واحد من مكامن سحر الفكاهة هو في كونها تتخذ مكانا حدوديا بين القويم (الصائب) والشائن (الشنيع، المستنكر). كل شيء -بطبيعة الحال- ينحو للتعقيد، والنكتة ليست استثناءً. الضحك بطبيعته يُريح، لكن إن كان موضوع الضحك «خاطئا» فإنك تشعر بعدم الارتياح، بل وقد تسأل راوي النكتة «هل يصح أن أضحك؟» ومتى ما أخذت الإذن تشرع في ضحكة يصعب تحديد طبيعتها. فالضحك بحكم التعريف هو ردة فعل (آلية تقريبا) خارجة عن تحكمك، بينما تكبتها صوابيتك السياسية (أيا يكن موقعك من طيف الصوابية) لشيء من الوقت. تجعل كل هذه العناصر الفكاهة موضوعا للتفلسف والجدال، خصوصا حول موضوع الفكاهة، أي حول متى يصح الضحك؟
تماما كما نُفرق بين الأفلام التي نحبها، تلك التي نعدها «ممثلة» لذوقنا السينمائي، وتلك التي نشاهدها بمتعة مصحوبة بالذنب - نُفرق بالمثل بين النكات التي تمثلنا، وتلك التي نضحك عليها (أو نخترعها) مصحوبة بشيء من الخزي، أو نستجيب لها ضاحكين «حتخش النار!»، أو تلك التي نضحك عليها بتوتر حتى لا نُتّهم بأننا مفسدو بهجة إذا ما حللناها وانتقدناها ثقافيا.
راوي النكتة ممثل. إنه يسرد طرفة يحدث أن تمس وتُدنس أقدس ما يؤمن به، لكنه باعتباره راوي النكتة يتحرر من كل اعتباراته الأخرى، متخذا شخصية غير محددة أو محدودة، تخدم الضحكة بإخلاص.
بينما شُغل فلاسفة أوروبا بنقاشات حول إن كانت الفكاهة فضيلة أم رذيلة، تبادل العرب الطرائف بينهم، بل ووجدوا أن لها قيمة تعليمية. إذ لطالما عُدّ حضور البديهة witticism مُنجيا من المهالك. فأنت تقف أمام ملك وترد ردا comeback يضحكه فيعفو عنك. وإذا تخوفت من القول الصريح، ونقد الحاكم على نحو مباشر فلك أن تستخدم الدعابة. وكان الرد الفطن مرادفا للحجة السليمة، واستجابة مثالية للإهانات.
أخلاقيات الفكاهة
تغيرت أشكال ومضامين الكوميديا اليوم. من حيث الشكل يُمكنها أن تكون عملا فنيًا (مسرحية، مسلسلا، فيلما)، ستاند-آب، ميم. غير أننا إن أردنا سبر هذا الموضوع فلزام علينا أن نبدأ من المصطلح الأشمل أي الفكاهة humor. بينما تدلل لفظة الكوميديا على شيء مخطط له، يُراد به أن يُضحك أو يُسلي، تشمل الفكاهة أنواع المواقف المرتجلة، والعرضية، والمصادفة.
يمكن الحديث عن النضج الفني للكوميديا، والجدال بما يُجادل به أي صانع أو ناقد للفن: إنها أصدق، وأكثر تطورا فنيا، إن كانت نابعة من تجربة صاحبها. بالتالي ليس لسوى السود التندر حول التجربة السوداء، وليس لغير النساء (التنكيت) عن كيف تفكر وتتصرف النساء، وهكذا. مع ذلك فللنكتة حياتها الخاصة ووجودها المستقل عن صانعها، فحتى وإن كان مخترع النكتة التي تبدو عنصرية هو من المنتمين إلى الفئة موضوع الضحك، فإنها ستُحكى مرارا ومرارا خارج تلك الدائرة. في غياب مخترعها المنتمي للفئة محل التندر، هل يصح أن نضحك بعد؟
مُعاداة الفلاسفة القدامى (أفلاطون مثلا) للضحك نابع -أُجادل- من الهاجس الآتي: أن تكون الكوميديا -بهزئها- تجليا للاستعلاء، أو الشماتة.
تتكون الطرفة من مقدمات الدعابة وخاتمتها أو الـ punchline. تقوم حجة الداعين لقبول «التنكيت» حول أي موضوع على أن الضحك على النكتة لا يعني التصديق بما تقوم عليه من مقدمات، أو التصديق بالتنميطات stereotype التي تستثمرها (مثل: سذاجة الصعيدي، وحسد العماني). في المقابل، يُحاجج الداعون لعدم تجاوز الحدود إلى أن تسخير هذه الصور النمطية لأغراض الكوميديا يُعزز ويُطيل وجودها. هناك بالطبع من يجد أن استغلال الصور النمطية في «التنكيت» دلالة على محدودية خيال صانع النكتة. ويرفضها من حيث هي غير مضحكة، دون الدعوة -بالضرورة- لمحاربتها.
يُمكن التعبير عن عدم استساغة نكتة بالقول «ما تضحك!» أو «بايخة»، قد يعني رد كهذا استهجانها أيضا، بمعنى أنه لا يجدر بها أن تواصل الوجود والانتشار. يُجادل (John Morreall) أننا إذا ما نظرنا إليها باعتبارها نوعا من اللعب، فسيسقط عن النكتة التحفظات المتعلقة بكونها مُسيئة سواء على أساس العرق أو الجندر أو سواها.
الكوميديا باعتبارها وسيلة مقاومة
الفكاهة التي تحول مأساة المرء إلى ملهاة، تُصبّره على المعاناة. والنص السياسي الساخر، والقصيدة الساخرة، التي يتوسل بها المؤلف لقول ما لا يقال عن نحو مرمز ومضحك، تُقاوم الطغيان عبر الضحكات. يُقابل هذا في البلاط الأوروبي، التسامح مع المهرجين، فالمهرج ينتقد عبر هزله ويُصرح بما لا يُتسامح مع التصريح به علنًا من قِبل غيرهم. ولهذا تقع على مبتدع النكتة مسؤولية أخلاقية حول مضمونها، أي من يستهدفون. فإذا ما كان المستهدف هو فئة مهمشة قد يُؤخذ هذا على أنه نيل من مستضعف، بالمقابل حين يكون الجائر، أو حين يكون المتسلط هو المستهدف فإن مبتدع النكتة يكتسب صفة ثورية/ بطولية.
الكوميديا مخربة من حيث إنها تتجاوز الحدود (اللغوية كانت أم الاجتماعية)، وهي تحريضية لأن ضحكة المتلقي (الجمهور) فعل سياسي صارخٌ مدوٍ في وجه الأشكال المتعددة لانعدام العدالة. النيل من ظالمينا بوسائل المقاومة المحدودة المتوفرة لنا تُهون علينا الظلم، وكلما اشتد ظلمهم، حمت البذاءات، وشُحذت أدوات مقاومتنا بالضحك. المفارقات تجعل النكتة مضحكة. والمفارقة التي تُسلينا هنا هي كيف ينظر صاحب السلطة لنفسه، مقابل نظرتنا له. يقول آلان دو بوتون الذي يجد أن الضحك هو وسيلة نقد الظلم والتمادي: «وكما رأى صامويل جونسون الأمر، فالهجاء الساخر مجرد طريقة أخرى، وهي طريقة لها فعاليتها، من أجل - استنكار الشر أو الحماقة -. ووفق كلمات جون درايدن: «إن الهدف الحقيقي للهجاء هو إصلاح شرور العالم».
