تعد المناطق الاقتصادية والحرة والمدن الصناعية ركائز أساسية لأي اقتصاد، لدورها في جذب الاستثمارات وتعظيم المشروعات، وكل ذلك يكون مبنيا على ما تتمتع به من مواقع وتجهيزات وما تقدمه للمستثمر من حوافز وتسهيلات.

وقد أولت سلطنة عمان اهتماما كبيرا بالمدن الصناعية والمناطق الاقتصادية والحرة، بإرساء بنى أساسية متطورة وخدمات متكاملة تؤهلها للمنافسة على جذب الاستثمار في ظل ما تتميز به البلاد من موقع استراتيجي وأمان واستقرار.

ومع الجهود والمبادرات المستمرة لتشجيع الاستثمارات وتسهيلها وتوطين التقنيات، فإن منظومة المناطق الحرة والاقتصادية والمدن الصناعية أمام دور محوري لتعزيز النمو المستدام القائم على أسس قوية من التنويع الاقتصادي، ويُعوّل على توسع هذه المنظومة في تحقيق العديد من المستهدفات ذات الأولوية الوطنية ومنها توليد فرص العمل والدفع بقطاع الصناعة لمسايرة مقتضيات المستقبل وما يشهده العالم من متغيرات وتطورات تقنية.

وبالنظر إلى هذه المنظومة، التي تتضمن 13 منطقة اقتصادية وحرة ومدينة صناعية تتوزع في أرجاء سلطنة عمان، استطاعت أن تحقق نجاحا في جذب وتوطين العديد من المشروعات النوعية والصناعية الجديدة وبعض منها في قطاعات الاقتصاد الأخضر، التي تحظى باهتمام كبير في ظل التحولات العالمية. ووفق ما أعلنته الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، فإن إجمالي الاستثمار في هذه المناطق والمدن بلغ بنهاية 2022 قرابة 15 مليار ريال عماني.

ولهذه الأهمية والدور الكبير الذي تضطلع به فإن الحكومة ماضية في توسيع نطاقها، حيث إن 10 مناطق ومدن قيد الإنشاء، منها المنطقة الاقتصادية المتكاملة بمحافظة الظاهرة والمنطقة الاقتصادية بنيابة الروضة، والمنطقة الحرة في مطار مسقط الدولي، وهذه المناطق الواعدة تندرج ضمن استراتيجيات طموحة تتبناها سلطنة عمان لدعم مختلف الأنشطة وتسريع التنمية المتوازنة في المحافظات وإيجاد فرص عمل للمواطنين.

وما المرسوم السلطاني الذي نص على إنشاء مدينة خزائن الاقتصادية بمحافظة جنوب الباطنة إلا دليل على الاهتمام الذي يوليه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بهذا القطاع، مرسخا ما رسمه منذ الخطوات الأولى في نهضة عمان المتجددة من دعم للتنويع الاقتصادي والحراك الجاد على مختلف الأصعدة، فهذه المنطقة يراد لها أن تكون رافدا اقتصاديا في تعزيز مصادر الدخل في سلطنة عمان، من خلال جذب الاستثمارات في قطاعات رئيسية؛ إلى جانب مشروعات استراتيجية من بينها ميناء خزائن البري، والسوق المركزي للخضراوات والفواكه.

إن سلطنة عمان سائرة بخطى حثيثة في التنويع من خلال الكيانات الاقتصادية والاستثمارية والروافد الجديدة التي تثري جهود التنمية، وتعزز نمو مختلف الأنشطة وجميع القطاعات، وتضع الاقتصاد على مسار مستدام نحو التنويع والنمو، ومما يعزز هذا التوجه هو إعطاء مزيد من الحوافز والتسهيلات والانفتاح على المستجدات التي تواكب المرحلة.