ـ في زكاة الفطر حدد الشارع المقدار وهو الصاع، لكن في الإطعام الذي يكون بدلا من الصيام لماذا نصف صاع؟

العلماء فيما يتعلق بفدية الطعام من صوم رمضان، وفيما يتعلق بالكفارات قاسوها على حديث كعب بن عجرة في الفدية من الأذى الذي كان في رأسه في الإحرام بالحج، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يخرج نصف صاع، فحدد المقدار بنصف صاع، فقيست سائر الكفارات على هذه الحادثة، وفي كفارات اليمين ورد في قول الله تبارك وتعالى «مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُم» ونظر أيضا العلماء فإن أخرج نصف الصاع فهو مجز له، ونظروا في أوسط ما تطعمون أهليكم هل ينصرف إلى المقدر أي الكم، أو إلى النوع، فالبعض صنف أحوال الناس فمنهم من يقتصر على وجبة واحدة، إن كان يعيش في كفاف في يومه، ومنهم من يأكل ثلاث وجبات، فقال الوسط هو وجبتان مشبعتان، ومنهم من قال الوجبة المشبعة الواحدة تكفي، والمقصود بالوجبة هنا أن تكون طعاما مأدوما يؤديه إليهم، ولكن الأنفع من كل ذلك أن يدفع إليهم ما يقتات ويدخر، ولهذا عادلوه بالكيل، وهو نصف صاع من طعام غالب قوت أهل البلد لأنه أنفع للفقير، فيطبخه متى شاء ويضيف إليه من الإدام ما شاء فهو أنفع للفقراء، فهذه هي الصور، وهذا الذي استندوا إليه في تحديد نصف الصاع.

ـ هل يلزم شرعا من رأى من جاره تقصيرا في حضور الصلوات أن ينصحه، وما هي الطريقة المثلى؟

هذا داخل في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» وربنا تبارك وتعالى يقول: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ» وقال تعالى: «إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ» لو أنه رأى جاره يغرق، وله القدرة على إنقاذه هل كان ليتركه يهلك، وأمر الصلاة أعظم، فإن ثبت عنده أن جاره لا يؤدي الصلاة، وهو قادر على نصحه ونهيه عن هذا المنكر، فإن عليه أن يؤدي إليه واجب النهي عن المنكر والأمر بالمعروف والنصح لله تبارك وتعالى، على أن يكون ذلك بالموعظة الحسنة والحكمة وأن يتخذ من الأساليب ما يدعو إلى تحقق المطلوب، وإن كان أيضا مما ينبغي أن يدرك من أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبات شرعية، وهي ليست معلقة بالأثر الذي يمكن أن يتحقق، هي ليست واجبات تتبع المصلحة أو الغاية، وهي واجبات بذاتها، ولو لم يكن فيها إلا إبراء الذمة وأداء ما أمرنا ربنا تبارك وتعالى بأدائه وإبقاء هذه الفريضة في المجتمع لكان ذلك كافيا، فكيف وهذا الأمر بالمعروف والناهي عن المنكر والناصح لوجه الله تبارك وتعالى لجاره أو لأخيه المسلم يبتغي له ما فيه صلاحه وما فيه منفعته في دينه ودنياه، وفي أولاه وآخرته، فهذا الذي ينبغي للمسلمين أن يحرصوا عليه ولو أن كل مسلم أدى حقوق الأقارب، وحقوق الأسرة، والأقارب والجيران عليه، لاختفت كثير من البدع التي تنتشر في المجتمعات، ولانتعشت أحوال المجتمع لأن ضمير هذا المجتمع يكون حينئذ حيا يقظا تنشئ في ما بين أهله الألفة والمودة والتماسك، ويترابطون على العروة الوثقى مما أمر الله عز وجل به وشرعه، هكذا ينبغي أن تكون أحوال المسلمين والله تعالى أعلم.

ـ قال الله تعالى: «كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ» ما المقصود بالناصية؟

الناصية هي مقدم الرأس، ويسمى كذلك في العربية وعليه الاستعمال القرآني، ويسمى ناصية ونجد في كتاب الله عز وجل: «فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ»، والسفع هو الأخذ بشدة، فهذا وعيد شديد من الله تبارك وتعالى بأن يأخذ هذا المقصود أشد الأخذ بما فيه إهانة وإذلال وتحقير وتعذيب، فيؤخذ بناصيته، ولهذا ورد في معنى الناصية حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الخيل مَعقُودٌ في نَوَاصِيهَا الخَيْر إلى يوم القيامة» هذا هو المقصود بالآية الكريمة والله تعالى أعلم.

ـ رجل ذهب إلى أداء مناسك العمرة عن نفسه ثم أراد أن يعتمر عن أحد والديه فذهب إلى ميقات السيدة عائشة -رضي الله عنها- فهل يجوز له ذلك؟

الفعل صحيح لكن التكييف خطأ، معنى هذا الكلام أن مسجد السيدة عائشة ليس بميقات، فالمواقيت وقتها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بحسب الجهة التي يأتي منها قاصد العمرة أو الحج إلى بيت الله الحرام، لكن مسجد السيدة عائشة أو ما يعرف بالتنعيم هو أقرب حل، وهو الموضع الذي يحرم منه أهل مكة، فيمكن أن يحرموا من أي حل آخر، لكنه لأنه قريب ويسهل الوصول إليه ومهيأ لذلك فهو موضع يحرم منه لقربه، فهو أقرب حل في أرض الحرم، فإذا كان يسأل عن فعله هذا أنه ذهب إلى مسجد التنعيم فأحرم هناك ثم رجع فأدى العمرة عن الغير فهذا هو الجواب. وإذا كان يسأل عن حكم أداء العمرة عن الغير فالصحيح جوازها إذا كانت عن ميت أو عاجز أو ضعيف لا يستطيع أداء العمرة، فإن النيابة تصح في أداء العمرة، والله تعالى أعلم.