أيا تكن وظيفة الفكاهة -سواء الانتقاد، أو التسلية، أو النجاة من موقف غير مريح، أو تلطيف المعاناة والتعامل معها/ مجابهتها- فإنها تنبع من التعامل -على نحو مبتكر ومعزٍّ- مع ما هو غير مريح أو مؤلم. صاحب سلطة يظلم يُجابه بالسخرية (برسم أنفه كبيرا، أو بنظم قصائد الهجاء)، والمنغصات (التفليس نهاية الشهر، والإجبار على النهوض مبكرا للعمل، والاختبارات)، وخِصالك ومناطق ضعفك (الغباء الاجتماعي، والتنتيح، والاندفاع)، معاناة أن تكون وحيدا، كلها تُلطّف عبر النكتة، من ناحية لأنها تُشعرك أنك لست وحدك (كل من ضحك هو ضحية المعاناة نفسها) وهذا يُقدم لك العزاء، ومن ناحية أخرى (وفق النظريات السيكولوجية للفكاهة) فثمة نوع من التشافي يُقدمه الضحك. تساعدنا النكتة على التصالح حتى مع الصدمات، فبدل أن تبكي عند استعادة التروما، فإنك تضحك منها. مُتخذا بذلك زاوية جديدة للنظر إلى الأمور (متبنيا آلات دفاعية جديدة). يُمكن للمهموم أن يُواجه همه بالتحليل، أو بالشكاية، أو عبر ابتداع نكتة. وهذا ما يُشجع المتهكمين على تبني الهزل (أو السينكلية النابعة من المذهب الكلبي الذي يتخذ اليوم معنى بعيدا شيئا ما عن أصله) وعدم أخذ أي شيء بجدية ليكون -تقريبا- أسلوب حياة، وطريقة للمقاومة. وبهذا يُصبح أي موضوع تنغيص موضوعًا للنكتة أيضا.
لا تقتصر الفكاهة على النقد السياسي، إنها تنتقد أيضا المجتمع، تنتقدنا، وتنتقد طرقنا في التعامل والتفكير. فنكتة مثل: «لا أقبل الانضمام إلى أي نادٍ يقبل بي كفرد فيه»، تتهكم من ميلنا العصي على التفسير للسعي وراء من يُعرض عنا، وتجاهلنا لمن يتحرق لنا أو يقبل بنا. إنها تنتقد عدم رضانا بكل ما هو متوفر، وتطلعنا لما لا تُمكن حيازته؛ لمجرد أنه لا يُمكن حيازته، أي أنها تنتقد عملنا الدؤوب ضد سعادتنا الشخصية. لكنها أيضا تُضحكنا، وتُشفينا؛ لأنها تُساعدنا على قبول طباعنا المستهجنة. النكتة لا تقترح أي حلّ، إنها تستثيرنا فقط. ففي الفكاهة اعتراف أن ثمة أشياء لا يمكن إصلاحها، ولا بأس في ذلك.
تماما كما نُفرق بين الأفلام التي نحبها، تلك التي نعدها «ممثلة» لذوقنا السينمائي، وتلك التي نشاهدها بمتعة مصحوبة بالذنب - نُفرق بالمثل بين النكات التي تمثلنا، وتلك التي نضحك عليها (أو نخترعها) مصحوبة بشيء من الخزي، أو نستجيب لها ضاحكين «حتخش النار!»، أو تلك التي نضحك عليها بتوتر حتى لا نُتّهم بأننا مفسدو بهجة إذا ما حللناها وانتقدناها ثقافيا.
راوي النكتة ممثل. إنه يسرد طرفة يحدث أن تمس وتُدنس أقدس ما يؤمن به، لكنه باعتباره راوي النكتة يتحرر من كل اعتباراته الأخرى، متخذا شخصية غير محددة أو محدودة، تخدم الضحكة بإخلاص.
بينما شُغل فلاسفة أوروبا بنقاشات حول إن كانت الفكاهة فضيلة أم رذيلة، تبادل العرب الطرائف بينهم، بل ووجدوا أن لها قيمة تعليمية. إذ لطالما عُدّ حضور البديهة witticism مُنجيا من المهالك. فأنت تقف أمام ملك وترد ردا comeback يضحكه فيعفو عنك. وإذا تخوفت من القول الصريح، ونقد الحاكم على نحو مباشر فلك أن تستخدم الدعابة. وكان الرد الفطن مرادفا للحجة السليمة، واستجابة مثالية للإهانات.
