بين وداع رمضان، والترحيب بقدوم شهر شوال، مسافة زمنية لا تعدّ، غير أنّ المسافة الوجدانية واسعة، فالثاني هو امتداد للأول، وفي كليهما يتبادل المسلمون عند ظهور الهلال التهاني، ولكلّ منهما لذّته، ومباهجه، ويصف الشاعر ابن حمديس ترقّب الناس لهلال رمضان الذي رغم نحافته، يملأ القلوب بهجة، بقوله:
قلت والناس يرقبون هلالا
يشبه الصبّ من نحافة جسمه
من يكن صائما فذا رمضان
خطّ بالنور للورى أوّل اسمه
داعيا للأفراح في شهر في كلّ يوم لصائمه فرحة، تتمثّل في فرحة الإفطار، وارتباطه بمناسبات عزيزة كنزول القرآن الكريم في ليلة القدر، وانتصار المسلمين في غزوة بدر، لذا يتشبّث الشاعر المصري محمد التهامي بشهر رمضان، الذي أوّله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار حين اقترب من نهايته، فيخاطبه في قصيدة حملت عنوان (رمضان.. لا ترحل) يقول في أبياتها الأولى:
في مثلِ وَمْضَةِ طَيْفٍ هَزَّهُ القَلَقُ
رمضانُ كَيْفَ تُخَلِّينَا وَتَنْطَلِقُ
أتَيْتَنَا بِضِياءِ الصُّبْحِ أُمْنِيَةً
وَفُتَّنَا وَعَلَيْنَا خَيَّمَ الغَسَقُ
فهو لا يريد له أن يمضي، لما وجد فيه من لذّة العبادة التي تزداد في العشر الأواخر منه، اقتداء بالسنّة، والبعض يعتكف خلالها في الجوامع، إيمانا واحتسابا، ويتبادل المسلمون التبريكات في العشر الأواخر، بقولهم (خواتم مباركة)، وفي الأثر الشريف تُروى أدعية خاصة في توديع شهر رمضان من بينها «اللهم لا تجعله آخر العهد من صيامنا إياه، فإن جعلتَه فاجعلني مرحوما، ولا تجعلني محروما».
ويتشارك هلال شوال بهلال رمضان، في ترقّب الناس لهما، بلهفة، ففي الحديث الشريف «صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته» وعند ظهور هلال رمضان، كان الشعراء يحرصون على تقليد انتشر في العصر العباسي على أيدي شعرائه، يعود ظهوره إلى عهد المأمون، عرف باسم (شعر التهاني) ليشمل مختلف المناسبات الاجتماعية والدينية، ثم شاع بين الشعراء، ومنها تهنئة الخلفاء والأمراء عند قدوم شهر رمضان، ومن أشهرها تهنئة الشريف الرضي الخليفة أبي بكر الطائع (932-1003م) بقصيدة ورد في مطلعها :
تهَنَّ قُدومَ صَوْمِكَ يا إِماماً
يَصُومُ مَدَى الزَّمانِ عَنِ الأَثامِ
إذا مَا المَرْءُ صَامَ عَنِ الدَّنَايَا
فَكُلّ شُهُورِهِ شَهْرُ الصِّيَامِ
ومّما يخفّف حسرات الصائمين عند رحيل رمضان حلول العيد، الذي رحّب به ابن المعتز بظهور هلاله، بقوله:
أهلا بفطر قد أضاء هلاله
فالآن فاغد على الصحاب وكبّر
وانظر إليه كزورق من فضة
قد أثقلته حمولة من عنبر
ولم يدع الشعراء مناسبة عزيزة على القلوب كهذه، أن تفوتهم، فكانوا يسارعون إلى تهنئة الملوك والأمراء بالعيد، كما فعلوا عند قدوم رمضان، يقول ابن الرومي مخاطبا الخليفة العباسي المعتضد بالله (857م-902م)، مهنّئا، دون أن ينسى ذكر فضائل الشهر المبارك، فيقول:
قَدِم الفطر صاحبا مودودا
ومضى الصوم صاحبا محمودا
ذهب الصوم وهو يحكيك نُسكا
وأتى الفطر وهو يحكيك جودا
وشبيهاك لا يخُوناك العهد
لعمري بل يرعيان العهودا
وستبقى عليهما ويعودان
كما أنت مشْتَهٍ أن يعودا
ويعود ثانية ليكتب أرجوزة يهنئ فيها الخليفة بعودة العيد، وهو يرفل بالسلامة، والسعادة، يقول فيها:
يا أيها المعتضد المعضودُ
بربّه والملك المحمودُ
عيدك عيد أبدا يعودُ
وأنت حيٌّ سالم مسعودُ
بين يديك العمر الممدودُ
والخيلُ والحلبةُ والجنودُ
وتبقى تهنئة أبي الطيّب المتنبي لسيف الدولة في عيد الأضحى بعد جفوة هي الأكثر حضورا:
هنيئاً لك العيد الذي أنت عيده
وعيد لمن سمى وضحى وعيّدا
ولا زالتِ الأعياد لُبسك بعده
تُسلِّم مخْروقُاً وتُعطَى مجددا
فذا اليوم في الأيامِ مثلُك في الورى
كما كنتَ فيهم أحدا كان أو حدا
هو الجد حتى تفْضلُ العين أختَها
وحتى يكون اليوم لليومِ سيّدا
ومن مباهج رمضان وطقوسه الروحية الفريدة، إلى هلال شوّال، تستمرّ الأفراح، والعبادات، والتهاني وكل عام وأنتم بخير.
