لا يمكن أن تأخذنا أي قراءة جادة لما يحدث في السودان بعيدا عن استراتيجية تفكيك وتفتيت وتسطيح العالم العربي التي بدأت عمليا وفعليا بالغزو الأمريكي للعراق قبل عقدين من الزمن. وإذا كان بعض الباحثين الاستراتيجيين يرى أن العملية بدأت قبل ذلك بكثير إلا أن ذلك الحدث كان الدليل الأكثر بروزا والأكثر شفافية والأكثر منطقية عندما يراد التأريخ لحال العالم العربي.
وتبعت العراق دول أخرى «مركزية» خلال موجة «الربيع العربي» التي أوصلت العالم العربي إلى أسوء حالاته عبر التاريخ.. ولكنّ خطة الاستراتيجية قد اختلفت، فلم تعد القوى العالمية تحتاج إلى إرسال جيوشها لغزو العالم العربي، فهناك في داخل بعض الدول العربية قوى جاهزة للقيام بنفس الدور وإنْ بأساليب مختلفة ولكنّ الهدف واحد في النهاية.. التدمير.
ويمكن بنظرة بانورامية أن يُرى العالم العربي من العراق في أقصى الشرق مرورا بسوريا ولبنان واليمن ومصر والجزائر وتونس في المغرب العربي، وكلها دول تعاني من الكثير من التحديات التي تهدد استقرار الدولة وبقاءها مع الفارق بين دولة وأخرى.. والآن دخلت في هذا الحزام الخطر السودان التي تقتتل فيها مكونات «الجيش» نفسه الذي كان منوطا به أن يحمي عرين السودان من الأخطار الحقيقية المحيطة به، فإذا بالصراع يتحول من صراع لحماية السودان إلى صراع على السلطة ونسي الجميع أن لا قيمة للسلطة عندما تفقد أي دولة أركانها الأساسية التي تقوم عليها فكرة الدولة.
ولا يخفى على متابع للأحداث أن الأمر في السودان ليس بالبساطة التي يمكن توقعها، فعلى الرغم من أن طرفي الصراع هما قطبا المؤسسة العسكرية إلا أن الحرب التي تدور بينهما أعقد من أن تكون حربا داخلية فقط، حيث أن هناك قوى دولية وإقليمية ضالعة في الصراع الدموي الذي يمكن أن يفقد السودان سريعا مكونات الدولة بعد أن تتفتت المؤسسات التي تشكل كيان الدولة وفي مقدمة تلك المؤسسات مؤسسة الجيش المنقسمة والمتصارعة.
ومن عجائب الأمور التي تكشف عن المرحلة الصعبة التي وصل إليها العالم العربي والجامعة العربية أن تدعو إسرائيل طرفي الصراع لعقد قمة مباحثات تقرب بين وجهات النظر في «تل أبيب»!! ليس في القاهرة حيث الجامعة العربية ولا في الرياض حيث الثقل الديني وحيث الثقل السياسي الجديد في العالم العربي ولا في الرباط أو عمّان ولكن في «تل أبيب»!! وتبدو المفارقة التاريخية هنا في أن العاصمة السودانية الخرطوم هي العاصمة العربية التي انطلقت منها «لاءات» العرب الثلاث في أغسطس من عام 1967 بعد شهرين من «نكسة» حزيران وكانت تلك اللاءات موجهة إلى إسرائيل «لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض» مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه.
وما كان لإسرائيل أن تنطق بدعوتها هذه، وهي جادة فيها وليس على سبيل استفزاز العرب فقط، لو كانت تعلم أن العالم العربي في وضع أفضل من وضعه الحالي الذي لا يستطيع أن يوقف فيه اقتتال في داخل دولة من دول المركز العربي.