أخلاقيات الفكاهة
تغيرت أشكال ومضامين الكوميديا اليوم. من حيث الشكل يُمكنها أن تكون عملا فنيًا (مسرحية، مسلسلا، فيلما)، ستاند-آب، ميم. غير أننا إن أردنا سبر هذا الموضوع فلزام علينا أن نبدأ من المصطلح الأشمل أي الفكاهة humor. بينما تدلل لفظة الكوميديا على شيء مخطط له، يُراد به أن يُضحك أو يُسلي، تشمل الفكاهة أنواع المواقف المرتجلة، والعرضية، والمصادفة.
يمكن الحديث عن النضج الفني للكوميديا، والجدال بما يُجادل به أي صانع أو ناقد للفن: إنها أصدق، وأكثر تطورا فنيا، إن كانت نابعة من تجربة صاحبها. بالتالي ليس لسوى السود التندر حول التجربة السوداء، وليس لغير النساء (التنكيت) عن كيف تفكر وتتصرف النساء، وهكذا. مع ذلك فللنكتة حياتها الخاصة ووجودها المستقل عن صانعها، فحتى وإن كان مخترع النكتة التي تبدو عنصرية هو من المنتمين إلى الفئة موضوع الضحك، فإنها ستُحكى مرارا ومرارا خارج تلك الدائرة. في غياب مخترعها المنتمي للفئة محل التندر، هل يصح أن نضحك بعد؟
مُعاداة الفلاسفة القدامى (أفلاطون مثلا) للضحك نابع -أُجادل- من الهاجس الآتي: أن تكون الكوميديا -بهزئها- تجليا للاستعلاء، أو الشماتة.
تتكون الطرفة من مقدمات الدعابة وخاتمتها أو الـ punchline. تقوم حجة الداعين لقبول «التنكيت» حول أي موضوع على أن الضحك على النكتة لا يعني التصديق بما تقوم عليه من مقدمات، أو التصديق بالتنميطات stereotype التي تستثمرها (مثل: سذاجة الصعيدي، وحسد العماني). في المقابل، يُحاجج الداعون لعدم تجاوز الحدود إلى أن تسخير هذه الصور النمطية لأغراض الكوميديا يُعزز ويُطيل وجودها. هناك بالطبع من يجد أن استغلال الصور النمطية في «التنكيت» دلالة على محدودية خيال صانع النكتة. ويرفضها من حيث هي غير مضحكة، دون الدعوة -بالضرورة- لمحاربتها.
يُمكن التعبير عن عدم استساغة نكتة بالقول «ما تضحك!» أو «بايخة»، قد يعني رد كهذا استهجانها أيضا، بمعنى أنه لا يجدر بها أن تواصل الوجود والانتشار. يُجادل (John Morreall) أننا إذا ما نظرنا إليها باعتبارها نوعا من اللعب، فسيسقط عن النكتة التحفظات المتعلقة بكونها مُسيئة سواء على أساس العرق أو الجندر أو سواها.
الكوميديا باعتبارها وسيلة مقاومة
الفكاهة التي تحول مأساة المرء إلى ملهاة، تُصبّره على المعاناة. والنص السياسي الساخر، والقصيدة الساخرة، التي يتوسل بها المؤلف لقول ما لا يقال عن نحو مرمز ومضحك، تُقاوم الطغيان عبر الضحكات. يُقابل هذا في البلاط الأوروبي، التسامح مع المهرجين، فالمهرج ينتقد عبر هزله ويُصرح بما لا يُتسامح مع التصريح به علنًا من قِبل غيرهم. ولهذا تقع على مبتدع النكتة مسؤولية أخلاقية حول مضمونها، أي من يستهدفون. فإذا ما كان المستهدف هو فئة مهمشة قد يُؤخذ هذا على أنه نيل من مستضعف، بالمقابل حين يكون الجائر، أو حين يكون المتسلط هو المستهدف فإن مبتدع النكتة يكتسب صفة ثورية/ بطولية.