قلت والناس يرقبون هلالا
يشبه الصبّ من نحافة جسمه
من يكن صائما فذا رمضان
خطّ بالنور للورى أوّل اسمه
داعيا للأفراح في شهر في كلّ يوم لصائمه فرحة، تتمثّل في فرحة الإفطار، وارتباطه بمناسبات عزيزة كنزول القرآن الكريم في ليلة القدر، وانتصار المسلمين في غزوة بدر، لذا يتشبّث الشاعر المصري محمد التهامي بشهر رمضان، الذي أوّله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار حين اقترب من نهايته، فيخاطبه في قصيدة حملت عنوان (رمضان.. لا ترحل) يقول في أبياتها الأولى:
في مثلِ وَمْضَةِ طَيْفٍ هَزَّهُ القَلَقُ
رمضانُ كَيْفَ تُخَلِّينَا وَتَنْطَلِقُ
أتَيْتَنَا بِضِياءِ الصُّبْحِ أُمْنِيَةً
وَفُتَّنَا وَعَلَيْنَا خَيَّمَ الغَسَقُ
فهو لا يريد له أن يمضي، لما وجد فيه من لذّة العبادة التي تزداد في العشر الأواخر منه، اقتداء بالسنّة، والبعض يعتكف خلالها في الجوامع، إيمانا واحتسابا، ويتبادل المسلمون التبريكات في العشر الأواخر، بقولهم (خواتم مباركة)، وفي الأثر الشريف تُروى أدعية خاصة في توديع شهر رمضان من بينها «اللهم لا تجعله آخر العهد من صيامنا إياه، فإن جعلتَه فاجعلني مرحوما، ولا تجعلني محروما».
ويتشارك هلال شوال بهلال رمضان، في ترقّب الناس لهما، بلهفة، ففي الحديث الشريف «صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته» وعند ظهور هلال رمضان، كان الشعراء يحرصون على تقليد انتشر في العصر العباسي على أيدي شعرائه، يعود ظهوره إلى عهد المأمون، عرف باسم (شعر التهاني) ليشمل مختلف المناسبات الاجتماعية والدينية، ثم شاع بين الشعراء، ومنها تهنئة الخلفاء والأمراء عند قدوم شهر رمضان، ومن أشهرها تهنئة الشريف الرضي الخليفة أبي بكر الطائع (932-1003م) بقصيدة ورد في مطلعها :
تهَنَّ قُدومَ صَوْمِكَ يا إِماماً
يَصُومُ مَدَى الزَّمانِ عَنِ الأَثامِ
إذا مَا المَرْءُ صَامَ عَنِ الدَّنَايَا
فَكُلّ شُهُورِهِ شَهْرُ الصِّيَامِ
ومّما يخفّف حسرات الصائمين عند رحيل رمضان حلول العيد، الذي رحّب به ابن المعتز بظهور هلاله، بقوله:
أهلا بفطر قد أضاء هلاله
فالآن فاغد على الصحاب وكبّر
وانظر إليه كزورق من فضة
قد أثقلته حمولة من عنبر
ولم يدع الشعراء مناسبة عزيزة على القلوب كهذه، أن تفوتهم، فكانوا يسارعون إلى تهنئة الملوك والأمراء بالعيد، كما فعلوا عند قدوم رمضان، يقول ابن الرومي مخاطبا الخليفة العباسي المعتضد بالله (857م-902م)، مهنّئا، دون أن ينسى ذكر فضائل الشهر المبارك، فيقول:
قَدِم الفطر صاحبا مودودا
ومضى الصوم صاحبا محمودا
ذهب الصوم وهو يحكيك نُسكا
وأتى الفطر وهو يحكيك جودا
وشبيهاك لا يخُوناك العهد
لعمري بل يرعيان العهودا
وستبقى عليهما ويعودان
كما أنت مشْتَهٍ أن يعودا
ويعود ثانية ليكتب أرجوزة يهنئ فيها الخليفة بعودة العيد، وهو يرفل بالسلامة، والسعادة، يقول فيها:
يا أيها المعتضد المعضودُ
بربّه والملك المحمودُ
عيدك عيد أبدا يعودُ
وأنت حيٌّ سالم مسعودُ
بين يديك العمر الممدودُ
والخيلُ والحلبةُ والجنودُ
وتبقى تهنئة أبي الطيّب المتنبي لسيف الدولة في عيد الأضحى بعد جفوة هي الأكثر حضورا:
هنيئاً لك العيد الذي أنت عيده
وعيد لمن سمى وضحى وعيّدا
ولا زالتِ الأعياد لُبسك بعده
تُسلِّم مخْروقُاً وتُعطَى مجددا
فذا اليوم في الأيامِ مثلُك في الورى
كما كنتَ فيهم أحدا كان أو حدا
هو الجد حتى تفْضلُ العين أختَها
وحتى يكون اليوم لليومِ سيّدا
ومن مباهج رمضان وطقوسه الروحية الفريدة، إلى هلال شوّال، تستمرّ الأفراح، والعبادات، والتهاني وكل عام وأنتم بخير.