ما زالت سلطنة عمان مستمرة في تطوير منظومة قوانينها وفق الوعد الذي وعد به حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم أبناء شعبه، وبما يحقق منطلقات «رؤية عمان ٢٠٤٠». وبعد أيام على صدور قانون الحماية الاجتماعية صدر أمس قانون العمل الذي يعدّ خطوة مهمة جدًا في طريق تطوير بيئة جاذبة للعمل ومتوافقة مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة والمستقبلية. ويحمل قانون العمل الجديد في مواده العديد من المنافع والإيجابيات التي سيكون لها أثر كبير على الاقتصاد العماني، وستحوّل القطاع الخاص إلى قطاع جاذب للعمل خاصة بعد توحيد صناديق التقاعد وصدور قانون الحماية الاجتماعي بكل منافعه ومزاياه التي تشمل جميع العمانيين دون استثناء. وكشفت مواد القانون الذي شاركت في صياغته جميع فئات منظومة الإنتاج، عن قانون متفاعل ومواكب للمتغيرات التي يشهدها العالم، إضافة إلى كونه قانونا جاذبا للماهرين وقائما على التشارك.

ويعزز القانون مرونة سوق العمل عبر استخدام أنماط للعمل المرن والعمل عن بعد، كما أنه ممكن للكفاءات العاملة الوطنية لشغل الوظائف القيادية وهو محفز للكفاءات العاملة الماهرة من مختلف دول العالم ضمن سياسات استقطاب واضحة بمواد القانون.

ويضمن قانون العمل الجديد مبدأ الاستقرار في بيئة العمل من خلال استقرار علاقة العامل بصاحب العمل، وفي الوقت نفسه تحمي مواد القانون الجديد حقوق العمال مهما كانت ظروفهم مع توفير بيئة عمل آمنة، واستحداث إجازات جديدة للعاملين في القطاع الخاص لم تكن موجودة من قبل.

وفيما يخص الباحثين عن عمل فإن القانون الجديد يبدو جاذبا للعمل في القطاع الخاص مع توفر الكثير من الامتيازات الجديدة، ومن بينها تمكين العمانيين من العمل في الوظائف الإشرافية والقيادية وكذلك تدريب الباحثين عن عمل وتهيئتهم لتبوّء مختلف الوظائف.

ويؤكد قانون العمل أن العمل حق للعمانيين ولا يجوز لغيرهم ممارسة العمل داخل سلطنة عمان إلا وفقا للشروط والأوضاع المنصوص عليها في القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له.. وهذا التأكيد الذي نص عليه القانون من شأنه أن يسهم في تعزيز مشاركة الكوادر الوطنية في سوق العمل وتوفير فرص عمل للشباب العُماني، ما يُعزز التنمية الشاملة ويحفّز الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى ذلك، فإن تطبيق خطة تعمين وتدريب العمانيين لشغل المهن القيادية يُعزّز قدراتهم ويعمل على بناء جيل قيادي قوي ومؤهل لقيادة مؤسسات القطاع الخاص نحو التطوير المستدام.

ويسهم قانون العمل الجديد في تحسين ظروف عمل المرأة العاملة عبر منحها بعض الامتيازات التي تدعم التوازن بين الحياة المهنية والحياة الشخصية.

وفي السياق نفسه يمكن النظر إلى إنشاء لجنة الحوار المشترك بين أطراف الإنتاج خطوة مهمة نحو تحقيق التوازن بين مصالح أصحاب العمل والعمال، فهي تعمل على تعزيز التفاهم والتعاون بين الأطراف وتوجيه جهودهم نحو زيادة الإنتاج وتعزيز التنافسية، مما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني ويضمن استقرار السوق العماني.

بالنظر إلى محتوى القانون وآثاره المتوقعة، يمكن القول إن صدور قانون العمل الجديد في سلطنة عمان هو خطوة مهمة نحو تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتعزيز مشاركة الكوادر الوطنية في سوق العمل، وتحسين ظروف عمل المرأة، وتحقيق التوازن بين مصالح أطراف الإنتاج، ومن المتوقع أن يُسهم هذا القانون في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتعزيز مكانة سلطنة عمان على الساحة الدولية كدولة تسعى لتحقيق التقدم والازدهار.