صدر حديثًا للناقد يوسف بكّار ثلاثة كتب ضمن مشروعه في البحث والتحقيق والأدب المقارن هي: «جناية الأدب الجاهلي على الأدب العربي بين أحمـد أمين وعبد الوهّاب عـزّام»، و«كشف اللّثام عن موقف عبد الوهّاب عزّام من حافظ الشّيرازي وعمر الخيّام»، و«مصطفى وهبي التل (عرار).. أضواء جديدة».

يعرض بكّار في «جناية الأدب الجاهلي على الأدب العربي» الحوار النقدي على إثر نشْر أحمد أمين خمس مقالات في مجلة «الثقافة» المصريّة عام 1939 بعنوان «جناية الأدب الجاهلي على الأدب العربي»، إذ ردّ عليه عبـد الـوهّاب عـزّام بخمس مقالات بعنوان «الأدب الجاهلي»، بينما ردّ عليه زكي مبارك في اثنتين وعشرين مقالة في مجلة «الرّسالة» جُمعت فيما بعد وصدرت في كتاب بعنوان «جناية أحمد أمين على الأدب العربي».

ويرى بكّار أن زكي مبارك أخذ على أحمد أمين التعميمَ والغلوَّ لعدم التّثبت والتؤدة والأناة، واختزال الأدب بالشعر وحده وإغفال النثر. ثم يسوق مواقف عبد الوهّاب عزّام النقدية لمقالات أحمد أمين، عارضًا نماذج منها.

وفي «كشف اللّثام»، يتناول بكار قضيتين علميّتين في آثار عبد الوهّاب عزّام أُثيرتا دون تمحيص، تتضمن الأولى موقفه من الشاعر حافظ الشيرازي، إذ قيل إنّه كان يخشى على المسلمين من تصوّفه؛ والأخرى موقفه من عمر الخيّام، فقد قيل إنّه كان يمقته وإنّه سمّى أحد دواوينه «المثاني» لا «رباعيّات». لكن بكار يرى أن الحقيقة غير هذه، فلعبدالوهّاب عزّام دراسة رصينة عن حافظ الشيرازي وترجمةٌ لأربعة نصوص من شعره الصّوفي، كما أنه ترجم خمس عشرة من رباعيّات الخيّام وكتب مقالًا بعنوان «بين أبي العلاء والخيّام».

وفي كتابه «مصطفى وهبي التل (عرار).. أضواء جديدة»، يقدم بكّار قراءة مغايرة في سيرة الشاعر الأردني عرار ومنجزه، من خلال ستة فصول، يتناول في الأوّل حقيقة لقب «عرار» وعنوان ديوانه وحقيقة ريادته «الشّعر الحرّ»؛ وينبّه في الثاني على ما استدرك على شعر عرار ونثره وأهميّة رسائله إلى صديقه محمد صبحي أبو غنيمة؛ ويتوقف في الثالث عند تجربة عرار في الترجمة ومدى حقيقة معرفته اللّغات الثلاث (الفارسيّة والتركيّة والفرنسيّة)، كما يعرض لترجمة عرار لرباعيّات الخيّام وتحقيق مخطوطتها وما عليها من ملحوظات، مؤكّدًّا على ريادته التاريخيّة المبكّرة بترجمة الرباعيات عن الفارسيّة وغيرها.

ويخصّص بكار الفصل الرّابع لما لقيته ترجمة عرار للرباعيات من أصداء وأبعاد، ويماط اللثام في الفصل الخامس عن حقيقة «خياميّة عرار» وتحوّله من «الاحتذائيّة المحضة كل شيء إلى العقلانية العلميّة بحيث غدا عُمَرُ الخيّام غيرَ الخيّام الذي تمثله أكثرُ الرّباعيّات المنسوبة إليه». ويكشف في الفصل الأخير عن فضاءات موسيقية خمسة منسيّة في تجربة عرار لم يفطن إليها أحد.

ويعدّ بكّار من مراجع الأدب المقارن في العالمين العربي والإسلامي، وتكشف قراءته العميقة للتراثين العربي والفارسي واهتمامه بلغتيهما في دراساته ومؤلفاته ونقوده المقارنة، عن جهد كبير في سياق إحياء العلاقات بين لغات العالم الإسلامي وإبراز الصلات الأدبية العربية مع آداب الشعوب الإسلامية ومظاهر التأثير والتأثر فيما بينها.