تطرأ في العالم الذي نعيش فيه الكثير من القضايا التي لم تعتدها المجتمعات، وهي نتاج تدافع «إيجابي»، في الغالب، يمر عبره البشر من مرحلة إلى أخرى ومن طور إلى آخر، لكن تلك القضايا تحتاج في الغالب إلى وقفات بحثية على كل المستويات الاجتماعية والنفسية وكذلك الشرعية ليقول الشرع رأيه فيها على اعتباره المكون الأساسي من مكونات الإنسان المسلم. وقد لا تكون تلك القضايا جديدة ولكن تحولات المجتمع نفسه تفرض إعادة النظر في الآراء التاريخية المطروحة حولها وفقا للمستجدات البحثية أو حتى ما طرأ على المجتمعات من تغيرات جوهرية.. وهذا الأمر ليس بعيدا عن سياق تطور الخطاب الفقهي الذي ينادي به الجميع والذي التفتت له سلطنة عمان منذ عدة سنوات من خلال تنظيمها ندوة تطور الفقه، ومثل هذه الندوات سواء ناقشت الفقه نفسه وأدواته البحثية وآليات تطوره أم ناقشت القضايا التي تفرزها المرحلة الحياتية وتقدم المجتمعات مهمة جدا ومن شأنها أن تثري الحياة بآراء جديدة شرط أن يتوفر لها الرؤية وحرية القراءة والاستنتاج.

وفي هذه الأيام تنظم كلية العلوم الشرعية ندوة دولية حول «قضايا المجتمع المعاصر في ميزان الشرع» ويناقش المؤتمر الكثير من القضايا من بينها «اللغة» و«الهوية» والعلاقة بين اللغة وبناء الهُوية، وقضايا أخر مركزية في سياق البحث الحديث أو حتى في سياق ما تواجهه المجتمعات العربية مثل «التعايش السلمي» وقيم الانتماء والمواطنة، والوسطية، والمرأة في الفكر الإسلامي المعاصر، ودور العدل في إرساء الأمن وفي مكافحة الجريمة.. وكلها قضايا مركزية في شواغل المجتمعات الإسلامية وغيرها من المجتمعات الأخرى. وهذه الندوة التي تضم حوالي ٩٠ ورقة بحثية ستخرج بالكثير من التوصيات المهمة التي تضع مسارات جديدة لقضايا ملحة في المجتمع العماني والإسلامي بشكل عام.

لكن هذه القضايا كما توضع في ميزان البحث الشرعي فهي أيضا بحاجة أن تضع في موازين بحثية أخرى لاستخلاص نتائج علمية أكثر دقة ولتكون هذه النتائج مرجعا أساسيا أمام مسارات البناء الاجتماعي. وفي الحقيقة يحتاج الأمر إلى أن يكون مشروعا وطنيا، فالقضايا الحديثة كثيرة اليوم وليس من المعقول أن تترك لاجتهادات عابرة، كما أنه ليس من المعقول أن تترك للنظر إليها من وجهة واحدة فيما هي محاطة بالكثير من المؤثرات المتباينة.