في عالم اليوم الذي نعيشه بكل تحولاته اللحظية أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى التعرف على احتياجات كل فرد في المجتمع وقدراته التي يستطيع أن يبدع فيها بعيدا عن أي تصنيفات؛ فمع التحولات التكنولوجية المتسارعة أصبح الجميع، تقريبا، قادرا على تسجيل حضوره وإبراز إمكانياته في عملية البناء والتنمية. وإذا كان الأشخاص من ذوي الإعاقة قد تم تهميشهم في العالم نتيجة عدم فهم قدراتهم أو نتيجة التحديات المنطقية التي كانت تحول بينهم وبين بعض الأعمال فإن عالم اليوم يتيح أكثر من أي وقت مضى دمج هذه الفئة في المجتمع وتمكينهم من المساهمة في عملية البناء والتنمية. إن من الأهمية بمكان أن نعترف ونحتفل بنقاط القوة والمساهمات الفريدة لهؤلاء الأفراد، فضلا عن تزويدهم بالدعم والرعاية التي يحتاجونها لمزيد من التقدم والتمكين.

ويأتي الملتقى الأول للأشخاص ذوي الإعاقة الذي ينطلق غدا تحت شعار «الدمج والتمكين» في سياق الجهود التي تبذلها سلطنة عمان للاهتمام بهؤلاء الأشخاص الذين يمتلكون الكثير من القدرات والتطلعات.

ورغم أن هؤلاء الأشخاص قد يواجهون تحديات كثيرة وكبيرة في حياتهم اليومية، إلا أنهم يمتلكون أيضا ثروة من الإمكانات غير المستغلة ومستوى مرتفعا من الإبداع، والتغاضي عنها أو تجاهلها يفقد المجتمع رؤى قيمة وابتكارا يمكن أن يساعد في تشكيل مستقبل أفضل للجميع.

ومن أجل تقدير أهمية رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، يجب أن نفهم أولا أنه علينا تجاوز تعريفهم بإعاقتهم بل تعريفهم بإبداعهم فهم أفراد لديهم وجهات نظرهم وخبراتهم ونقاط قوتهم الفريدة، وغالبا ما تكون إنجازاتهم أكثر تميزا بالنظر إلى العقبات التي كان عليهم التغلب عليها، وينبغي الاحتفال بهذه الانتصارات التي يحققونها والاعتزاز بها.

ومن الأهمية بمكان أيضا الاعتراف بدور الأخطاء في تشكيل حياة الأشخاص ذوي الإعاقة، مثل أي إنسان آخر، هم أيضا عرضة للأخطاء. ومع ذلك، فإن الطريقة التي يدرك بها المجتمع هذه الأخطاء ويستجيب لها يمكن أن تحدث فرقا كبيرا في رحلة الأشخاص ذوي الإعاقة نحو التميز.. ويمكننا من خلال تقديم التعاطف والتفاهم والدعم مساعدة هؤلاء الأفراد على التعلم من أخطائهم وتعزيز الثقة لديهم وكذلك احترام الذات وتقديرها.

من أجل تعزيز مجتمع شامل يقدّر مساهمات الأشخاص ذوي الإعاقة، يجب علينا أولا كسر الحواجز التي تمنعهم من تحقيق أهدافهم، ويبدأ هذا بضمان إمكانية توفير جميع الخدمات العامة التي يحتاجون إليها بسهولة ويسر، إضافة إلى موضوع توفير بيئة عمل مناسبة لهم باعتبارهم جزءا من المجتمع، وتعزيز ثقافة تقدر التنوع والمساواة.

ويعد التعليم مجالا حاسما آخر حيث يجب القيام بمزيد من العمل على دمج الطلاب ذوي الإعاقة في الفصول الدراسية الرئيسية من أجل المساعدة في كسر الصور النمطية وتعزيز مجتمع أكثر شمولا. ويجب تزويد المعلمين بالموارد والتدريب اللازمين لدعم هؤلاء الطلاب، مما يسمح لهم بالوصول إلى إمكاناتهم الكاملة والمساهمة في المجتمع الأوسع.

وفي الحقيقة فإن سلطنة عمان من أوائل دول المنطقة التي تنبهت منذ فترة مبكرة لموضوع الدمج فدمجت هؤلاء الطلاب مع أقرانهم من عامة الطلاب في المدارس.

لقد حان الوقت للاحتفاء بمساهمات الأشخاص ذوي الإعاقة في بناء المجتمعات وفي بناء التقدم البشري واستغلال تلك الإمكانيات بشكل كامل. ومن خلال تبني التعاطف والتفاهم، يمكننا مساعدة هؤلاء الأفراد على الوصول إلى إمكاناتهم الكاملة، وبالتالي إثراء حياتنا ومجتمعاتنا. دعونا نعمل معا لإيجاد عالم يقدر التنوع ويعترف بأن الجميع، بغض النظر عن قدراتهم، لديهم شيء مهم لتقديمه. بعد كل شيء، المجتمع الذي يهتم حقا بجميع أعضائه هو المجتمع الذي سيزدهر في نهاية المطاف.