أسست سلطنة عمان نهجها الإنساني المترفع عن الغلو والتطرف والعنصرية، وعلى مبادئ الإسلام الحنيف وعادات المجتمع العماني وطبيعته الإنسانية السمحة ومعدنه الأخلاقي الأصيل.

ومضت عبر مسيرتها الحضارية، على المستويَين الرسمي والمجتمعي، في مسار الوسطية والاعتدال، تنشر قيم التسامح وتنبذ الغلو والعنصرية، بكل أشكالها وطرقها، وعملت عبر مختلف القنوات والمحافل على مواصلة بث رسائل السلام والتعايش بين شعوب العالم، ومد جسور التواصل الإنساني الثقافي عبر وسائل العلم والمعرفة، وتغليب لغة الحوار على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية.

ولترسيخ المساواة، واحترام الأديان وخصوصيات الشعوب والثقافات، شرعت القوانين التي تضمن تساوي الحقوق ومعاملة الجميع بميزان العدالة دون تمييز، وعزز هذا الأمر من وضع سلطنة عمان ومكانتها المرموقة في مجال حقوق الإنسان حيث يبادلها الجميع الاحترام والتقدير على مستوى حكومات وشعوب العالم والمنظمات الدولية.

إن مشاهد التآلف بين العمانيين وشعوب العالم التي تزور البلاد للعمل أو السياحة، تتجلى للجميع من واقع الحياة اليومية، في الأسواق والطرقات والمؤسسات، حيث يجد الجميع الحفاوة والمودة، والمعاملة الحسنة دون تفرقة بين لون أو دين أو أصل، فالجميع مرحب به، والحفاوة بالضيف سمة متأصلة في ربوع سلطنة عمان.

دوليا، تواصل سلطنة عمان تأكيدها عبر المنابر الدولية على أن العنصرية شكل مقيت هادم لتقدُّم الأمم والشعوب، ومزعزع لاستقرار المجتمعات، وأداة لضعف الحكومات، وعائق للتنمية والتقدُّم، وقد أكدت السلطنة في مشاركتها بالدورة الـ 52 لمجلس حقوق الإنسان التي عقدت مؤخرا بجنيف على ذلك، حيث تشكل العنصرية تحديا لمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ويعرف العالم مبادرات سلطنة عُمان في مجال التواصل الحضاري مع الشعوب من خلال كرسي السلطان قابوس -طيب الله ثراه- لحوار الحضارات ومشروعي «المؤتلف الإنساني» و«رسالة السلام»، إضافة إلى البرنامج العماني للتعاون الثقافي والعلمي الذي قدم (175) منحة دراسية للطلبة الأجانب للدراسة بمؤسسات التعليم العالي العمانية، كما مولت سلطنة عمان (16) كرسيا علميا تحمل اسم كراسي السلطان قابوس العلمية في مختلف الجامعات العالمية المرموقة في مجالات العلوم الإنسانية والمياه والاستزراع الصحراوي والدراسات الشرق أوسطية والآداب والعلوم والرياضيات، وهذه المبادرات الإنسانية نابعة من سياسة عمانية واضحة ترسخ ثقافة التعايش والتسامح بين الشعوب، ونبذ العنصرية والتعصب والكراهية والتمييز.

وتحدث بين الحين والآخر ممارسات من قبل متطرفين حول العالم تثير مشاعر المسلمين، وتستفزهم، وهذه الأفعال لا تصدر إلا من نفوس ضعيفة مهترئة تحاول استفزاز المسلمين وإثارتهم بتصرفات تمس دينهم الحنيف، والمجتمع العماني مسلم، ولا شك أنه يثيره أن تتعرض الرموز الدينية لأي أذى، كما يثيره ويستفزه تعرض أي إنسان للإهانة أو التمييز والعنصرية، لذلك فإن شعوب العالم بحاجة إلى مزيد من التكاتف والتوجه نحو نبذ العنصرية والكراهية على أساس الدين أو العرق أو اللون، واستمرار العنصرية والتعصب والتمييز من شأنه أن يسهم في اتساع الهوة بين الشعوب ويؤدي إلى تنافرها، وهذا الأمر من شأنه أن يزعزع الاستقرار حول العالم.

إن الإنسانية مرت بالعديد من المنعطفات التاريخية، وأثبتت التجارب أن التعصب والتمييز العنصري وإهانة الأديان والاستخفاف بها، لا تؤدي إلا إلى الحروب والتناحر والبغضاء، وهذه كلها معاول هدم للبناء الحضاري.

من هنا، تأتي أهمية تعزيز مبادرات الحوار والتفاهم والتعايش السلمي واحترام الديانات والمعتقدات ومد جسور التواصل بين البشرية وفتح مزيد من قنوات الحوار بين الشعوب لرقي البشرية وتقدمها.