمل لمرحلة جديدة من الازدهار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفي الوقت الذي أعلنت في سلطنة عمان أمس عبر اجتماع مجلس الوزراء عن نجاحات كبرى في الجوانب المالية والاقتصادية كان هناك تركيز على محاور مهمة تعنى بالإعلام العماني الذي يشهد نقلات نوعية متميزة، وتعنى بالشباب الذين تبنى عليهم طموحات المستقبل، وبالجوانب الاجتماعية التي تساهم في صناعة الاستقرار الوظيفي وشحذ الهمم نحو مسيرة التقدم والرقي.

ولا بد من النظر إلى النتائج الإيجابية التي حققتها سلطنة عمان في الأداء المالي على مدى السنوات الثلاث الماضية باعتبارها شهادة على سعي عُمان وتفانيها من أجل تحقيق المرونة الاقتصادية والنمو في جميع القطاعات، وهذا المسار التصاعدي، الذي ينعكس في ارتفاع المؤشرات المالية والاقتصادية والتصنيف الائتماني، يحكي الكثير عن رؤية وقيادة جلالة السلطان المعظم وإدارته الحكيمة لمسارات البناء والتنمية في البلاد رغم كل التحديات التي عاشها العالم أجمع خلال الأعوام الماضية ولا يمكن للذاكرة الجادة والمنصفة أن تتجاوزها. ويمكن أن نقرأ رؤية جلالة السلطان المعظم عبر توجيهه لمسارات استخدام الفوائض المالية التي حققتها سلطنة عمان خلال العامين الأخيرين والتي تستهدف الأولويات الاقتصادية والاجتماعية حيث يبرز التزام الدولة وسعيها من أجل أن يعيش العماني حياة كريمة وهانئة ومستقرة.

ومن أبرز معالم التوجه التقدمي في فكر جلالة القائد قرار البدء في إنشاء مدينة رياضية متكاملة. إن مثل هذه المنشأة التي ستكون مصممة لاستضافة الأحداث الإقليمية والدولية، لا تضع سلطنة عمان على خريطة الرياضة العالمية فحسب، بل تستغل أيضا مشاعر وتطلعات شبابها، إضافة إلى القوة المعنوية التي ستجنيها البلاد عبر تقدير العالم واحترامه لهذا الاهتمام المتواصل بالشباب ودعم توجهاتهم. ولا يخفى أن الرياضة كانت على الدوام أحد مجالات بناء الشباب وتنمية شخصياتهم ومن خلال الاستثمار فيهم، تفتح سلطنة عمان الطريق أمام هذه الأجيال من أجل الطموح والعمل والابتكار.

إن توجيهات جلالة السلطان المعظم بأهمية الارتقاء بقطاع الإعلام ووضع خطط فاعلة لتعزيز الاستفادة من التطورات التي يشهدها الإعلام وبشكل خاص في المجالات الرقمية يؤكد حرص جلالته على تطوير هذا القطاع المهم في مرحلة زادت فيه أهمية الإعلام في بناء الوعي وتشكيل الخطاب والحفاظ على الهويات الوطنية. وتتماشى رؤية جلالته لتطوير منصات الوسائط الإلكترونية الحديثة تمامًا مع توجهات الأجيال الجديدة وخاصة فئة الشباب الذين أصبحوا مواطنين رقميين على نحو متزايد.. وهذا التوجه يفتح الكثير من السبل للشباب للعمل والابتكار وريادة الأعمال في المشهد الإعلامي المزدهر.

إن إعلان مجلس الوزراء عن ترقيات الموظفين من أقدميات 2013 إلى 2016، رغم أنه يبدو إداريا إلا أنه يحمل أهمية اجتماعية واقتصادية عميقة لا يمكن تجاوزها كما أنه يحمل حافزا كبيرا لبذل المزيد من الجهد والعمل خلال المرحلة القادمة.

وإذا كانت سلطنة عمان تقف عند مفترق طرق الرخاء المالي فإنها تختار طريقا ممهدا بالفرص لشبابها، ولتطوير إعلامها وزيادة قوة منظومة الحماية الاجتماعية.. إن كل ذلك ليس مجرد قرارات سياسية إنها شهادات على أن سلطنة عمان أمة تتطلع إلى الأمام وتسير نحو المستقبل بخطى واثقة وحثيثة.

وعلى الرغم من القضايا المهمة التي استغرق فيها مجلس الوزراء في اجتماعه أمس إلا أن جلالة السلطان- أعزه الله- وقف موقفا عروبيا خالدا حينما أكد تضامن سلطنة عُمان مع الشعب الفلسطيني الشقيق، وهذا موقف سلطنة عمان الدائم نحو القضية الفلسطينية.

وأكد جلالته دعم كافة الجهود الداعية لوقف التصعيد والهجمات على الأطفال والمدنيين الأبرياء وإطلاق سراح السجناء وفقًا لمبادئ القانون الإنساني الدولي، وضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته لحماية المدنيين وضمان احتياجاتهم الإنسانية ورفع الحصار غير المشروع عن غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، واستئناف عملية السلام لتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة كافة حقوقه المشروعة بإقامة دولته المستقلة على حدود عام ١٩٦٧م وعاصمتها القدس الشرقية وفق مبدأ حل الدولتين ومبادرة السلام العربية وجميع القرارات الأممية ذات الصلة.