الإجابة عن السؤال ليس بالضرورة، فالغنى في اللغة من الاستغناء، وليس بالضرورة كل غني ثريا، لأن الأغنياء وإن كانت دخولهم مرتفعة لكن قد تكون مصروفاتهم مرتفعة أيضا، فينفقون كل دخولهم على الالتزامات، وأسلوب الحياة من سيارات فارهة وماركات عالمية، بالتالي قد تكون غنيا لكنك مدين للبنوك على شكل أقساط منزل وسيارة وبطاقة ائتمان، والديون كما تعرفون قد تكون سيئة للغاية لمن يعجز عن إدارتها بشكل سليم، وقد تهدد استقرار العائلة وسلامة الفرد.

في حين أن الثري لا يملك دخلا عاليا فقط، لكن لديه أصولا مالية متعددة تعفيه عن الحاجة للعمل إن أراد، بمعنى أن أمواله هي التي تعمل من أجله، وهو وإن اختار أحيانا أن يستخدم أموال الآخرين «قروض» فهو اختيار ولديه الكثير من الأصول التي تمكنه من دفع هذه القروض ساعة أراد، وما يتبقى من دخله يغطي مصروفاته ويزيد بكثير، ذلك أنه في حين أن الغني يصرف غالبية دخله، فإن الثري يستثمر دخله.

إذا لاحظت الفرق فهو ذاته الذي تحدثنا عنه في مقال سابق في تحديد الفرق بين الفقير والغني، باستثناء أن الغني لديه دخل عال والفقير ينقصه هذا الدخل، لهذا من المهم جدا أن تعرف الفرق بينهما قبل أن تضع أهدافك في أن تكون غنيا أو ثريا، وتبدأ في وضع خطة مالية على هذا الأساس، بمعنى بناء أصول مالية متنوعة بمدخراتك، عوضا عن رفع أسلوب حياتك ومصروفاتك مع ارتفاع دخلك بحيث تصرف كل زيادة في دخلك على أسلوب حياتك.

والأهم من ذلك أن تمتنع عن الديون ما استطعت لذلك سبيلا، ووضع خطة لتسديد ديونك الحالية لأن الديون تبتلع ثروات الأغنياء والفقراء على حد سواء في حال لم تستخدم بحكمة، وضع أهدافا طويلة المدى لحياة من الحرية المالية بغض النظر عن حجم مدخراتك فإن عامل الزمن من أهم عوامل تكوين الثروات.

من أصعب الأمور أن تحال للتقاعد أو أن تصل لمرحلة الشيخوخة وأنت لا تملك مقومات الحياة المريحة، لأن التقاعد يفترض أن يكون مرحلة ذهبية يستريح جسدك فيها من الكد والعمل، ويرتاح فيها عقلك من التفكير في متطلبات الحياة اليومية، وترتاح فيها روحك، وهذا لن يتأتى لك وأنت تعيش ضائقة مالية، قد تكون عالة فيها حتى على أقرب الناس لك «أولادك» فكثير من الآباء أشد ما يؤلمهم هو هذا - أن يكون حملا ثقيلا على أبنائه - اعمل لهذا اليوم مهما كانت المرحلة العمرية التي تعيشها، لأنه قادم بأسرع مما تتوقع.

حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية