مع انهيار الهدنة الهشة بين الجيش السوداني وقوات التدخل السريع شبه العسكرية، يجد السودان نفسه مرة أخرى في لحظة فارقة، وساحة صراع بين مكونين عسكري وشبه عسكري لا يستطيع أحدهما حتى الآن حسم الصراع لصالحه، الأمر الذي ينذر بتوسع الصراع وتفاقم أزمات السودان الاقتصادية والإنسانية المستمرة.

وخلال هذه الأوقات الصعبة التي يعيشها السودان يجب أن تكون مصلحة البلد وشعبه هي الشغل الشاغل لقياداته العسكرية، وأن تتجاوز المصالح والخلافات بين المكونات العسكرية. لا يستطيع السودان المنهك بحكم أحداث العقود الماضية تحمل الانزلاق مرة أخرى في صراع طويل قد يتحول مع الوقت إلى حرب أهلية، خاصة وهو في وضع اقتصادي لا يحسد عليه.

وفي وضع مشحون بالتوتر وغياب اليقين يتعين على جميع الأطراف تجنب الإجراءات التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد الموقف، ورفض الاستماع إلى الكيانات الخارجية التي تحرض على الصراع، فالصراع بالنسبة لهم قضية ليست أساسية أو مجرد البحث عن مواقف سياسية أو الضغط على جهات أخرى، لكنّ الأمر بالنسبة للسودانيين فهو مسألة حياة أو موت، أو ازدهار، أو صراع لا ينتهي.

ما يحتاجه السودان الآن وأكثر من أي وقت مضى هو الوحدة والتعاون بين مختلف الفصائل. حان الوقت لترك الأسلحة جانبا والتفاوض بحسن نية لحل الخلافات، فلا منتصر في صراع يمزق الوطن والخاسر الوحيد هو السودان وشعبه. وقد بذلت المملكة العربية السعودية بالتعاون مع الولايات المتحدة جهودا كبيرة من أجل وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف لكن الهدنة التي انهارت أمس يمكن أن تعود مرة أخرى إن صلحت النوايا.

إن التعافي الاقتصادي والتعافي المجتمعي يحتاج إلى وقت واستقرار، وكلاهما في خطر إذا ما استمر هذا الصراع في السودان.

لقد أظهر التاريخ أن البلدان يمكن أن تخرج أقوى وأكثر اتحادًا من الأزمات إذا اختار قادتها وشعوبها طريق الحوار والمصالحة على الانقسام والصراع. لذلك يجب على السودان من أجل شعبه ومستقبله أن يحتكم إلى الحوار.

وإذا كانت هدنة الأيام الماضية قد أسهمت في دخول محدود للمساعدات الدولية فإن الأمر رغم ذلك ما زال سيئا، وتحتاج السودان الكثير من المساعدات وخاصة المساعدات الصحية.