الصراع في السودان الآن علاوة على أنه يدمر السودان في عمقه فهو يفقد العالم أي ثقة في أطراف الصراع التي تخلت عن كل قواعد الحرب وقيمها الدبلوماسية.. وهذا يجعل الحرب تطول أكثر مما يتوقع حتى من أوقد شرارتها الأولى لأن العالم، بما فيه قوى الاستعمار الجديدة، لن يستطيع التفاهم والتحاور بعيدا عن مؤسسات الدولة الحقيقية في السودان.
وتبعت العراق دول أخرى «مركزية» خلال موجة «الربيع العربي» التي أوصلت العالم العربي إلى أسوء حالاته عبر التاريخ.. ولكنّ خطة الاستراتيجية قد اختلفت، فلم تعد القوى العالمية تحتاج إلى إرسال جيوشها لغزو العالم العربي، فهناك في داخل بعض الدول العربية قوى جاهزة للقيام بنفس الدور وإنْ بأساليب مختلفة ولكنّ الهدف واحد في النهاية.. التدمير.
ويمكن بنظرة بانورامية أن يُرى العالم العربي من العراق في أقصى الشرق مرورا بسوريا ولبنان واليمن ومصر والجزائر وتونس في المغرب العربي، وكلها دول تعاني من الكثير من التحديات التي تهدد استقرار الدولة وبقاءها مع الفارق بين دولة وأخرى.. والآن دخلت في هذا الحزام الخطر السودان التي تقتتل فيها مكونات «الجيش» نفسه الذي كان منوطا به أن يحمي عرين السودان من الأخطار الحقيقية المحيطة به، فإذا بالصراع يتحول من صراع لحماية السودان إلى صراع على السلطة ونسي الجميع أن لا قيمة للسلطة عندما تفقد أي دولة أركانها الأساسية التي تقوم عليها فكرة الدولة.
ولا يخفى على متابع للأحداث أن الأمر في السودان ليس بالبساطة التي يمكن توقعها، فعلى الرغم من أن طرفي الصراع هما قطبا المؤسسة العسكرية إلا أن الحرب التي تدور بينهما أعقد من أن تكون حربا داخلية فقط، حيث أن هناك قوى دولية وإقليمية ضالعة في الصراع الدموي الذي يمكن أن يفقد السودان سريعا مكونات الدولة بعد أن تتفتت المؤسسات التي تشكل كيان الدولة وفي مقدمة تلك المؤسسات مؤسسة الجيش المنقسمة والمتصارعة.
ومن عجائب الأمور التي تكشف عن المرحلة الصعبة التي وصل إليها العالم العربي والجامعة العربية أن تدعو إسرائيل طرفي الصراع لعقد قمة مباحثات تقرب بين وجهات النظر في «تل أبيب»!! ليس في القاهرة حيث الجامعة العربية ولا في الرياض حيث الثقل الديني وحيث الثقل السياسي الجديد في العالم العربي ولا في الرباط أو عمّان ولكن في «تل أبيب»!! وتبدو المفارقة التاريخية هنا في أن العاصمة السودانية الخرطوم هي العاصمة العربية التي انطلقت منها «لاءات» العرب الثلاث في أغسطس من عام 1967 بعد شهرين من «نكسة» حزيران وكانت تلك اللاءات موجهة إلى إسرائيل «لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض» مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه.
وما كان لإسرائيل أن تنطق بدعوتها هذه، وهي جادة فيها وليس على سبيل استفزاز العرب فقط، لو كانت تعلم أن العالم العربي في وضع أفضل من وضعه الحالي الذي لا يستطيع أن يوقف فيه اقتتال في داخل دولة من دول المركز العربي.
الصراع في السودان الآن علاوة على أنه يدمر السودان في عمقه فهو يفقد العالم أي ثقة في أطراف الصراع التي تخلت عن كل قواعد الحرب وقيمها الدبلوماسية.. وهذا يجعل الحرب تطول أكثر مما يتوقع حتى من أوقد شرارتها الأولى لأن العالم، بما فيه قوى الاستعمار الجديدة، لن يستطيع التفاهم والتحاور بعيدا عن مؤسسات الدولة الحقيقية في السودان.