الكوميديا مخربة من حيث إنها تتجاوز الحدود (اللغوية كانت أم الاجتماعية)، وهي تحريضية لأن ضحكة المتلقي (الجمهور) فعل سياسي صارخٌ مدوٍ في وجه الأشكال المتعددة لانعدام العدالة. النيل من ظالمينا بوسائل المقاومة المحدودة المتوفرة لنا تُهون علينا الظلم، وكلما اشتد ظلمهم، حمت البذاءات، وشُحذت أدوات مقاومتنا بالضحك. المفارقات تجعل النكتة مضحكة. والمفارقة التي تُسلينا هنا هي كيف ينظر صاحب السلطة لنفسه، مقابل نظرتنا له. يقول آلان دو بوتون الذي يجد أن الضحك هو وسيلة نقد الظلم والتمادي: «وكما رأى صامويل جونسون الأمر، فالهجاء الساخر مجرد طريقة أخرى، وهي طريقة لها فعاليتها، من أجل - استنكار الشر أو الحماقة -. ووفق كلمات جون درايدن: «إن الهدف الحقيقي للهجاء هو إصلاح شرور العالم».
أيا تكن وظيفة الفكاهة -سواء الانتقاد، أو التسلية، أو النجاة من موقف غير مريح، أو تلطيف المعاناة والتعامل معها/ مجابهتها- فإنها تنبع من التعامل -على نحو مبتكر ومعزٍّ- مع ما هو غير مريح أو مؤلم. صاحب سلطة يظلم يُجابه بالسخرية (برسم أنفه كبيرا، أو بنظم قصائد الهجاء)، والمنغصات (التفليس نهاية الشهر، والإجبار على النهوض مبكرا للعمل، والاختبارات)، وخِصالك ومناطق ضعفك (الغباء الاجتماعي، والتنتيح، والاندفاع)، معاناة أن تكون وحيدا، كلها تُلطّف عبر النكتة، من ناحية لأنها تُشعرك أنك لست وحدك (كل من ضحك هو ضحية المعاناة نفسها) وهذا يُقدم لك العزاء، ومن ناحية أخرى (وفق النظريات السيكولوجية للفكاهة) فثمة نوع من التشافي يُقدمه الضحك. تساعدنا النكتة على التصالح حتى مع الصدمات، فبدل أن تبكي عند استعادة التروما، فإنك تضحك منها. مُتخذا بذلك زاوية جديدة للنظر إلى الأمور (متبنيا آلات دفاعية جديدة). يُمكن للمهموم أن يُواجه همه بالتحليل، أو بالشكاية، أو عبر ابتداع نكتة. وهذا ما يُشجع المتهكمين على تبني الهزل (أو السينكلية النابعة من المذهب الكلبي الذي يتخذ اليوم معنى بعيدا شيئا ما عن أصله) وعدم أخذ أي شيء بجدية ليكون -تقريبا- أسلوب حياة، وطريقة للمقاومة. وبهذا يُصبح أي موضوع تنغيص موضوعًا للنكتة أيضا.
لا تقتصر الفكاهة على النقد السياسي، إنها تنتقد أيضا المجتمع، تنتقدنا، وتنتقد طرقنا في التعامل والتفكير. فنكتة مثل: «لا أقبل الانضمام إلى أي نادٍ يقبل بي كفرد فيه»، تتهكم من ميلنا العصي على التفسير للسعي وراء من يُعرض عنا، وتجاهلنا لمن يتحرق لنا أو يقبل بنا. إنها تنتقد عدم رضانا بكل ما هو متوفر، وتطلعنا لما لا تُمكن حيازته؛ لمجرد أنه لا يُمكن حيازته، أي أنها تنتقد عملنا الدؤوب ضد سعادتنا الشخصية. لكنها أيضا تُضحكنا، وتُشفينا؛ لأنها تُساعدنا على قبول طباعنا المستهجنة. النكتة لا تقترح أي حلّ، إنها تستثيرنا فقط. ففي الفكاهة اعتراف أن ثمة أشياء لا يمكن إصلاحها، ولا بأس في ذلك.